ليس دفاعا عن النبي محمد


مالوم ابو رغيف
2021 / 6 / 12 - 21:37     

يقول افلاطون
عندما يبدأ الشاعر او الاديب بإلقاء قصيدته التي تتحدث عن الشناعات والفظائع التي يرتكبها الابطال، فان مثل هذا القصائد والحكايات تحمل ضررا للذين يسمعونها، ذلك ان كل واحد منهم سوف يعذر نفسه إذا ارتكب مثل هذه الفظائع التي وردت في القصيدة او الحكاية فمثل هذه الفظائع والانتهاكات مبررة فقد ارتكبها الابطال ايضا.
النبي محمد ولد وعاش حتى سن الأربعين في مجتمع يشرك الاصنام بعبادة الاله، وكان مثلهم، بمثل اخلاقهم وبمثل ديانتهم، يشاركهم بأداء طقوسهم التعبدية. وعندما تأثر باليهود الموجودين بكثرة في شبه جزيرة العرب ولا سيما في اليمن، اذ كانت اليمن على الاغلب يهودية، أحس بخطأ اشراك اصنام العرب بعبادة الاله والذي جاء في القرآن بان إله إبراهيم وموسى.
الله كان معروفا عند العرب ولم يكن غريبا عليهم، غير ان الاله اليهودي الذي حاول النبي محمد ان يكون بديلا عن الاله العربي، رفضه العرب واعتبروه طارئا عليهم، فهو يفضل بني إسرائيل ولا أحد يتقبل إله يفضل قوما اخرين على قومه او قبيلته او عشيرته لذلك استبدل شعب الله المختار بشعب اخر هم المسلمين ولم يغير الاله.
ولكي يكون محمد مقنعا للمجتمع العربي، لا بد له وان يتميز بصفات واخلاق ومزايا أفضل من تلك السائدة، او على الأقل يجب ان لا تشيب اخلاقه شائبة ليكسب ثقتهم.
اذ لا أحد يقتنع بان يكون من هو عديم الاخلاق نبيا او واعظا او مصلحا خاصة إذا كان مفتقرا للسلطة.
وحتى بعد هجرته الى يثرب لم يكن له ان يخرج عن اخلاق سكانها، فكان عليه وعلى المهاجرين الذين التحقوا به فيما بعد ان يلتزموا بقواعد الاخلاق التي يفرضها المجتمع اليثربي.
فلا يمكن ان يحترم الناس نبيا يرى امرأة جميلة في الشارع فيترك أصحابه وعندما يعود يخبرهم بانه نكح زوجته بعد ان اثارته المرأة التي رأها او انه يبول واقفا في الشارع، ولا يمكن لامرأة نبي ان تروي قدرة زوجها الجنسية او كيفية معاشرتها.
كذلك الإسلام لم يتطور ليكون النظام الأخلاقي في القتال او في الحروب، فنفس اخلاق الحرب المعمول بها عند المشركين او غير المسلمين هي التي يتبعها المسلمون في غزواتهم المختلفة. وحتى بعد ان استقر الإسلام وأصبح دين الناس عند اغلب جزيرة العرب، لم يأت بنظام اخلاق حربي جديد رغم تلك الوصايا التي تم انسابها الى عمر بن الخطاب ان لا تقتل شيخا ولا تقلع شجرة الخ، فالحرب التي شنها المسلمون لم تختلف اخلاقها عن اخلاق الحروب السابقة التي اتبعها العرب في ايامهم الغابرة حيث سبي النساء والحصول على الغنائم.
ما نود قوله ان محمد ابن عصره، ولا يمكن ان تكون اخلاقه متدنية عن اخلاق المجتمع آنذاك.
اذ لو كانت اخلاقه أدني لرفضته العرب ولم تطعه الناس ولم تتبعه وتنقلب من دينها الى الدين الجديد لا سيما بعد احتلال مكة حيث رجع هو وانصاره الى يثرب ولم يترك بها جيشا قمعيا يجبر سكانها على اطاعة الدين الجديد الذي ليس فيه من جديد سوى إزالة الاصنام.
فقد كانت اخلاق العصر المعمول بها عند المجتمعات آنذاك لا تختلف عن اخلاق المسلمين في عهد النبي.
لكن هذه الاخلاق لم تبق طويلا كما هي، فقد تغيرت وتبدلت بعد ان تغير المجتمع وأصبح محكوما بالقوة الإجرائية وليس بالقوة الأخلاقية او قوة العرف.
لقد تغيرت الاخلاق عندما وضعت أولى الأسس لبناء الدولة وفق المفاهيم القديمة، وليس وفق المفاهيم الحديثة، أي ان دولة لا يحكمها القانون انما تُدار بما يرتئيه الخليفة بمشاورة المقربين له او ما يسمونه رجال الحل والعقد، وقد تتوج هذا التغير بشكل واضح عندما تم استخدام القوة ليس كرادع أخلاقي او كتقليد غزو، بل كحملات تأديب اثناء حروب الردة في عهد أبو بكر.
ولأول مرة يشرع قانون حد الردة ويُصاغ حديثا منسوبا الى النبي يقول من أبدل دينه اقتلوه، حديث يعطي القوة القدسية لتبرير قتل الاف الناس بتهمة ان الامتناع عن دفع الزكاة هي ردة عن دين الإسلام وجب قتل من يصر على التمسك بها.
ليس حديث النبي فقط هو الذي وضع أساسا لتبرير الانتهاكات والشناعات بحق الناس، اكان في داخل شبه جزيرة العرب او خارجها، بل تم كتابة آيات قرآنية او التلاعب ببعضها لتجعل من التعامل الفض مع السكان غير المسلمين امرأ الهيا.
لذلك انشغل الرواة بوضع الاف الأحاديث والروايات المنسوبة الى النبي تشمل كل المواضيع التأديبية والجنسية والأخلاقية واللاأخلاقية والحربية والقضائية والطقوسية والحزبية وغيرها ليتم تبرير كل الأفعال الشنيعة في فترات التاريخ على أساس شرعي يستند على الأحاديث والسنة النبوية.
لذلك وفي كل فترات الخلافات الإسلامية، تم تبرير كل انتهاكات حقوق الانسان بأحاديث وروايات نبوية او آيات قرآنية.
ومما يسهل الامر على تغيير الاحاديث النبوية والتلاعب بها هو ان المسلمين يطيعون رجل الدين ويعتقدون بالنصوص التي يقولها بانها صحيحة ويكررونها حتى يعتاد عليها الناس، فان تم حشوها في الكتب (المعتبرة) فيما بعد، سوف لن ينتبه اليها او يكتشف احد بانها ليس من اصل الكتاب وانها محشورة فيه او تم التلاعب فيها فلا يوجد نسخ اصلية لأغلب الكتب الإسلامية لتكون أساسا للمقارنة، ورجال الدين المسلمون ومراجعهم الكبار والصغار لا يحترمون الأمانة الأدبية والأخلاقية للنصوص والكتب، انهم يفرضون قداسة النص الديني على الاخرين لكنهم انفسهم لا يحترمون قداسة النصوص فيقدمون على التلاعب فيها وفق مصالحهم.