المقال


محمد بلمزيان
2021 / 5 / 26 - 16:07     

من المرتقب أن تفتتح مكتبة يوم الأحد 30 ماي 2021 بمقهى ( ميرامار) بمدينة الحسيمة شمال المغرب، وهي مقهى مطلة على البحر مباشرة، وتحمل اسم ( ميرامار) الذي يعني بالإسبانية ما معناه ( منظر البحر )او (وجه البحر)، افتتحت هذه المقهى سنة 2006 ، وهي تحتوي على مناظر طبيعية آسرة تبهر الناظرين وتجلب الزوار والسياح، وهي مقهى تشكل فضاءات خضراء يانعة وألوان زاهية من مختلف النباتات والورود والأشجار مشكلة لوحة طبيعية جميلة تتزين بها هضة مطلة على البحر في خليج المدينة، حيث في مشهد بانورامي تعاين عن قرب انطلاق قوارب الصيد من الميناء وحركة باخرة المسافرين خلال الصيف، كلها مشاهد أعطت قيمة مضافة الى المقهى،و حاليا يعتزم صاحبها الصديق احمد المرابط على تحويل جزء من هذه المقهى الى مكتبة متاحة لزوار المقهى، في جناح خاص لكل راغب في السفر عبر الحروف الى فضاءات الفكر والثقافة والإبداع، تشجيعا لثقافة القراءة ومحاولة في اتجاه استرجاع دور الكتاب في الحياة اليومية أمام اضمحلال ثقافة استهلاك الكتاب مقابل ظهور محركات البحث على الأنترنت والإقبال الواسع من طرف الشباب والجمهور لما يتيحه الأنترنت من خدمات السرعة والتكلفة البسيطة، وقد استطاعت هذه الفكرة أن تلاقي تشجيعا كبيرا من الأفراد والزوار وعبروا عن رغبتهم في المساهمة بقسط من الكتب لتعزيز رصيد المكتبة، حيث استقبلت المكتبة عشرات الكتب في مختلف مجالات الفكر والإبداع، وشخصيا وفي سياق نفس المبادرة أهديت عشرة نسخ من كتابي ( الحركة التلاميذية ) الصادر سنة 2016 ، لتشجيع القراءة وإعادة نشر ثقافة القراءة بين أوساطنا ودور الكتاب في حياتنا اليومية، امام الزحف الهائل لمحركات البحث ومختلف وسائل التواصل الرقمية، حيث اصبح نسبة القراءة واستهلاك الكتاب في تدهور مخيف مما يولد عنه تصحرا ثقافيا وانتشارا لظاهرة العزوف عن القراءة واستهلاك الكتاب والكراسات ، وميل الشباب الى المواقع الإلكترونية للجواب عن رغباتهم وهواجسهم ، رغم أن الكتاب لن يعوض باية وسيلة أخرى مهما تطورت وسائل الإتصال الجديدة سيبقى مرجعا لا يمكن اّلإستغناء عنه اثناء ممارسة فعل الكتابة والبحث والتعليم،ناهيكم عن تنامي ظواهر انحرافية بين أوساط الشباب الحالي الذي يتعاطى لهذه الوسائل الجديدة بنهم ودون اية قدرة على الإختيار بين المنتوج المطلوب المنسجم مع الطموحات التي من المفترض أن تكون من اهداف المستهلك وبين المنتوج الرامي الى استغلال العقول الصغيرة وحشرها في نفق مظلم والتشجيع على الإنحراف والجريمة عبر استنساخ بعض البرامج المشجعة على العنف ونقلها الى الواقع خاصة لدى الأطفال والمراهقين، في غياب ثقافة الممانعة التي تحصن الفرد من الوقوع فريسة بعض البرامج الساحرة التي تركز على الدعاية الرخيصة عبر الوتر الرنان لاحتياجات المراهقين في حين أنها تخفي وراءها سموما قاتلة ، سرعان ما تظهر نتائجها الوخيمة في المستقبل لدى الشباب المنحرف والميال الى التعاطي مع مظاهر الجريمة و مختلف فنون العنف والعدوانية في صفوف الأسر وهذا ما يقض مضجع العديد من المجتمعات اليوم بفعل التعاطي السلبي للشباب لما تتيحه وسائل التواصل الرقمية الجديدة التي تبقى إحدى الأسباب التي تقف وراء ازدياد هذه الظاهرة، إضافة طبعا الى دواعي أخرى، لكنها تتكامل في الأخير لتعطي لنا هذه الصورة القاتمة مع اضمحلال القيم الرمزية والثقافية التي تشجع على الشفافية والعدالة والصدق وامام تنامي الغش والزبونية والإرتزاق وغيرها من مظاهر ثقافة نمطية متعفنة وتافهة، تشجع على الإنسلاخ عن كل ما هو رمزي في قيمنا ملؤه التواصل بين مكونات المجتمع والإحترام المتبادل بين الناس، في زمن أزمة تنخر المنظومات التعليمية لمختلف بلدان العالم الثالث الذي يساهم في إرساء ظواهر التواكل والكسل والتشجيع على الحفظ والإجترار بدل التحفيز على الخلق والإبتكار، الذي من شانه أن ينمي القدرات لدى المتعلم من أجل تفقيس القدرات وإبراز المهارات على الإبداع والتفكير في سبيل تقوية المدارك والت