الفساد المالي والاداري ينخر في جسد العراق


عادل عبد الزهرة شبيب
2021 / 6 / 6 - 14:56     

تعد ظاهرة الفساد المالي والإداري من الظواهر الخطيرة التي تواجه البلدان وعلى الأخص الدول النامية حيث أخذت تنخر في مجتمعاتها, بدأت باختلال الأمن وما تبعه من شلل في عملية البناء والتنمية الاقتصادية والتي تنطوي على تدمير الاقتصاد والقدرة المالية والاقتصادية وبالتالي عجز الدولة على مواجهة تحديات أعمار او إعادة أعمار وبناء البنى التحتية اللازمة لنموها. وقد لاقى الفساد اهتمام الكثير من الباحثين والمهتمين واتفقت الآراء على ضرورة وضع وتأسيس اطار عمل مؤسسي الغرض منه تطويق المشكلة وعلاجها من خلال خطوات جدية ومحددة ومكافحة الفساد بكل صوره ومظاهره وفي كافة مجالات الحياة .
أسباب الفساد:
بلغ الفساد المالي والإداري في العراق أشده الى درجة اعتبار العراق من قبل منظمة الشفافية الدولية يحتل الدرجة الثالثة من بين دول العالم الأكثر فسادا في العالم بعد الصومال وماينمار ,وهذا يستدعي من اي حكومة وطنية في العراق معالجة اسبابه معالجة جذرية ومكافحته كمكافحة الارهاب فالاثنان وجهان لعملة واحدة.
تشير مفوضية النزاهة الى ان من الاسباب الحقيقية المؤدية الى تفاقم ازمة الفساد المالي والاداري في المؤسسات العراقية هو التضارب بين الصلاحيات في المؤسسات ,مجالس المحافظات والمجالس البلدية, وهذا يتطلب اعادة تسمية الصلاحيات وتقسيمها اضافة الى ذلك ان المؤسسات العراقية هي مؤسسات فتية تشكلت مؤخرا وهي غير ناضجة بما فيه الكفاية ,الامر الذي ادى الى استشراء الفساد فيها .ومن اسباب الفساد الاخرى نظام المحاصصة الذي ادى الى وضع اشخاص غير مناسبين وغير مؤهلين في اماكن غير مناسبة. كذلك من اسبابه ايضا الصلاحيات المطلقة الممنوحة الى مجالس المحافظات والمجالس البلدية ,وقد اشارت مفوضية النزاهة الى ان اكثر من 1700 قضية فساد تم احالتها الى القضاء العراقي .
ويمكن تلخيص اسباب الفساد :
1. اسباب حضرية والتي تعني ان سبب بروز ظاهرة الفساد هو وجود فجوة كبيرة بين القيم الحضرية السائدة في المجتمع وبين قيم وقواعد العمل الرسمية المطبقة في اجهزة الدولة لذلك ستكون هناك حالات مخالفة لقيم وقواعد العمل الرسمية تعد استجابة طبيعية للنظام القيمي الحضري.
2. اسباب سياسية حيث ان محدودية قنوات التأثير غير الرسمية على القرارات الادارية اضافة الى ضعف العلاقة ما بين الادارة والجمهور وانتشار الولاءات الجزئية كل هذه الحالات من شأنها ان تؤدي الى بروز الفساد الاداري.
3. أسباب هيكلية: وتعني وجود هياكل قديمة للأجهزة الادارية لم تتغير على الرغم من التطور الكبير والتغير في قيم وطموحات الافراد, وهذا له اثره الكبير في دفع العاملين الى اتخاذ مسالك وطرق تعمل تحت ستار الفساد الاداري بغية تجاوز محدوديات الهياكل القديمة وما ينشأ عنها من مشاكل تتعلق بالإجراءات وتضخم الاجهزة الادارية المركزية.
4. اسباب قيمية: حيث يحدث الفساد الاداري نتيجة لانهيار النظام القيمي للفرد او المجموعة.
5. اسباب اقتصادية: لعل من اهم هذه الاسباب هو عدم العدالة في توزيع الثروة في المجتمع والذي من شأنه ان يولد فئات ذات ثراء كبير واخرى محرومة.
6. انتشار الفقر والجهل ونقص المعرفة بالحقوق الفردية وسيادة القيم التقليدية والروابط القائمة على النسب والقرابة.
7. عدم الالتزام بمبدأ الفصل المتوازن بين السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية في النظام السياسي وطغيان السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية واعتماد نظام المحاصصة في توزيع المناصب ,وهو ما يؤدي الى الاخلال بمبدأ الرقابة المتبادلة, كما ان ضعف الجهاز القضائي وغياب استقلاليته ونزاهته وخضوعه للسلطة التنفيذية يعتبر سببا مشجعا على الفساد.
8. ضعف اجهزة الرقابة في الدولة وعدم استقلاليتها.
