ملاحظات حول تطور البروليتاريا الصناعية 1 & 2

تامر خرمه
2021 / 7 / 21 - 10:30     


قدمت في المؤتمر الثالث عشر للرابطة الأممية للعمال (الأممية الرابعة) 21- 28 تموز- 2018.


مقدمة
معظم التيارات اليسارية وضعت استراتيجية الثورة الاشتراكية وكذلك دور البروليتاريا الصناعية كموضوع اجتماعي لهذه الثورة في دائرة الشك.
هذا الموقف بات أقوى بعد الزلزال الذي هز اليسار نتيجة إسقاط الأجهزة الستالينية العالمية في أوروبا الشرقية.
في هذه الوثيقة، نعيد التأكيد على مركزية البروليتاريا الصناعية كموضوع اجتماعي للثورة.
هذا العمل مقسم إلى ثلاثة أقسام:
في القسم الأول، نسعى إلى تنظيم بعض الأسس النظرية لفهم البروليتاريا الصناعية كعامل اجتماعي للثورة.
في الثاني، نعمل على فهم التغيرات الموضوعية التي حدثت في البروليتاريا الصناعية وغير الصناعية، سواء في البلدان الإمبريالية أو في البلدان شبه الاستعمارية، على مدى العقود الماضية.
في القسم الثالث، نسعى لفهم هذه التغييرات في الصيرورات السياسية واستخلاص النتائج اللازمة.
هدفنا هو توضيح بعض الفرضيات حول الاتجاهات العامة. إننا لا نسعى لتقديم إجابات نهائية، ولكن لإبراز فرضية واحدة وفتح نقاش متأني بين جميع الذين يعملون من أجل استراتيجية ثورية.
على أية حال، يبدو أن وضع هذا الموضوع قيد النقاش ضروري للجهود البرنامجية التي نبذلها.

1 _ موقف الإصلاح والوسطية
1ً_ تقريبا كافة المنظمات الإصلاحية والوسطية تخلت كليا عن استراتيجية الثورة الاشتراكية والدفاع عن البروليتاريا كموضوع اجتماعي. هذه المنظمات مرتاحة للدفاع عن الإصلاحات داخل الرأسمالية، أو إدارة الرأسمالية حتى دون أية إصلاحات.
يتحدثون عن “التحولات” و”التغييرات” بشكل عام كوعود انتخابية أكثر من كونها أي التزام ببرنامج ثوري.
الجدل حول الموضوع الاجتماعي للثورة يدور بين المنظمات التي استمرت في العمل على الثورة. من وجهة نظرنا، هذه مسألة حاسمة.

2ً_ لا جديد في التشكيك بالبروليتاريا بوصفها الموضوع الاجتماعي للثورة الماوية بعد ثورة العام 1949 الصينية خلقت نظرية وضعت الفلاحين في مركز الثورات الاشتراكية في العالم الاستعماري وشبه الاستعماري بأكمله.

بعد أن استولى رجال حرب العصابات بقيادة كاسترو على السلطة في العام 1959، ظهرت أطروحة جديدة تضع مجموعات حرب العصابات كموضوع سياسي من شأنه القيام بالثورة من خلال تأديب الطبقات الشعبية، ومرة ​​أخرى احتقار البروليتاريا.

في أيار 1968، بعد انتفاضة الطلبة والشباب، ظهرت أطروحات جديدة تضع الشباب كالموضوع الاجتماعي للثورة.

الأناركيون دافعوا في أكثر الأحيان عن القطاعات الأشد فقرا، بصرف النظر عن طبقاتها الاجتماعية، باعتبارها تشكل الأنصار الرئيسيين. الأمانة العامة للأممية الرابعة التي مقرها باريس أيضا قدمت القطاعات المضطهدة (النساء، والسود، ومجتمعات المثليين والمثليات.. الخ) كموضوعات اجتماعية جديدة للثورة، بغض النظر عن خلفيتها الطبقية.

3ً_ أحد أكثر الاعتراضات تأثيرا أشار إلى تصور الاختفاء المادي للبروليتاريا. أندريه غورز (في “وداعا للبروليتاريا”، 1980) جادل بأن الانخفاض العددي للبروليتاريا، الذي حدث في البلدان الإمبريالية خلال العولمة، وضع المثقفين ومحترفي تكنولوجيا المعلومات وعمال “مراكز الاتصال” كقوى اجتماعية بديلة.

4_ قسم هام آخر من التنظيمات اليسارية تبنى الدفاع عن المواطنة كمرجعيتها الأيديولوجية. الموضوع الجماعي للعمال الصناعيين تم استبداله بالمواطنة، بصرف النظر عن طبقتهم الاجتماعية التي ستناضل من أجل الحقوق الاجتماعية (الرعاية الصحية والتعليم والنقل) داخل حدود الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج.

كما يقول خوسيه ويلموفيسكي”… هناك إعادة تقييم حديثة لهذا المفهوم منذ الثمانينيات، تطرحه كـ “إعادة” اكتشاف، ما يعني إمكانية جديدة، الهدف المتمثل بمجتمع “أكثر” سعادة، بدون الاختلافات الاجتماعية الواضحة الحالية، الأمر الذي يمكن الوصول إليه دون تشنجات أو تحولات كبرى، مع الحفاظ على النظام الرأسمالي”. (ويلموفيسكي خوزيه، المواطنة أو الطبقة: حركة العمال في الثمانينيات، دار سوندرمان للتوزيع والنشر، ساو باولو، 1992).

قيادة حزب العمال البرازيلي جلبت انتكاسة في وعي البروليتاريا الطبقي استنادا إلى أيديولوجية المواطنة تلك في الثمانينيات.

