مقرفة حدّ الغثيان هي كامل - سياسة الهويّة - و سياسة - المتيقّظين - - الثورة و التحرّر و ليس الإصلاحات و الثأر السخيفين : عن الحركات و المبادئ و المناهج و الوسائل و الغايات


شادي الشماوي
2021 / 7 / 5 - 02:38     

مقرفة حدّ الغثيان هي كامل " سياسة الهويّة " و سياسة " المتيقّظين "
الثورة و التحرّر و ليس الإصلاحات و الثأر السخيفين : عن الحركات و المبادئ و المناهج و الوسائل و الغايات
بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 705 ، 24 جوان 2021
https://revcom.us/a/705/bob-avakian-revolution-and-emancipation-not-petty-reform-and-revenge-en.html

ضد الغاية " تبرّر " الوسيلة – يجب على الغاية ان تحدّد الوسيلة

بالمعنى الاجتماعي و السياسي ، الحركات تشمل أناسا ينشطون سويّة من أجل أهداف معيّنة . و الحركات الإجتماعيّة و السياسيّة الإيجابيّة تعبّأ الجماهير الشعبيّة في النضال ضد السياسات و التصرّفات الإضطهاديّة و الإجرامّة حكوميّة و ضد العلاقات الإجتماعيّة الإضطهاديّة ( مثل تفوّق البيض و التفوّق الذكوريّ ) و ضد المؤسّسات و الثقافة التي تجسّدها و تشجّعها و تفرضها . فعلى سبيل المثال ، في السنوات الحدثة ، وُجدت حركات قويّة ضد العنصريّة المؤسّساتيّة و إرهاب الشرطة ، في هذه البلاد و عبر العالم . و في عديد البلدان ، وجدت إحتجاجات جماهيريّة ضد الإعتداءات الجنسيّة و إضطهادات و إهانات فظيعة أخرى للنساء بما فيها هجمات على حقّ الإجهاض . و قبل بضعة سنوات ، لمّا كان التصرّف الجنسيّ المفترس لوقت طويل لهارفي وانشتاين يفضح بقوّة و ما كان بإمكانهم إنكار ذلك ، كتبت التالي :
" إنّ ظاهرة الهرسلة الجنسيّة و الهجمات الجنسيّة بما فيها ( و ليس حصرا ) الإعتداءات الجنسيّة على النساء من طرف رجال يحتلّون مواقع نفوذ عليهنّ ، ظاهرة ممتدّة في القدم و مستشرية عبر مجتمع التفوّق الذكوري هذا تعزّزه هذه الثقافة المنحطّة التي فرّخها . الإحتجاجات الغاضبة ضد الإعتداءات الجنسيّة و كافة الأماكن المشتركة المؤسّساتيّة الكثيرة للتغطية على ذلك و التواطؤ معه ، و من أجل المطالبة بتغيير جذريّ في الثقافة – ما أحدث قفزة كبرى في علاقة بالإتهامات الموجّهة ضد هارفي وانشتاين و إنتشر لى ابعد من ذلك ، ما جعل ملايين النساء في المجال تلو المجال عبر هذه البلاد و في بلدان أخرى أيضا تشارك في التحرّكات – الإحتجاجات الغاضبة إيّاها عادلة و شرعيّة و مطلوبة منذ مدّة طويلة و يجب مساندتها و تشجيعها و نشرها و الدفاع عنها ضد الهجمات المضادة عليها . (1)
و في الوقت نفسه :
" هذه الإحتجاجات الغاضبة التي لطالما قُمعت ليست شبيهة بأيّة تهمة خاصة . فمثل هذه التهم الخاصة ينبغي مقاربتها على أساس تقييم علميّ للأدلّة و هذا مهمّة بوجه خاص حين لا تشمل هذه التهم فقط زعما بسوء سلوك بل عملا إجراميّا فعليّا ، كالإغتصاب و غيره من الإعتداءات الجنسيّة . لكن هذا الفرق بين التهم الخاصة و الظاهرة العامة ، لا ينبغي السماح له بأن يحجب أو يقلّص من شرعيّة و أهمّية النهوض الجماهيري ضد هذه التجاوزات المستشرية و العميقة الجذور و الجراح الخطيرة التي يتسبّب فيها للنساء و للإنسانيّة ككلّ . (2)
لسوء الحظّ ، مع ذلك ، كما تطوّرت الأشياء بالخصوص في هذه البلاد ن الغضب الشرعيّ الذى تفجّر حول هذا لم يتّخذ أساسا شكل حركة تعبّأ الجماهير الشعبيّة في نضال ضد الإضطهاد الرهيب للنساء و المؤسّسات و الثقافة التي تجسّد ذلك و تشجّع عليه و تفرضه . ( و كمظهر من المظاهر المثيرة أنّه بينما هناك حاجة ملحّة إلى تعبأة جماهيريّة و إلى النزول إلى الشوارع في حركة مقاومة قويّة للهجمات المتصاعدة ضد حقّ الإجهاض ، برزت بغيابها هكذا مقاومة جماهيريّة ). و بدلا من ذلك ، مع " أنا أيضا " ، ما عناه ذلك ( أو ما تحوّل إليه ) ليس كثيرا " حركة " و إنّما تعاقب مستمرّ لإصدار تهم موجّهة أساسا ضد أشخاص حيث غالبا ما يكون ( أو يصبح ) الهدف " منع " الشخص ( أو الأشخاص ) المتّهمين ، دون أي نوع من التقييم العلميّ للأدلّة .
