الحزب الدستوري الحر


فريد العليبي
2021 / 7 / 7 - 00:50     

فريد العليبي : لقاء صحفي
حاورته : سناء عدوني .
ماهي حقيقة الأزمة داخل الحزب الدستوري الحر؟
يعيش الحزب الدستوري الحر أزمة منذ مدة طرفاها شق رئيسته عبير موسي من جهة وشق أمينه العام حاتم العماري من جهة ثانية ، فالحزب أسسه في الأصل رئيس حكومة بن على لسنوات طويلة حامد القروي ، وسرعان ما برزت فيه تناقضات وتعارضات ، علما أن الشق الثاني يوجد عمليا خارج الحزب منذ سنوات فقد تم طرد عناصره منه وجرى عرض الخلاف على القضاء ، وجوهر الأزمة السيطرة على المواقع القيادية فيه عشية مؤتمره في أوت القادم وعلى ضوء تنامي حظوظه الانتخابية ، و يتعلق الأمر بأزمة حقيقية الغالب فيها البحث عن منافع يمكن أن يدرها توليه السلطة غداة الانتخابات القادمة.
هل ترى أن غضب بعض الدساترة من عبير ورفضهم لها نابع من شخصيتها التي توصف بالمتسلطة والمحتكرة للرأي ونزوعها الى الزعامة ضد حزب النهضة؟
من المرجح أن الأمر لا يتعلق رئيسيا بهذا السبب فالصراعات كما ذكرت هي حول منافع قادمة ومن سيفوز بها بل يبدو أن تلك المنافع موجودة اليوم أيضا فالحزب المذكور يلقى دعما متعدد الأشكال داخليا وخارجيا .
هل يمكن أن تكون هذه الأزمات مفتعلة بدافع من محمد الغرياني ومن ورائه راشد الغنوشي لإضعاف الحزب؟
الازمة حقيقية وليست مفتعلة كما ذكرت ولكنها تستثمر من قبل أعداء الحزب وخاصة حركة النهضة التي تفزعها شعبيته والدعم الذي يلقاه من قوى خارجية بما يهدد فعليا بان يكون بديلا لها في الحكم ورئيس الحركة راشد الغنوشي يحرك خيوط لعبة ذلك الاستثمار مُغدقا العطايا والهدايا على بعض القيادات الدستورية القديمة مثل الغرياني حتى تؤدي وظيفتها في شق صفوف الحزب بل وتصفيته من خلال استمالة المطرودين منه.
هل ترى ان الدستوري الحر يمكن أن يمثل خطرا على النهضة ويمثل منافسا جديا لها؟
نعم هذا مؤكد فهناك جزء من الشعب يحن الى حكم الدساترة وهو غاضب من الإسلام السياسي الذي أغرق البلاد في الأزمات وخاصة الاجتماعية منها فما ثار التونسيون لأجله لم يتحقق بينما انتفع الغنوشي وجماعته من ثروات البلاد .
كيف ترى المشهد السياسي وفق جدلية الصراع بين النهضة والدستوري الحر هل يمكن أن يخلق ذلك استقطابا ثنائيا يعيد تونس إلى مربع الاختيار ما بني نقيضين ؟
الاستقطاب الثنائي في تونس قديم ويعود الى أواخر حكم بورقيبة فقد ساعد حزب الدستور على نشأة الإسلام السياسي لقطع الطريق على اليسار الصاعد وقتها حتى أنه طبع مجلاته وجرائده في مطبعته ولكنه عندما اشتد ساعده تمرد عليه وتم توظيفه من قبل قوى خارجية ليكون بديلا لحزب الدستور وهو ما تحقق فعليا سنة 2011 واليوم تلاحظ القوى الخارجية التي استعملته أنه يضعف من مرور الأيام ولم يعد ورقة رابحة ومن هنا تتجه أنظارها الى الحزب الدستوري الحر ، تحركها في ذلك استراتيجيا تقوم على إبقاء السياسة التونسية ضمن دائرة المراوحة بين حزبين يتنافسان على إسداء الخدمات لها ، علما أن التناقضات بينهما ثانوية فهما ضمن المنظومة الطبقية نفسها وتوحدهما البرامج الاقتصادية والاجتماعية والعلاقة بقوى خارجية .
كيف تفسر حالة الجمود داخل الأحزاب الوسطية هل ترى أن ذلك خدم صعود حزب عبير على حساب الأحزاب الوسطية الأخرى ؟
الأحزاب الرسمية في تونس مرتبطة بالخارج غالبا وتسمد قوتها من رضاه عنها والأحزاب الوسطية لا موقع لها اليوم في استراتيجيا الهيمنة الخارجية على السياسة التونسية فالأمر يتعلق بتغذية الاستقطاب الثنائي على أن يتداول على السلطة حزبان رئيسيان يمثل أحدها الدستور الذي كان في وقت قريب ممثلا في نداء تونس والان يمثله الحزب الدستوري الحر من جهة أما الثاني فهو الإسلام السياسي وتمثله حركة النهضة ومن هنا فإن صعود حزب عبير موسى لا علاقة له بضعف الأحزاب الوسطية وانما باستراتيجية خارجية فالعامل الخارجي يلعب دورا محوريا في ضبط إيقاع السياسة التونسية .
ما تأثير العنف في القرار الانتخابي التونسي بعد تضرر عبير موسي منه ؟
تدير عبير موسي معركتها الإعلامية بنجاح لافت للنظر حتى الآن ، مستغلة وسائل التوصل الاجتماعي عبر بث مباشر لما يجرى تحت قبة البرلمان فهى تقول لعموم الناس : أنظروا ماذا يحدث فهذا البرلمان لا يمثلكم وانما هو مؤسسة يسيطر عليها الإسلام السياسي خدمة لأهدافه وأنا سأنقذكم منه ولو قدمت حياتي ثمنا لذلك، وعندما يرد بعض النواب الإسلاميين الفعل بتعنيفها تمعن في التحدي ، حتى أنها ارتدت كسوة عسكرية خلال احدى المسيرات ، ابرازا لقوة عزيمتها وشجاعتها واستبسالها في الدفاع عن مواقفها ، وهذا يجلب لها المزيد من الشعبية ، غير أن هذا لن يستمر طويلا فهى تغامر بخسران شعبيتها لإغراقها في خطاب المظلومية وتنبه جزء من التونسيين يتزايد عدده باستمرار الى أن التناقض بين الدساترة والإسلام السياسي لا مصلحة لهم فيه، وأن التناقض الرئيسي هو بين المنظومة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية السائدة بأكملها من جهة والشعب من جهة ثانية ، وهذا القسم هو الذي يمثل حزب المقاطعة الذى لم يصوت في الانتخابات التشريعية والبلدية وتصل نسبته الى ثلثي المقترعين المفترضين وهو ما تشير اليه مؤسسات سبر الآراء، وهو أيضا الذي عبر عن نفسه من خلال الاحتجاجات الاجتماعية التي لم تتوقف طيلة السنوات العشر الماضية ، غير أنه يفتقر الى التنظيم و القيادة والخطط الاستراتيجية والتكتيكية وهذا سر ضعفه .