5_ الاعتراض الرئيسي الحالي على الماركسية يأتي من ما بعد الحداثة. هذه الأيديولوجيا مؤثرة للغاية في الجامعات وفي أوساط الشباب، حيث تصل بشكل مباشر أو غير مباشر إلى جزء كبير من اليسار.
إنكار الكليات وتجزئة المواضيع الاجتماعية إلى أفراد يتحدى صراحة النهج الماركسي للبروليتاريا كموضوع اجتماعي.
ما بعد الحداثة (الحداثوية) تنكر الصراع الطبقي. مفهوم الصراع الطبقي تم استبداله بنضال القطاعات الاجتماعية التي لا تفصلها المصالح الطبقية بل الهويات المتعلقة بالقمع أو إساءة استخدام السلطة. من خلال إنكار الجماعية، فإنها تنكر أيضا الحاجة إلى التنظيم، وتقف من أجل المواقف الآنية والعفوية.
توني نيجري بمفهومه عن “الجمهور” هو أحد الممثلين الرئيسيين لهذا الفكر. وفقا له، بينما يمكن فهم استغلال “الطبقة العاملة” في العصر الحديث بالفوردية، فإن الواقع قد تغير تماما في عصر ما بعد الحداثة:
“من جهة أخرى، فإن استغلال العامة لا يمكن قياسه. بعبارة أخرى، إنها قوة تواجهها قوة الفردانيات خارج أي مقياس. الفردانيات التي تجد تعاونا تتجاوز ما يمكن أن يقاس”. (نيجري، توني، “نحو تعريف أنطولوجي للجمهور”).
“الجمهور” هو مجموعة من الفردانيات، وليس طبقة محددة ذات اهتمامات فورية وتاريخية. تأليه الفردية، وإنكار كل الصيرورات الجماعية.
6_ إنكار الطبقة العاملة الصناعية يجد تعبيرا آخرا في الأناركية الجديدة.
الأناركيون الكلاسيكيون أرادوا الوصول إلى الاشتراكية دون المرور بديكتاتورية البروليتاريا. اللا سلطويون الحاليون يختزلون أيديولوجيتهم إلى إنكار النقابات العمالية وأحزاب الطبقة العاملة.
الأفقية التي كانت حاضرة ومهيمنة في تعبئة الـ “إنديجنادوس” (حركة الغضب) في اسبانيا، و”احتلوا” (حملات احتلال الشوارع االشعبية) في الولايات المتحدة، وطليعة حزيران 2013 البرازيلية، هي تعبير آخر عن إنكار المنظمات الجماعية للعمال.
7_ الأيديولوجيا المهيمنة هي أيديولوجية الطبقة المهيمنة. تحتاج النيوليبرالية إلى كسر المقاومة الجماعية للعمال. لذا فهي تشير إلى منظور فردي. عندما يضعف الوعي الجماعي والتنظيم، تضعف النضالات.
أيديولوجيات المواطنة، وما بعد الحداثة، واللاسلطوية الجديدة، والأفقية تنكر كلا من الثورة الاشتراكية ودور البروليتاريا كموضوع اجتماعي للثورة.

ما بعد الحداثة (الحداثوية)، والأناركية الجديدة، والأفقية لديها اختلافات لا تحصى، لكنها تشير بذات المغزى إلى ذات الاتجاه للأيديولوجيا المهيمنة الفردية المتطرفة النيوليبرالية.
إنها تعزز المنظور الفردي القائم على خيانة النقابات العمالية، والقيادات الإصلاحية، لإنكار النقابات العمالية، والأحزاب العمالية، تماما كإنكار أية استراتيجية جماعية أخرى.
هذه الأيديولوجيات تنكر البروليتاريا وأي موضوع اجتماعي جماعي آخر كليا.

_ ما هو تعريفنا للبروليتاريا؟II
8_ هناك خلافات هامة، حتى بين الأقلية الثورية من اليسار التي لاتزال تدافع عن البروليتاريا كموضوع اجتماعي للثورة. هناك أولئك من يدافعون عن أن الموضوع الاجتماعي هو البروليتاريا (العمال بالأجر) بشكل عام.
وهناك من هم، مثلنا، من الذين يدافعون صراحة عن البروليتاريا الصناعية بوصفها الموضوع الاجتماعي للثورة. نحن لا نتحدث عن “البروليتاريا بشكل عام” أو عن “العمال” ككل، بل عن الطبقة العاملة الصناعية باعتبارها الموضوع الاجتماعي للثورة.
9_ نهويل مورينو كان مدافعا بلا شروط عن البروليتاريا الصناعية بوصفها الموضوع الاجتماعي للثورة. ليس صدفة أن تيارنا قد تم تعريفه بـ “التروتسكية العمالية”.
10_ ومع هذا، كان هناك تفسير خاطئ لمورينو، من وجهة نظرنا، حول التعريف النظري للطبقة العاملة:
“ماركس وتروتسكي قدما على ما يبدو تعريفات مختلفة للطبقة العاملة والبرجوازية الصغيرة. تروتسكي تحدث عن برجوازية صغيرة حديثة التي كانت من العمال ذوي الياقات البيضاء، كما يطلق عليهم في علم اجتماع أمريكا الشمالية. بالنسبة لماركس فإن كل عامل بأجر كان جزء من الطبقة العاملة. نحن ملتزمون بتعريف ماركس”. (مداخلة اللجنة التنفيذية الأممية، 1986).
هذا الخطاب تم إلقاؤه خلال نقاش نظري في اجتماع للجنة التنفيذية الأممية لـ “الرابطة الأممية للعمال _ الأممية الرابعة”، لكنه لم يتجسد قط في وثيقة موقعة من قبل مورينو أو بقرار للرابطة. علاوة على ذلك، فإنه يتعارض إلى حد كبير مع الأعمال السابقة واللاحقة لمورينو. رغم هذا، من الضرورة معالجة هذا الجدل.

11_ إننا لا نعتبر أن موقف ماركس مختلف جوهريا عن موقف تروتسكي حول هذا الموضوع.

