عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إفساد الحياة السياسية.....1


محمد الحنفي
2021 / 7 / 22 - 20:46     

إن محاصرة الفساد، وتتبع الفاسدين، ومنعهم من إنتاج الفسادـ في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والقيام بالواجب في حقهم، هي مهمة سلطوية بامتياز. أما المستهدفون بالفساد، فهم إما:

1) مقاومون للفساد، وبالتالي: فإنهم يصيرون مستهدفين بالانتقام، من قبل الفاسدين، وزبانيتهم، من الذين سوظفون من قبل الفاسدين، لمحاربة مقاومة الفساد، وجعلهم ينتجون الإرهاب، الذي يجعل مقاومي الفساد، يطأطؤون رؤوسهم أمام الفساد، خوفا من انتقام الفاسدين.

2) أو ضحايا الفساد، الذي يمارسه تجار الممنوعات، أو تجار الضمائر الانتخابية، أو المهربون، أو الفساد الإداري، في الإدارة الجماعية، أو في غير الإدارة الجماعية، من إدارات القطاع العام، أو القطاع الخاص، على حد سواء.

ولتناول موضوع: (عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي، تساهم في إفساد الحياة السياسية)، لا بد من العمل على تحديد موضوع الفساد.

وموضوع الفساد، الذي يهمنا هنا، هو الفساد الانتخابي.

وبعد تحديد موضوع الفساد المطروح في الميدان، بمناسبة قرب موعد الانتخابات الجماعية، أو البرلمانية، في نفس الوقت. ذلك، أن الفساد الانتخابي، هو المسيطر الآن في الميدان. والدليل، هو النشاط الذي يقوم به تجار الانتخابات، في كل قرية وفي كل مدينة وفي كل إقليم وفي كل جهة وعلى مستوى التراب الوطني.

فتجار الانتخابات، الذين سمتهم وزارة الداخلية ب: (سماسرة الانتخابات)، يفصحون:

أولا: عن واقع السلطات المحلية، والإقليمية، والجهوية الفاسدة.

ثانيا: عن طبيعة المرشحين، الذين يراهنون على الفساد السياسي، والفساد الانتخابي بالخصوص، والذين يراهنون، بالدرجة الأولى، على شراء ضمائر الناخبين، من تجار الضمائر الانتخابية.

ثالثا: على قيام تجار الضمائر الانتخابية، في تكريس الفساد الانتخابي / السياسي.

رابعا: عن فساد الدولة القائمة على تكريس الفساد، بأوجهه المختلفة.

خامسا: عن أن المستقبل، لا يمكن أن يكون إلا فاسدا، بسبب تصعيد الفاسدين، إلى مختلف المجالس الجماعية، وإلى البرلمان، بغرفتيه.

سادسا: عن أن الفساد هو القاسم المشترك، بين مختلف مكونات الدولة، بمؤسساتها المختلفة.

سابعا: أن استئصال الفساد من الواقع، يقتضي استئصال الفساد من أجهزة الدولة المختلفة، ومن الجماعات الترابية، قبل استئصاله من الواقع.

ثامنا: أن أصل الفساد، يكمن في:

1) نهب ثروات الشعب المغربي، التي أصبحت تعد بعشرات الملايير المنهوبة.

2) توزيع امتيازات الريع، يمينا، وشمالا، على عملاء الدولة المخزنية.

تراكم الثروات الهائلة، وبدون حدود معينة، لدى تجار الممنوعات، يمينا، وشمالا، مشرقا، ومغربا، شمالا، وجنوبا.

