السلع و الرأسماليّة – و التبعات الفظيعة لهذا النظام – شرح أساسي


شادي الشماوي
2021 / 6 / 4 - 15:00     

جريدة " الثورة " عدد 701 ، 24 ماي 2021
https://revcom.us/a/701/bob-avakian-commodities-and-capitalism-a-basic-explanation-en.html

في عدد من الأعمال و منها " إختراقات " (1) و " الشيوعيّة الجديدة " (2) قد تفحّصت التناقض الأساسي للإقتصاد الرأسمالي ( نمط / أسلوب الإنتاج ) والتبعات الفظيعة لواقع أنّ نظام الرأسماليّة-الإمبرياليّة يواصل سيطرته على العالم. و هنا أودّ أن أقدّم شرحا مقتضبا أكثر و أكثر أساسيّة للتناقض الكامن ( المبنيّ في أساس ) نمط الإنتاج هذا و كيف يؤدّى هذا إلى هذه التبعات الفظيعة .
الرأسماليّة هي النظام حيث الإنتاج السلعي و التبادل السلعي معمّمين . و السلعة هي أيّ شيء يتمّ إنتاجه من أجل التبادل ( البيع ) . و هذا يختلف عن حال إتاج شخص لشيء من أجل الإستعمال الخاص ( و لا يقوم بتبادله مع شخص آخر ). مفهومة عل هذا النحو ، السلعة يمكن أن تكون إمّا بضاعة ( كالملابس ) أو خدمة ( كالرعاية الصحّية ). فى ظّل الرأسماليّة، البضائع و الخدمات سلع .
و تنطوى السلع على تناقض أساسي مبنيّ صلبها : التناقض بين القيمة الإستعماليّة و القيمة التبادليّة . و القيمة الإستعماليّة تعكس واقع أنّه من اجل تبادل سلعة بشيء آخر (بيعها ) ، يجب أن يكون هناك شخص ( أو عدّة أشخاص ) يعتبرون هذه السلعة الخاصة مفيدة ( شيئا يحتاجون إليه و يرغبون فيه ). و تحيل القيمة التبادليّة على واقع أنّ قيمة أيّ شيء ، كسلعة يرجى تبادلها ، تساوى كمّية العمل الضروريّ إجتماعيّا اللازم لإنتاج هذا الشيء . و لجل تقديم أمثلة على ذلك ، إستخدمت مثال قطعة الحلوى و طائرة . و مردّ أنّ قيمة الطائرة أكبر بكثير – تتضمّن قدرا أكبر من القيمة التبادليّة – من قطعة الحلوى هو بالأساس أنّ كمّية العمل الضروريّ إجتماعيّا الذى إستغرقه إنتاج طائرة اكبر بكثير ممّا يتطلّبه إنتاج قطعة حلوى. (3)
و عند نقاش هذا الصنف من الأشياء ، إستعملت أيضا مثال كعك الشكلاطة (4) إذا صنعنا كعك الشكلاطة بفكرة بيعه و لم نجد من يعتبرها مفيدة – يفضّل الناس كعكا آخر أو لسبب ما ، لا أحد يرغب في الكعك – حينئذ لن نستطيع أن نتبادلها ( تبيعها ). في هذه الحال ، القيمة التبادليّة لهذا الكعك ( ما يمكن الحصول عليه كمقابل – المال أو سلعة أخرى ) لا يمكن أن تتحقّق ، و المال الذى أنفقته لأجل الحصول على مكوّنات صنع الكعك ستخسرها . و لئن إستمرّ هذا سنغرق في الديون و في نهاية المطاف ستضطرّ إلى التخلّى عن محاولة بيع الكعك ، سنفلس . و سيتوقّف نشاطنا .