ماركس ليس لديه في أعماله تعريفا مباشرا ودقيقا لتكوين الطبقة العاملة. في “رأس المال” قدم مواقف مختلفة حول ذات الموضوع. الدراسة المفصلة من شأنها أن تقودنا إلى أسباب ذلك.
مفتاح هام للحل يكمن في فهم ماهية العمل المنتج وتداعياته على تعريف البروليتاريا.
في المجلد الأول لـ “رأس المال” يدرس ماركس الإنتاج الذي يركز على العلاقة الرأسمالية الفردية مع العامل. هنا يعرّف ماركس العامل بالأجر بأنه منتج.
هذا يعني بأن العامل “منتج” لصاحب عمله عبر تمكينه من الاستفادة من فائض القيمة. هذا لا يعني أن العامل منتج للمجتمع ككل بموجب المعايير الماركسية ولكنه “منتج” لصاحب العمل بشكل فردي.
في المجلد الثالث يدرس ماركس الصيرورة العالمية للإنتاج الرأسمالي. ماركس يعلن أن العامل بالأجر الذي يولد مباشرة فائض القيمة، هو فقط المنتج. البروليتاريا الصناعية هي القطاع الوحيد الذي يولد فائض القيمة بشكل مباشر. وبالتالي، فإنها قطاع العمال الوحيد الذي يكون منتجا للمجتمع بأسره:
“الإنتاج الرأسمالي ليس مجرد إنتاج سلعي. إنه بشكل أساسي إنتاج فائض القيمة”. هذا يعني أن “العامل المنتج هو الذي يؤدي عملا منتجا، وأن العامل المنتج هو الذي يخلق فائض القيمة بشكل مباشر، أي: يثمّن رأس المال”.

في “نظرية فائض القيمة” يقول:

“العمل الإنتاجي، بمعناه بالنسبة للإنتاج الرأسمالي، هو العمل بالأجر الذي، مقابل الجزء المتغير من رأس المال (ذلك الجزء من رأس المال الذي ينفق على الأجور)، لا يعيد إنتاج هذا الجزء من رأس المال (أو قيمة قوة العمل الخاصة به) فحسب، بل إضافة إلى ذلك ينتج قيمة مضافة للرأسمالي”.

(www. Marxist.org)

في الفصل غير المحرر من كتاب رأس المال، كان ماركس حتى أكثر وضوحا في قوله إن:
“كل عامل منتج هو عامل بأجر، ولكن هذا لا يعني أن كل عامل بأجر هو عامل منتج. في كل الحالات التي يتم فيها شراء العمالة من أجل استهلاكها كقيمة استخدام، وكخدمة، وليس من أجل استبدال قيمة رأس المال المتغير كعامل حي ودمجها في عملية الإنتاج الرأسمالية، فإن هذا العمل ليس عملا منتجا، وهذا العامل بالأجر ليس عاملا منتجا”.

(https://www.marxists.org/archive/marx/works/1864/economic/ch02b.ht).

غوستافو ماشادو يتحدث عن نفس المسألة:

“كثيرا ما يحدث أنه حين تكون منتجا فيما يتعلق برأس المال الفردي فإن هذا لا يتوافق بالضرورة مع كونك منتجا فيما يتعلق بالمجتمع. في التجارة، مثلا، رغم أن الرأسمالي يراكم رأس المال عبر استغلال العمال الذين يوظفهم، إلا أنه لا ينتج ذرة واحدة من القيمة ورأس المال، إنه فقط يخصص جزءاً من فائض القيمة المنتج في مجال الإنتاج”. (ماشادو، غوستافو، العمالة المنتجة وغير المنتجة: هذا هو السؤال، دار سوندرمان، ساو باولو، 2020).
في الأساس، فإن إنتاج فائض القيمة يأتي من الإنتاج الصناعي. كافة القطاعات الاقتصادية الأخرى فائض القيمة هذا المنتج في الصناعة، بما فيها البنوك، والتجارة، والخدمات العامة. لذا، فإن البروليتاريا الصناعية هي القطاع الإنتاجي الوحيد (من منظور الاقتصاد الماركسي) لعمال المجتمع بأسره.

12_ على المرء أن يأخذ بعين الاعتبار في هذا النقاش أنه كان هناك واقع اجتماعي مختلف تماما في زمن ماركس. في ذلك العصر كانت البروليتاريا (العمال بالأجر) هي في الأساس العمال الصناعيين.
تكفي قراءة البيان الشيوعي عن كثب لإثبات ذلك. في كافة الأوقات كانت كلمة “البروليتاري” مرادفة لكلمة “عامل” الذي يعمل في المصانع. دعنا نرى بعض الاقتباسات المعروفة جيدا من البيان الشيوعي، والتي تتناول تطور البروليتاريا.
“البروليتاريا تمر بمراحل مختلفة من التطور. مع ولادتها يبدأ نضالها ضد البرجوازية”.

“في البداية يتم التنافس من قبل العمال الأفراد، ثم من قبل عمال المصنع، ثم من قبل العامل في تجارة واحدة، في منطقة واحدة، ضد البرجوازي الفرد الذي يستغلهم مباشرة”.
“لكن مع تطور الصناعة، فإن البروليتاريا لا تزداد عدديا فحسب، بل تصبح متمركزة في كتل أكبر، وتتنامى قوتها، وتشعر بهذه القوة أكثر”.
في التطور الرأسمالي اللاحق للعصر الذي عاشه ماركس، تطورت البروليتاريا غير الصناعية كثيرا، كما سنرى. ظهر تمايز بين البروليتاريا الصناعية وغير الصناعية لم يكن موجودا في زمن ماركس.

_ الجدل حول تعريف البرجوازية الصغيرة وتطورهاIII
13_ هناك جدل آخر حول تعريف الطبقات الاجتماعية المرتبطة بهذا الأمر. ماركس قام بإسقاط خاطئ في البيان الشيوعي، مشيرا إلى اختفاء البرجوازية الصغيرة.

تروتسكي، في مقالته “90 عاما على البيان الشيوعي”، قام بتصحيح هذا التقييم:

“مؤلفو المانفيستو تخيلو بطريقة أحادية صيرورة تصفية الطبقات المتوسطة بتحويل الحرفيين والفلاحين والعاملين في الصناعات الصغيرة إلى بروليتاريا على نطاق واسع. في الواقع، فإن القوى الأساسية للمنافسة بعيدة كل البعد عن إتمام هذه المهمة التقدمية والبربرية في ذات الوقت. الرأسمالية أفسدت البرجوازية الصغيرة بطريقة أسرع من تحويلها إلى بروليتاريا. إلى جانب ذلك، فإن الدولة البرجوازية قادت سياسة واعية من الدعم المصطنع للطبقات البرجوازية الصغيرة. وعلى النقيض تماما، فإن نمو التكنولوجيا وترشيد الصناعات الكبيرة يولدان بطالة مزمنة ويوقفان تحويل البرجوازية الصغيرة إلى بروليتاريا. في ذات الوقت، أدى تطور الرأسمالية إلى تسريع نمو جحافل من الفنيين والمدراء والموظفين التجاريين، باختصار، ما يسمى بـ “الطبقة الوسطى الجديدة”. وهكذا، فإن الطبقات المتوسطة، التي يشار إلى اختفائها بشكل قاطع في البيان، تشمل، حتى في بلد عالي التصنيع مثل ألمانيا، ما يقرب من نصف السكان”.

