صخب الانتخابات العراقية .. دواعي المقاطعين وعشوائية المشاركين


علي عرمش شوكت
2021 / 7 / 25 - 21:01     

غدت الساحة السياسية العراقية متخمة الى حد الغثيان، بالجدل الساخن جداً الذي يدور حول التغيير كحل للازمة الكارثية الشاملة، والذي لا يخرج عن المبدأ الدستوري. بمعنى التبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع. كانت قوى انتفاضة تشرين قد طرحت على رأس مطالبها اجراء انتخابات مبكرة. وبذلك اعتبرت هي صاحبة هذا المطلب وليس غيرها ممن يصرون اليوم على اجراء الانتخابات من دون توفير مستلزماتها القانونية. التي تاتي في مقدمتها تنظيف الطريق نحو برلمان وطني نزيه. بمعنى لا تزوير او مال سياسي متلاعب، او سلاح مرعب، او محاصصة في المفوضية، وتقسيم الدوائر الانتخابية الى اكثر من ثمانين محطة. مما يصعب وضع عملية الاجراء تحت السيطرة القانونية.
ان المتمسكين باجراء الانتخابات على عللها المخالفة قانونياً، هم اول من عارض قيامها مبكرة. اذ انهم قد راحو يدفعون بمواعيدها واحداً تلو الاخر الى ان رست على موعد انتفت فيه تسمية المبكرة. حيث تلاعبوا واخلوا بسياقاتها القانونية. حتى صار اجراؤها بمثابة نسخة من ما حصل في انتخابات عام 2018، بل ويمكن وصفها باكثر سوءاً. واذا ما كان قد قاطعها بالامس ثمانون بالمئة من الناخبين، فاليوم من المتوقع ان تصبح نسبة المقاطعين تسعين بالمئة او اكثر. وهذا ما تؤكده مقاطعة قوى واسعة ومهمة كانت مشاركة بالانتخابات في الماضي. هذا وناهيك عن ما يخلفه المرض الوبائي واتساع رقعة الفقر من اسباب دافعة بعدم المشاركة.
وعندما وجد المتمسكون بالمشاركة في الانتخابات، تزايد القوى السياسية المقاطعة، اعلنوا انفسهم { رعاة الديمقراطية واحترام المطالب الجماهيرية } زوراً وبهتاناً. ومن ثم يتساءلون عن اسباب المقاطعة ، متجاهلين بسذاجة سياسية تثير السخرية بانهم الذين خلقوا حالة العزوف عن المشاركة بفعل نهج المحاصصة، والبقاء على الفساد وحماية الفاسدين وتدهور الاحوال المعاشية، وتزايد المظالم التي طالت مختلف الفئات الاجتماعية. وعلى رأسها الفقر والبطالة وضياع هيبة الدولة، وعدم الالتزام بقانون الاحزاب، وظلوا متشبثين بتشكيلاتهم العسكرية التي لا تتلاءم مع المشاركة في انتخابات ديمقراطية حضارية وفقاً للسياقات الدستورية.
ومن نافلة القول ان القوى المطالبة بالتغيير قد ادركت مبكرة لاهمية الانتخابات، واعتبرتها بوابتها التي يمكن الولوج منها للوصول الى اهدافها بتحقيق { الدولة المدنية الديمقراطية}، وهذا ما قرأناه في بيان الحزب الشيوعي العراقي الذي اعلن به موقفه المقاطع للانتخابات. وكما هو معلوم كان اجراء الانتخابات المبكرة في مقدمة مطالب انتفاضة تشرين وقواها المدنية الديمقراطية. جاء ذلك ايماناً منها بالوسيلة الوحيدة التي يمكن ان يتم من خلالها التبادل السلمي للسلطة. وهو المطلوب عاجلاً وليس اجلاً تحت وزر طائلة الازمة ومخرجاتها من الخراب الذي حل شاملاً في عموم مناحي الحياة.. وهنا تتجلى الروح الوطنية باعالي مناسيبها لدى قوى المقاطعة حيث انقلبت المعادلة لديها. فمن الاصرار على اجراء الانتخابات المبكرة الى عدم المشاركة بها، لكون الفساد والمحاصصة وعدم الالتزام بالقانون قد حولوها الى عامل فاعل لاستدامة الازمة والنهج السياسي المدمرالحالي. لاسيما اذا ما تمت على عواهنها الحالية. وربما ستتفجر للحد الذي لا تحمد عواقبها.