تعليق المشاركة عام2021 ام مقاطعة العملية الانتخابية والعملية السياسية؟


مصطفى محمد غريب
2021 / 7 / 22 - 23:40     

لطالما كان الامل في قيام انتخابات برلمانيه حرة ديمقراطية ونزيهة عبارة عن هدف يتمناه المواطن وتسعى له الأحزاب الوطنية كونها مرحلة جديدة في اختيار نوع السلطة والعملية السياسية بدلاً من الفرض بالقوة، على نقيض مرحلة الدكتاتورية والحكم الرئاسي الفردي الذي عان الشعب العراقي منه الامرين، رئيس البلاد واغلبهم جاءوا بعد النظام الملكي بالانقلابات العسكرية على ظهور الدبابات والمدرعات مع دعم خارجي معروف ما عدا (ثورة 14 تموز 1958) ، الرئيس غير المنتخب أبداً ديمقراطياً يتصور نفسه إ مقدساً اختاره الله ليكون صاحب القرار الذي يجب ان ينفذ بدون أي اعتراض، ولطالما كانت الكذبة الرخيصة بالادعاء بانهم يمثلون الشعب لا بل المفجع بعد انقلاب 17 تموز 1968 واستلام السلطة من قبل حزب البعث العراقي ثانيةً، اطلق على الانقلاب بالثورة البيضاء وسلمهم الكرسي عبد الرحمن عارف بكل سلاسة وهدوء، اصبح احمد حسن البكر رئيساً بقدرة الثورة البيضاء ولقب بأبو الشعب كأن الشعب يتيماً، وانقلب عليه نائبه المتربص به صدام حسين فأزال القائد الاب واصبح القائد الضرورة!! المنزل من السماء وله أسماء حسنى، ومن المهازل قام الأخير وحزبه ومخابراته بعملية انتخابية لمسرحية قيام مجلس الشعب او " البرلمان" حبكت فصولها ورتب ديكورها واختيار ممثليها بموصفات خاصة لا تخرج عن اقوال القائد الملهم!! وتعاليم حزب البعث العراقي، اما انتخابات الرئيس المقدس!! فهي بدأت ب 99,9% وانتهت ب 100% فقال تعقيباً على نائبة عزت الدوري الذي ابلغه النتيجة " عافرم، عافرم " الا ان عافرم انتهت بالاحتلال والسقوط والمحاكمة والاعدام على الرغم من اننا كنا نريد ان تكون محاكمته غير محصورة بالدجيل فقط بل هناك قضايا وضحايا اكثر من الدجيل مع احترامنا بأضعاف مثل اغتيال واعدام وسجن الاف الشيوعيين والديمقراطيين والمعارضين واستعمال الكيمياوي في حلبجة ومناطق أخرى بالضد من الأنصار وقضية الانفال وفقدان 180 الف مواطن كردي وشن الحروب وقضايا كثيرة كان بالإمكان الكشف عنها وعن حقائق غابت مع القائد الضرورة بنية مبيته ، ومنذ أن شُكل مجلس الحكم ووزارة اياد علاوي كانت الاعين على عملية الانتخابات في ظل قانون انتخابي عادل ومفوضية مستقلة فعلاً وليس قولاً في ظل حياة ديمقراطية حرة، لكن لشديد الأسف منذ اول انتخابات مسرحية جديدة تضاهي سابقاتها وتختلف في الشكل دون المضمون في تنوعها وتزويرها والادعاءات بالمرجعيات وكل ما يخص التجاوزات قامت بها فئة تتقي الله وتنتسب للائمة حسب ادعاءاتها والله والائمة بريئين منها، وبعد ( 4 ) انتخابات تشريعية اصبح العراق في ليس في مأزق واحد بل بعدة مآزق وانحدر نحو الإفلاس والتشتت والإرهاب وتدخل الآخرين في شؤونه الداخلية ، واخيراً طفح الكيل واختنقت الانفاس بسبب المقياس الذي كَبلوا به العملية الانتخابية وبنود المقياس فرض قانون انتخابي جائر يخدم القوى المتنفذة ومفوضية تأتمر بأوامر هذه القوى، من هذا المقياس صار الاغتيال والتهديد والاعتقال زاد يومي للقتلة والميليشيات التابعة، وعلى الرغم من الدعوات المخلصة الشريفة لإنقاذ العملية الانتخابية بهدف اصلاح العملية السياسية من هذا الوضع المؤلم والتوجه للتخلص من الفساد والكشف عن القتلة المجرمين لنشطاء الانتفاضة وغيرهم وكلما يعيق قيام انتخابات حرة ليشارك أكثرية المواطنين القادرين على التصويت والقوى الوطنية والديمقراطية والمستقلة ، لكن استمر التعنت والمشي الى اخر طريق الخراب للحصول على الكراسي الأعلى بهدف استمرار الهيمنة والمحاصصة والاستئثار بالحكم، لابل هذه المرة تطورت دخول عملية الانتخابات بالسلاح عن طريق الميليشيات الطائفية بعدما انقلبت بقدرة قادر الى تنظيمات سياسية .