(https://www.marxists.org/archive/trotsky/1937/10/90manifesto.htm)

وهكذا، فإن الرأسمالية تدمر البرجوازية الصغيرة، ولكنها لا تسمح باستيعابها في المجتمع بنفس المستوى، ما يؤدي بها إلى إعادة خلقها باستمرار. تروتسكي أشار أيضا إلى أن القطاعات الوسطى قد تطورت، مثل “جحافل الفنيين والمدراء والموظفين التجاريين، باختصار، ما يسمى بالطبقة الوسطى الجديدة”.
نعتقد أن تحليل تروتسكي أيده الواقع.

14_ نهويل مورينو، في ذات المداخلة التي انتقدناها أعلاه (اللجنة التنفيذية الأممية 1986)، يوضح ما يلي حول هذا الجدل:

“البرجوازية الصغيرة تعبير واسع جدا. هناك نقاش نظري كبير.. لأن ماركس في القرن الماضي وتروتسكي في هذا القرن بدوا وكأنهما يقدمان تعريفات مختلفة لمسألة البرجوازية الصغيرة. تروتسكي يتحدث عن طبقة وسطى حديثة، برجوازية صغيرة حديثة كانت الموظفين ذوي الياقات البيضاء، كما يطلق عليهم في علم اجتماع أمريكا الشمالية – رايت ميلز، إلخ. وبالنسبة لماركس كان كل كاسب أجر ينتمي إلى الطبقة العاملة. بعبارة أخرى، بالنسبة لماركس فإن ما يميز العامل هو تلقي الأجر أو الراتب. وليس بالنسبة لتروتسكي. تحديدا في إشارته إلى نقاط الضعف، فإن البيان الشيوعي يشير إلى هذه الحقيقة: ظهرت طبقة وسطى حديثة. أنا أميل إلى ماركس. إذا، بالنسبة لي [الطبقة الوسطى الحديثة] هي بروليتاريا. موظفو البنك هم عمال صناعيون، وهم ينتمون إلى الطبقة العاملة الصناعية بالنسبة لي. في هذه المسألة أنا مع ماركس ولست مع تروتسكي”.

نعتقد أن نهويل مورينو يرتكب هنا خطأً آخرا. هذا التعريف لمورينو يقلل من الاختلاف بين العامل الصناعي وسائر العمال بالأجر. نعتقد أن تروتسكي كان على حق.

15_ تطور الواقع يدعم تحليل تروتسكي. البرجوازية الصغيرة الكلاسيكية، الطبقة ذات الملكية الصغيرة، لم تختف مع تطور الرأسمالية.

تقدم الشركات الكبرى يعمد إلى وضع الأزمة على عاتق صغار الملاك في المناطق الحضرية والريفية. لا يمكن إنكار أن الشركات الكبرى تحتل كل مرة مساحة أكبر في العالم. هذا التقدم لا يؤدي إلى إنهاء الشركات الصغيرة التي لا تزال قائمة بدور ثانوي، حيث يتم تدميرها وإعادة بنائها خلال الأزمات الرأسمالية.
هذه هي أولى القطاعات التي تتأثر بالأزمات مع ارتفاع معدلات الإفلاس. لكن البطالة وأيديولوجيا “امتلاك عملك الخاص” تسهل ظهور أجيال جديدة من الشركات الصغيرة في كل صعود اقتصادي.
هناك الملايين من صغار التجار والمهنيين الليبراليين (محامون وأطباء وفنيون في الأجهزة المنزلية وتكنولوجيا المعلومات).
من ناحية أخرى، في المدن الكبرى، يظهر الباعة المتجولون بسبب البطالة والعمل العرضي.
هناك شرائح من البرجوازية الصغيرة الدائنة التي تعيش على الأرباح المالية. وآخرون يعيشون على تأجير العقارات في المدن الكبرى.
هناك قطاعات متنوعة وغير متجانسة تشكل البرجوازية الصغيرة الحضرية والريفية التي لاتزال موجودة في كافة أنحاء العالم.

16_ من ناحية أخرى، فإن نمو “الطبقات الوسطى الجديدة”، التي وصفها تروتسكي، يتزايد طيلة الوقت.

العمال بالأجر الذين ليسوا جزء من البروليتاريا الصناعية، كموظفي البنوك، والموظفين التجاريين، والمدرسين.. إلخ قد تزايدوا كثيرا مع التحضر وتنامي الخدمات كالتعليم، والرعاية الصحية، والتجارة، والقطاع المالي.
تحديدا بعد الحرب العالمية الثانية، تنامت هذه الظاهرة على نطاق واسع، أكثر بكثير مما كان عليه الوضع في العقود الأخيرة التي عاشها تروتسكي.

17_ في حالة ما إذا كان تعريف مورينو للطبقة العاملة الصناعية صحيحا، والذي يتضمن قطاعات “الطبقة الوسطى الجديدة” تلك، عندها سيكون توقع ماركس بنمو هائل للطبقة العاملة الصناعية، دون وجود مهم للطبقات الوسطى، صحيحا كذلك.

ومع ذلك، فإن هذا ليس واقعا اليوم. التأثير الاجتماعي والسياسي لهذه القطاعات من الطبقات الوسطى مهم للغاية عند تحليل وضع الصراع الطبقي في كل بلد من بلداننا.
نعتقد أن تروتسكي كان محقا في نقده لهذا الإسقاط الخاطئ لماركس. وأن مورينو كان مخطئا في هذا التعريف.



