العراق إلى أين ..؟


فلاح أمين الرهيمي
2021 / 6 / 6 - 14:57     

حينما حدثت حركة التغيير في العراق عام / 2003 بالرغم من كونها أنقذت العراق وشعبه من الحروب ومن حكم دكتاتوري دموي إلا أنها أفرزت سلبيات أولاً إن عملية التغيير لم تحدث من قبل قوى عراقية وإنما جرت من خلال دولة أجنبية (الولايات المتحدة الأمريكية) وثانياً حولت الاقتصاد العراقي من وطني إلى ريعي وحولت الحكم في العراق ذا طبيعة طائفية متناقضة الطوائف والرأي والأفكار والكتل لأنها كانت ولادة غير طبيعية عرجاء.
استلمت الحكم بعد تحرر العراق من الحكم الأمريكي أحزاب سياسية وطوائف وأجندة مختلفة الأفكار بقيادة أحزاب سياسية توافقية من البيت الشيعي وكان رئيس الوزراء من الطائفة الشيعية وكانت للأحزاب السياسية الشيعية ميليشيات تابعة لها وقد استطاعت المنظمة الإرهابية (داعش) أن تحتل أربعة مدن عراقي التي كانت أكثرية رعاياها من طائفة السنة بسبب التذمر الطائفي التي استغلته منظمة (داعش) وضعف وعدم تنظيم وقوة قوات الجيش والأمن الداخلي وبسبب مؤامرة في الموصل في عهد وزارة السيد المالكي أدت إلى انسحاب القوات المسلحة العراقية منها وتمكن قوات منظمة داعش الإرهابية من احتلالها مما دفع بالمرجعية الرشيدة إعلان فتوى الجهاد الكفائي لإنشاء الحشد الشعبي الذي تكون من المتطوعين من أبناء الطائفة الشيعية والذي تبنته الكتل والميليشيات والأحزاب السياسية الشيعية الذي استطاع أن يلعب دور شجاع وبطولي وقدم العشرات من الشهداء والجرحى وبمساعدة الجيش الباسل وقوى الأمن الداخلي الشجعان أن يحقق النصر على منظمة داعش الإرهابية ويطردها من الأراضي العراقية وينظفها.
إن أية قوة تقوم وتقود الحكم بعد عملية التغيير إذا لم تكن موحدة فكرياً وعقائدياً وسياسياً تكون متناقضة ويحدث بينها بعد مدة من الحكم الاختلاف والتناقض والصراع، بالنسبة للحكم في العراق كان البيت الشيعي متحد السياسة والمصالح في وجه الطوائف والأجندة المختلفة في العراق وعندما ضعفت تلك القوى والأجندة بقي يوحد البيت الشيعي رئيس الوزراء الشيعي والذي ينتمي أو يتعاطف مع البيت الشيعي بالرغم من التناقض والصراع كان في البيت مخفياً وغير ظاهرياً بسبب عدم التوافق سياسياً ومصلحياً كما أفرزت فترة الحكم التي كانت تقودها الأحزاب السياسية سلبيات كثيرة أدت إلى انفجار ثورة الجوع والغضب التشرينية التي قدمت خمسمائة شهيد وخمسة وعشرون ألف جريح وسببت استقالة (عادل عبد المهدي) الذي كان متعاطفاً ومنحازاً مع قسم من الأحزاب والكتل والميليشيات التابعة لها.
استلم الحكم السيد مصطفى الكاظمي بترشيح من كتلة الفتح التي يرأسها السيد هادي العامري وكان حيادياً ولم ينتسب لأحد الأحزاب وكان شيعي المذهب إلا أنه لا يفرق بين المذاهب والطوائف الأخرى وكانت حكومته الوزارية انتقالية حتى إنجاز الانتخابات في 10/10/2021 وسعى أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة والتعامل مع جميع القوى والأحزاب السياسية بالعدل والتساوي بينهم والمحافظة على هيبة الدولة ومكافحة الفساد الإداري والتصدي لانفلات السلاح والمال السياسي وملاحقة ومحاسبة قتلة المتظاهرين والقضاء على ظاهرة الاغتيالات وخطف الناشطين وغيرها وقد أدت سياسته إلى خلق فجوة بينه وبين قسم من الأحزاب السياسية والكتل والميليشيات المسلحة والحشد الشعبي بسبب اعتقال أحد قادته باتهام قتل بعض الناشطين وكادت هذه العملية تؤدي إلى صراع وتصادم في المنطقة الخضراء بين الجيش العراقي والحشد الشعبي لولا العقلاء وأصحاب الرأي أطفأت (الفتنة العمياء) كما أدت إلى انقسام في البيت الشيعي بين مؤيد للسيد الكاظمي وبين معارض له. والآن سوف يبقى الخطر قائماً والنار تحت الرماد ما زال السلاح منفلتاً الذي يهدد ولا يهدأ وما زلنا مقبلين نحو الانتخابات والمتناقضات والمصالح تعتبر هي المحرك الرئيسي لجميع القوى السياسية. المطلوب الآن التجرد من السلاح لأنه يؤدي إلى الفتنة العمياء ويتحول الصراع من خلال الحوار وليس السلاح بالمنافسة الحرة والديمقراطية بواسطة الصحف والفضائيات والطرق السلمية وأن يصبح السلاح بيد الدولة لأنها هي المسؤولة عن الأمن والاستقرار وحكم القانون بين أبناء الشعب وعلى الجميع أن يرحموا الشعب وأن يفكروا بالنتائج والتجارب عن مصير الشعوب في سوريا وليبيا واليمن والتي أدت إلى فشل وخسارة بالأرواح والتشريد وتهديم المدن لجميع أبناء الشعب ولم يستفاد منها سوا الأعداء فقط.
إن العراق وطن الجميع وحمايته واستقراره من مسؤولية الجميع وإذا تعرض للخطر فإنه يصيب الجميع ولم ينجو أحد إذا لم يكن هو فمن عائلته وإذا لم يكن من عائلته فمن شعبه ووطنه. وليعلم الجميع أن الخطر قيام الفتنة العمياء التي تحرق الأخضر واليابس وتدمر العراق احتمالها موجود ما زال انفلات السلاح موجود.