و المسائل التي أفرزت " أنا أيضا " بشكل واضح ذات أهمّية كبرى ولا شكّ في أنّ عديد التهم الصادرة بهذا الصدد صحيحة. و مثلما شدّد على ذلك مقال هام على موقع جريدة " الثورة " على الأنترنت revcom.us :
إنّه لظاهرة حقيقيّة جدّا و إعتداء مرير أن يقع إغتصاب عدّة نساء و التهجّم عليهنّ جنسيّا و تاليا يقع تخويف المعتدى عليهنّ أو بطريقة أخرى يقع منعهنّ من التقدّم أو المتابعة القانونيّة لذلك . و يحتاج هذا إلى أن نعارضه و نقالته بصرامة ." (3)
لكن مجدّدا ،
" مهما كان هذا فظيعا ، و إن كان هجوما آخر على هذه النساء و على النساء عامة ، فإنّه لا يساوى قول و لا ينبغي أن يؤدّي إلى مقاربة تقول إنّ كلّ تهمة بالإغتصاب أو بالهجوم الجنسيّ آليّا ( أو تقريبا بالتأكيد ) صحيحة – و لا حتّى أنّه إن وُجد عديد الناس الذين يوجّهون التهم ذاتها ، بالتالى هذه التهم صحيحة ( لقد وُجدت أكثر من بضعة أمثلة حيث تبيّن أنّ عدّة تهم ضد شخص جانبت الحقيقة ). ما هو صحيح ينبغي أن تحدّده مقاربة علميّة تعوّل على الأدلّة و التحليل و الخلاصة السليمين لما تشير إليه الأدلّة ككلّ . التهم نوع من الأدلّة – كما هو حال إنكار التهم – غير أنّ التهم بذاتها و في حدّ ذاتها لا تمثّل أساسا كافيا لإستخلاص إستنتاجات محدّدة . (4)
لذا كيف نجيب على هذا ؟ الطريقة الأفضل و الأعدل للتعاطى مع هذا ، طالما لا نزال نعيش في ظلّ هذا النظام ، هي بناء نضال جماهيريّ ل
" إنشاء نوع من الجوّ العام في المجتمع ككلّ و في مختلف المؤسّسات و أنحاء المجتمع يجعل من الصعب أكثر بكثير القيام بالإغتصاب و الهجوم الجنسيّ و يشجّع النساء و يدعمهنّ في مقاومتهنّ لهذا و في التقدّم لإثارة المسألة و البحث عن العدالة حين يتمّ ذلك ، بينما في الوقت نفسه يجرى التشديد على مقاربة صريحة للتعاطى مع المسألة في علاقة بتهم الإغتصاب و الهجوم الجنسيّ و التهم بالجرائم و الإعتداءات عامة ، من خلال سيرورة تعتمد على المنهج و المقاربة العلميّين و حيث نوع " المحاكمة عبر وسائل الإعلام " و " طغيان وسائل الإعلام " الرائجين جدّا هذه الأيّام ، و الجوّ العام المسموم جدّا الذى يخلقه ذلك و يُعزّزه ، يقع نبذهما و فضحهما ". (5)
إنّ الفضح المستمرّ و المعارضة الجماهيريّة لمثل هذه الفظائع كالإضطهاد الجندريّ و العنصريّ شيء نحتاجه غاية الحاجة وهو في منتهى الأهمّية ، لكن " ثقافة المنع " التي غالبا ما ترافق هذا هي بالتأكيد تيّار مضاد سلبيّ هو عامة تعبير عن ضيق الأفق و النفاق المميّزين للبرجوازية الصغيرة ،
" المتميّز بسخط ( حقيقيّ أو مصطنع و بحسب الزيّ المتعارف عليه ) أحيانا إزاء الظلم الاجتماعي و في الوقت نفسه بإستبعاد أو نبذ كلّي لأيّة محاولة حقيقيّة لإيجاد مجتمع عادل حقّا ، و هذا غالبا ما يكون مشكّلا و مدارا من طرف القوى البرجوازية الحاكمة – إلى منتهى التزمّت منفصلا عن و معارضا للمنهج و المقاربة العقلانيّين و العلميّين. و يزداد هذا سوءا بدرجة كبيرة بفعل التأثير القويّ لمنتهى الرديّة المروّج له عبر هذا المجتمع ، بمكوّنه السام للبحث بلا توقّف عن " تمزيق " الآخرين ( الذى بات " رياضة قوميّة خبيثة " ). (6)
و هنا نرى أساس المشكل الذى اشرت إليه عند الحديث عن " ثقافة المنع " فى مقال " الجنون الفاشيّ و الحماقة البالغة ل" جماعة المتيقّظين " : صنف جديد من " القوّتين اللتين فات أوانهما " :
" و ضمن أشياء أخرى ، " ثقافة المنع " بإستهدافها في المصاف الأوّل الأشخاص ، هي مقاربة تنحو نحو تجاهل و الحطّ من قيمة و تخفق في القتال الفعليّ ضد المؤسّسات و كامل النظام الذين يمثّلان الجذور و المصدر الأعمقين لهذه التجاوزات. و نادرا ما ، إن حصل ذلك أبدا ، تهدف هذه المقاربة إلى " منع " النظام برمّته ! " (7)
و فضلا عن ذلك ، منع الناس هذا :
" يصبح هذا حتّى أسوأ بفعل أنّه عادة ما يوسّع عبر " محاكمة وسائل الإعلام و وسائط التواصل الاجتماعي " ، بدون أي أفق و لا حتّى أي إدّعاء بسيرورة ضروريّة أو أيّة محاولة حقيقيّة لبلوغ الحقيقة ؛ و يتغذّى هذا بمفهوم خطير عن أنّ مجرّد إدّعاء كافى لإدانة شخص و جعله منبوذا بصفة مستمرّة ، ويتميّز هذا برفض تطبيق أيّة إجراءات تنسيبيّة للفرز بين أنواع و درجات مختلفة من التصرّفات الخاطئة ." (8)
صحيح أنّ الشخاص الذين يعلنون عن أحداث إعتداءات جنسيّة أو غيرها يمكن أن يشجّعوا بعملهم هذا آخرين على القيام بالشيء نفسه و يمكن أن يفضي ذلك إلى وضع حيث " ينهار السدّ " و امل الظاهرة الإجتماعيّة الأوسع لمثل هذه الإعتداءات تفرض بلوغها الوعي العام ، حيث كانت فعلا أو بصفة واسعة مقموعة . و يمكن لهذا أن يُساهم في إحتجاجات و نضالات جماهيريّة ضد مثل هذه الإعتداءات لكن مجدّدا ، لا يعنى ذلك أنّه من المبرّر أو أنّه سيؤدّى على نتيجة إيجابيّة ، أن ندوس على المبادئ و المناهج الأساسيّة في مقاربة تهم إعتداءات خاصة ، حتّى و إن جرى القيام بذلك باسم المصلحة الإجتماعيّة الأوسع . و التركيز على الأفراد كمقاربة عامة – و بفكرة الثأر في الغالب الأعمّ – يحوّلون إلى أهداف فتداس المبادئ و المناهج الأساسيّة ، لا يمكنه إلاّ أن يؤدّى إلى الإبتعاد عن الواقع الراهن .