ترجمة تامر خرمه
***********************
ملاحظات حول تطور البروليتاريا الصناعية (2)





IV _ أهمية تحديد الموضوع الاجتماعي للثورة


18_ جزء من التشكيك في البروليتاريا كموضوع (عامل) اجتماعي للثورة يبدأ بالتشكيك في وجود موضوع اجتماعي.
كما قلنا من قبل، فإن ضغط حركات ما بعد الحداثة، والأناركية الحديثة، والأفقية قاد إلى رفض وجود أي موضوع اجتماعي في العملية الثورية، تماما كما تنكر هذه الحركات الثورة الاشتراكية.

19_ هذه ليست مسألة صغيرة. البيان الشيوعي، الذي كان حتى اليوم البرنامج الرئيسي للحركة العمالية الثورية، يوضح أن الاستراتيجية الثورية تستند إلى الطبيعة الطبقية للبروليتاريا الصناعية. إنها استراتيجية إسقاط الرأسمالية وبناء مجتمع آخر لا يمكن أن يوجد دون الاستناد إلى الطبقة العاملة.
“من بين جميع الطبقات التي تواجه البرجوازية اليوم، البروليتاريا وحدها هي الطبقة الثورية حقا. الطبقات الأخرى يتم إفسادها وتقويضها تدريجيا على يد الصناعات الكبرى. البروليتاريا هي المنتج الأكثر تميزا في ذلك الأمر”.
“كافة الطبقات السابقة التي انتصرت على الهيمنة سعت إلى ضمان المكانة التي وصلت إليها بالفعل في الحياة، مخضعة المجتمع بأسره لشروط مصالحها. البروليتاريون يمكنهم الانتصار على قوى الإنتاج الاجتماعي فقط عبر إلغاء أسلوبهم في الاستيلاء حتى هذه اللحظة، وبذلك نمط الاستيلاء بأسره. البروليتاريا ليس لديها ما تحميه، عليها تدمير كافة الضمانات الخاصة”.
“كافة الحركات حتى هذه اللحظة كانت حركات أقلية أو لمصلحة الأقلية. الحركة البروليتارية هي الحركة المستقلة للأغلبية الساحقة، ولصالح الأغلبية الساحقة. لا تستطيع البروليتاريا، أو الطبقات الدنيا في المجتمع اليوم، أن تنهض، ولا تستطيع تقويم ذاتها، دون نسف كامل البنية الفوقية للطبقات التي يتألف منها المجتمع الرسمي..”.
“التقدم الصناعي، الذي تعد البرجوازية حاملة له، لا إراديا ودون مقاومة، يضع الوحدة الثورية باتحاداتها في موضع عزلة العمال من خلال المنافسة. بتطور الصناعات الكبرى، يكون الأساس نفسه الذي يقوم عليه إنتاج وتملك منتجاتهم يتم إزالته من تحت أقدام البرجوازية. إنها تنتج أولا وقبل كل شيء حفار قبرها. انحدارها وانتصار البروليتاريا أمران لا مفر منهما”.
تعبير “الموضوع الاجتماعي للثورة” تم استخدامه من قبل نهويل مورينو للتعبير عن الطبقة الاجتماعية التي يمكنها القيام بالدور القيادي للثورة الاشتراكية. مورينو لم يقم بتعديل أي شيء في هذا النقاش. لقد نظم ما كان بالفعل جزء من التقليد الماركسي منذ صدور المانفيستو، الذي يقول إن “البروليتاريا وحدها هي الطبقة الثورية حقا”.

20_ مفهوم “الدور القيادي” كان هو التعبير المستخدم في القرن التاسع عشر في الجدل داخل الاشتراكية الديموقراطية الروسية حول ديناميكيات الثورة: سواء كانت البروليتاريا أو البرجوازية هي الطبقة الرائدة.
وفقا لبيري أندرسون، فإن هذا الجدل استخدم أيضا مفهوم “الهيمنة”، الذي سيستخدمه غرامشي لاحقا في محتوى آخر. بعبارة أخرى، كانت هناك مناقشة حول ماهية الطبقة التي ستهيمن على صيرورة الثورة وماذا ستكون عواقب ذلك.
الأممية الثالثة في “قرارات التكتيك” تتحدث عن البروليتاريا على أنها “عامل محدد للثورة العالمية”.

21_ في النقاش حول ما حدث في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، قام نهويل مورينو بتحديث هذه المناقشة ليوضح أنه لا الموضوع الاجتماعي (الطبقة العاملة الصناعية)، ولا الموضوع السياسي (الحزب الثوري) الذي توقعه تروتسكي، كانا حاسمين في انتصارات هذه الثورات.
بتناول ما قاله مورينو، فإن الموضوع الاجتماعي هو الطبقة التي تعمل كـ “محرك” للثورة.
لكننا نريد إنقاذ محتوى هذه المناقشة وليس شكلها. يمكننا أيضا تسميتها، مثلما جاء في البيان الشيوعي، بـ “الطبقة الثورية الحقيقية الوحيدة”، أو مثل ما ذكر في الأممية الثالثة، “العامل المحدد للثورة العالمية”.

V_ البروليتاريا الصناعية يجب أن تكون الموضوع الاجتماعي للثورة
22- لماذا البروليتاريا الصناعية هي موضوع الثورة وليس “البروليتاريا بشكل عام”؟
في المقام الأول، وبسبب موقعها في الإنتاج، فإن البروليتاريا الصناعية هي العمالة المنتجة الوحيدة (بالمعنى الماركسي). بكلمات أخرى، إنها تخلق قيمة وفائض قيمة. وهكذا، فإن البروليتاريا الصناعية لها دور مركزي في المجتمع. إضراب عام للبروليتاريا من شأنه أن يؤثر بشدة على المجتمع بأسره، ما يتيح لها إمكانية أن تكون طليعة الصيرورة الثورية.