هنا نلاحظ التناقض الأساسي بين القيمة الإستعماليّة و القيمة التبادليّة . يجب أن تكون للشيء قيمة إستعماليّة ليتمّ تبادله ؛ و إن لم تكن له قيمة إستعماليّة ( متى لم يعتبر الناس أنّه مفيد أو يعتبرون صنفا آخر من ذات السلعة أو سلعة ما أخرى أكثر فائدة ) ، عندئذ لا يمكن تبادله و مالك هذا الشيء ( السلعة سيعانى خسارة .
و مثلما جرت الإشارة إلى ذلك في البداية ، النظام الرأسمالي يعنى تعميم الإنتاج و التبادل السلعيّين . بشكل طاغي في المجتمع الرأسمالي / يقع إنتاج الأشياء من أجل التبادل ( البيع ). و مظهر محدّد آخر للرأسماليّة هو أنّ قوّة العمل ( القدرة على العمل عامة ) هي أيضا سلعة : الناس الذين يقع تشغيلهم من قبل آخرين يبادلون سلعتهم هذه ( قوّة عملهم ، قدرتهم على العمل ) بسلعة أخرى : المال ( أجر ) لأجل الحياة – لأجل الحصول على أساس يسمح بشراء بعدُ سلع أخرى على غرار الغذاء و الملابس و ما إلى ذلك.
" سرّ " التطوّر الرأسمالي هو أنّ قوّة العمل نوع خاص من السلع : يمكن أن تنتج أكثر ثروة ( قيمة ) عند إستعمالها ( من قبل المشغّل – الرأسمالي ) من كمّية القيمة المساوية لما يُدفع أجره للعامل في شكل أجر . لذا يبدو ، ظاهريّا ، أنّ " التبادل عادل " – أجر مقابل عمل – في حين أنّه عمليّا تبادل غير عادل – الشخص المشتغِل لا يعمل فقط طوال الوقت الذى يُنتج فيه القيمة المساوية لأجره ؛ عليه أن يشتغل عدد من الساعات الإضافيّة لإنتاج قيمة إضافيّة – فائض القيمة – يراكمها ( يتملّكها ) المشغِّل ، الرأسمالي . و حين لا يرغبون في القيام بذلك ، يجرى تسريحهم – أو في البداية لا يجرى تسريحهم.
هذا هو مصدر الربح الرأسمالي وهو يمثّل العلاقة الإستغلاليّة الأساسيّة للرأسماليّة – نظام فيه في نهاية المطاف مليارات البشر يشتغلون لدي حفنة من الرأسماليّين ، بشركات و مجّمعات كبرى أخرى لرأس المال تسيطر على الاقتصاد و تراكم كمّيات هائلة من الأرباح سنويّا . و هذا الإستغلال هو جزء من التناقض الأساسي للرأسماليّة – التناقض بين الإنتاج الاجتماعي الطابع و التملّك الفرديّ – واقع أنّ الإنتاج يجرى عمليّا إنجازه نحو إجتماعي بصفة عالية ، غالبا بآلاف الناس يعملون معا في مواقع عمل مختلفة لإنتاج سلع يجب بيعها ( سواء الغذاء أم الملابس أم الأحذية أم السيّارات أم كرة لعبة كرة القدم و غيرها من المنتوجات ) و الى هي بدورها جزء من النظام العام للإنتاج الذى يعنى إشتراك الملايين و في نهاية المطاف مليارات البشر في حين أنّ منتوجات هذا العمل ( السلع ) يتمّ تملّكها فرديّا و بيعها من قبل الرأسماليّين الذين لا ينجزون العمل لإنتاج هذه السلع بل يستخدمون آخرين للقيام بذلك .