ما نحتاجه هو الجماهير الشعبيّة التي تركّز أساسا و تُوجّه النضال ضد " المؤسّسات و كامل النظام اللذان يمثّلان المصدر و الجذور الأعمق " لهذه الإعتداءات . و هناك أهمّية كبرى لتوحيد كلّ من مكن توحيدهم في هذه النضالات ، و عامة في النضال ضد الظلم و الإضطهاد . الصراع الإيديولوجي المبدئيّ حول الأسباب الأعمق لهذه الإعتداءات التي نناضل ضدّها و توجّه النضال الذى يجب شنّه ، أمر ضروري و هام . إلاّ أنّ هذا يختلف عن وهو مباشرة في تعارض مع ضيق الأفق التافه و الإنعزاليّة – بما فيها " سلعنة اليقظة " للنضال بمفاهيم " ملكيّة " حركة و تقسيم الذين يتعيّن أن يتوحّدوا في النضال إلى أصناف من " السلع " : أولئك الذين لديهم الحقّ المفترض في " ملكيّة " حركة و يقرّرون توجّهها و الذين ، في الناحية الخرى ، يتمّ تقليصهم إلى " حلفاء " أتباع لهؤلاء " المالكين " . ( و من البارز كيف أنّ الكثير من العلاقات السلعيّة الراسماليّة و " التجاريّة " قد طغت على " الثقافة الشعبيّة " ، بتعبيرات عن " ملكيّة " هذا أو ذاك المكان المشترك على نحو مدهش ؛ و طريقة التفكير هذه لها أيضا تأثير له دلالته في ثقافة " اليقظة " و الحركات المدّعية معارضة الإضطهاد ). و لا تبحث هذه المقاربة الضيّقة عن كسر الحدود الإضطهاديّة و الخانقة لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي بل تجتهد بدلا من ذلك من أجل الحصول على " موقع أفضل " ضمن هذا النظام ، ما يتسبّب في قدر كبير من العذابات الرهيبة و غير الضروريّة لجماهير الإنسانيّة .
و من المدهش أيضا أنّ عددا كبيرا من الناس " المتيقّظين " لا يفضحون و لا يندّدون بواقع أنّ هذا البلد الذى يعيشون فيه ( " الولايات المتّحدة منبع الخير " ) كان لأزيد من قرن تقريبا ، أكبر قوّة إمبرياليّة إضطهاديّة في العالم و أكبر مدمّر للبيئة و أكبر من ألحق الضرر بالإنسانيّة . كم مرّة في كامل خطاب " اليقظة " عن " الإمتيازات " ، يجرى التنديد بالإمتياز الأمريكي و يجرى نبذه - التفوق الأمريكي و الشوفينيّة الأمريكيّة ؟ كم مرّة ، صدر موقف واضح قطعيّا بوجوب معارضة الإمبريالية الأمريكية معارضة صارمة في مساعيها للحفاظ على موقعها كمضطهِد رقم واحد عالميّا و بأنّه ليست للجماهير الشعبيّة في هذه البلاد أيّة مصلحة و رهان في نزاع الإمبرياليّة الأمريكيّة مع الصين التي هي بحدّ ذاتها قوّ’ رأسماليّة – إمبرياليّة صاعدة ؟ كم مرّة وقعت محاسبة بشأن واقع تقاسم الناس في هذه البلاد – حتّى و إن كان ذلك بصفة غير متساوية – " الغنائم " المتأتّية من النهب الإمبريالي الأمريكي لشعوب العالم و منها لجماهير الأطفال ؟ كم مرّة ، تمّ التعبير عن توجّه و تمّ التصريح بأنّه سيكون من الأفضل العيش دون تلك " الغنائم " – بالتخلّص من الإمبرياليّة الأمريكيّة و النضال اليد في اليد مع الشعوب عبر العالم قاطبة للتخلّص من كلّ الإمبريالية و كلّ علاقات الإستغلال و الإضطهاد و كلّ نهب الشعوب و كلّ نهب البيئة أيضا ؟
قليلة جدّا هي تلك المرّات .
و في تعارض مع مفاهيم " الملكيّة " في ما يتّصل بالحركات الجماهيريّة ، في حين نحتاج إلى التشديد بقوّة على كامل التاريخ و الواقع الراهن للإضطهاد الرهيب و تجربة المتعرّضين مباشرة إلى هكذا إضطهاد ، إن كان الهدف فعلا هو إلغاء الإضطهاد و إجتثاثه ، المعيار الذى ينبغي تطبيقه على أفكار كلّ فرد ( أو كلّ مجموعة ) و مقترحاته هو تناسبها مع الواقع الموضوعيّ – و على وجه الضبط طبيعة مشكل خاص ( أو شكل خاص من الإضطهاد ) الذى يقف ضدّه الناس ، و مصدره و سببه ، و كيف يرتبط بالمشكل الجوهريّ ( النظام برمّته ) و كيف نعالج معالجة صحيحة العلاقة بين الأكثر خصوصيّة و الجوهريّ ، لأجل التقدّم نحو بلوغ الحلّ الفعليّ . ( و لا ، الواقع الموضوعي ليس " تركيبا " تفوّقيّا ذكوريّا – إنّما هو ... واقع موضوعيّ ).
