التطبيع المُر جواز سفر صهيوني


عصام محمد جميل مروة
2021 / 7 / 4 - 17:39     

هذا التجرّؤ المجاز لم يكن يحدثُ لولا الإتصالات السرية الكاملة وتبادل اللقاءات والافكار وتحديد الامكنة وتوفير كافة المستلزمات الامنية وضرورتها لكي تسير في طريقها دون عوائق وتمكن كل ما تملكه المخابرات العربية وفي مقدمتها المصرية والسورية ولاحقاً العراقية والخليجية والسعودية منذ اربعة عقود. وذلك دليل كافي لإدراج اولويات التخابر مع الأجهزة الامنية الكبرى في العالم ومن منطلق نظرة وكالة المخابرات الامريكية الاولى في العالم " السي أي إيه" وهي التي لا يُخفى على قادتها في إستخدام الجاسوسية لتسهيل المهام الكبرى بعد اهوال الحروب ونتائجها ، خصوصاً اذا ماكانت في مناطق حيوية ذات مصالح لها عوائد اقتصادية في ضخامتها من ثروات النفط والغاز ، في منطقة حوض البحر الابيض المتوسط ، وشبه الجزيرة العربية ، التي تتربع على منابع من جبال ذهب ، ونفط وغاز من الصعب تحديد زمن إنقطاعهِ !؟. حسب الدراسات والمرجعيات والمختبرات الكبرى التي تشرفُ عليها كل الدول الكبرى ومخابراتها تحت ظروف معروفة تاركةً اثارها في المنطقة . من نزاع الى اخر ، ومن مشروع حرب الى اخر ، ومن مشروع سلام الى اخر !؟. وهنا الأهم في هذا المحور من الموضوع هو تسخير كل إمكانيات الولايات الامريكية وبريطانيا وفرنسا ، وكل الشركاء الذين مهدوا الى ""تأسيس الكيان الصهيوني دولة اسرائيل النافذة"" على انقاذ الدول العربية وفي قلب وعلى ارض فلسطين السليبة التي تم غزوها واسرها وطرد سكانها ، في شتات مُحزِنٌ والى الان لم تزال المخابرات تلعب ادوارها في دعم الصهاينة مهما كلف ذلك من دماء وإن كانت اخرها في " غزة هاشم" .. الجريحة المضرجة بدماء ابناؤها وشهداؤها وبراعم اطفالها الابرياء الذين مازالت دماؤهم حيّة تسمع وتترقب كل دبدبة على ارض فلسطين الحبيبة ، والتطلع الى موضوع مهم وواحدُ وهو عدم التفريط في الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني المقيم والمهجر وحتى المسجون والمكبل !؟. ومن هنا كانت الاتفاقات التي تقودها ماكينة امريكا واسرائيل ومن يدور في فلكهم من جهة . ومن يحضن مستمراً ((المقاومة الفلسطينية الحرة والنزيهة والشريفة))، والتي لها الحق فريدةً في كيفية ايقاف عمليات السلام حينما بدأ مغشوشاً ومضللاً ووقعت كُل قيادات العرب منذ احتلال فلسطين ايام النكبة عام "1947" وصعوداً ، كانت الحوارات والمحادثات تتخذُ باباً واسعاً ودائماً في تقديم ضرورة فرض حماية اسرائيل نتيجة حتمية بعد طرد اهل الارض من مناطقهم وإستبدالهم في انشاء مستوطنات صهيونية أستقدمت من كل العالم ، بعد منح اسرائيل حق اقامة دولتهم الربيبة في خاصرة ما أُتفق على تسميتهِ الجزيرة العربية.
كانت النتائج الاخيرة بعد انتخابات اسرائيل التي اخذت دوراً كبيراً في الاعلام الدولى حول التبدل السريع في سياسة احزاب اسرائيل التي تتنازع على السلطة وتصوير دورها للعالم كأنها الديموقراطية الاولى والوحيدة في ""اسطبلها المقيت "" الذي يتنافس عليه والوصول الى قيادة حازمة وصارمة في كيفية ادارة المجازر والحروب ضد فلسطين والعرب. وكل من يقف في وجه الكيان الصهيوني الذي يحفر وينبشُ في الماضي السحيق والبعيد الى اثبات نظرية دور اليهود واعادة امجاد الهيكل المزعوم تحت المسجد الاقصي ، في الامساك بزمام الامور مهما كانت الاساليب واصبحت المزايدات كبيرة وتتخذ نمطاً معروفاً لدى الجميع بإن اسرائيل قائمة سواء تقبل ذلك اهل البلاد الاصليين من ابناء الشعب الفلسطيني ام من جيران فلسطين من العرب.