9. تزداد الفرص لممارسة الفساد في المراحل الانتقالية والفترات التي تشهد تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية ويساعد على ذلك حداثة او عدم اكتمال البناء المؤسسي والاطار القانوني التي توفر بيئة مناسبة للفاسدين مستغلين ضعف الجهاز الرقابي على الوظائف العامة في هذه المراحل.
10. ضعف وانحسار المرافق والخدمات والمؤسسات العامة التي تخدم المواطنين.
11. غياب حرية الاعلام وعدم السماح للإعلاميين او المواطنين بالوصول الى المعلومات والسجلات العامة مما يحول دون ممارستهم لدورهم الرقابي على اعمال الوزارات والمؤسسات العامة.
12. ضعف دور مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الخاصة في الرقابة على الاداء الحكومي.
13. اسباب خارجية ناتجة عن وجود مصالح وعلاقات تجارية مع شركاء خارجيين واستخدام وسائل غير قانونية من قبل الشركات الخارجية للحصول على الامتيازات داخل الدولة.
آثار الفساد:
للفساد الاداري والمالي بصورة عامة مجموعة من الاثار السلبية اهمها حالات الفقر وتراجع العدالة الاجتماعية وانعدام ظاهرة التكافؤ الاجتماعي _الاقتصادي وتدني المستوى المعيشي لطبقات كثيرة في المجتمع نتيجة تركز الثروات والسلطات في ايدي فئة الاقلية التي تملك المال والسلطة على حساب فئة الاكثرية وهم عامة الشعب. ومن آثار هذه الظاهرة ضياع اموال الدولة التي يمكن استغلالها في اقامة المشاريع التي تخدم المواطنين بسبب سرقتها او تبذيرها على مصالح شخصية وما لذلك من اثار سلبية جدا على الفئات المهمشة. كما تظهر اثار الفساد بشكل واضح على المهمشين فبسبب هذا الفساد الواسع يحدث فقدان الثقة في النظام الاجتماعي السياسي وبالتالي فقدان شعور المواطنة الى جانب هجرة العقول والكفاءات والتي تفقد الامل في الحصول على موقع يتلاءم مع قدراتها مما يدفعها للبحث عن فرص عمل ونجاح في الخارج. كما يقود الفساد الى العديد من النتائج السلبية على التنمية الاقتصادية والفشل في جذب الاستثمارات الخارجية وهروب رؤوس الاموال المحلية وهدر الموارد والكلفة المادية الكبيرة للفساد على الخزينة العامة, كما يؤدي الى الصراعات الكبيرة في حالة تعارض المصالح بين المجموعات المختلفة ويؤدي الى خلق جو من النفاق السياسي كنتيجة لشراء الولاءات السياسية ويؤدي الى الاساءة الى سمعة النظام السياسي وعلاقاته الخارجية.
مكافحة الفساد :
1. تبني نظام ديمقراطي يقوم على مبدأ فصل السلطات وسيادة القانون من خلال خضوع الجميع للقانون واحترامه والمساواة أمامه وتنفيذ احكامه من جميع الاطراف, نظام يقوم على الشفافية والمساءلة.
2. بناء جهاز قضائي مستقل وقوي ونزيه وتحريره من كل المؤثرات والضغوطات السياسية للأحزاب المتنفذة في السلطة مع التزام السلطة التنفيذية باحترام احكامه.
3. تفعيل القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد على جميع المستويات كقانون الافصاح عن الذمم المالية لذوي المناصب العليا وقانون الكسب غير المشروع وقانون حرية الوصول الى المعلومات ,وتشديد الاحكام والعقوبات المتعلقة بمكافحة الرشوة والمحسوبية واستغلال الوظيفة العامة في قانون العقوبات.
4. تطوير دور الرقابة والمسائلة للهيئات التشريعية من خلال الادوات البرلمانية المختلفة في هذا المجال.
5. تعزيز دور هيئات الرقابة العامة كمراقب الدولة أو دواوين الرقابة المالية والإدارية او دواوين المظالم التي تتابع حالات سوء الإدارة في مؤسسات الدولة والتعسف في استخدام السلطة وعدم الالتزام المالي والإداري وغياب الشفافية في الإجراءات المتعلقة بممارسة الوظيفة العامة.
6. التوعية والتثقيف بالمواثيق المتعلقة بشرف ممارسة الوظيفة العامة, وتنمية الدور الجماهيري في مكافحة الفساد من خلال برامج التوعية بهذه الآفة ومخاطرها وتكلفتها الباهظة على الوطن والمواطن.
7. إعطاء الحرية للصحافة بالوصول الى المعلومات والقيام بدورهم في نشر المعلومات وكشف قضايا الفساد ومرتكبيها.
8. مقاضاة المخالفين والضرب بيد من حديد على الرؤوس الفاسدة داخل الجهاز الإداري وعدم تستر الأحزاب المتنفذة في السلطة على فساد منتسبيها.