بهذا الصدد ،
" من المفيد للغاية الإحالة على موقف للينين الذى قال إنّ كافة الذين يقاربون الثورة بهذا التوجّه – " جرّبوا حظّهم ، و الآن دورى لأجرّب حظّى" - كافة الذين يقاربون الثورة على هذا النحو يفعلون ذلك من وجهة نظر البرجوازية الصغيرة . و من العسير أن يحتاج هذا إلى قول إنّ مقاربة البرجوازية الصغيرة لن تؤدّي إلى بلوغ " الكلّ الأربعة " و تحرير الإنسانيّة ." (9)
( و " الكلّ الأربعة " صيغة تحيل على موقف لماركس مفاده أنّ الثورة الشيوعيّة تهدف إلى إلغاء كافة الإختلافات الطبقيّة، و كافة علاقات الإنتاج التى تقوم عليها هذه الإختلافات ، و كلّ العلاقات الإجتماعيذة المتناسبة مع علاقات الإنتاج هذه ، و تثوير كلّ الفكار المتناسبة مع هذه العلاقات الإجتماعيّة . و هذا في آن معا تعبير مكثّف و شامل لواقع أنّ هذه الثورة تهدف إلى القضاء و الإجتثاث التامّين لكلّ علاقات الإستغلال و الإضطهاد و المؤسّسات التي تفرضها ، على جانب التغيير الراديكالي للثقافة و طرق التفكير التي تنجم عن و تعزّز هذه العلاقات المتناقضة عدائيّا في صفوف البشر .)
وطبعا ، تنسحب الرؤية الثاقبة الهامة للينين على الناس الذين ليسوا حتّى يناضلون من أجل ثورة حقيقيّة لوضع نهاية لكامل هذا النظام بل " يعملون من أجل إصلاحات تافهة لا معنى لها و يبحثون عن تمويلات لأنفسهم و عن مواقع داخل هياكل هذا النظام " .( 10)
مقاربة علميّة و ليس ردود أفعال " عشوائيّة " و ذاتية و سفسطة
و إليكم أمرا آخر يعدّ مبدأ جوهريّا :
" و يجب قول – و لا يمكن المبالغة في التشديد على ذلك – إنّ في عالم اليوم ، لا يمكن أن يوجد مجتمع عادل دون حكم القانون ؛ و لا يمكن أن يوجد حكم القانون دون سيرورة قانونيّة ضروريّة ؛ و لا يمكن أن توجد سيرورة قانونيّة ضروريّة دون إفتراض البراءة ( و هذا الإفتراض للبراءة ينبغي أن يكون حقيقيّا – و ليس خدعة ، كما هو الحال في هذا المجتمع )."
لهذا وقع التشديد كثيرا على هذه المبادئ في الشيوعيّة الجديدة ، بما فيها ذلك و بوجه خاص في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " الذى ألّفته .
و ينبغي كذلك قول إنّه لا يمكن أن توجد عدالة و ينشأ ضرر كبير حيث يجرى التعاطى مع " المحاكمة في وسائل الإعلام و شبكات التواصل الإجتماعيّة " على أنّه يساوى أو يعوّض سيرورة المحاكمة اللازمة – و هذا كذلك بالخصوص حينما تكون المعنيّة هي التهم الموجّهة ليس إلى ممثّلى سلطة الدولة ، كالشرطة ، بل ضد " أناس عاديّين " حتّى الأثرياء منهم و / أو البارزين . " (11)
و مع ذلك ، " المحاكمة في وسائل الإعلام و شبكات التواصل الإجتماعيّة " بدلا من السيرورة اللازمة و دوس المبدأ الهام بأنّ الإدّعاء أو التهمة ، في حدّ ذاتهما ، لا يمّثلان في الواقع " دليلا " – و هذا غالبا جدّا ما يميّز " ثقافة المنع " . و يجد هذا تعبيره بشكل تخطيطي في وأقع انّه مع " أنا أيضا " التوجّه الذى وقع نشره و تبنّيه هو أنّه من الضروري " تصديق جميع النساء " اللواتى تقدّمن بمثل هذه التهم – ليس مجرّد أخذهنّ مأخذ الجدّ و إنّما آليذا " تصديقهنّ " . و هذه المقاربة ( أنّ التهم ، عدا عن لم يكن لها أساس من الصحّة و هي سخيفة بصفة جليّة ، يجب القبول بها على أنّها " دليل " ) قد وقع تطبيقها على نطاق واسع على الدعاوى و التهم المختلفة الأصناف .
و من الضروريّ كذلك إقامة بعض التمييز الهام – بين أنواع متباينة و درجات متباينة من التصرّفات الخاطئة ( حتّى حيث " الإدانة " تبيّنت بشكل صحيح و الأوضاع حيث يعترف المتّهم بذنبه ،من جهة ، و من الجهة الأخرى ، الأوضاع حيث ينكرون سوء التصرّف و يتمسّكون ببراءتهم . و عادة عندما ينكر المتّهم التهمة ، تتّخذ المحاكمة في وسائل الإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي ، مع " إفتراض الإدانة " ( بخاصة في شكل إعتبار التهمة نفسها " دليل " إدانة ) ، تعبيرا حتّى اشدّ تأكيدا و لاذعا أكثر .
