استغلال النساء في الزراعة الرأسمالية ونضالهن- مقابلة مع عتيقة الفزازي


المناضل-ة
2021 / 5 / 20 - 17:40     


عتيقة الفيزازي مناضلة بالقطاع الفلاحي، خبرت الاستغلال كما تمرست واشتد عودها في مواجهته. خاضت تجربة اعتصام مديد، بصمود، بعد تعرضها للطرد من العمل ولخيانة قادة نقابيين زائفين. تحملت مسؤوليات عديدة بهياكل نقابة عمال وعاملات الزراعة. انتخبت يوم 4 أبريل 2021 عضوة بالمكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للفلاحة، المنضوية تحت لواء فيدرالية النقابات الديمقراطية. التقتها جريدة المناضل-ة لتنوير قرائها وقارءاتها بما يجري في قطاع الزراعة الرأسمالية من استغلال وما يناقضه من نضال.

• نريد صورة اجمالية عن وجود النساء في الزراع الرأسمالية باشتوكة : العدد ، الأعمار، الحالة العائلية، هل نسبة الأمية اكبر بين النساء مما لدى الرجال؟
تمثل النساء اكبر نسبة لليد العاملة بالقطاع الزراعي، ويتراوح عمرهن بين16 او اقل الى 80 سنة، يعملن الى ما بعد سن التقاعد، بسبب عدم التصريح بهن من طرف الباطرونا والتهرب من ذلك، وحالتهن الاجتماعية عازبات ومتزوجات ومطلقات وامهات عازبات، وهذا ما لا يترك لهن مجال الاختيار في العمل مما يسمح باستغلالهن المفرط من طرف رب العمل، خاصة النساء من اجل زيادة الأرباح، وتشكل النساء العدد الأكبر من نسب الامية، فالفتيات بنات العاملات الزراعية لا يكملن دراستهن لانهن يعتنين بالمنزل ومهام في غياب الام التي تشتغل عاملة زراعية مما يدفعها هي الأخرى للعمل مثل أمها في سن مبكرة

• وماذا عن ظروف حياة النساء العاملات : السكن، الخدمات العمومية، العمل المنزلي؟

اغلب العاملات الزراعيات لا يتوفرن على بيوت قارة بل انهم يسكن بيوت بدون ادنى شروط الراحة والسلامة الضرورية، بل الخدمات العمومية بالمناطق العمالية فإنها شبه منعدمة، فالعاملات الزراعيات طيلة اليوم يعملن، فهن نهارا يقضينه في العمل وبعد العودة يقمن بالعمل المنزلي المتراكم ليلا الى ساعات متأخرة، وفي الصباح المبكر قبل الذهاب للعمل

• ظروف الاستغلال: هل هناك ميز في التشغيل (كبر في السن، متزوجة ، حامل) ، هل يوجد ابتزاز جنسي في التشغيل؟هل يتم تسريح النساء بسبب الحمل؟ مدة العمل، هل ثمة أشغال تسند للنساء خصيصا، ام يقمن بنفس أشغال الرجال؟
هناك تمييز واستغلال مفرط لا فرق بين الحامل وكبار السن، ويتم استغلال اقل سنا، إضافة الى ابتزاز جنسي وتحرش، يتم تسريح وتوقيف الحوامل، ولا يتم مراعاة ظروفهن الا في الشركات التي يتواجد فيها عمل نقابي كفاحي يدافع عنهن وتضغط من اجلهن، فإن الباطرونا ان لم تسرحهن مما يجعل العاملات يخفين حملهن مخافة الطرد، ويتم استغلالهن لدرجة إجهاض بعضهن من جراء العمل

• يشتهر قطاع الزراعة الراسمالية بخطورة ظروف العمل، من حوادث وأمراض مهنية: هل تشتغل النساء في رش المبيدات، هل تتخذ الاحتياطات اللازمة، وهل ظهرت حالات أمراض مهنية بين النساء، وهل ظهرت آثارها على المواليد؟
العاملات الزراعيات يعمن في ظروف عديمة السلامة والوقاية فهن يعملن في رش المبيدات الزراعية السامة والكيماوية، دون اللجوء الى اقنعة واقية ولا ملابس لذلك، مما يتسبب لهن تشوهات في اجسادهن كالأمراض الجلدية وامراض الجهاز التنفسي ويؤثر كذلك النساء الحوامل منهن وعلى اجنتهن