و هذه العلاقة بين الرأسماليّين ( البرجوازيّة ) و الذين يستغلّهم هؤلاء الرأسماليّين ( البروليتاريا ) واحدة من القوى المحرّكة للنظام الرأسمالي . و القوّة المحرّكة الأخرى و الأكثر تحديدا هي فوضى هذا النظام . و يعود هذا إلى التناقض الأساسيّ بين القيمة الإستعماليّة و القيمة التبادليّة . ولأجل إنتاج السلع التي يريدون بيعها ، على الرأسماليّين أن ينفقوا المال ( يستثمروا ) في شراء قوّة العمل ( مشغّلين الناس مقابل أجر ) ، و كذلك في المواد الأوّليّة و الآلات و سواها من وسائل الإنتاج الأخرى. و مع ذلك ، حتّى مع كلّ " دراساتهم للسوق " و مساعيهم الأخرى لحساب كيف " يحقّقون إيرادات مربحة " نسبة لإستثماراتهم ، هؤلاء الرأسماليّون في تنافس مع رأسماليّين آخرين و لا ضمان أنّهم سيقدرون على تحقيق إيرادات مربحة ، أو حتّى أن يقدروا على أن " يستردّوا " ( يستعيدوا قدرا مساويا ل ) ما قد إستثمروه . لهذا ينفقون أموالا طائلة في الإشهار في مسعى لإقناع " المستهلكين " بأنّ إنتاجهم فائدته كبيرة و أكبر من فائدة غيره. و إذا لم ينجحوا في إقناع ما يكفى من " المستهلكين" ليشتروا منتوجهم ، حالئذ لن يقدروا على تحقيق القيمة التبادليّة المتجسّدة في إنتاجهم – سيخفقون في الحصول على " إيرادات مربحة " أو ربّما حتّى أن " يستردّوا " إستثماراتهم ؛ و إذا إستمرّ هذا ، سيخسرون و يستفيد رأسماليّون آخرون و في نهاية المطاف قد " يغرقون " تماما . هذه هي القوّة المحرّكة التي تقود الرأسماليّين في البحث الدائم عن أوضاع يتمكّنون فيها من إستغلال الناس ليستغلّوهم إستغلالا أشدّ – مشغّلينهم بأجور أدنى كالأجور الراهنة في معامل هشّة و مناجم في بلدان ما يسمّى بالعالم الثالث ( أمريكا اللاتينيّة و الشرق الأوسط و آسيا ).
و واقع أنّ التنافس بين الرأسماليّين و الفوضى التي يعنيها يحدث الآن على نطاق واسع – شاملا الإنتاج و التبادل على نطاق عالمي ، مع حاجة الرأسماليّين إلى البحث المستمرّ عن المصادر الأرخص ل " الإستثمارات " ( بما فيها أناس يستغلّونهم و كذلك موادا أوّليّة ) بغضّ النظر عن التكلفة التي يدفعها البشر و تدفعها البيئة – و هذا يعنى أنّ الدمار الناجم عن هذا يحصل كذلك على نطاق واسع وهو يتوسّع بلا توقّف . و مثلما شرح ذلك ريموند لوتا في مقال غاية في الأهمّية :
" تحيل عولمة الإنتاج الإمبريالية المشتدّة على واقع أنّ قسما أكبر نوعيّا من الإنتاج الصناعيّ الذى يخدم متطلّبات الرأسمال الإمبريالي لإنتاج الربح يُنجز في أنحاء أوسع من العالم ، خارج السوق " الداخليّة " ( المحلّية ) للإقتصاديّات الإمبرياليّة – حتّى و إن ظلّت السوق القوميّة – المحلّية السوق الأوسع الوحيدة وهي أساس الرأسمال القوميّ – الإمبريالي لبلدان مثل الولايات المتّحدة و اليابان و ألمانيا و روسيا إلخ . و هذه العولمة المشتدّة تعبير عن المنطق الرأسمالي- الإمبريالي لتوسّع – أو – مُت و التنافس في صفوف القوى الإمبرياليّة . "
و بدورها تؤدّى التناقضات المحدّدة للنظام الرأسمالي – الإمبريالي هذا بما فيها التناقض بين القوى الإمبرياليّة ، إلى حروب و ذلك بصفة متكرّرة . و تنطوى هذه الحروب على حروب يخوضها الإمبرياليّون لإخضاع بلدان في العالم الثالث ( كما هو حال الولايات المتّحدة ضد العراق )، و ذلك بغاية التوصّل إلى أو الحفاظ على ) التحكّم في المواد الأوّليّة و الناس لإستغلالهم و للهيمنة على أجزاء إستراتيجيّة من العالم و موقع مهيمن في العالم ككلّ . و هناك أيضا " حروب بالوكالة " تدعم فيها قوى إمبرياليّة متنافسة بلدانا أقلّ قوّة في مثل هذه الحروب . و لا يمكن إستبعاد إمكانيّة حرب بين القوى الإمبرياليّة المتنافسة ذاتها ، مع كلّ الدمار الذى سيجلبه ذلك و التهديد الحقيقي جدّا للإنسانيّة في وجودها .
