المرحلة الغائبة عن المادية التاريخية

ترى المادية التاريخية أن التاريخ البشري قد بدأ بمرحلة المشاعية البدائية التي كان اقتصادها قائماً على الجمع والالتقاط، ثم انتقل إلى مرحلة العبودية التي كان اقتصادها قائماً على استغلال السادة لقوة عمل عبيد الجسد، ثم انتقل إلى مرحلة الإقطاع التي كان اقتصادها قائماً على استغلال ملاك الأراضي لقوة عمل عبيد الأرض، ثم انتقل إلى مرحلة الرأسمالية التي يقوم اقتصادها على استغلال أصحاب المال والأعمال لقوة عمل العاملين بالأجر، كما ترى المادية التاريخية أن التاريخ البشري ينتظر اكتماله بالانتقال إلى مرحلة الشيوعية التي يقوم اقتصادها على التوزيع العادل للأعباء دون أي استغلال، وفي التفاصيل تشرح المادية التاريخية كيف حملت كل مرحلة من تلك المراحل في طيات علاقاتها الاقتصادية الاجتماعية نقائضها التي كانت بمثابة عوامل انهيارها لصالح المرحلة التالية، وبمسايرة هذا الشرح يتضح أن هناك مرحلة تاريخية كاملة قد غابت أو سقطت عندما أدمجتها المادية التاريخية ضمن مرحلة المشاعية البدائية التي كان اقتصادها قائماً على الجمع والالتقاط، بينما هي مرحلة كاملة ذات علاقات اقتصادية اجتماعية خاصة بها جعلتها جدلياً تتسلم التاريخ من المشاعية البدائية لتسلمه لاحقاً إلى العبودية، دون أي مبرر علمي لإدراجها ضمن أيهما حيث اختلفت شكلاً ومضموناً عن كليهما رغم وقوعها بينهما بمعنى أن تلك المرحلة الغائبة قد أعقبت مرحلة المشاعية البدائية وسبقت مرحلة العبودية، وهي مرحلة مزدوجة من حقبتين متداخلتين حيث شهدت أولاهما الصيد المنظم باستخدام الأدوات والأسلحة بينما شهدت ثانيتهما طهو ما تم صيده باستخدام النار ومستلزماتها، ففي هذه المرحلة ظهرت الفوارق الجسدية والذهنية بين البشر سواء الذين يصنعون الأدوات والأسلحة أو الذين يستطلعون بحثاً عن الصيد أو الذين يطاردون الصيد البري والجوي والبحري والتحت أرضي والفوق شجري أو الذين يشعلون النيران لطهو الصيد، وبالتالي فهذه المرحلة المزدوجة لا يمكن أن تكون قد قامت كسابقتها على المشاعية البدائية، كما أنها كانت بداية انقسام البشر بين فريقين أولهما هو الفريق الأكثر قوة جسدية ومهارة ذهنية وثانيهما هو الفريق الأقل قوة جسدية ومهارة ذهنية الأمر الذي سمح لاحقاً للفريق الأول باستعباد الفريق الثاني مما مهد لمرحلة العبودية التالية عليها، علماً بأن تلك المرحلة الغائبة عن المادية التاريخية يمكن تسميتها بمرحلة الصيد أو بمرحلة النار أو بمرحلة الصيد والنار!!.