عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إفساد الحياة السياسية.....2


محمد الحنفي
2021 / 7 / 25 - 15:13     

4) والسلطات المحلية، عندما يتعلق الأمر بحماية حرية، ونزاهة الانتخابات، وحماية أصوات ناخبي الشعب المغربي، وحماية سمعة المغرب، على المستوى الدولي، يجب أن لا تخاف من تحريض تجار ضمائر الناخبين، لجماهير الناخبين، لحماية تجار ضمائر الناخبين.

فتجار ضمائر الناخبين، لا يمارسون عملا مشروعا، حتى يستغيثوا بجماهير الناخبين، الذين يعرضون ضمائرهم للبيع، إن لم يكونا قد باعوها لتجار ضمائر الناخبين، ليعيدوا البيع فيها.

والعمل عندما يكون غير مشروع، يمكن التخلص منه بسهولة، وخاصة على المستوى الانتخابي، الذي يصير وسيلة للتخلص من تجار الانتخابات، الذين يضبطون، وهم يقومون بعملية السمسرة، كما تسميهم وزارة الداخلية.

وكل من لا يقوم بعمل مشروع، فإنه لا يستطيع الدفاع عن عمله، عن طريق الاستعانة بالجماهير التي يتاجرون في ضمائرها. فأقصى ما يمكن أن تفعله الجماهير المذكورة، هو تسلم قيمة ضمائرها، التي تم بيعها إلى تجار ضمائر الناخبين، وأقصى ما يمكن أن يفعله تجار ضمائر الناخبين، هو بيع هذه الضمائر إلى المرشحين، بثمن مخالف، للثمن الذي تسلمه الناخبون، من تجار ضمائر الناخبين.

وما يمكن قوله: في هذا الإطار، أن الإجرام يتجسد في:

ا ـ الناخب، الذي يعرض ضميره للبيع. والضمير، هو أغلى ما يملكه الإنسان، فإذا باعه، يصير بدون ضمير. والكائن البشري، عندما يبيع ضميره، يفقد إنسانيته. والإنسانية عندما تفقد قيمتها، تتبخر، وعندما تتبخر الإنسانية، يبقى الكائن البشري، ككائن حيواني، بدون قيمة تذكر.

ب ـ سمسار ضمائر الناخبين، كما سمته وزارة الداخلية المغربية، أو التاجر في ضمائر الناخبين، يمارس، هو بدوره، الإجرام المضاعف، بشراء ضمائر الناخبين من جهة، وإعادة بيعها للمرشحين من جهة أخرى، لتتحول الضمائر، التي تكسب حامليها قيمتهم الإنسانية، إلى مجرد بضاعة. وتلك هي الجريمة الكبرى، ليصير ما لا يباع معروضا في السوق للبيع، فكأننا نتاجر في البشر.

ج ـ المرشح المشتري لضمائر الناخبين، التي توصله إلى المؤسسات، التي يمارس فيها نهب ثروات الشعب المغربي، خاصة إذا تمكن من شراء ضمائر الناخبين الكبار، بدون واسطة، وبدون حاجة إلى سمسار في ضمائر الناخبين، أو إلى تاجر في تلك الضمائر.

فالناخبون الكبار، يشرعون مباشرة في استرجاع الأموال التي اشتروا بها ضمائر الناخبين، بعرض ضمائرهم للبيع، لمن يدفع أكثر، حتى يصبح مالكا لضيعة الجماعة، التي يتصرف فيها، كما يتصرف في ضيعته الخاصة، ليمارس النهب، بدون حدود، وليجعل تجهيزات الجماعة المختلفة، والعاملة في مختلف أقسامها، ومصالحها، رهن إشارته، وفي خدمته، ليتفرغ هو إلى ممارسة شيء واحد، وهذا الشيء: هو عملية النهب، بدون حدود، لكل الموارد الجماعية، أو البرلمانية، حتى تمتلئ مختلف الحسابات التي يفتحها، في مختلف الأبناك، والتي لا تمتلئ أبدا، سواء كانت في الداخل، أو في الخارج، والتي توظف في الحصول على العقارات، في الداخل، وفي الخارج، على حد سواء، حتى يعوض ما خسره في شراء الضمائر، من تجار ضمائر الناخبين.

