ميكيس ثيودوراكيس نابذ العدوان


حسن مدن
2021 / 7 / 14 - 15:59     

في أذهاننا حين نسمع الموسيقى الشهيرة «زوربا»، التي تصاحبها عادة الرقصة اليونانية الشهيرة، تحضر صورة أنطوني كوين وهو يؤدي الرقصة في الفيلم الذي استوحي من رواية «زوربا اليوناني» لنيكوس كزنتراكيس، لكن يجب أن تحضر أيضاً صورة واضع هذه الموسيقى ميكيس ثيودوراكيس.
صيت ثيودوراكيس ليس محصوراً داخل وطنه اليونان فحسب، فاسمه وإبداعه ذائعان في العالم كله، هو الذي ارتبطت سيرته لا بالموسيقى وحدها، وإنما بالنضال من أجل الديمقراطية، ومحاربة الديكتاتوريات العسكرية التي رزحت اليونان تحت حكمها فترات طوال، وبالتضامن مع الشعوب المكافحة من أجل حقوقها، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، حيث أعاد توزيع موسيقى النشيد الوطني الفلسطيني عام 1981.
تعرّض ثيودوراكيس، بسبب مواقفه السياسية، للاعتقال عدة مرات، وواجه التعذيب في زنازين المعتقل، كما وجد نفسه في المنفى مرات أخرى، لكن هذه المعاناة لم تفت من عزيمته، حيث ظلّ ثابتاً على مواقفه وانحيازاته السياسية والفكرية حتى رحيله، ما جعل من شخصه محط تقدير لدى شعبه والحركة الديمقراطية في بلاده، حيث انتخب عام 1981 عضواً في البرلمان اليوناني، لكنه تخلى عن مقعده، بعد سنوات، ليتفرغ كلياً للموسيقى.
وهو معروف في العالم العربي، حيث أحيا حفلات في بعض البلدان العربية، وكنت محظوظاً بحضور حفل أقامه على مسرح البيكاديللي في بيروت في ثمانينات القرن العشرين، في ذروة صعود الحركة الوطنية اللبنانية والثورة الفلسطينية، حيث يمكن القول إن هذا الحفل حمل تعابير التضامن مع القضايا العربية.
ما زلت أذكر ساعة أطلّ ثيودوراكيس، بعد شيء من التأخر، على الجمهور من على ذات الخشبة التي طالما وقفت عليها فيروز ونصري شمس الدين في مسرحيات الأخوين رحباني. ضجّت القاعة بالتصفيق تحية له. كان حضوره على المسرح مهيباً، بشعره الغزير المنفوش وقامته الطويلة. وما أن استدار أمام الفرقة الموسيقية حتى غرقت القاعة كلها في الصمت والموسيقى خاشعة.
عارض ثيودوراكيس بشدة الحرب على العراق، وجاهر بعدائه للصهيونية وللسياسة العدوانية ل «إسرائيل» ضد الشعب الفلسطيني، غير مكترث بالنقد الذي تعرض له داخل الكيان، حيث وجهت له التهمة الممجوجة إياها «معاداة السامية».
وفي حديث سابق مع صحيفة «هارتس» قال: «أخاف من قيادة شارون لليهود بنفس الأسلوب الذي فعله هتلر للألمان. لقد أصبح لدى «إسرائيل» سلاح نووي، يجعلها أقرب إلى اسبارطة، ومن تحاربون؟ مليوناً من النساء والأطفال الفلسطينيين».