23- ثانيا، لأن البروليتاريا الصناعية تتركز في وحدات إنتاجية وتقوم بعمل جماعي. العامل الصناعي يعرف أن ناتج عمله هو بالضرورة جماعي، على النقيض من الفئات الأخرى التي لا حصر لها، والتي تمنح مهامها في المجتمع الرأسمالي الميزة للأداء الفردي.
ليس صدفة أن هذه الطبقة قد توفر أساسا اجتماعيا لتجميع الإنتاج. هذه هي الطبقة التي قد تنشئ دولة تستجيب للمصالح المشتركة للعاملين بالأجر. البروليتاريا هي أيضا ما قد يدعم اجتماعيا نظام الديمقراطية العمالية، كما ذكّرنا نهويل مورينو.

24_ ثالثا، مع العولمة، تم التأكيد بوحشية على فرضية البيان الشيوعي حول ميل الرأسمالية لإفقار البروليتاريا وخفض الظروف المعيشية للعمال. كما سنرى، فإن البروليتاريا تعاني من انخفاض في قوتها الشرائية وخسارة إنجازات هامة في القرنين التاسع عشر والعشرين. غالبية البروليتاريا الصناعية العرضية هي التعبير الواضح في القرن الحادي والعشرين عن أولئك الذين “ليس لديهم ما يخسرونه”.
العمال بالأجر، أو العمال ذوو الياقات البيضاء ككل، تشملهم قطاعات مختلفة تماما من وجهة النظر الاجتماعية. لا ينبغي للمرء أن يقول كماركس إن البروليتاريا ككل هي “أكثر الطبقات تجانسا”.
المدراء بشكل عام هم ممن يتلقون أجورا، لكن ظروفهم المعيشية تجعلهم أقرب إلى البرجوازية. الأطباء والمحامون يتلقون أجورا ولديهم مداخيل متغيرة للغاية، ويشمل ذلك القطاعات ذات الامتيازات العالية وغيرها من القطاعات الأكثر فقرا. أساتذة الجامعات بشكل عام يتلقون أجورا أعلى بكثير من أجور معلمي المدارس الثانوية.
القطاعات الأكثر ثراء لا علاقة لها بتعريف ماركس للبروليتاريا على أنها “أولئك الذين ليس لديهم ما يخسرونه”.
سلوك هؤلاء العاملون بالأجر (البروليتاريا غير الصناعية) يشبه سلوك البرجوازية الصغيرة (صغار الملاك في الحضر والريف) والذين يمكن تقسيمهم أيضا، مع القطاعات الأكثر فقرا التي يتم جذبها نحو الثورة.
من الضرورة بالنسبة للبروليتاريا الصناعية أن تمتلك سياسة لجذب تلك القطاعات نحو الثورة، لكن ليس من المرجح أن القطاعات ذات الأجور الأعلى ستتبع البروليتاريا.

25_ هذه الخصائص الثلاث تتيح للبروليتاريا الصناعية إمكانية أن تكون طليعة الصيرورة الثورية ومخزن برنامج الثورة الاشتراكية. وكما قال البيان الشيوعي:
“لا يمكن للبروليتاريين أن يصبحوا سادة القوى المنتجة في المجتمع، إلا بإلغاء طريقتها السابقة في التملك، وبالتالي أيضا كل أنماط التملك السابقة الأخرى. ليس لديهم شيء خاص بهم لتأمينه وتحصينه؛ وتتمثل مهمتهم في تدمير كافة الأوراق المالية والتأمينات السابقة للملكية الخاصة”.



(https://www.marxists.org/archive/marx/works/1848/communist-manifesto/ch01.htm#007)



لينين توصل إلى نفس الاستنتاج في كتابه “ما العمل؟”.
“من حقيقة أن المصالح الاقتصادية تلعب دورا حاسما بأي حال من الأحوال، فإن هذا لا يعني أن النضال الاقتصادي له أهمية أساسية، حيث لا يمكن عموما إشباع المصالح الأساسية و”الحاسمة” للطبقات إلا من خلال التحولات السياسية الجذرية. على وجه الخصوص، لا يمكن للمصلحة الاقتصادية الأساسية للبروليتاريا أن تتحقق إلا من خلال ثورة سياسية تستبدل ديكتاتورية البرجوازية بديكتاتورية البروليتاريا”.
البروليتاريا هي أكثر القطاعات تجانسا اجتماعيا بين العمال. إن البروليتاريا غير الصناعية، العمال بالأجر من الطبقة الوسطى الجديدة، منقسمة في الصيرورة الثورية. سيكون من الأسهل كسب غالبية القطاعات الأكثر فقرا من المعلمين للثورة، وسيكون من الأصعب كسب غالبية القطاعات ذات الأجور الأعلى.

26_ هذا هو الواقع، سواء خلال الصراع على السلطة أو بعد الاستيلاء عليها. مورينو، في البرنامج الانتقالي لليوم، يؤكد في أطروحته الثالثة عشر أن هذه القطاعات التي تتقاضى رواتبا من الشرائح الوسطى للبروليتاريا هي قواعد اجتماعية للبيروقراطيات:
“شيء مشابه يحدث مع التيارات البرجوازية الصغيرة كالكاستروية، التي جاءت لتقود حركة ثورية جماهيرية وحتى عملية تجريد البرجوازية الوطنية والإمبريالية من ملكيتها. إنها قطاع اجتماعي مختلف عن الطبقة العاملة فهي، كالبيروقراطية، جزء من الطبقة الوسطى الحديثة. لا شيء يظهر هذا أفضل من حقيقة أنه بمجرد توليها للسلطة فإنها تتحول إلى تكنوقراط أو بيروقراطية – حكومية أو سياسية – دون اضطرابات كبيرة. إذا كانت قبل الاستيلاء على السلطة تيارا من الطبقة الوسطى الحديثة يقود الحركة الجماهيرية، فإنها بعد الاستيلاء على السلطة تتحول تلقائيا، بسبب تمايزها المحدد عن الطبقة العاملة، إلى بيروقراطية”.
“التحريفية تدعي أن هذه التيارات البرجوازية الصغيرة، وبشكل أساسي التيار الكاستروي، يمكنها أن تتحول إلى عمال ثوريين نتيجة مصادرة أملاك البرجوازية الوطنية والإمبريالية. نعتقد العكس تماما. لأسباب اجتماعية لا يمكن أبدا أن تتحول إلى تيار ثوري يعكس مصالح قاعدة الطبقة العاملة، وقطاعاتها الأكثر فقرا وتعرضا للاستغلال. هذه الاستحالة تخضع لأبسط القوانين الماركسية. لا يقبل أي قطاع ذي امتيازات اجتماعية أن يفقد امتيازاته أو أن يحول نفسه ككل، كقطاع اجتماعي، إلى قطاع اجتماعي أدنى آخر. على العكس من ذلك، فإن كل قطاع اجتماعي يتمتع بامتيازات يميل إلى زيادتها. يمكن لكل قطاع يتمتع بامتيازات أن يتجاوز، مدفوعا بظروف موضوعية، ما يريده على الساحة السياسية للدفاع عن امتيازاته وزيادتها، عندما يكون مهددا بفقدانها”. لكنه لن يحارب على الإطلاق امتيازاته الخاصة عبر الانضمام إلى القطاعات الأكثر تعرضا للاستغلال والتي تتعارض معه. لم نشهد أبدا في الصيرورة التاريخية، التي يحركها تحديدا صراع المصالح هذا، قطاعا يتمتع بامتيازات قام بالتخلي عن امتيازاته الخاصة بإرادته الحرة، أي بالانتحار كقطاع طبقي. إذا كان هذا هو ما عليه الحال، فإن الإصلاحية ستكون محقة”.

