الشعب يريد إسقاط النظام... لكن كيف؟


جلال الصباغ
2021 / 5 / 26 - 19:57     

مثلما يحصل دائما مع اي تحشيد جماهيري في بغداد او المحافظات خصوصا الاحتجاجات ذات المطالب السياسية، فأن أجهزة النظام ومليشياته ترتكب جريمة جديدة. هذا النوع من الاحتجاج يهدد السلطة المأزومة اساسا، لذلك تنهى هذه التظاهرات بالقمع واراقة الدماء وهو ما حصل بالفعل في تظاهرات الخامس والعشرين من أيار، إذ قتل وجرح العديد من المطالبين بالحرية والخلاص من سلطة النهب والطائفية، كما تم اعتقال اخرين.

رغم ان الشعار الرئيسي لتظاهرات ٢٥/ ٥ هو " من قتلني؟" وقد جاء على خليفة مقتل الناشط ايهاب الوزني، سعيا من الداعين لهذه التظاهرة الضغط لكشف ومحاسبة القتلة، لكن المنتفضين أطلقوا هتافات وشعارات اخرى، تدعو لاسقاط النظام والعملية السياسية برمتها، وحصل هذا الأمر في ساحات النسور والتحرير والفردوس وكانت أحاديث المتظاهرين جلها تتمركز حول إسقاط النظام باعتباره المسؤول عن القتل والخطف والفقر وانعدام الخدمات.

لقد مرت جماهير الانتفاضة بتجارب واقعية ومؤلمة مع السلطة الاسلاميين الفاشية، وخلاصة هذه التجارب هي سقوط كل نظريات إصلاح النظام او الانتخابات المبكرة او غيرها من وصفات الإصلاحيين والانتهازيين وقوى الثورة المضادة، وقد أدركت الجماهير اليوم وبشكل قطعي ان إزاحة هذا النظام القمعي والقاتل هو الحل الوحيد لكل المشكلات التي لها اول وليس لها اخر.

ان إزاحة نظام الاسلام السياسي وشركاؤه يتطلب العديد من المقومات والشروط، لان هذا النظام يمتلك المال والمليشيات وأجهزة الدولة الأمنية والموارد الاقتصادية، بالإضافة إلى المظلة والحماية الإقليمية والدولية، التي توفر كل اسباب بقائه والحفاظ عليه.

الخلاص من النظام يتطلب توحيد نضال الجماهير المتضررة من بقائه والمستفيدة من رحيله وهذه الجماهير تتمثل بكل الفئات والشرائح الاجتماعية من الكادحين والعمال والموظفين والطلبة والنساء وكل الباحثين عن التحرر من هيمنة أحزاب وقوى النظام التي نهبت ثروات البلاد.

توحيد نضال الجماهير يعني التخلي عن الأساليب التقليدية في الاحتجاج وترك العفوية دون عمل وتخطيط منظم، فالتنظيم السياسي الاجتماعي يجعل من الشرائح المطالبة بالتغيير قادرة على قيادة نفسها عبر ممثليها في المناطق السكنية والأحياء والأسواق والجامعات ودوائر الدولة وأماكن العمل في مختلف المحافظات. والتنظيم الواضح الأهداف والذي يمتلك رؤية سياسية ناضجة ومعبرة عن مصالح الناس هو الضامن الحقيقي لنجاح الانتفاضة في تحقيق اهدافها، وإلا فإننا سنخرج كل مرة مرددين الشعب يريد إسقاط النظام بينما من يسقط هم شباب بعمر الورود.