وهكذا نجد، من خلال ما رأينا، أن الناخبين، وتجار ضمائر الناخبين، يبيعون ضمائر الناخبين، إلى المرشحين، ليصيروا أعضاء جماعيين، أو برلمانيين، كلهم شركاء في ارتكاب جريمة تسليع ضمائر الناخبين، التي لا تصير نشيطة، إلا مرة كل خمس سنوات، أو ست سنوات، لتصعيد الناهبين، إلى مختلف المسؤوليات الجماعية، أو البرلمانية، من أجل احتراف عملية النهب، التي لا تعرف حدودا معينة، يمكن الوقوف عندها، والتوقف من ممارسة المزيد من النهب.

5) ويترتب عن ممارسة السلطات القائمة، بعدم اعتبار تجارة ضمائر الناخبين، إفسادا للعملية الانتخابية، من أصلها، خاصة، وأن هذه العملية فاسدة، بالتجارة في ضمائر الناخبين، التي تباع في سوق النخاسة، والتي يعمل على ترويجها، تجار ضمائر الناخبين، الذين لا حول لهم، ولا قوة، والذين يعملون ليل نهار، على نشر الفساد الانتخابي، الذي يجعل المرشحين، لا يفكرون في إقناع الناخبين ببرامجهم، وبعملهم على خدمة الناخبين، في حالة فوزهم في الانتخابات، بقدر ما يتجهون، بأنظارهم، نحو تجار ضمائر الناخبين، لشراء ما هم في حاجة إليه، من أجل الفوز في الانتخابات، التي لا يمكن اعتبارها حرة، ونزيهة، كما حصل في أي انتخابات عرفها المغرب، منذ سنة 1962.

ذلك أن السلطات القائمة، ومنذ ذلك الوقت، دأبت على السماح بالتجارة، في ضمائر الناخبين. ومنذ ذلك الوقت، والناخبون يبيعون ضمائرهم، إلى تجار الضمائر الانتخابية، الذين تعودوا على التحصيل على دخل مهم، من ممارسة هذه التجارة، التي تضمن دخلا مهما، يكفيهم في العيش طيلة خمس، أو ست سنوات؛ لأنه، بوساطتهم تلك، يحصلون على نسبة مهمة، قد تصل إلى 50 في المائة، عن كل ضمير يبيعونه، ليحصلوا على المزيد من الثروات، التي لا تتناسب أبدا، مع نيل بائع الضمير، لقيمة معينة، من تاجر ضمائر الناخبين. والمرشح المشتري للضمائر، لا يستفيد من الأموال التي تبقى عند بائع الضمائر، بقدر ما يستفيد من القدر الذي يدفع للناخب، الذي باع ضميره.

وليس من حق الناخب، البائع لضميره، أن يطالب باسترجاع ضميره، كما ليس له الحق في محاسبة المشتري للضمير، عن تحمله المسؤولية الجماعية، أو البرلمانية، خاصة، وأن الناخب البائع لضميره، كونه:

ا ـ قد باع مستقبله، ومستقبل أبنائه، ومستقبل الجماعة التي ينتمي إليها، ومستقبل هذا الوطن.

ب ـ أن أي مصلحة، لم تعد تربط الناخب بجماعته، ولا يمثل تلك الجماعة ماديا، ومعنويا: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، حتى وإن كان من مواليد تلك الجماعة؛ لأنه لم يوظف ضميره في خدمة مصالح الجماعة، وخدمة مصالح الوطن.

