نحو سلام جديد النوع


المنصور جعفر
2021 / 6 / 5 - 12:09     

تصريحات رئيس اميركا ووزير خارجية أمريكا بأهمية وضرورة التعامل الأمريكي المنصف بين الإسرائيليين والفلسطينيين كانت ولم تزل تصريحات عظيمة ممتازة تساعد في خلق نوع جديد من السلام غير استعماري، بل سلام يخفض غلواء المنتصر عسكرياً على المهزوم المقاوم ، وذلك ببناء منظومة تعاملات وحقوق مشتركة ومتساوية، وهو حال ليس عادلاً تماماً بالقراءة الماضوية للتاريخ ولكنه مستقبلاً يمنع مظالم وآلام كثيرة في الشرق الأوسط والعالم.


لإحداث هذا الإنصاف نشطت لعشرات السنين أكثر من ¾ مجتمعات ودول العالم، وكل مناضلي السلام غير الاستعماري من الشيوعيين والاشتراكيين والنقابيين والوطنيين والاجتماعيين، ومنظمات النساء والشباب والدفاع عن الحقوق والدفاع عن البيئة، وناشطي تعارف وتفاهم الديانات، وفي طول القرن الماضي والسنوات الحاضرة منذ نهايته التهبت لتحقيقه أو لمنعه السياسة الدولية.


هذه التصريحات الجيدة متناقضة مع الفرق الواقعي بين حجم الأموال التي تدفعها حكومة أمريكا كل عام إلى إسرائيل ببلايين الدولارات وحجم ما تدفعه نفس أمريكا لسلطة الفلسطينيين التي أسستها أمريكا وهو فقط كم مئة مليون دولار كل عام!


لأهمية دور الاقتصاد والمال في خلق أو في تخفيف التوتر ليس من المنطق والعدل أن يتم في كل عام انفاق بلايين الدولارات في تسبيب مآسي على الفلسطينيين ثم تقديم فقط كم مئة مليون دولار كدعم لضحايا هذه البلايين.


في المشروع الأميركي السابق للسلام المعروف ب"صفقة القرن" المقدر له عشماً جمع 50 بليون دولار كان نصيب الفلسطيني من الموارد الموعودة له 27 بليون دولار لكنها كانت مقسمة على سنين طويلة و15 بند أكثرها مشروعات بناء (مشترك) طويلة الأجل يأخذ بعضها كالطريق الرابط بين الضفة وغزة ربع هذه الأموال واكثرها سيذهب لمقاولات أمريكية إسرائيلية كبرى. ومن ثم بعد خصم الإستثمارات والأمور التجارية بالإمكان توقع تحسن وتدهور، أي تحسن مالي قليل بالنسبة لأجور الكادحين الفلسطينيين وتدهور اقتصادي أكبر نتيجة الخلل الهيكلي في الاقتصاد والأمن الفلسطيني.


إضافة لضرورة العدل الإقتصادي لنجاح التعاملات الأمريكية في المنطقة فإن تحقيق السلام المستدام في الشرق الأوسط يحتاج لتحقيق "السلام العالمي"
وأهم مفردات تحقيقه قيام التيار الصهيوني العالمي بمصالحة التيار الإستاليني العالمي.


يلزم لبداية هذه المصالحة إنتقال زعماء الصهاينة من حالة الأنانية التجارية الدولية التي أستمرت أكثر من 200 عام سممت فيها نفسها والعالم بالأزمات المالية التجارية والاقتصادية، وبسياسات الحصار والتسميم المالي والتجاري وبالنزاعات وبالإرهاب وبالحروب الناعمة، وبالفساد والجريمة المنظومة، صارت جميعها حالة عالمية ملازمة للهيمنة الامبريالية وزيادتها المخاطر في العالم، وتمحورها بنظم أحادية كنظام "البترودولار".


ومن ثم تبدو ضرورة انتقال المصالح الصهيونية من التعايش مع حالة عالمية للأمن المتناقص والكرب المتفاقم وتحولها إلى تعايش مع أفكار ونشاطات التعاون والتكامل الاقتصادي الاجتماعي ذو المشروعات وحتى الجمعيات التعاونية المعززة للتنمية المتوازنة في دول العالم التالت ولصون البيئة ومن ثم فرهدة نوع جديد من السلام غير إستعماري بل تنموي.


نعم، صناعة الفقر وإنتاج التفاوت والتخلف أهم عوامل العنصرية والتطرف والتوتر والنزاعات والإرهاب والحروب والكراهية، ومن ثم فإن ضدها يعزز السلام.


وفقا لهذا السياق السلمي العالمي وارتباطه لتخفيض الأسباب الهيكلية لزيادة الفقر والتخلف لابد للحكومات التي يسيطر النفوذ الصهيوني على أمورها المالية في بريطانيا وغرب أوروبا والولايات المتحدة وتوابعهم ان تزيد تعاونها مع دول العالم الأقل نموءاً ومع الهند وروسيا والصين. وجنوب إفريقيا وأصدقاءهم، بدلاً لسياسة التوبيخ الأيديولوجي والإنزاف المالي والضغط الهيكلي والإرهاق البيئي وخلق مشاكل لهذه الدول.


نعم، لتحقيق السلام الوطيد مهم جداً تغيير أسلوب إدارة الإقتصاد من اسلوب الأنانية ونزاعاتها إلى أسلوب إشتراكي.


لبناء سلام كامل في منطقة ما وخاصة في الشرق الأوسط مع إبقاء مناطق العالم الأخرى في حالة تتراوح بين ربع أو نصف حرب وتلاتة أرباع حرب.


إضافة لأي تصريحات موجبة وأكثر تكاملاً فإن أي عملية لبناء السلام أو لتعزيز أي حق ديموقراطي آخر يجب أن تكون جذرية متكاملة شاملة فليس بالامكان بقاء بيت سالم آمن مع ترك النيران مشتعلة حوله وترك دواخله محشوة بالأنانيات التجارية الرأسمالية القابلة للإشتعال وحولها كم من الآلات والانفرادات السياسية المولدة للنيران والشرر.