27_ الأممية الثالثة كانت لديها البروليتاريا الصناعية كموضوع اجتماعي للثورة، أو “العامل المحدد للثورة العالمية”. في قراراتها، فإن “البروليتاريا” أو “الطبقة العاملة الصناعية” هي البروليتاريا الصناعية.
هذا هو مضمون تعريف المؤتمر الثاني للأممية الثالثة عندما تعالج “المهام الرئيسية للأممية الشيوعية” وتصف كيف يجب على الحزب الثوري أن يقود البروليتاريا إلى مجادلة الجماهير، وبعبارة أخرى، كل العمال والمستغَلين:

“4. الانتصار على الرأسمالية يتطلب علاقات مناسبة بين الحزب (الشيوعي) القيادي، والطبقة الثورية (البروليتاريا)، والجماهير، أي كامل جسم الكادحين والمستغلين. وحده الحزب الشيوعي، إذا كان حقا هو طليعة الطبقة الثورية، وإذا كان يضم بالفعل كافة أفضل ممثلي تلك الطبقة، وإذا كان يتألف من شيوعيين واعين ومخلصين تماما، تم تثقيفهم وتصليبهم من خلال تجربة النضال الثوري المثابر، وإذا كان قد نجح في ربط نفسه بشكل لا ينفصل مع الحياة الكاملة لطبقته، ومن خلال ذلك، مع كافة الجماهير المستغَلة، وفي الفوز بشكل كامل بثقة هذه الطبقة وتلك الجماهير فقط مثل هذا الحزب قادر على قيادة البروليتاريا في نضال نهائي وعنيف وحاسم ضد كل قوى الرأسمالية. من ناحية أخرى، فإنه فقط تحت قيادة مثل هذا الحزب، تكون البروليتاريا قادرة على إظهار القدرة الكاملة لهجمتها الثورية، والتغلب على اللامبالاة الحتمية والمقاومة العرضية لتلك الأقلية الصغيرة، الأرستقراطية العمالية، التي أفسدتها الرأسمالية والنقابات العمالية القديمة وقادة التعاونيات، وما إلى ذلك – عندها فقط ستكون البروليتاريا قادرة على إظهار قدرتها الكاملة، والتي باتت، بسبب البنية الاقتصادية للمجتمع الرأسمالي، أعظم بشكل لا محدود من نسبتها من السكان”.

(www.marxist.org)

في “أطروحة حول التكتيكات” التي أقرها المؤتمر الثالث للأممية الثالثة، هناك فصل بعنوان “موقفنا من الطبقات شبه البروليتارية” (“القطاعات الوسطى من البروليتاريا” أو “الشرائح العاملة الوسطى”). لقد طور سياسة البروليتاريا الصناعية كموضوع اجتماعي للثورة لتقسيم القطاعات الوسطى من البروليتاريا والفوز بها للثورة (أو شبه البروليتارية وفقا لـ “حول التكتيكات” https://www.marxist.org) قائلا إنه “من المهم أيضا كسب تعاطف الفنيين والعاملين ذوي الياقات البيضاء وموظفي الخدمة المدنية من الرتب المتوسطة والدنيا والمثقفين..”.

(www.marxist.org).

في القسم السابق من هذه الوثيقة، جادلنا نهويل مورينو حول تعريف البروليتاريا والبرجوازية الصغيرة. ومع ذلك، فإن هذا الجدل لا يمتد تلقائيا إلى تعريف ما هو الموضوع الاجتماعي للثورة. رغم عدم وجود تعريف دقيق، هناك إشارات عديدة في أعمال مورينو حيث يؤكد فيها بوضوح مركزية البروليتاريا الصناعية في الثورة. الاقتباس أدناه مهم:

“الدكتاتورية الثورية للبروليتاريا بقيادة لينين وتروتسكي، والتي تم تدشينها عبر ثورة أوكتوبر 1917، هي نقيض الدكتاتورية البروليتارية البيروقراطية، من جهة السلطة السياسية والطبقة الاجتماعية. قبل أي شيء، إنها تستند إلى الديمقراطية الثورية، وليس إلى البونوبارتية. مؤسساتها هي السوفييتات الديمقراطية الثورية.. إنها تعبير عن القواعد العمالية والشعبية في ظل هيمنة البروليتاريا الصناعية”. (البرنامج الانتقالي لليوم).

