الحالمون الصينيون ضد الهيمنة الأمريكية (التناقض المميت).


عبد الحسين سلمان
2021 / 6 / 6 - 19:38     

نشر موقع Monthly Review online مقالاً بعنوان:
بقلم الصحفي الامريكي John V. Walsh بتاريخ 05.06.2021 .

وأدناه ترجمتنا للمقال بتصرف.

في البداية, نود أن نذكر الإحصائيات التالية عن الاقتصاد الصيني والأمريكي.

1. الناتج المحلي الإجمالي / GDP / للصين لعام 2021 هو 26.68 تريللون دولار مقارنة مع 22.68 تريللون دولار لأمريكا .

2. الناتج المحلي الإجمالي للصين عام 2017 :
الزراعة: 7.9٪
الصناعة : 40.5٪
الخدمات: 51.6٪

3. الناتج المحلي الإجمالي لأمريكا عام 2017
الزراعة: 0.9٪
الصناعة: 18.9٪
الخدمات: 80.2٪

بمعنى: أن نسبة الصناعة في الصين ضعف نسبة الصناعة في أمريكا.

4. نسبة السكان تحت خط الفقر في الصين 0.6 % لعام 2019 ( 9 مليون نسمة) , مقارنة مع 10.5 % لأمريكا , ( 34 مليون نسمة).
( خط الفقر عندما يكون الدخل تحت 2.3 دولار في اليوم).

5. صادرات الصين لعام 2020 هي 2.6 تريللون دولار, مقارنة مع 2.2 تريللون دولار لأمريكا.

6. نسبة الصادرات إلى أمريكا من مجموع الصادرات الصينية تبلغ 16 % بينما تبلغ نسبة الصادرات إلى الصين من مجموع الصادرات الأمريكية 8 %.

7. الواردات للصين لعام 2020 هي 2.06 تريللون دولار , مقارنة مع 2.9 تريللون دولار لأمريكا. ( أمريكا تستورد أكثر ما تصدر بمقدار 0.7 تريللون دولار).

8. الديون الخارجية للصين لعام 2020 هي 2.4 تريللون دولار , مقارنة مع 21 تريللون دولار لأمريكا.

9. القوة العاملة الصينية تشكل 67% بينما في أمريكا تقدر بنسبة 58 %.

10. نسبة البطالة في الصين لعام 2020 هي 3.6 % بينما نسبة البطالة في أمريكا لنفس السنة هي 5.7 %.

11. نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي / GDP / عام 2020 في الصين تبلغ 45 % بينما في أمريكا رقم مخيف و مرعب هو 105 %.

هل لدى الصين والولايات المتحدة أهداف أساسية متناقضة ، أي أهداف تتعارض بشدة مع بعضها البعض بحيث لا يمكن للأهداف أن تتعايش؟ الجواب هو نعم.

مثل هذا التناقض يعني أنه يجب على أحد الأطراف التخلي عن أهدافه إذا لم يكن هناك نزاع كارثي.
أي بلد يجب أن يتراجع؟ هل هناك أساس أخلاقي أو منطقي للقيام بهذه الدعوة ، وهو الأساس الذي يمكن للبشرية أن تتفق عليه بسهولة؟

ما هي هذه الأهداف المتناقضة؟

من الواضح أن الهدف الأسمى للصين هو التنمية الاقتصادية ، وهي سياسة تلتزم بها عن كثب وتعلن عنها لمستقبلها. هذا ليس مفاجأة. إنه حلم كل دولة نامية. إنه "الحلم الصيني".

إذا لم تكن هذه الأهداف أكثر من مجرد كلمات على الورق ، فلن تكون هناك مشكلة.
لكن الصين تنجح كما هو معترف به على نطاق واسع الآن. تجاوز اقتصادها الولايات المتحدة من حيث الناتج المحلي الإجمالي (GDP) في نوفمبر 2014 وفقًا لصندوق النقد الدولي وهو ينمو بشكل أسرع.
تم أنتشال أكثر من 700 مليون شخص من الفقر ، مع القضاء على الفقر المدقع في عام 2020. تضم الطبقة الوسطى الآن أكثر من 400 مليون شخص. سوق البيع بالتجزئة ضخم وسوق التجارة الإلكترونية هو الأكبر في العالم إلى حد بعيد. الصين هي أكبر منتج في العالم.

