صور بالأبيض والأسود في كابول


حسن مدن
2021 / 7 / 12 - 22:32     

ست أو سبع صور بالأسود والأبيض منشورة على موقع «دي. دبليو» التقطت في كابول عاصمة أفغانستان بين ستينات وثمانينات القرن العشرين، ينطبق عليها القول أو الوصف: «أين كانت وأين أصبحت». وحكماً من الفترات الزمنية التي التقطت فيها الصور، فإن بعضها يعود إلى العهد الملكي، والبعض الآخر الملتقط في الثمانينات يعود إلى الحقبة التي حكم فيها اليساريون البلد، بدعم سوفييتي، بعد الإطاحة بالملكية.
إحدى الصور تظهر طالبتين في كلية الطب بجامعة كابول في العام 1962، ومظهرهما يذكّرنا بصور طالباتنا العربيات في كليّات مشابهة في القاهرة ودمشق وبغداد وغيرها في الفترة نفسها، حيث ينمّ مظهرهما عن الأناقة والتفتح، وصورة أخرى تظهر امرأتين بثياب غربيّة تخرجان من استوديو راديو كابول، فيما منعت «طالبان» عندما حكمت البلد النساء من الخروج إلى الشارع بدون ارتداء البرقع، وحرمت المرأة من التعليم في الجامعة، واستمرّ الوضع إلى أن سقط حكمها أول مرة بعد دخول قوات «الناتو» إلى أفغانستان.
إحدى الصور الملتقطة في الثمانينات تظهر مدرّسة روسية تعلّم طلاباً وطالبات في المعهد التقني لتقنية المعلومات، فيما تظهر صورة أخرى طلاباً وطالبات مجتمعين معاً بالجامعة في العام 1981.
هاهي «طالبان» تعود إلى السلطة، ويجمع المحللون على أنّ استيلاءها على العاصمة نفسها سيتمّ خلال أشهر قليلة، بعد أن غادرت قوات «الناتو» البلاد، بعد عشرين عاماً من وجودها فيها، وبعد مفاوضات أمريكية معها دامت نحو عامين في الدوحة، لم يكن خلالها الفريقان يتفاوضان على أمر الانسحاب نفسه، فأمره محسوم، وإنما على ما بعده، ولسنا بحاجة إلى الكثير من النباهة كي ندرك أن مسألة إعادة السلطة لطالبان كانت هي الأخرى محسومة، شريطة مراعاة المصالح الأمريكية والغربية، أي لقاء تحوّلها من «عدوّ» إلى «حليف»، وما الغرابة في ذلك؟ أليست «طالبان» هي، في الأصل، «صناعة غربيّة»، قبل أن ينقلب السحر على الساحر.
عشرون عاماً مكث الأمريكان وحلفاؤهم في أفغانستان، لم يفتحوا مدارس أو جامعات تحرر الأذهان من التطرف والتعصب. لم يبنوا مستشفيات ولا مراكز صحية ويُنشئوا خدمات، وهاهم يغادرونها ليعيدوا إلى الحكم السحر الذي انقلب عليهم، بعد أن روّضوه، ليوجه مخالبه هذه المرة إلى خصومهم، والأمور تُعرف بمقدّماتها التي بتنا نراها.