ما السبب الرئيسي للأزمات المتتالية للعراق من وجهة نظر الحزب الشيوعي العراقي ؟


عادل عبد الزهرة شبيب
2021 / 6 / 7 - 09:55     

شخص التقرير السياسي الصادر عن المؤتمر الوطني العاشر للحزب الشيوعي العراقي السبب الرئيسي للأزمات المتتالية التي يشهدها العراق هو اعتماد نهج المحاصصة الطائفية – الاثنية , والذي كان للمحتل الأمريكي للعراق دورا في ترسيخ نهج المحاصصة سيء الصيت . كما قام المستفيدون من هذا النهج بإدامته. وقد وفر هذا النظام الطائفي الغطاء اللازم لإدامة مصالح القوى المتنفذة واستحواذها على المناصب والمغانم وتقاسم النفوذ مع بقية المتحاصصين والهيمنة على القرار .
وبسبب النظام الطائفي لم تتمكن الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003 وحتى اليوم من معالجة مشاكل البلد المتعددة او منع تفاقمها واستفحالها حتى استحالت مؤسسات الدولة الى هياكل واطر هشة جراء عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وما يعنيه ذلك من اقصاء متعمد للعناصر الوطنية الكفوءة والنزيهة عن مواقع المسؤولية , اضافة الى غياب الرؤى الاستراتيجية لإدارة البلد في الجوانب كافة . كما ان اعتماد المحاصصة قد عرقل اقامة دولة المؤسسات والقانون ووفر في المقابل غطاء الفاسدين وحماية لهم من المساءلة والمحاسبة القانونيتين .والشيء الأخطر هو تجاهل مبدأ المواطنة وعدم التعامل مع العراقيين على قدم المساواة من دون تمييز بغض النظر عن قومياتهم وطوائفهم واديانهم ومواقعهم الاجتماعية. ويدفع كثير من المتنفذين نحو تكريس التعامل معهم كممثلي مكونات ,- ولا احد يعرف من انتخبهم لهذه المهمة – في مسعى للهرب الى امام من استحقاق الخلاص من المحاصصة وتجنب شرورها ومن المطالبة المتسعة بذلك .
ويرى الحزب الشيوعي العراق بحق ان من شأن تكريس مفهوم دولة المكونات واستمرار المحاصصة ان يقودا الى :
1- المزيد من التشظي المجتمعي واضعاف الوحدة الوطنية .
2- تمزيق النسيج الاجتماعي .
3- وقد يشكل ذلك مقدمات وممهدات الى تقسيم الدولة او في احسن الأحوال الى الابقاء عليها كيانا موحدا شكلا فيما هي في الواقع تحكم وتدار من قبل ادعياء تمثيل المكونات والطوائف .
لقد اثبتت تجربة السنوات السابقة الفشل الذريع للنظام الطائفي في ادارة الحكم وشؤون البلاد . ويؤكد الحزب الشيوعي العراقي على ان المحاصصة الطائفية الاثنية هي أس أزمة النظام السياسي وفشله البين في نختلف المجالات , ويكمن الحل في الخلاص من المحاصصة المقيتة واعلاء شأن المواطنة والتي ينبغي ان تكون اساسا لإقامة الدولة المدنية الديمقراطية وعنصرا رئيسا في اية رؤية جدية الى عملية الاصلاح والتغيير .
وفيما يتعلق برؤية الحزب الشيوعي العراقي للطريق الى الخلاص من المحاصصة فإنه يرى ان منطق المحاصصة قد واجه اول الامتحانات الصعبة امام حركة الجماهير وضغطها ,فتعرض جداره الى هزة قوية ولكنه لم يسقط بعد حيث يحتاج الأمر الى وقت قد يطول او يقصر وفقا لشدة الضغط ولقوة دفع العوامل الداخلية الفاعلة والداعمة وللقدرة على تحييد العامل الخارجي او اضعاف تأثيره عبر اصطفاف داخلي فاعل يتجه نحو الاصلاح والتغيير وينبذ ويزيل العقبة الأساس وهي منهج ونمط التفكير المحاصصاتي . ويرى الحزب بأنه يمكن التخلص من المحاصصة بصيغ متدرجة ولكن في حزمة واحدة متكاملة . ويأتي في مقدمتها تشكيل حكومة كفاءات واختيار العناصر النزيهة والمؤهلة لتأخذ مواقعها فيها ضمن خطة ومنهج متكاملين وبسقوف زمنية محددة على ان يشمل ذلك الهيئات المستقلة والدرجات الخاصة . كما يؤكد الحزب الشيوعي العراقي بهذا الصدد على تشكيل مجلس الخدمة ليمارس دوره في اختيار شاغلي الوظيفة العامة وفق معايير النزاهة والتحصيل العلمي والخبرة والكفاءة .مؤكدا على التشديد على التعامل مع جميع العراقيين من دون تمييز وعلى اساس المواطنة وتكافؤ الفرص والمساواة .مع اعادة هيكلة مؤسسات الدولة المختلفة وعلى وجه الخصوص ابعاد الجيش والمؤسسات الأمنية على اختلاف تشكيلاتها عن المحاصصة وهي التي مرت بتجارب مريرة اشرت هشاشة بنائها .
وفي هذا السياق فان تشكيل احزاب وكتل سياسية وبرلمانية عابرة للطوائف والعناوين الفرعية , تأخذ بالمواطنة وتتحرك وفقا لبرامج سياسية تغطي مساحة الوطن , ولا تكون محض عناوين طائفية ومذهبية وقومية ودينية , سيكون عاملا مهما في التخلي عن المحاصصة المطبقة حاليا , ويفتح الطريق نحو تشكيل ائتلافات سياسية حاكمة على وفق برامج تسهل متابعة تنفيذها , مقارنة بحكومات تقام على (( توافقات )) و (( ترضيات )) واعتبارات اخرى , فضلا عن تدخلات خارجية فاقمت المشهد السياسي وعمقت ازمته .
فمتى يتحقق ذلك لمصلحة الوطن والشعب العراق المبتلى بالأزمات والمعانات في ظل بلد غني بثرواته الطبيعية ؟!!!