الإتحاد العام التونسي للشغل: قيادة بعقلية أنظمة الممانعة (في الانصات للشعب ) وقواعد بمنطلقات داعشية.


عبد الناصر جلاصي
2021 / 5 / 21 - 13:59     

بعد انتهاء اشغال المجلس الوطني للإتحاد العام التونسي للشغل والمنعقد بمدينةالحمامات والذي قرّر بنسبة مائوية تذكر بالانتخابات في الدول التي تسيطر عليها أنظمة شمولية رافقها معارضة خافتة تصدرتها وجوه نقابية من المفروض ان تكون آخر من يتحدث عن التمديد داخل المنظمة ما يصح فيهم المثل الهندي "تقول المصفاة للإبرة إنّ فيك ثقبا" خاصّة الظاهر ان الدافع دافع الموقع أكثر منه الموقف وتحسين شروط التفاوض مستقبلا و هو ما يوضح ضعف الخط المناهض لتوجهات البيروقراطية مقارنة بسنة 2010 والوزن النقابي والسياسي #للقاء_النقابي_الديمقراطي_المناضل حين كان شبح التمديد يلوح برأسه في كل القطاعات والمجالات (اتحاد شغل،عمادة محامين، رئاسة الجمهورية...) وتقريبا غياب خط او توجه واضح برؤية واضحة فيم يخص هذا الموضوع مما افقد الاتحاد دينامكية وحركية داخلية في حاجة لها ...كل دعوات التخلي عن فكرة التمديد و قبلها الدعوات للتصدي للتبوريب النقابي إيمانا بالدور الحيوي للمنظمة في تعديل موازين القوى الاجتماعية والسياسية وفي كبح جماح القوى النيوليبرالية المنفلتة من عقالها جوبهت وعلى طريقة الانظمة الفاشية بتيكيات جاهزة للإلصاق ترواحت عموما بين "دواعش" و "إئتلاف_البهامة" و "أعداء_العمل_النقابي" نفس الوضع في انظمة الممانعة عندما طالب المناضلون الديمقراطيون بالاصلاح والمحافظة على الوطن كحاضنة مقاومة جوبهوا بهكذا تهم "عملاء الصهيونية" و"دعاة فوضى" "مأجورين" بالرغم ان المُتهَمِين لا يزايد عليهم في نضاليتهم وذودهم عن الاتحاد منذ عقود نضالا ميدانيا وصولا لدفع اشتراكاتهم التي تسدد بها مرتبات موظفيه وصحافييه و المختصين في الكابتير إيكرون الذين يتابعون كل شاردة و واردة لمحاصرة وعي منخرطيه وتفتيت وحدة نضاله وشمولية نقده يضاف اليها الاشتراك معها في التمديد وربما غدا في التوريث من يعلم ؟ ...فقد تكون هذه البيروقراطية العمالية واعتمادا على مبدأ التوظيفية fonctionnarisme الذي يخلق النقابي المحترف والثوري المحترف والمناضل المحترف والحقوقي المحترف المتفرغين لا تسعى للامتيازات المادية بقدر سعيها للامتيازات المعنوية ذات اهمية بالغة.. فالعامل الذي ترك المعمل أو الأباتوار أو كروسة الاس آن تي أو الكرتابة او الطبلية البيضا وتفرّغ نقابيا يكون قد نجا من لعنة الشغل و أصبح حرّا ومحترما من رفاقه ومن مفاوضيه و يولد عنده الطموح البيروقراطي لتسلق سلم المراتب في المنظمة ولما لا حقيبة في الحكومة أو ملحق بسفارة ... تحوير قانون داخلي بكل ما يحمله من رسالة سلبية حول الديمقراطية والتداول يضاف لاكبر كارثة عرفها الاتحاد وهي تنقيب الإيكس شُعب مهنية و اطلاق العنان للباندية للتحرك باسم النقابة لا تختلف في جوهرها و منطلقها وغايتها عن منطلقات وغايات باندية الدواعش فالذي دفع بالشاب التونسي للذهاب لسوريا حيث سيصبح ذا سلطة وجاه تمكنه ان يمنح أو يحرم من الحياة شخصا ما جاثيا على ركبتيه ويتراجاه ان يرأف به بعد عقود من الحقرة والنبذ الاجتماعي بسبب السوابق الاجرامية والبطالة هو نفس الذي يدفع عملة كانوا تحت رحمة تجار البشر من سفاحي شركات المناولة فيجد نفسه قد خرج من جحيم الحقرة والشغل الهش إلى جنة الترسيم والاستقرار و الحق في العمل النقابي الذي سيكفل له هذه المرة أن يعين ويطيح بمديرين عامين ووزراء حتى لو كان سائقا أو خفيرا متعدي تعدية من قدام المدرسة فتتم ممارسة النقابة بعقلية الشعب المهنية سابقا و قد تصبح مطالب من نوع توريث الشغل و عدم سداد المساهمة الاجتماعية ودعم زميل متحرش او لص ادباش مسافرين مطالبا نقابية نضالية ويل لمن ينبه لخطورتها على المنظمة وهو ما يحول العمل النقابي من القِطاعي للقطِيعي مع ما يرفاقه من انظباط قطيعي la discipline bovine ... عُسيلة ذاقتها القيادات مثلما ذاقتها القواعد ومن الصعب تركها والظاهر أنها ستتواصل بالتظافر مع فتح الباب للتلاعب بالقانون الداخلي للمنظمة مع ما رافقه من سمفونية تملق بائسة وتصويت امام انظار الامين العام (لم يقم بها اسماعيل السحباني في عزّ جبروته وسطوته على المنظمة) لتأخذ بالمنظمة إلى توجه اقل ما يقال عنه أنه غير صحي كي لا نقول لنفق مظلم قد يصل بها للتصادم مع المواطنين مستقبلا ومما يفقد المنظمة حاضنتها الشعبية التي تأسست منذ 1978 وتدعمت في انتفاضة الخبزة سنة 1984 وصولا لدورها في العقد الاخير مرورا بثورة ديسمبر 2010 و هو ما تسعى له كل الاحزاب المعادية للاتحاد ولدوره عموما والتي تؤكدت أن تركيعه باجهزة السلطة أمر مستحيل في المقابل النقابيين الباندية بامكانهم القيام بدور التخريب الذي عجزت عنه فرنسا كل الحكومات ما بعد الاستقلال لليوم وهو ما ستكون كلفته غالية على المسار الديمقراطي المحتاج في كل محطاته للاتحاد و على البلاد و المواطنين عموما من موظفين وعملة وعاطلين عن العمل يتوجهون لا اراديا للاتحاد لتحقيق مطالبهم والمحتاجين له لتمثيلهم وتحسين قدرتهم الشرائية والتصدي للخيارات التجويعية واللاشعبية التي قد تتخذها الحكومات.
ضرور ظهور خط نقابي يقطع اولا مع عقلية الغنيمة و التفرغ ذو توجهات عقلانية وديمقراطية يحافظ على صورة المنظمة ودورها الوطني والاجتماعي و لا ينفذ شهواته الحزبية والاديولوجية داخلها وعن طريقها (مثل توريطها في دعم الانظمة القمعية التي تمنع وتجرم اصلا العمل النقابي...) بعد عشرية من الاستزلام و من الهضم الذي قامت به البنية للافراد أمر ضروري في المرحلة القادمة لمصلحة البلاد و المنظمة وتفويت الفرصة للمتربصين بها وبدورها.