و يدافع البعض عن " إفتراض الإدانة " في هذه الأوضاع بتطبيق سفسطة ( تفكير خاطئ و مزيّف ) تحاجج وفق الخطوط التالية : " حسنا ، يجب تطبيق سيرورة ضروريّة للقانون بما فيها إفتراض البراءة في سيرورات المحاكمة المتّصلة بتجاوز القانون ؛ لكن في مجال الحياة العامة و الرأي العام لا يجب تطبيق هذا ". و هكذا يقع تبنّى مقاربة – مباشرة و صراحة ، أو بصفة غير مباشرة و في التطبيق العمليّ – أنّ هذا المجال ( مجال الحياة العامة و الراي العام ) ، من جيّد تماما التعويل على " المحاكمة في وسائل الإعلام و وسائل التواصل الاجتماعي " و معيار أنّ مجرّد التهمة تساوي دليلا فعليّا . و عادة ما يجد هذا تعبيره في موقف أنّ للتهمة " مصداقيّة " . هنا تجرى عمليّة تلاعب ( " خفّة يد " سحريّة ) . " المصداقيّة " تعنى أساسا " قابلة للتصديق "ز و يمكن أن تكون لعديد الأشياء " مصداقيّة " إلاّ أنّ هذا لا يعنى أنّها صحيحة . و مع ذلك، بهذا المنطق ، يقع التعامل مع " المصداقيّة " على أنّها تعادل أو تعوّض تعويضا شرعيّا الحقيقة . ( و القبول بفكرة أنّ للتهم " مصداقيّة " يساوى عمليّا أنّ التهم صحيحة – و يؤدّى هذا و يُعزّز سذاجة أعمّ : إستعداد للإعتقاد في أشياء لا سيما تلك التي تنزع إلى " تأكيد " نزعات الشخص و أفكاره المسبّقة دون إمتلاك أساس سليم لتحديد ما إذا كانت أم لا صحيحة ) . و عادة ما يجد هذا التوجّه التعبير عنه كذلك في موقف " أعتقد كذا و كذا " ( شخص يعرض تهمة ) حيث يكون هكذا "إعتقاد " قريب جدّا من الإعتقاد الدينيّ - تعوّض الدلائل الفعليّة ( أو تقفز على الأدلّة التي تمضى ضد مثل هذا " الإعتقاد " ).
في الواقع ، سواء كان شيء صحيحا – و خاصة ما إذا كان إدعاءا صحيحا أم تهمة صحيحة – لا يمكن أن يتحدّد على أساس ما إذا كان بحدّ ذاته يبدو قابلا للتصديق . و مرّة أخرى : حقيقة هكذا إدّعاء أو تهمة يمكن تحديدها فحسب بالفحص العلميّ ، من خلال مراكمة الأدلّة و تقييمها و من ذلك ما نقوله و يمكن التقدّم به على أنّه أدلّة و من خلال دحض هذا الإدّعاء أو هذه التهمة .
و في حال وجود إدّعاءات جدّة بسوء سلوك و لا تطبّق سيرورات محاكمة و المعنيّ يحتلّ شيئا مثل وظيفة أو موقع المتّهم ( و كذلك سمعته ) ، أفضل ما يمكن القيام به لبلوغ الحقيقة سيعنى عادة إيجاد سيرورة ينجزها " طرف لا مصلحة له " مختصّ ( شخص أو مجموعة أشخاص لهم تدريب و تجربة مناسبين و لا " رهان " لديه و لا " ولاء ناقة و لا جمل " في الأمر ) و حيث المقاربة المطبّقة في المسائل القانونيّة تطبّق أيضا بالأساس بما فيها متطلّبات ضرورة إثبات الإدّعاء و أيّة دليل مقدّم على أنّه إثبات لذلك . ( و بطيعة الحال ن سيكون من العسير إيجاد هكذا سيرورة في الجوّ الراهن بوجه خاص ، مع ثقافة " التمزيق " السلبيّة جدّا و عدد أكبر من اللازم من الناس و منهم عدّة مشاهير و أشخاص لهم نفوذ ، يسرون إلى النأي بأنفسهم عن و يلتحقون بإدانة أناس على أساس ما هو مجرّد تهم لم يقع التدليل عليها – أو أحيانا قد وقع فعلا تفنيدها و حتّى أكثر دلالة هو أنّ شركات و مؤسّسات بارزة أخرى تجاهلت لزمن طويل و غطّت على و قمعت فضح سوء السلوك " تنزلق " في عديد المناسبات نحو مقاربة التخلّص من المتّهمين ، دون نوع السيرورة المطالب بها هنا . في كلتا المقاربتين ، المحرّك الأساسي كان ذاته : حماية " العلامة التجاريّة " و " الخطوط العليا ".)
و في بعض الأحيان ، و خاصة في غياب نوع السيرورة القائمة على المواجهة التي تحدث بشكل قانونيّ ، سيرورات المحاكم، او شيئا قريبا منها ( كلا الجانبان يقدّمان الأدلّة و يضعان موضع السؤال أدلّة الخصم ) ، يمكن أن يكون من العسير جدّا إن لم يكن من المستحيل عمليّا أن نحدّد تحيدا سليما ما إذا كانت التهمة صحيحة أو لا . و بينما من الهام للغاية وجود نضال جماهيري ضد الإضطهاد و الظلم ، واقع هو أنّه لا أساس ضمن حدود هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي لإجتثاث تام و نهائيّا للعلاقات الإضطهاديّة و الإستغلاليّة المبنيّة في أسس هذا النظام . إلاّ أنّ هذا لا يعنى أنّه من الصائب إحلال " ثقافة المنع " محلّ الحركات الجماهيريّة الفعليّة و إحلال الإنطباعات و الآراء الذاتيّة محلّ سيرورة سليمة لتحديد الحقيقة.
ما أحاجج من أجله هنا هو أيضا في تعارض مباشر مع مظهر آخر ضار للغاية ل " ثقافة المنع " :
" هناك ظاهرة ليس إستهداف و البحث عن تمزيق الأفراد و إلى جانب هذا و كجزء منه ، بالتفتيش عبر كلّ تاريخ حياة الناس ، و العودة إلى عقود سابقة – حتّى في سنوات قليلة ماضية لشخص ما – و رؤية إن أمكن إيجاد شيء يدينه و بالتالى إستبعاده عن أيّ دور إيجابي في أي شيء .