فما هي ضرورة محاربة الفساد الانتخابي؟

ولماذا لا تعمل السلطات المحلية، على استئصال الفسادالانتخابي؟

هل تهاب السلطات المحلية، تجار الضمائر الانتخابية؟

هل تخاف من تحريضهم لجماهير الناخبين، لحماية تجار ضمائر الناخبين؟


هل يترتب عن محاربة السلطات القائمة، لتجار ضمائر الناخبين، في إفساد العملية الانتخابية من أصلها؟

هل تخاف السلطات من الحرية، والنزاهة، التي يجب أن تكون مضمونة، في أي انتخابات مقررة، سواء كانت جماعية، أو برلمانية؟

فما العمل من أجل التخلص من الفساد الانتخابي، ومن فساد السلطة، ومن الفساد الإداري، والسياسي؟

هل يعمل الشعب على الوعي بمحاربة الفساد الانتخابي؟

هل يساهم في محاربة الفساد الانتخابي؟

هل يمتنع الناخبون عن ممارسة الفساد الانتخابي؟

هل يستطيعون صنع مغرب آخر، لا وجود فيه لأي شكل من أشكال الفساد الانتخابي؟

هل يمكنهم صنع مجالس جماعية، وإقليمية، وجهوية، مشرفة لهذا الوطن؟

هل يمكنهم، إيجاد برلمان في مستوى برلمانات البلدان المتقدمة، والمتطورة؟

أليس من حق المجتمع المغربي، أن يتمتع بحقه في الديمقراطية؟

أليس المغرب الذي يتمتع فيه الشعب بحقه في التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضمون التوزيع العادل للثروة المادية، والمعنوية، هو غير المغرب، الذي لا يتمتع في الشعب بأي حق؟

وبعد طرحنا لهذه الأسئلة، الممنهجة لعملنا، نستطيع القول:

1) بأن ضرورة محاربة الفساد الانتخابي، كجزء لا يتجزأ من الفساد السياسي، الذي يعرفه المغرب، والذي اشتهر به المغرب، على المستويين: الداخلي، والخارجي، على جميع المستويات: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، إلى جانب الفساد السياسي.

والمغرب، في أشد الحاجة إلى أن يسترجع مكانته الدولية، على مستوى محاربة الفساد، واستئصاله من جذوره: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن أجل إعادة تربية المواطنين، على محاربة الفساد، مهما كان مصدره، بما في ذلك، ما يصطلح على تسميته بالفساد الانتخابي، والذي يؤدي إلى تغيير الخريطة السياسية، بفعل الاتجار في الضمائر المعروضة للبيع، وبفعل شراء تلك الضمائر، من قبل المرشحين الفاسدين، الذين يصيرون مسؤولين، في مختلف الجماعات الترابية، وأعضاء في إحدى غرفتي البرلمان، ليعيث، باسم المسؤولية الجماعية، أو البرلمانية، فسادا في المغرب، الذي يتحول إلى بلد فاسد، بحكومة فاسدة، ودولة فاسدة، ومؤسسات فاسدة، على جميع المستويات.

ومحاربة الفساد، في مستوياته المختلفة، تقتضي:
ا ـ العمل على إيجاد مغرب جديد، بمؤسسات، لا وجود فيها، لأي شكل من أشكال الفساد.

ب ـ إيجاد تمثيلية شعبية، وفئوية، لا علاقة لها بالفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، تحرص على خدمة مصالح الشعب.

ج ـ إيجاد سمعة طيبة للمغرب، على المستوى الدولي، بسبب وقوفه ضد كل أشكال الفساد، وعلى رأسها: الفساد الانتخابي.

د ـ إيجاد مؤسسات تمثيلية، قائمة على أساس محاربة الفساد، ولا وجود للفساد فيها، ولا يمكن أن يتسرب إليها الفساد.

ه ـ بناء مغرب نظيف، لا وجود فيه لأي شكل من أشكال الفساد، الذي يسيء إلى سمعته.

2) والسلطات المحلية، لا تعمل على استئصال الفساد الانتخابي، بالخصوص، لأن المسؤولين عن هذه السلطات، تمرسوا على الفساد، ولم يعودوا يذكرون: أن من مسؤوليتهم العمل على محاربة الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. وخاصة الفساد الإداري، الذي يمارس تحت مسؤوليتهم، وبمعرفة جميع من يتعامل مع إدارة هذه السلطات، التي يظهر أنها لا ترغب، أبدا، في الحد من تأثير الفساد، بأنواعه المختلفة، عن الحياة العامة، والخاصة، لكل فرد من أفراد الشعب المغربي، مع أن الشعب المغربي، في سريرته، لا يتعاطى مع الفساد، ولا يعمل على انتشاره، ولكنه يلجأ إليه، لظروف خاصة: اقتصادية، أو اجتماعية، أو ثقافية، أو سياسية.