وفقًا للبنك الدولي ، تحتل الصين المرتبة السابعة من أعلى مجموعة الدخل المتوسط الأعلى اعتبارًا من عام 2020 وتستعد لدخول صفوف 59 دولة في مجموعة الدخل المرتفع.
وضعت الصين هدفًا جديدًا ، وهو مستوى معيشة تتمتع به أكثر الدول ازدهارًا في الغرب ، ليتم تحقيقه بحلول عام 2049 ،والتي تصادف الذكرى المئوية لميلاد جمهورية الصين الشعبية.

دعونا ننتقل إلى الجانب الأمريكي من المعادلة.
للولايات المتحدة تاريخ طويل من التوسع والإمبريالية والعنصرية. ومع ذلك ، فإن طموح الهيمنة والسيطرة العالمية ، ظهر بوعي بين نخبة السياسة الخارجية للولايات المتحدة في عام 1941 قبل الدخول في الحرب العالمية الثانية كما يوثق ستيفن ويرثيم/Stephen Wertheim( مؤرخ وكاتب أمريكي/ في كتابه :
عالم الغد: ولادة التفوق العالمي للولايات المتحدة.
Tomorrow the World: The Birth of U.S. Global Supremacy . April 2021

هنري روبنسون لوس (3 نيسان 1898-28 شباط 1967) / Henry Robinson Luce , المعروف بلقب ( المواطن الخاص الأكثر نفوذاً في أمريكا في عصره) , وهو الذي صاغ مصطلح ( القرن الأمريكي American Century ) وذلك في مقال له في مجلة Life الأمريكية بتاريخ 17.02.1941 .


عبّر هنري لوس / Henry Luce / عن الفكرة في مقالته على النحو التالي:

يفترض أن الولايات المتحدة " أن تقبل بشكل صادق بواجبنا وفرصتنا كأقوى دولة في العالم وبالتالي لممارسة التأثير الكامل على العالم. تأثيرنا للأغراض التي نراها مناسبة وبالوسائل التي نراها مناسبة ".

جورج فورست كينان ( George F. Kennan)‏ (ولد 16 شباط 1904 - مات 17 أذار2005) كانَ , ولسنوات عضواً في قسم الشؤون الخارجية للولايات المتحدة. وكمُخططٍ للسياسات الخارجية في آواخر الأربعينيات والخمسينيات، ولقد أُعتبر "مهندسَ" الحرب الباردة بدعوته لاحتواء الاتحاد السوفيتي.

بعد الحرب العالمية الثانية عندما نظر بازدراء العملاق الأمريكي إلى بقية الدول التابعة له في العالم بعد الحرب ، سمعنا شعورًا مشابهًا من جورج كينان / George Kennan / بالقول :
علاوة على ذلك ، لدينا حوالي 50٪ من ثروة العالم ولكن لدينا 6.3٪ فقط من سكانه. هذا التفاوت كبير بشكل خاص بيننا وبين شعوب آسيا. … مهمتنا الحقيقية في الفترة المقبلة هي ... الحفاظ على هذا الموقف من التفاوت…. للقيام بذلك ، سيتعين علينا الاستغناء عن كل المشاعر…. لا نحتاج إلى خداع أنفسنا لأننا نستطيع اليوم أن نوفر رفاهية الإيثار و الاحسان العالم…..

بول دونديس وولفويتز / Paul Dundes Wolfowitz / (من مواليد 22 كانون الأول 1943) , المحافظين الجدد البارزين, مهندس الحرب على العراق عام 2003, وهو عالم سياسي ودبلوماسي أمريكي شغل منصب الرئيس العاشر للبنك الدولي ، ونائب وزير الدفاع الأمريكي ، وسفير الولايات المتحدة في إندونيسيا ، والعميد السابق لجونز هوبكنز سايس / Johns Hopkins SAIS/. وهو حاليًا باحث زائر في معهد أمريكان إنتربرايز/ American Enterprise Institute .