ومن منطلق الحرص على غلق الطريق امام الإساءة للعملية الانتخابية ارتفعت الدعوة للإصلاح والتغيير وتحقيق الامن وابعاد السلاح وملاحقة أولئك القتلة المختفين في البعض من التنظيمات وحتى في الأجهزة الأمنية الحكومية كما ظهر من اعترافات ضابط الشرطة في اغتيال الهاشمي.، من هنا نضج موقف جديد لكل القوى الوطنية ولملايين الناخبين يؤكد اما
1 ـــــ انتخابات حرة وديمقراطية تحقق شروطها المعروفة التي طالبت بها جميع القوى الشريفة والحريصة على مستقبل البلاد
2ـــــ منع السلاح والقوى التي تحمله خارج الأطر القانونية واذا أغلقت العقول والاسماع
3ـــــ تعليق المشاركة في الانتخابات القادمة حصرياً حتى لا تتكرر مأساة الانتخابات السابقة.
4 ـــــ ظهور بوادر من حركات وتنظيمات سياسية بعدم المشاركة لأسباب ذكرناها وتداعيات المستقبل الانتخابي بوجود قانون انتخابي عادل عجزت المطالبات الكثيرة بتعديله لمصلحة الجميع دون استثناء، قانون لا يسهل عمليات التزوير والتسلط على أصوات الناخبين بدون أي حق .
هذا الامر جعل البعض يكتب وينظر عن مقاطعة تامة للعملية الانتخابية بهدف اسقاط العملية السياسية، ولهذا اقتضى التنويه عن الفرق بين تعليق المشاركة الآنية والمقاطعة التامة لاي انتخابات قادمة لان الأخيرة هدفها توجيه الضربة للحياة البرلمانية والعودة الى النظام الرئاسي، وهو فرق واضح ما بين تعليق المشاركة او المقاطعة للانتخابات، الفرق في تعليق المشاركة المحدد لأسباب سلبية مضرة بالعملية الانتخابية تنتهي عندما تزول هذه الأسباب، اما المقاطعة للكل فلا يمكن مثلاً الدخول في الانتخابات محسومة امرها ومحددة من قبل نظام قمعي يدعي الديمقراطية شكلاً دون مضمون مثلما كان الحال في زمن النظام الدكتاتوري في العراق .