و مثلما شدّدت على ذلك ، في غير مناسبة ، متى إقترف أناس جرائم و فظائع حقيقيّة ، ينبغي محاسبتهم ، لكن هناك أيضا حاجة إلى النظر إلى مسار حياة المرء و ما هو المظهر الرئيسي و المحدّد لحياته. هل هو الأخطاء المقترفة أم حتّى شيء فظيع حقيقة إقترفه في لحظة ما ؟ هل أنّ ذلك هو المظهر الأساسي في حياتهم و ما يحدّدها ؟ أم هل أنّ حياته شهدت تغيّرا حقيقيّا ، أين ما صار محدّ>ا لما هو عليه هو الأشياء الإيجابيّة التي قاموا بها و المسار الإيجابي لحياتهم بأكملها ؟ " (12)
و طبعا المقاربة التي أحاجج من أجلها هنا ليست " تامة " و لن تؤدّى دائما لأصحّ نتيجة و أعدلها ( كما هو الحال في الواقع بشأن سيرورات المحاكم الفعليّة لا سيما في ظلّ هذا النظام ). يجب مواجهة واقع أنّه ليس ممكنا بلوغ حلّ عادل جوهريّا لكافة هذا ضمن حدود هذا النظام بعلاقات الإضطهاد و الإستغلال المبنيّة في اسسه و الثقافة الفاسدة التي يقع الترويج لها من طرف هذا النظام و هي تخدم تعزيزه . لكن طالما أنّنا نحيا في ظلّ هذا النظام ، المقاربة التي عرضت في خطوطها العامة هنا هي نهائيّا أفضل من " ثقافة المنع " المعوّلة على " المحاكمة في وسائل الإعلام و شبكات التواصل الاجتماعي " و القابلة بالإدّعاء على أنّه هو ذاته " دليل ".
و يشدّد هذا على نقطة – شيء هو أيضا مسألة حيويّة في ما يتّصل بالمنهج و المبدأ – أنّ الناس يجب ألاّ " يقفزوا إلى الإستنتاجات " بشأن الإدّعاء أو التهمة ، محلّين ميولاتهم أو أفكارهم المسبّقة الخاصة محلّ سيرورة لها إمكانيّة أكبر للوصول إلى إستنتاج سليم . إنّه يشدّد على أنّه لا ينبغي أن توجد أيّة " محاكمة " في وسائل الإعلام و شبكات التواصل الاجتماعي – و أنّ التوجّه و الثقافة اللذان يحتاجان إلى التشجيع عليهما و القتال من أجلهما هما توجّه و ثقافة حيث ينبذ الناس عمليّا أن تحاكم وسائل الإعلام و شبكات التواصل الاجتماعي محاكمة قبليّة و تعكّر الأمور المتّصلة بالإدّعاءات و التهم.
و مثلما تمّت الإشارة إلى ذلك في مقال عن الجنون الفاشيّ و الحماقة البالغة ل "جماعة اليقظة " ، المحاكمة في وسائل الإعلام و شبكات التواصل الاجتماعي وقبول مجرّد الإدّعاء على أنّه " دليل " و كامل " ثقافة المنع " التي تتماشى مع هذا،
"مجرّد نسخة أخرى من المفهوم الضار منتهى الضرر و القائل إنّ " الغاية تبرّر الوسيلة " ( إنّ أيّة وسيلة تبرّر إن كانت الغاية ، أو يزعم أنّ الغاية ، عادلة و شرعيّة ) شيء تنبذه بصرامة الشيوعيّة الجديدة و يجب أن ينبذه كلّ من يتطلّع إلى مجتمع عادل حقّا ". (13)
مهما كان عسيرا ، خاصة في الجوّ الاجتماعي الراهن – حيث عديد الناس غاضبون حقيقة و شرعيّا جرّاء الإعتداءات التي لا تنتهى و التي تتعرّض لها الجماهير الشعبيّة بصورة مستمرّة ، لكن يمكن كذلك أن تؤثّر فيها ثقافة " التمزيق " و الثأر السامة التي يتمّ تشجيعها عبر المجتمع – يجب أن نقرّ بأنّه ستوجد أوضاع حيث لن يكون ممكنا بلوغ إستنتاج على أسس صحيحة حول بعض الإدّعاءات و التهم . في هذه الأوضاع ، ، من الصحيح و الهام عدم إستخلاص و خاصة عدم نشر و إذاعة إستنتاجات نهائيّة ( حتّى تحت قناع " آراء " و " تخمينات " و " ميول " ) . بإختصار ، أحيانا سيكون من الصائب و الضروري مجرّد قول " لا يمكننا الحكم " والتصرّف على هذا الأساس - أجل ، مطبّقين ما يساوى " إفتراض البراءة ".
و بلا ريب ، سيؤدّى هذا إلى بعض الأوضاع حيث شخص يكون في الواقع مذنب و مدان لتصرّفات ضارة أتاها ( سواء كانت عمليّا غير قانونيّة أم لا ) " سيفلت " من المحاسبة المناسبة و يتجنّبها . لكن ، مجدّدا ، مطبّقين المبادئ و المناهج التي شدّدت عليها هنا سننتهى في آخر المطاف إلى وضع أفضل من وضع أين تعوّض الأحكام الذاتيّة و غير العلميّة سيرورة من خلالها يمكن تقييم الإدّعاءات و التهم تقييما عقلانيّا ( أو أسوأ حتّى ، تتمّ المثابرة على إصدار هذه الأحكام الذاتيّة عندما توجد مثل هذه السيرورة و تفضى إلى إستنتاج مناقض لهذه الأحكام الذاتيّة )؛أين دون أيّ تظاهر أو زعم لسيرورة لازمة، تقع " محاكمة و إدانة " الناس في وسائل الإعلام و شبكات التواصل الاجتماعي ،و أين يلاحظ نقص بارز في التناسب ، كي بغض النظر عن طبيعة التجاوز الذى بسببه جرت " إدانة " الشخص ، يتعرّض الأشخاص عامة إلى " المنع" و إن لم يحصل تماما حرمانهم من ممارسة حرّيتهم ، عادة ما يحرمون من معاشهم أو مكانتهم في المجتمع و يحوّلون إلى مهمّشين ( يعاملون على أنّهم منبوذون بصفة مستمرّة ).