مبدأ وولفويتز / Wolfowitz Doctrine :
هو اسم غير رسمي أُطلق على النسخة الأولية من دليل التخطيط الدفاعي للسنوات المالية 1994-1999 (بتاريخ 18 فبراير 1992) والذي نشره وكيل وزارة الدفاع الأمريكية للسياسة بول وولفويتز ونائبه سكوتر ليبي / Scooter Libby/.
لم يكن مخصصًا للنشر العام ، فقد تم تسريبه إلى صحيفة نيويورك تايمز في 7 أذار 1992 ،وأثار جدلاً عامًا حول السياسة الخارجية والدفاعية للولايات المتحدة.
تم انتقاد الوثيقة على نطاق واسع باعتبارها إمبريالية ، حيث حددت الوثيقة سياسة الأحادية والعمل العسكري الوقائي لقمع التهديدات المحتملة من الدول الأخرى ومنع الديكتاتوريات من الارتقاء إلى مرتبة القوة العظمى.
و قد أعلن بول وولفويتز / Paul Wolfowitz/ في هذا المبدأ, والذي يمكن تلخيصها في جملة واحدة:
يجب أن نحافظ على آلية ردع المنافسين المحتملين.

وصف السناتور إدوارد إم كينيدي / Edward M. Kennedy/ بأن هذا المبدأ هو: دعوة للإمبريالية الأمريكية في القرن الحادي والعشرين لا يمكن لأي دولة أخرى قبولها" .

ينطبق تعريف "المنافس المحتمل" / potential competitor/ تماماَ على الصين.
إنها لا "تطمح" إلى دور إقليمي أكبر ودور عالمي فحسب ، بل إنها حققتها بالفعل!

وفقًا لمبدأ ولفويتز ، لا يجب "احتواء" الصين فحسب ، بل يجب إعادتها إلى وضع غير منافس بأي "آلية" يمكن للولايات المتحدة ابتكارها.

وهكذا نصل إلى التناقض الأساسي.
تصر الولايات المتحدة على أنها القوة الأعظم في العالم ، قوة مهيمنة لا يمكن التغلب عليها. هذا يعني أنه يجب أن تكون القوة الاقتصادية الأولى .

نظرًا لأن عدد سكان الصين يبلغ حوالي أربعة أضعاف عدد سكان الولايات المتحدة ، فسيكون إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لها أربعة أضعاف مثيله في الولايات المتحدة! ستكون الولايات المتحدة بعد ذلك بعيدة عن القوة المهيمنة ؛
أن عقيدة وولفويتز سوف تتلاشى و تنهار .

هذا لا يعني أن الولايات المتحدة سوف تسقط في الفقر المدقع أو حتى أن مستوى معيشتها سوف يتعرض للخطر.
في الواقع ، لا يوجد سبب يمنع الولايات المتحدة من الاستمرار في كونها دولة مزدهرة بشكل متزايد. وبهذا المعنى ، فإن التناقض بين الولايات المتحدة والصين ليس تضاربًا في المصالح بين الشعب الأمريكي والشعب الصيني. لكنه تناقض بين النخبة الحاكمة للولايات المتحدة و 1.4 مليار حالم صيني.

كيف يمكن للولايات المتحدة أن تحافظ على طموحها في الهيمنة؟ ببساطة ، يجب وقف التنمية في الصين .

وبالتالي ، فإن الدافع إلى التفوق الأمريكي هو حرب على تطلعات السكان الصينيين الهائل ، وليس مجرد حرب على الدولة الصينية.
هل سيقبل شعب الصين ،الذي ما يقرب من 20٪ من سكان العالم ، هذا المصير؟

كيف إذن ننظر إلى الصين والولايات المتحدة ؟
بالنظر إلى هدف الولايات المتحدة المتمثل في الهيمنة مقابل الحلم الصيني بمستوى معيشي عالياَ ، أيهما له المطالبة الأكبر بدعم البشر المحترمين في كل مكان؟

1.4 مليار من الحالمين الصينيين أم النخبة الحاكمة الصغيرة في الولايات المتحدة؟


https://mronline.org/2021/06/05/the-chinese-dreamers-vs-the-u-s-hegemon/

Foreign Relations of the United States, 1948, Volume I, p. 509-529.

Defense Planning Guidance for the 1994-1999 fiscal years, dated February 18, 1992, from the office of Paul Wolfowitz.

World Economic Outlook Database". imf.org. International Monetary Fund. Retrieved 4 May 2021.

 "World Economic Outlook Database, April 2021". IMF.org. International Monetary Fund. April 2021. Retrieved April 6, 2021.