أمادو فارس الأمل


حسن مدن
2021 / 6 / 10 - 11:47     

حين بلغ الكاتب البرازيلي جورج أمادو (1902 – 2001) الثمانين من عمره، طالبه أصدقاؤه ومحبوه وناشروه بأن يكتب سيرته الذاتية، فأجابهم: «حتى لو فعلت، فلن أتمكن من كتابتها كاملة، فذلك سيستغرق ما تبقى من حياتي». كأنه يريد القول إن في ذهنه من مشاريع الكتب ما يريد أن يخصص هذا المتبقي من العمر من أجل إنجازها، بدل أن ينصرف إلى كتابة سيرته الذاتية، وهو نفسه القائل في نهاية أحد كتبه المتأخرة: «لا أستطيع أن أستسلم للراحة، فأقول لكم يا أصدقائي إلى اللقاء في الكتاب التالي».
مع ذلك أصدر أمادو ما اعتبره محرر كتاب «عشرون روائياً يتحدثون عن تجاربهم» «شبه السيرة الذاتية» بعنوان: «ملاحة بمحاذاة الشاطئ»، كما أن زوجته حاولت أن تسرد سيرته في مؤلفٍ لها بعنوان «قبعة للسفر»، لكن الكتاب الذي أشرنا إليه عن تجارب الروائيين العشرين، وهو من اختيار وتقديم عصام محفوظ، يقول إن ما كتبته الزوجة ينحصر في الفترة التي عرفته هي فيها، وبعض الشهادات من والدته.
في أواخر سنوات الصبا، مطالع الشباب، قرأتُ رواية «فارس الأمل» لأمادو مترجمة إلى العربية. لم أعد أذكر لا اسم المترجم ولا دار النشر، والأغلب أنها ترجمت عبر لغة وسيطة، قد تكون الفرنسية في الغالب، وليس من لغة الكاتب الأصلية، أي البرتغالية، فضلاً عن أن النسخة التي قرأتها كانت متهالكة، لكثرة ما مرت بأيادي آخرين قرأوها قبلي، وتلك كانت عادة دارجة في تلك الفترة، فليس بوسع الجميع شراء واقتناء الكتب، وكان يجري التناوب على قراءة النسخة الواحدة من الكتاب من قبل الأصدقاء والزملاء.
حاضراً تتوفر على الأرجح أكثر من ترجمة للرواية، ولأعمال أخرى لأمادو، كما قام السيناريست مصطفى ذكري في مصر بتحويل روايته "الرجل الذي مات مرتين"، أو "ميتتان لرجل واحد"، لفيلم لعب بطولته محمود حميدة وأخرجه أسامة فوزي بعنوان "جنة الشياطين".
تحكي «فارس الأمل» قصة القائد التقدمي البرازيلي لويس كارلوس برستس، وفي طبعة لها بالعربية أصدرتها «دار الفارابي» في بيروت، نطالع كلمة موجزة كتبها أمادو نفسه، يعبر فيها عن غبطته بصدورها لأن ذلك سيسهم في تعريف الشعوب الناطقة بالعربية بمزيد من الوضوح، على كفاح الشعب البرازيلي من أجل التحرر الوطني لبلاده.
أما الدار نفسها فقد وصفت أمادو بأنه «آخر الروائيين العالميين الذين تطلق عليهم صفة الموسوعيين مثل أساطير الرواية الكلاسيكية: ليون تولستوي، فيدور دوستويفسكي وتوماس مان وغيرهم».
كما يُحَب نجيب محفوظ لأنه في أدبه مصري صميم، يمكن أن يُحَب أمادو لأنه برازيلي صميم. البرازيل بالنسبة له بلد سوريالي، والسبب، في رأيه، يوجزه في التالي: «ربما لأننا خلاسيون. البرازيل البلد الوحيد الذي تعدّ الخلاسية فيه محترمة».