رئيس الوزراء الصهيوني الجديد " نفتالى بينيت" الذي قدم اوراقاً جديدةً في مسيرة حكومتهِ التي اتت فاضحة في إتهامها حكومات ما قبلها في التقصير واعتبار ذلك جرماً خاصة في التعامل والتسامح وعدم استخدام العنف المفرط ضد العرب ، وفرض سياسة التسامح والتصالح وابرام اتفاقيات السلام . طبعاً خرج بينيامين نيتنياهو من الحكومة مجبراً ومرغماً بعد تحقيق نفتالى بينيت انتصاراً اشبه بالبطل الذي سوف يُقدِمُ على اثبات ما لم يتوقعهُ أحداً اطلاقاً في التصريحات العلنية التي افصح عنها مراراً حول القفز فوق كل التاريخ الماضي ونشر سياسة جديدة ومدعومة من المجتمع الدولى حول علاقة اسرائيل مع جيرانها ، وفرض نظرية التطبيع وفتح كافة القنوات الديبلوماسية مع الدول الخليجية التي تبتعد عن حدود جغرافية وترابطها مع ارض فلسطين.
إستلهم قضية الانفتاح الرئيس دونالد ترامب من خلال تعامله مع قضية الشرق الاوسط في حضن اسرائيل وحمايتها وإكمال مشروع وعد بلفور الشهير منذ " عام 1916" من القرن الماضي حيث وجد دونالد ترامب في ""قوة إسرائيل وبطشها وعنفها -وضعف العرب والتخاذل الأرعن "" ضرورة العودة الى تعويم مبدأ الدولة الاسرائيلية والاخذ في نسج علاقات متبادلة مع جيرانها العرب ، برغم مجازر إسرائيل العلنية ومدها في اعتى واحدث الاسلحة المتطورة في العصر الحديث ،وقد تكون القوة الوحيدة في المنطقة التي تملك جيشاً مدعوماً بلا شروط وهذا ما فرضهُ نيتنياهو على ترامب اثناء طيلة التفكير لتقديم مشاريع منها التنازلات المسرحية لتمرير قضية فضائح السلام ، كما يبدو منها تنازلاً عربياً تلو الاخر بعد الحروب المبرمجة التي تمسكها ""ادارات الموساد "" في توسعها من منطلق الوصول الى عنق وعمق الدوائر الرسمية داخل كل دولة عربية مسجلة في الامم المتحدة . طبعا ً الامارات العربية المتحدة كانت قد طالعتنا سابقاً عن تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني في سد بعض حاجات وتأسيس مشاريع مهمة وانقاذ ما بعد كل حرب ما يمكن انقاذه وهذا ملف وسِجل انساني لها منذ عقود !؟. لكن الاسراع في إستقبال وزير خارجية الدولة الارهابية الاولى " يائير لبيد" الذي تم تقديمه كرسول وفاتح جديد للسلام والتطبيع المذل في ""ابو ظبي وامارة دبي "" بحيث كانت الواقعة قائمة و قاتمة وكأننا نفتتحُ مركزاً ثقافياً جديداً لإبلاغ العالم من السفارة الاسرائيلية في ابوظبي حسب تعليقات الوزير بعد ""ممازحته السمجة للوزيرة في ثقافة دولة الامارات"" اننا هنا نكتمل ونتمتع بضيافة كنا على علم واتصال دائم بها وليس جديداً .
لكن الذي كان غريباً في التغافل عن قضية التصويرالمذل والمطل من خلف ازاحة الستارة العلنية عن زرع سفارة عدو ما زال .. يقتل ويحصد ويسجن ويطرد وينفي ابناء فلسطين.
الخوف الكبير ربما وهنا ليس من باب الهلوسة بل من خلال طموح افكار الصهاينة ربما تُصبحُ امارة دبي تحت ادارة صهيونية سوف تتمكن من مكانتها الدولية والعالمية في نقل صورة عن إسرائيل وتبادلها علاقات ازلية لها اطماع معروفة حتى للذين وقعوا على اتفاقات الذل والتطبيع المُر في ادراج جواز سفر صهيوني من اعلى ابراج جزيرة العرب دبي..

عصام محمد جميل مروة ..
اوسلو في -4- ايلول- 2021- ..