مُناورات الرمح الثُلاثيُ الشِعّبْ .. الناتو والحرب القادمة .. النرويج تستضيف صَفارة الإنذار ..


عصام محمد جميل مروة
2021 / 7 / 8 - 15:55     

كان اكبر صقور الماكينة والآلة العسكرية منذ عقود ايام حرب فيتنام وصولاً الى اليوم " دونالد رامسفيلد " وزير الدفاع الاسبق الامريكي الذي صرح مراراً اثناء إنعقاد مناورات حلف شمالي الاطلسي الناتو .ها هو رامسفيلد يُعلن ، اثناء قمة لحلف الناتو في بروكسيل في تلك الفترة بالذات (( لم يعد التحالف يستطيع انتظار أدلة قطعية ليتحرك في وجه الزمر الإرهابية او الدول ( ذات التهديد ) والتي في حوزتها اسلحة كيميائية ، وجرثومية ، او نووية …)). اما الناتو ببرودته البيروقراطية المعهودة ، فعجّل في الجواب على لسان امينه العام (( لن نسعى في الارض بحثاً عن مشاكل نحلّها )).
مات دونالد رامسفيلد منذ ايام و الغطرسة الإرهابية في افكارهِ تحدى كل من يقف بوجه امريكا وحلفاؤها الى اخر المدى !؟.
لم يأتي مصادفة او من فراغ الإعلان الاخير من مقر قيادة حلف الناتو في بروكسيل العاصمة البلجيكية التي تتخذها الدول التسعة والعشرين مركزاً مهماً للحلف الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية .وكانت الدول الأوروبية الغربية وكبرياتها قد جرت على اراضيها اعنف الحروب العصرية .مما دفع معظمها ان تكون مستعدة الى مواجهة الاخطار التي قد تعصف في القارة الأوروبية وان الخوف الاول والأخير كان من الاتحاد السوفييتي السابق أنذاك .والان روسيا الحالية.
لماذا اعلن الامين العام لحلف الناتو ""ينس ستولتنبرغ "" وهو كان رئيس الوزراء النرويجي الأسبق ، وأمين عام حزب العمال النرويجي .حيث لَهُ خبرةً ونظرةً طويلة المدى في معرفة الخبايا والزوايا المرعبة التي تمرُ بها القارة الأوروبية نتيجة الانقسامات الجغرافية وسيطرة روسيا على خطوط وامدادات انابيب الغاز في شبه جزيرة "القرم " التي احتلتها روسيا سنة "2014"
مما اثارت الشكوك والهلع والخوف من تمادى القوات الروسية في إحكامها على الأجواء الأوروبية بعد نشر الصواريخ الطويلة المدى والتي قد يصل مداها الى عواصم ، كل من باريس ،وبرلين ولندن .
خمسون الفاً . من الجنود الذين تم إستدعائهم الى العاصمة النروجية اوسلو ، والمدن الشمالية في مملكة النرويج التي تربطها حدود جغرافية طويلة مع روسيا بمسافة "197 - كلم" ، كانت هي الأساس في الدعوة الى جنود الحلف الأطلسي لكى تدور على أراضي النرويج الصورة المنتظرة للحرب القادمة .إذا ما وقعت .كما ان المشاركة النروجية الفعالة والقوية على اراضيها مما دفع "" الملك النروجي هارالد- ووليّ العهد هاكون "" ان يكونا الى جانب القوات المسلحة في الاستعداد للمواجهة المرتقبة.
كما ان الوجود الكثيف للقوات الامريكية في قوة قوامها "14000"جندي من قوات المارينز والطائرات والمدمرات والغواصات الى جانب حاملة الطائرات والسلاح النووى البارجة "يو اس اس هارى اس ترومان "، الى جانب تحليق الطيران الحربي ومرور أرتال من المدرعات والسيارات العسكرية على الطرقات الواسعة والفسيحة إبتداءًا. من مطار اوسلو "غاردرمون" وصولاً الى المدن المتعددة في شمال النرويج حيث هناك الثكنات ومراكز ومواقع عسكرية كانت تستخدمها النرويج منذ عقود في التخزين للأسلحة وللإنتاج الحربي،
بعد كل تلك الأشارات التي لم يتعرف عليها المجتمع النرويجي الا إنها الساحات تشير الى معالم حرب بلا ضحايا، بلا دماء، لكنها المناورات قد تبدو للوهلة الاولى للناظر اليها كأننا في أتون حرب جادة لا محالة قادمة ؟ مع المجموعات الاخرى التي كانت بدأت رحلة إستقدامها منذ الصيف الماضي.
علماً ان المناورات هي الأعنف والاشرس في تاريخ حلف الناتو ،أتت بعد المناورات والتهديدات الروسية اثناء إعلان حلف روسيا والصين عن إجراء المناورات في إطلاق صواريخ باليستيلية طويلة المدى ، كان لها صدى مرعب لدى جيران روسيا ومنهم البلدان الإسكندنافية ، في فنلندا ، والسويد اللتين ليس لهما عضوية في الناتو ! لكنهما قدما إعتراضاً على خرق قوات روسيا الأجواء للبلدين مما حذا بهما ان يقدما التسهيلات اللوجستية لحلف الناتو وإستخدام أراضيهما كرد سريع لردع المناورات الروسية الصينية المشتركة،ان الثوابت والروابط بين جميع بلدان حلف شمال الأطلسي إتخذت قرارات مؤخراً لها دلائل تشير الى وقوع الحرب لا محالة .بينما يدعو الرئيس الامريكي دونالد ترامب الى تشكيل نواة من خيرة الخبراء في العالم الى التجمع ضد "حلف الشر " الذي تتزعمهُ روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية.برغم التقارب في وجهات النظر والقمم التي عُقِدَت في مطلع وربيع الصيف الماضي ، "" بين بوتين وترامب ومع الرئيس الكوري الشمالي كيم جون اون "" . إلا ان ترامب لديه دراية ومعرفة قصوى في اهمية حاجة العالم الى قوة رادعة مدعومة من اكبر الدول المنتجة والصناعية في اوروبا وأمريكا وأستراليا وعلى مشارف حدود اسيا واليابان،
الى جانب ذلك لم تمضي شهور عدة على دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى كل من ألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال وبلجيكا وسويسرا الى الإسراع في تشكيل جيش قوامه (( مئات الألاف من الجنود والضباط )) ، في وضع إستراتيجية دفاعية مشتركة من اجل لجم طموح وطمع روسيا في بلاد الإتحاد الاوروبي الذي يُشكلُ العصب الحيوي والاقتصادي في اوروبا ومدى تأثيرهُ على العالم اجمع .
وتاتي دعوة ماكرون كذلك بمثابة إشارة الى قادة حلف الناتو بإن في حال إحتاجت اوروبا ان تدافع عن بلدانها دون امريكا بإستطاعتها ان تغوص غمار الحرب والسلم مع اعدائها دون الشروط الامريكية.
إن الإنذارات المبكرة للصافرات المدوية في الأجواء الأوروبية مع المناورات التي تحمل اسم الرمح الثلاثي الشِعّب كأنهُ حِراب رؤوسها مبللة بالدماء،
عصام محمد جميل مروة ..