الانتخابات الأربعة السابقة التي مورست منذ 2005 وحتى عام 2018 كانت محطاتها تتراوح بين المد والجزر بأمل المعالجة الممكن القيام بها لإصلاح ما ارتكب ضدها من تجاوزات وانانية المضي لتسويق منتجات الطائفية على المستوى الاجتماعي والسياسي ولعل المتضرر الأساسي في هذه العملية هو المواطن والعملية الانتخابية الديمقراطية بالإضافة الى اضرار لحقت عموم الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والأمني في البلاد مما ساعد استمرار تواجد القوى الأجنبية وتدخلها في الشؤون الداخلية وتأسيس ميليشيات جديدة خاصة تعتمد السلاح لحل اية قضية ومنها الاختطاف والاغتيال لردع وابعاد القوى السياسية التي تطالب بإيقاف التدهور، وعدم الركون الى مبدأ تبادل السلطة بشكل سلمي وديمقراطي والتخلص من النظام المحاصصة الطائفية، ووضع حجر الأساس للعمل الوطني بدون التشخيص الطائفي والادعاء بالأكثرية التي تعتمد التزوير والتجاوز للحصول على اكبر عدد من مواقع البرلمان لاستخدامه كمطية لتنفيذ القرارات مثلما حدث لقرار اخراج القوات الامريكية بالأغلبية الضئيلة ( للعلم نحن من اول المطالبين بأنهاء الاحتلال الأمريكي وغير الأمريكي *)، فعندما نتحدث عن استتباب الوضع الأمني الذي يكون قاعدة للانطلاق نحو حرية التحرك وحرية الراي نعني أنه ركن مهم من اركان نجاح الانتخابات، لا نخالف جينين هينيس بلاسخارت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق حينما صرحت أن الأوضاع الأمنية في العراق "مهزوزة جداً"، وعبرت عن هذا المهزوز أنه لا يمكن التوقع اجراء الانتخابات دون تزوير وقالت " سنبذل كل جهودنا وجهود السلطات العراقية لمنع التزوير"، نقول لممثل الأمين العام بلاسخارت أننا لسنا كنا مخدوعين بما حدث من تزوير سابقاً ولن نخدع انفسنا ان الانتخابات القادمة ستكون 100% نظيفة تماماً لكن المشكلة ان قواعدها المادية الوثائقية مازالت باقية، قانون الانتخابات غير العادل، التدخل غير المباشر والمباشر وجود المليشيات التي تحمل السلاح خارج نطاق الدولة رغم الانكار، وقضايا أخرى مازالت تلعب الدور الجديد في الشكل تحت طائلة من المضمون نفسه .
اذن لم يتغير شيء ومن هنا تبقى الإشكاليات في تعليق المشاركة، كما نحن لا نتفق مع القول العام " من الهام أن تجري الانتخابات في موعدها، لأنها من المطالب الرئيسة للمواطنين" لان المواطنين لم يصوتوا في الانتخابات السابقة في 12 / 5 / 2018 وكان العدد ( 24 ) مليون الا بنسية ( 19,17% ) وهذه الأرقام موثقة من قبل مراقبين حيادين فكيف الوضع الحالي من سيء الى أسوأ، الاغتيالات مستمرة وشهداء انتفاضة تشرين وغيرها بالمئات، الاستعراضات العسكرية المسلحة وكأنها جيش ثاني يوازي الجيش العراقي التي تعني التهديد من قبل الميليشيات، وماذا عن اطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة والتهديدات العلنية والمبطنة ؟
ـــــ من الضامن ان تكون الانتخابات بدون تجاوز او تزوير، حتى لو كانت بأشرف دولي ؟ ولهذا أشار المحرر السياسي لجريدة طريق الشعب في 19 / 7/ 2021 ، بذكر جميع المعوقات والسلبيات ومضايقات وعدم احترام المطالب التي قامت من اجلها انتفاضة تشرين وما رافق العملية الانتخابية من مثالب وتجاوزات والخروقات الأمنية " فهل يمكن في هذا كله وغيره من الشروط والمناخات الضرورية، الحديث عن ضمان بيئة سياسية آمنة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة؟" بالتأكيد من الصعوبة بمكان الدخول في عملية انتخابية جيرت مسبقاً للقوى المتنفذة ليس بالأسماء فحسب، بل بأسماء تحمل الرؤيا نفسها لتسود في العملية السياسية لتشكيل حكومة مطيعة لا تستطيع ان تنجز حتى وعودها مثلما فعلت الحكومات السابق عندما تفاقمت المشاكل والأزمات بدون أي حلول لصالح الديمقراطية والنزاهة والعدالة المنشودة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كان التصويت من قبل القوى الشيعية بعد قتل سليماني وأبو المهندس ولم تصوت القوى الاخرى وهي غير قليلة بما فيها النواب الكرد.