الانتخابات طوق النجاة الأخير ... لكن لمن؟


جلال الصباغ
2021 / 7 / 13 - 00:40     

في استعراض بسيط لستة تجارب انتخابية منذ ٢٠٠٥ ولغاية ٢٠١٨ ، نجد ابراهيم الجعفري وحربه الطائفية التي راح ضحيتها عشرات الآلاف بين قتيل ومهجر كان مجرد البداية لمشروع الخراب والتدمير، ليأتي بعده المالكي بثمان سنوات أكثر بؤسا، اذ استمرت ذات السياسات التي اتبعها سلفه، فالطائفية والقومية على أشدها، ليختتم رئاسته للوزراء بدخول داعش للعديد من المحافظات وما جره من تهجير وقتل وتغييب وانشاء عشرات المليشيات. بعد ذلك جاء حيدر العبادي الذي تتقاذفه مشاريع طهران وواشنطن كسابقيه ولتستمر عمليات الإرهاب والقتل وضياع الدولة بيد اللصوص. وصولا إلى عادل عبد المهدي الذي لا يختلف كثيرا عن اقرانه فضياع الدولة وهيمنة العصابات أصبحت العلامة الفارقة التي تميز بلاد ما بين النهرين، ناهيك عن الأساليب الوحشية التي اتبعها في مواجهة المنتفضين، ليختتم لنا الكاظمي صاحب الحكومة الانتقالية الفترة المتبقية حتى إجراء الانتخابات بمسرحيات النزاهة ومحاربة المليشيات، فيما يجلس مبتسما ليلتقط الصور مع قادتهم مع استمرار مسلسل الاغتيالات والخطف والافقار المتعمد للجماهير.

ان حقبة ما بعد ٢٠٠٣ التي أنشئها الأمريكيون على أساسات طائفية وقومية وعشائرية، يراد لها ان تبقى أزلية، يتسلم من خلالها قادة الأحزاب وزعماء المليشيات والعصابات زمام الأمور، لتكون الصورة كما خطط لها، فالكهرباء يجب أن نبقى بلا حلول وكذلك الماء والصحة والتعليم وغيرها من مفاصل الحياة الأخرى، كما أن البطالة يجب أن تكون في أعلى مستوياتها والعشوائيات هي الحل الوحيد المطروح لمعالجة أزمة السكن، هكذا يجب أن يدمر هذا المجتمع ويعاني البؤس والحرمان، والمبرر موجود وجاهز، إنها " الديمقراطية" التي فصلها بول بريمر على مقاسات اللصوص والرعاع الذين جاء بهم معه.

كل هذا التاريخ من التزوير وهيمنة المليشيات وسرقة المليارات وتوظيف الدين والطائفة والقومية وتسخير الإعلام والمثقفين الانتهازيين واستخدام الترهيب والقتل، ويأتي البعض ليعول على الانتخابات في تغيير الأوضاع، ولست ادري كيف يستطيع اي مطبل للانتخابات إقناع ام فقدت ابنها برصاص المليشيات على المشاركة في عمليتهم الديمقراطية جدا، وما هي أساليب المرشح الفلاني للقضاء على عصابات مقتدى الصدر وقيس الخزعلي وهادي العامري وغيرهم، وماذا يفعل مروج للانتخابات وهو يتجول في إحدى احياء الصفيح مشاهدا الآلاف بلا عمل او كهرباء او معيشة تليق بالإنسان.

ان سلطة القتلة ونظامهم لا بد له من طريقة يكتسب من خلالها الشرعية، والانتخابات هي طوق نجاتهم الأخير، فهم مفلسون سياسيا ويبغضهم الناس ويمقتون اشكالهم، لكنهم رغم ذلك مدعومون من امريكا وإيران والأمم المتحدة وجميعهم يشجعونهم قبيل كل انتخابات على إجراء عمليتهم الديمقراطية ويدعمونهم ويطبلون لهم في اعلامهم، بل إن سفرائهم يتحدثون عن الانتخابات ونزاهتها أكثر حتى من الزعماء الذين يحكمون البلاد.

الانتخابات ليست خيار الجماهير، انما الانتفاضة والثورة هي الخيار الوحيد للخلاص من هذا النظام الذيلي الذي ينهب ويقتل ويفقر الناس من أجل إرضاء أسياده، الذين يباركون تدفق النفط وانهيار الصناعة والزراعة ورفع سعر الدولار، وبالفعل فقد استطاعت انتفاضة أكتوبر ان تعيد الثقة للجماهير في قدرتها التغيير.

ان كل مطبل للمشاركة مع القتلة واللصوص وعملاء الخارج في الانتخابات انما هو مجرد انتهازي او غبي لا يفهم شيئا. والجيد في الأمر أن أغلب الناس مع مقاطعة هذه العملية المقيتة لكنهم بحاجة لتطوير هذا الموقف إلى عمل سياسي منظم بعيدا عن وهم الانتخابات وقدرتها على التغيير.