وقد كان المفروض، أن تدرك السلطات المحلية ذلك، وتعمل على الحد من تأثير انتشار الفساد على المواطنين، سعيا إلى جعل المغرب، خاليا من كل أشكال الفساد، التي تسيء إلى سمعته.

3) ويجب على السلطات المحلية، ان لا تسمح بارتكاب الإجرام، الذي يسيء إساءة مزدوجة: إساءة للشعب المغربي من جهة، وإساءة إلى سمعة المغرب من جهة ثانية. ومن هذا المنطلق, فإن على السلطات المحلية المسؤولة، أن لا تسمح، أبدا، بالاتجار في ضمائر الناخبين، مما يجعلها توقف تجار الضمائر الانتخابية، عند حدهم، وتمنعهم من الاتجار في تلك الضمائر، وإخضاعهم للمراقبة اليومية، على مستوى العلاقات العامة، المباشرة، وعلى مستوى الهواتف، للتأكد من التزامهم بعدم الاتجار في ضمائر الناخبين، وإلا، فإن الأمر يقتضي اعتقالهم، وعرضهم على أنظار المحكمة، لتقول كلمتها فيهم، نظرا لما يرتكبونه من جرائم، في حق الشعب المغربي، أو في حق المغرب، الذي يشتهر بين الدول، بالسمعة السيئة، التي تسيء إليه، وتجعله غير قادر على مواجهة التردي، الذي يعرفه المغرب.

وإذا كانت هذه السلطات، لا تقوم بدورها، في محاصرة الاتجار في ضمائر الناخبين، فإنها تعتبر شريكة في ارتكاب الجرائم، في حق الشعب المغربي، وفي حق سمعة المغرب، على المستوى الخارجي، والمشارك في الجريمة، يستوجب قيام أعلى سلطة، بإعلان الإجراءات الضرورية، لمحاربة الاتجار في ضمائر الناخبين، في أفق أن تصير الانتخابات، بدون فساد انتخابي، من أجل إعطاء وجه جديد للشعب المغربي، وللدولة المغربية، على المستوى العالمي.

وانطلاقا مما سبق، فإن على السلطة المغربية، أن لا تهاب تجار الضمائر الانتخابية، وأن لا تهاب من يبيعون ضمائرهم، لتجار الضمائر الانتخابية، وأن لا تهاب من يشتري تلك الضمائر، من تجار الضمائر الانتخابية؛ لأنهم، جميعا، يساهمون في ارتكاب نفس الجريمة، التي يعتبرون شركاء فيها: بائع الضمير، والتاجر الوسيط، ومشتري الضمير.

ولا علاقة لارتكاب الجريمة المذكورة أعلاه، بالسياسة، لأن المرشح باسم هيأة سياسية ما، تخلى عن مهمته السياسية، التي تقتضي منه إقناع الناخبين ببرنامجه الانتخابي، وأخذ يساوم، من أجل شراء ضمائر الناخبين. والناخب تحول من باحث عن الاقتناع، إلى عارض لضميره في سوق النخاسة، من أجل بيعه ليشتريه الوسيط، الذي يعيد بيعه، لأي مرشح يرغب فيه. وما داموا: ثلاثتهم، مشاركين في جريمة الإساءة إلى الشعب المغربي، وإلى سمعة المغرب، على المستوى الدولي، فإن على السلطات المحلية، أن تقوم بالدور المنوط بها، تجاه من يبيع إلى تجار الضمائر الانتخابية، وتجاه هؤلاء التجار، وتجاه من يشتري ضمائر الناخبين، من أجل العمل على الحد من ظاهرة الاتجار في الضمائر الانتخابية.