Enviado do Yahoo Mail no Android



—– Mensagem encaminhada —–

De: “Tamer Khorma”

Para: “Fabio Bosco”

Cc:

Enviada: ter, 22 22e jun 22e 2021 às 20:27

Assunto: part 6

سادسا – الحاجة إلى كسب قطاعات اجتماعية أخرى للثورة


29- سيكون من الخطأ إلغاء مركزية البروليتاريا الصناعية كموضوع اجتماعي للثورة من بين كل العمال. الخطأ الموازي الآخر سيكون افتراض أن البروليتاريا الصناعية وحدها كافية للثورة.
بما أن البروليتاريا الصناعية هي أقلية بين مجموع السكان ككل، فإنه لا يمكنها أن تكون عمليا موضوع الثورة إلا إذا نجحت في جر غالبية الجماهير العظمى من العمال والفقراء وراءها. مثال على هذا كانت الثورة الروسية، التي قادت فيها البروليتاريا الصناعية جماهير الفلاحين الهائلة والراديكالية.
تطور الامبريالية، بعد قرن من الزمن، وسع موضوعيا القوى الثورية وكذلك الحلفاء المحتملين للبروليتاريا الصناعية، سواء في البروليتاريا غير الصناعية الهائلة، أو بين الجماهير الشعبية في المدن الكبرى، كما سنناقش لاحقا.

30_ تعريف البروليتاريا الصناعية كموضوع اجتماعي للثورة لا يقودنا، بالتالي، إلى التقليل من أهمية كسب الغالبية العظمى من العمال للتصور الثوري.
هذا سيكون خاطئا كالتفكير في الثورة الروسية فقط عبر البروليتاريا دون قاعدتها من الغالبية المتمثلة بالفلاحين.

31_ الحاجة إلى تعبئة وتنظيم القطاعات الأخرى من العمال غير الصناعيين، تتجسد في الحياة اليومية بالصراع الطبقي وفي عملية إعادة التنظيم.
إنها حقيقة أن المعلمين، وموظفي القطاع العام ككل، وموظفي البنوك، والشباب يلعبون دورا محوريا في التعبئة ضد الخطط النيوليبرالية في كافة أنحاء العالم.
وإنها حقيقة أن التعبئة الديمقراطية، سواء من قبل القوميات المضطهدة، أو ضد الاضطهاد الجنسي، والعنصري، والرهاب من المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية، مسألة جوهرية.
إنها لحقيقة أن تعبئة الأحياء الشعبية في أطراف المدن الكبرى تلعب دورا محوريا في الصيرورات الثورية.
وبنفس الطريقة، فإن هذه القطاعات تلعب دورا قياديا في كافة عمليات إعادة التنظيم ضد القيادات الإصلاحية. ما عليك سوى أخذ الأمثلة الراهنة لاتحاد النقابات العمالية والشعبية (البرازيل)، وحركة لا للتقشف (الإيطالية)، وغيرهما من المنظمات.

32_ الاستنتاج نفسه يقودنا إلى التأكيد على الدور المتعلق بمراكمة الكوادر في هذه القطاعات من أجل بناء أحزاب ثورية.
لكن لا شيء من هذا ينبغي أن يغير من التعريف الاستراتيجي للبروليتاريا الصناعية باعتبارها الموضوع الاجتماعي للثورة، وبالتالي، محور تركيزنا الأساسي لتعبئة وتنظيم الحراكات، وكذلك لبناء الأحزاب الثورية.

سابعا – مسألة الاضطهاد في صفوف البروليتاريا
33_ البرجوازية تستخدم اضطهاد النساء والسود والمثليين والمهاجرين لتقسيم العمال، وبالتالي تقوم بتوسيع استغلال الطبقة العاملة ككل. كل العوامل التي تساعد على تقسيم نضال العمال تصب في مصلحة الحكم البرجوازي بشكل عام.
استغلال الاضطهاد يتيح إمكانية تخفيض أجور العاملين بتلك القطاعات، أو منحهم الوظائف الأكثر تدهورا والأكثر خطورة.
المضطهدون هم من القطاعات التي تأثرت بداية بالأزمات، والتي يتم فصلها بسهولة أكبر.

34_ وحدها الثورة الاشتراكية يمكنها إنهاء كافة أشكال الاستغلال وكذلك كافة أشكال الاضطهاد.
التيارات الإصلاحية تؤمن بالنضال ضد الاضطهاد بشكل منفصل عن النضال ضد الاستغلال الرأسمالي كما لو أنه من الممكن إنهاء الاضطهاد داخل الرأسمالية.
وحدة النساء البرجوازيات والبروليتاريات من أجل تحقيق تحرير المرأة محض وهم. الأمر ذاته ينطبق على مسألة توحيد العمال السود مع البرجوازية السوداء لإنهاء العنصرية.
من الممكن، بل ومن الضروري تحقيق وحدة عمل نهائية مع البرجوازية الصغيرة، بل وحتى مع القطاعات البرجوازية فيما يتعلق بالأهداف التكتيكية والديمقراطية، ولكن ليس أي نوع من الوحدة الإستراتيجية.
من الخطأ معارضة النضال الديمقراطي ضد اضطهاد النضال من أجل الاشتراكية.
فقط مع البروليتاريا في طليعة النضال ضد الاضطهاد سيكون من الممكن كسب هذه القطاعات للثورة. ولكن للتقدم في هذا الاتجاه، من الضروري خوض معركة داخل البروليتاريا ضد التمييز على أساس الجنس، والعنصرية، ورهاب المثليين، وكراهية الأجانب.
لهذا السبب لا يمكننا التخلي عن النضال ضد الاضطهاد داخل طبقتنا. ليس النضال ضد الاضطهاد بل الاضطهاد نفسه هو الذي يقسم الطبقة.

35_ هذا يقودنا إلى نتيجتين أساسيتين:
_ من الضرورة توحيد النضال ضد الاضطهاد والاستغلال.
_ النضال ضد الاضطهاد أساسي لتوحيد العمال ضد البرجوازية.
لا يمكن دمج النساء العاملات في النضالات إذا هيمن الرجال على النقابات.
لا يمكن استقطاب العمال السود إذا سادت العنصرية (العلنية أو الخفية) في قيادة منظمات الطبقة العاملة.
من المستحيل توحيد العمال المثليين جنسياً مع المغايرين جنسيا في حال هيمن رهاب المثلية على مؤسسات العمال.
لا توجد إمكانية لتوحيد العمال من أصول مختلفة إذا سادت كراهية الأجانب ضد المهاجرين.



ترجمة تامر خرمه