بمقاربة التركيز على الأفراد و " منع " هم ، ستظلّ الإعتداءات الإجتماعيّة الأوسع نطاقا – الإضطهاد و الظلم اللذان يتسبّبان في ضرر كبير للجماهير الشعبيّة – ستظلّ جوهريّا على حالها . هذا من ناحية ، و من الناحية الأخرى ، حتّى بينما ستوجد أوضاع ليس من الممكن فيها أن نحدّد تحديدا سليما " إدانة أم براءة " شخص معيّن ( أو أشخاص معيّنون) يقع إتّهامهم بسوء السلوك ، من الممكن نهائيّا بلوغ إستنتاجات صلبة بشأن ما هو صواب و ما هو خطأ في ما يتعلّق بالإضطهاد و الظلم و التوصّل إلى بناء حركات جماهيريّة تكون بؤرة تركيزها النضال ضد المؤسّسات و الثقافة – و في نهاية المطاف النظام بأسره – المسؤولين عن هذا الإضطهاد و هذا الظلم .
و هذه أيضا أوضاع لا تشمل فيها الإتهامات بسوء السلوك تفاعلات مباشرة شخصيّة ( أو مهنيّة ) بل أشياء مثل مواقف و كتابات و أفعال المدّعى أنّه مسيئ للسلوك يكون لها تأثير إجتماعي واسع ( يشمل على سبيل المثال العلاقات العرقيّة أو الجندريّة ). بهذا الصدد ، كما تكلّمت عن ذلك قبلا ، " في بعض الأحوال من الواضح عمليّا ، فورا ، ما هو الصحيح وما هو الخاطئ – أشياء يجب رفع رايتها و أشياء ( كالمعالم التاريخيّة الكنفدراليّة ) يجب لفظها و إزاحتها" (14) . و في عديد الأحيان ، مع ذلك ، يكون الوضع أعقد . بالخصوص في أوضاع تعقّد فعليّ للمعنى ، إنّه لمن الأهمّية الخاصة أن نتفاعل جدّيا مع ما يقوله الناس من الجانبين من النزاع بدلا من " التسريع في إصدار الحكم " و البحث عن طرق رخيصة لمهاجمة شخص تنحون إلى عدم الإتّفاق مع موقعه. هنا، المبادئ الأبستيمولوجيّة ( وسائل بلوغ الحقيقة ) التالية ذات أهمّية حاسمة :
" حقيقة الشيء لا ترتهن بمن يقولها ، أو بما تحدثه فيك من شعور . لأنّ شيئا ينبع من مصدر تحبّونه يغدو حقيقة ؛ و لأنّ شيئا ينبع من مصدر لا تحبّونه يغدو غير صحيح. " و الحقيقة ليست " مسابقة من أجل الشعبيّة " . لأنّ الكثير من الناس يعتقدون في شيء لا يجعله حقيقة ؛ و لأنّ قلّة من الناس فقط تعتقد في شيء لا يجعله غير الحقيقة .
الحقيقة موضوعيّة – و هذا يعنى : أن يكون شيء صحيح أم لا مرتهن بتناسبه مع الواقع الفعليّ . " (15)
لكن ، في تعارض مع أي صنف من المقاربة الجدّية و العلميّة ،
"" جماعة المتيقّظين لثقافة المنع " ينبذون التمييز بين ما هو واضح بأكثر مباشرة و ما هو أكثر تعقيدا – و ينبذون الخطاب العقلاني و البحث الجدّي و العلميّ و الخوض في مسائل يمكن فعلا أن تكون معقّدة ، معوّضين هذا بردود فعل شبيهة بنفضة ساق ، بتناسب مهما صارت الضروروات آنيّة ل" تيقّظ سياسات الهويّة " . (16)

" الغايات و الوسائل " و الحلّ الجوهري – الضروري بصفة إستعجاليّة
إنّ الإحباط و الغضب الشرعيّين تماما الناجمين عن الإعتراف ب ( أو معنى ) أنّه لا يوجد و لا يمكن أن يوجد أي حلّ عادل كلّيا لكلّ هذا في ظلّ هذا النظام – ينبغي أن يتحوّل إلى تصميم عميق على القضاء على هذا النظام و إنشاء نظام أفضل . و مثلما أكّدت في" أمل من أجل الإنسانيّة على أساس علمي و القطع مع الفرديّة و الطفيليّة و الشوفينيّة الأمريكيّة " :
" الجرح الناجم عن التعرّض المباشر لأشكال إضطهاد و إهانة رهيبة شيء واقعي جدّا و لا ينبغي لأيّ كان أن ينكر ذلك أو يستهين به ." لكن هذا يحتاج إلى أن يصبح شيئا أكبر من قلق مشوب بالذنب ، أو رغبة في الإنتقام – يحتاج أن " يتحوّل إلى غضب و تصميم على المشاركة في نضال جماعي لوضع نهاية لكافة الفظائع ، في كلّ مكان ، فمصدرها و سببها الجوهريّين هو هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ". (17)
و هذا يعنى و يتطلّب بناء حركات تكون فعلا حركات جماهيريّة شعبيّة تتمّ تعبأتها لقتال الإضطهاد و الظلم المقترفين بإستمرار من طرف هذا النظام – حركات جماهيريّة تنبذ قولا و فعلا المفهوم السام " الغاية تبرّر الوسيلة " و بدلا من ذلك تعتمد الوسائل المتناسبة مع و المعبّرة عن هدف وضع نهاية للظلم و الفظائع التي تتعرّض لها الجماهير الشعبيّة بصفة مستمرّة في ظلّ هذا النظام .
جوهريّا – و كمسألة أهميتها إستعجاليّة – هذا يعنى عمليّا ، العمل المنهجيّ الآن لبناء القوى المنظّمة لإيجاد ظروف أكثر مواتاة و تاليا إنجاز ثورة تهدف إلى القضاء على و إجتثاث كافة الظلم و الإضطهاد و كافة الإستغلال و الإهانات و ذلك من خلال الإطاحة بهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي الذى يمثّل المنبع و الجذور الأخيرين المتسبّبين في كلّ هذا ، و إنشاء مجتمع و عالم مغايرين راديكاليّا ، على أساس جديد كلّيا .