ج ـ أن يبيع ضميره، يرتكب جريمة في حق الأجيال الصاعدة، وأن من يتاجر في ضمائر الناخبين، يرتكب كذلك جريمة، وأن من يشتري تلك الضمائر، من تجار ضمائر الناخبين، يكون، كذلك، قد ارتكب جريمة في حق الأجيال الصاعدة، ليصير بذلك المسلسل الانتخابي، هو مسلسل ارتكاب الجرائم، في حق الأجيال الصاعدة، بدون حدود.

6) والسؤال المطروح، في هذا الإطار، هو:

هل تخاف السلطة المحلية من الحرية، والنزاهة، التي يجب أن تكون مضمونة، في أي انتخابات مقررة، سواء كانت جماعية، أو برلمانية، أو مهنية، وفي إطار الغرف المختلفة؟

والسلطات، التي يجب أن تلتزم الحياد، عليها أن تكون في مستوى المهام الموكولة إليها، وأن لا تخاف من الحرية، والنزاهة، وأن تعمل على جعل الانتخابات المختلفة: الجماعية، أو البرلمانية، أو المهنية، أو في إطار الغرف المختلفة، حرة، ونزيهة، وأن لا تحشر أنفها في الأمور التي تهم الأحزاب، وأن تجسد الحياد، فيما بين الأحزاب، حتى لا تقع في حيص بيص.

فالحرية في الانتخابات، أي انتخابات، كيفما كان نوعها، لا يمكن أن تعني: إلا حرية الناخب، وهو في خلوة التصويت، في الاختيار الحر، والنزيه، دون تدخل أية جهة، كيفما كانت هذه الجهة، فالحكم الوحيد، الذي يخضع له الناخب، هو حكم الضمير، الذي لا يباع، ولا يشترى، بقدر ما يعمل على صناعة المصير الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، على أساس التحرر، والاقتناع بالاختيار الحر، والنزيه.

وإذا كان الأمر، يقتضي منا العمل، على تحقيق النزاهة، إلى جانب الحرية، فإن النزاهة كذلك، لا يمكن أن تخفى؛ لأن عرقلة الاختيار الحر، غير ممكن من أية جهة كانت، وغير خاضع لأي توجيه كان، وبعيدا عن أن يكون مخالفا لقناعة الناخب، واختياره، حتى يكون الاختيار الحر نزيها، وحتى تصير الانتخابات حرة، ونزيهة.

وضمان الحرية، والنزاهة، هو من واجب السلطات القائمة، التي عليها أن تعمل على إزالة كافة المثبطات، التي تعرقل كون الحرية، والنزاهة، مضمونين للناخب، عندما يسير إلى خلوته، لممارسة اختياره الحر، والنزيه.

والسلطات القائمة، عندما تضمن الحرية، وتضمن النزاهة، تكون قد أوفت الانتخابات حقها، وعملت على وضع مستقبل البلاد كلها، بشمالها، وجنوبها، بشرقها، وغربها، سكة التقدم، والتطور، في جميع المحلات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، على أن يصير التقدم، والتطور، في جميع المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، على أن يصير التقدم، والتطور، وفق متوالية هندسية.

ومعلوم، أن الانتخابات، عندما تكون حرة، وتكون نزيهة، لا بد أن تكون في خدمة الشعب: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، لا في خدمة طبقة معينة، وفي خدمة السلطة المخزنية، أو في خدمة نخبة معينة، كما هم قائم دائما، عندما تكون الانتخابات، أي انتخابات، غير حرة، وغير نزيهة.

والفرق بين الانتخابات الحرة، والنزيهة، وبين الانتخابات غير الحرة، وغير النزيهة:

ا ـ أن الانتخابات الحرة، والنزيهة، لا وجود للفساد الانتخابي فيها، وتصير في خدمة الشعب، وفي خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، على جميع المستويات.

ب ـ أن الانتخابات غير الحرة، وغير النزيهة، يتخللها الفساد الانتخابي، من بدايتها، إلى نهايتها، وتصير في خدمة الطبقة الحاكمة، والمؤسسة المخزنية، وتلحق أضرارا كبيرة، بمصالح الشعب المختلفة، وبمصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.