مبادرة حمدوك وعدل ميزان القوى لصالح ثورة ديسمبر 2018


علاء الدين أبومدين
2021 / 6 / 22 - 23:39     

لا جديد في مبادرة السيد عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء الانتقالي مقارنة بكل المبادرات السابقة من عدة فاعلين سياسين... بل ربما ما تضمنته جميع المبادرات السابقة، أكثر شمولية بكثير من مبادرة حمدوك التي أطلقها اليوم الثلاثاء 22 يونيو 2022 تحت عنوان (الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال - الطريق إلى الأمام) وذلك رغم انه كانت لديه فرصة متاحة أكثر من غيره للاستفادة من جميع المبادرات التي سبقت مبادرته، حيث تأتي مبادرته اليوم في سياق سباق واستباق لحراك 30 يونيو الذي سوف يكون بعد أسبوع من اليوم الثلاثاء. كما تأتي مبادرة اليوم ايضا بعد حوالي أسبوع من خطاب حمدوك السابق بتاريخ الثلاثاء 15 يونيو 2021 والذي فشل فشلا ذريعا في وقف تدهور شعبيته...

وبينما لم يخاطب حمدوك في مبادرته جذور المشكلة الرئيسية التي تعرقل وتمنع عمليات التحول الديمقراطي في السودان، والتي تتمثل في ضرورة عدل ميزان القوى داخل جهاز الدولة لصالح قوى ثورة ديسمبر 2018، لا سيما القوات النظامية من القطاعات العسكرية والشرطية والأمنية وغيرها؛ بحسبان ذلك هو الطريق الملائم حتى الآن لعدل ميزان القوى لصالح الثورة، والذي يكون بإرجاع المفصولين تعسفيا بواسطة الكيزان، سواءا أكانوا من مفصولي الأجهزة النظامية عموما او من مفصولي الخدمة المدنية؛ مع فتح باب التعيينات للثوار في جهاز الدولة وايضا التدريب... فإن حمدوك لم يكرس جهدا حقيقيا من أجل كل ذلك، رغم أنه المسؤول الأول في السلطة التنفيذية، وبالنتيجة، المسؤول الأول عن أي فشل أو أي ردة عن طريق التحول الديمقراطي وتحقيق شعارات ثورة ديسمبر 2018 في الحرية والسلام والعدالة...

وهكذا، تلقى حمدوك صفعات واتهامات عديدة من الثوار لهذا السبب ولغيره، كان أقلها وصفه بالضعف أمام الكيزان والمكون العسكري في السلطة الحاكمة، بل تقديم التنازلات لهم. وذلك حسب إشارات عديدة وردت في خطاب حمدوك السابق بتاريخ الثلاثاء 15 يونيو 2021!!!

البديهي انه بدون عدل ميزان القوى داخل جهاز الدولة السوداني لصالح الثوار، لا يمكن كبح ومنع عرقلة التحول الديمقراطي في جهاز الدولة من طرف الكيزان (الحاكمين فعليا حتى الآن). كما أن الكيزان يشجعون ويدفعون حمدوك أكثر تجاه السير في نفس توجهات وسياسات الكيزان الاقتصادية وتعطيل وفرملة أي توجه او سياسات تخدم مصالح غالبية الشعب السوداني، ببساطة لأنهم يسيطرون على الاقتصاد السوداني ويسيطرون وحلفائهم على حوالي 90% من السيولة النقدية الموجودة خارج الجهاز المصرفي، وذلك حسب تقديرات لعدة خبراء. كذلك نسبة السيولة النقدية خارج الجهاز المصرفي والمقدرة بأكثر من 90% من حجم السيولة النقدية بالبلاد، وردت في عدة إفادات لخبراء اقتصاديين، لعل أهمها تلك المنسوبة إلى وزارة المالية وبنك السودان المركزي ومسؤولين معنيين. وطبعا يضارب الكيزان في العملة الصعبة ويستخدمون تلك الموارد المالية للعودة للحكم... ورغم ذلك يرفض حمدوك تغيير العملة؟؟؟

ربما لم تكن من اولويات حمدوك (أعلى سلطة تنفيذية في البلاد) عدل ميزان القوى داخل جهاز الدولة السوداني لصالح الثورة والثوار، لأنه كان مرشح الكيزان لمنصب وزير المالية، او ربما لأن حمدوك (نفسه) كان قد قام بتعيين كيزان/ او متواطئين معهم في جهاز الدولة، على سبيل المثال: تعيين حمدوك للسيدة/ آمنة أبكر عبد الرسول وكيلا للمالية بوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، وتعيينه للسفير عمر بشير مانيس وزيرا لمجلس شؤون الوزراء السوداني... وربما لنفس السبب أو لأسباب أخرى، تهاون حمدوك في تطهير جهاز الدولة من الكيزان، بل أطلق تصريحات مطمئنة لهم...