و مثلما شدّدت على ذلك في كتاب " إختراقات : الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعية الجديدة - خلاصة أساسيّة " :
" إنّ هدف هذه الثورة ليس الثأر و قلب مواقع بين المضطهَدين و المضطهِدِين ( " يجب أن يصبح الأخير الأوّل ، و يجب أن يصبح الأوّل الأخير " )... شاهدنا و نشاهد ذلك مرارا و تكرارا و يمسى الهدف الثأر ، يمسى شيئا أقلّ من تغيير المجتمع بأسره . و يمسى الحصول على ما أريده إن إستطعت إلى ذلك سبيلا ، و إن لم أستطع ، على الأقلّ أطيح بشخص آخر . " و هذا بارز جدّا في هذا المجتمع ، لا سيما في زمننا هذا و حتّى النضالات التي تتعاطى مع التناقضات و العلاقات الإضطهادية الحقيقيّة و العميقة جدّا يمكن أن تُحوّل إلى هذا الصنف من وجهة النظر و المقاربة بفعل النزعة القويّة للعفويّة و العلاقات السائدة في هذا المجتمع .
و يعود بنا هذا إلى مسألة أنّه حتّى حركات إنطلقت مسلّطة الضوء على تجاوزات و ظلم هامين جدّا و خاضت نضالات ضدّهم ، ليس بوسعها أن تواصل المضيّ في الإتّجاه الذى تحتاج المضيّ فيه ، في نهاية المطاف - و كافة هذه القوى المتباينة في المجتمع التي تعارض أشكالا متنوّعة من الإضطهاد لا يمكن توحيدها إلاّ على المدى الطويل و بالتحرّك إلى الأمام - إلاّ على أساس مقاربة شيوعيّة علميّة و ما يتكشّف على أنّه الحلّ للمشاكل العميقة التي يجسّدها المجتمع الراهن و يفرضها. بنظرة البرجوازية الصغيرة ، لن نبلغ البتّة تلك النقطة . ما نحتاج إليه هو - بالمعنى غير التجسيدي ، بالمعنى الشيوعي - نظرة البروليتاريا ، نظرة و مقاربة تتناسبان مع المصالح الجوهريّة للبروليتاريا ، ما يشمل الإقرار بأنّ فقط بتحرير الإنسانيّة يمكن لأيّة فئة من المستغَلّين و المضطهَدين أن يتحرّروا .
و على خلاف الدوافع و الطموحات الضيّقة و التافهة لأشياء كالثأر و" دورى لتجربة حظّى " ، هدف الثورة الشيوعيّة هو، كما شدّدنا في " الشيوعية الجديدة " ، بلوغ عالم مغاير حيث لن تستمرّ بعدُ كافة هذه الفظائع التي تتعرّض لها الجماهير الشعبيّة " (51). الغاية هي تحرير الإنسانيّة - إلغاء كلّ الإستغلال و الإضطهاد ، و ما يتناسب معهما من تناقضات عدائيّة في صفوف البشر ، و إجتثاث التربة التي يقفان عليها ، مع بلوغ الشيوعية عبر العالم . " (18)
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------


هوامش المقال :
1. A Question of Basic Stand and Orientation, SUPPORT AND SPREAD THE FURY AGAINST SEXUAL ABUSE, by Bob Avakian, is available at revcom.us/avakian/ba-important-works-en.html.
2. A Question of Basic Stand and Orientation, SUPPORT AND SPREAD THE FURY AGAINST SEXUAL ABUSE. [back]
3. Some Points of Orientation, Principle, and Method Regarding the Accusations Against Bill Cosby. This article is also available at revcom.us.
4. Some Points of Orientation, Principle, and Method Regarding the Accusations Against Bill Cosby.
5. Some Points of Orientation, Principle, and Method Regarding the Accusations Against Bill Cosby.
6. Bob Avakian On Fascist Lunacy and “Woke Folk” Insanity: A New “Two Outmodeds.” This article is also available at revcom.us.
7. Bob Avakian On Fascist Lunacy and “Woke Folk” Insanity: A New “Two Outmodeds”.
8. Bob Avakian, Hope For Humanity On A Scientific Basis, Breaking with Individualism, Parasitism and American Chauvinism. This is available at revcom.us/avakian/ba-important-works-en.html. (This passage is also cited in Bob Avakian On Fascist Lunacy and “Woke Folk” Insanity: A New “Two Outmodeds.”)
9. Breakthroughs: The Historic Breakthrough by Marx, and the Further Breakthrough with the New Communism, A Basic Summary, by Bob Avakian, published as an ebook by Insight Press (insight press.com), is available online at Amazon, Apple Books, Barnes & Noble, Kobo and other major retailers (EPUB, MOBI, PDF). It can also be accessed at revcom.us.
10. FROM THE REVCOMS: A DECLARATION, A CALL TO GET ORGANIZED NOW FOR A REAL REVOLUTION. This is available at revcom.us—and it is being posted and passed out to people in neighborhoods and other places around the country, as a key part of spreading the word about this revolution and organizing people into this revolution.
11. Bob Avakian On Fascist Lunacy and “Woke Folk” Insanity: A New “Two Outmodeds.”
12. Hope For Humanity On A Scientific Basis, Breaking with Individualism, Parasitism and American Chauvinism.
13. Bob Avakian On Fascist Lunacy and “Woke Folk” Insanity: A New “Two Outmodeds.”
14. Bob Avakian On Fascist Lunacy and “Woke Folk” Insanity: A New “Two Outmodeds.”
15. Conspiracy Theories, Fascist “Certitude,” Liberal Paralysis,´-or-A Scientific Approach to Changing the World. This article by Bob Avakian is also available (in both a short and longer version) at revcom.us. (Emphasis—boldface—added by the author here to the phrase “or how it makes you feel.”)
16. Bob Avakian On Fascist Lunacy and “Woke Folk” Insanity: A New “Two Outmodeds.” [back]
17. Hope For Humanity On A Scientific Basis, Breaking with Individualism, Parasitism and American Chauvinism.
18. Breakthroughs: The Historic Breakthrough by Marx, and the Further Breakthrough with the New Communism, A Basic Summary. The quote in the last paragraph here is from the book by Bob Avakian, THE NEW COMMUNISM, The science, the strategy, the leadership for an actual revolution, and a radically new society on the road to real emancipation, Insight Press, 2016.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++