مع كلّ التعقيد المعنيّ ، كلّ هذا قائم في نهاية المطاف على ذلك التناقض الأساسي الكامن في السلع – بين القيمة الإستعماليّة و القيمة التبادليّة – و الطرق التي يجد بها هذا التعبير عنه مع نمط الإنتاج الرأسمالي الذى يفضى إلى تبعات فظيعة للإنسانيّة و مستقبلها . هذا التناقض الأساسي و كلّ ما يتّصل به و ينجم عنه هو الذى يمكن للثورة الإشتراكيّة بهدفها النهائيّ عالم شيوعي أن تضع له نهاية ، بالتحرّك نحو إلغاء الملكيّة الفرديّة لوسائل الإنتاج و التملّك الفردي لمنتوجات عمليّات الإنتاج و في نهاية المطاف ببلوغ القضاء على إنتاج الأشياء كسلع – و بدلا من ذلك تُنظّم قوى الإنتاج في المجتمع ، بطريقة إجتماعيّة و مخطّط لها ، لإنتاج أشياء على أساس ما يفيد تلبية حاجيات الجماهير الشعبيّة و في نهاية المطاف الإنسانيّة قاطبة ، و توزيع ذلك على الناس على قاعدة الحاجة و ليس على قاعدة القيمة التبادليّة .
و هذا سيجعل من الممكن – سيوفّر الأساس الماديّ – لعهد جديد كلّيا في تاريخ الإنسانيّة يتميّز بعلاقات جديدة تماما بين الناس تقوم أساسا على التعاون و ليس المنافسة ،و بأفكار و قيم متناسبة مع ذلك.
--------------------------------------------------------------
هوامش المقال :
1. Breakthroughs: The Historic Breakthrough by Marx, and the Further Breakthrough with the New Communism, A Basic Summary, by Bob Avakian, published as an eBook by Insight Press (insight press.com), is available online at Amazon, Apple Books, Barnes & Noble, Kobo and other major retailers (EPUB, MOBI, PDF). It can also be accessed at revcom.us.
2. The book by Bob Avakian, The New Communism: The science, the strategy, the leadership for an actual revolution, and a radically new society on the road to real emancipation, is also available through Insight Press. Excerpts from this book are available at revcom.us.
3. The reference here (with the example of the different values of an airplane and a candy bar) is to Making Revolution and Emancipating Humanity, by Bob Avakian, Part 1: “Beyond the Narrow Horizon of Bourgeois Right,” in the section “Marxism as a Science—Refuting Karl Popper.”
4. This example of chocolate chip cookies, in explaining the basic dynamics of capitalism, is found in the 2003 talk by Bob Avakian, Revolution: Why It s Necessary, Why It s Possible, What It s All About. The film of this talk is available at revcom.us/BA’s Collected Works.
5. Imperialist Parasitism and Class Social Recomposition in the U.S. From the 1970s to Today: An Exploration of Trends and Changes, by Raymond Lotta, is available at revcom.us. [Italics in the original, underlining added here.]
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++