• ما درجة استشراء الابتزاز والتحرش الجنسيين؟ هل يضطر قسم من العاملات الى بيع الجسد لتعويض نقص الدخل أو اثناء فترة البطالة؟
تتعرض العاملات لكل صنوف الاستغلال الجنسي والتحرش الجنسي، ويضرن للصمت عما يتعرضن له من تحرش ومضايقات، مع لأن لا بديل لديهن بسبب الظروف العيش والحياة الاجتماعية التي تفرض عليهن قبول التعرض لمثل هذه السلوكيات والتي تعد نوعا من الاغتصاب للعاملات الزراعيات

• هل تخفف الأشغال على المرأة الحامل وبعد الولادة؟

لا يتم تخفيف أي وطأة العمل على العاملة حديثة الولادة بما ان الباطرونا لا تهتم بالحالة الصحية ولا النفسية للعمال وكل همها هو زيادة الأرباح وتضخيمها، على حساب العاملات الزراعية، لكل فلا يتم تفعيل أي ميز إيجابي تجاههن وهن في فترة الارضاع بل يشتغلن كباقي العاملات الاخريات في نفس قساوة الظروف

• تتحمل النساء جحيم الاستغلال من أجل ضمان دخل، فكيف هي الاجور ومكملاتها: هل هناك اوجه ميز بينهن و بين الرجال؟ في الاجور وفي باقي المنافع؟

منطقة سوس ليس هناك أي تمييز بين العمال والعملات في الأجور، لكن هناك تمييز في التعويضات والمنح التي تمنح وتؤدى للذكور من العمال عكس العاملات، الا ان التمييز في الأجور بين الجنسين قائم في حوض اللوكوس وسايس والغرب

• الحماية الاجتماعية أجر غير مباشر، اعطينا فكرة عن نسبة المسجلات في الضمان الاجتماعي، الاستفادة من عطلة الامومة (14 اسبوعا) التي يؤدي الضمان الاجتماعي أجورها؟

رغم أن عاملات الزراعية يمثلن أكبر نسبة من اليد العاملة بالقطاع الفلاحي، لا يتم التصريح بهن لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وحتى ان تم التصريح ببعضهن فلا يتم التصريح بالأيام كاملة بصندوق الضمان الاجتماعي فلا تجدن 26 يوما بل ما بين يومين الى 12 يوما. فلا تستفيد من خدمات هذا الصندوق، كالتعويضات عن الامراض والأدوية، رغم ان هناك اقتطاعات من اجورهن ولا يتم التصريح بذلك، لكن بعض الشركات التي يكون بها عمل نقابي قائم فإن النقابيات التي يتابعن ملفاتهن يضغطن على الباطرونا من اجل التصريح الكامل وكل تغافل منهن يوازيه اهمال التصريح بهن. لان منطق الربح ومراكمته هو المتحكم في عقلية الرأسماليين.

• هل تلجأ النساء الى اخذ سنة العطلة غير المؤدى عنها لأجل تربية مولودها؟
لا تلجأ النساء الى عطلة سنة بعد الولادة غير مؤدى عنها، لان اغلب العاملات يعشن ظروف اجتماعية واقتصادية قاسية، مما يجعل بعض النساء يلتحقن بالعمل قبل انتهاء عطلة الامومة (14 شهرا)، رغم صحتهن المتضررة بعد المخاض في قطاع صعب مثل القطاع الزراعي حيت المبيدات والمواد الكيماوية والاثقال والاعمال المتعبة، ويتركن اطفالهن بالمنزل، فنجد قلة قليلة من العاملات اللواتي يطلبن عطلة السنة غير مؤدى عنها، لذلك فالمطلوب في ظروف الأجور الهزيلة و ارتفاع تكاليف العيش ان تكون عطلة السنة مؤدى عنها وتمديد فترة عطلة الامومة. والا وجدن انفسهن في العمل قبل مضي عطلة الامومة

• تنص مدونة الشغل على وجوب احداث مصلحة طب شغل بكل مؤسسة مشغلة لاكثر من 50 أجيرا، وهذه حالة معظم الضيعات الرأسمالية، فما واقع المصالح الطبية للشغل في اماكن العمل؟
هناك نقص او شبه انعدام للمصالح الصحية والطبية، وان وجدت فتكون فقط شكلية في الشركات التي يطالب بها العمال والعاملات الزراعيات، وغياب تفعيها بالقطاع الزراعي.

• و هل تستفيد العاملات المرضعات من من نصف ساحة صباحا ونصف ساعة ظهرا للرضاعة طيلة 12 شهرا؟ وهل هناك غرف رضاعة مجهزة؟
في صفوف العاملات الزراعيات لا يستفدن من فترة الارضاع بالصباح والمساء، فالباطرونا تقوم بتجهيز جميع أدوات الاستغلال والاستعباد، بينما غياب قاعات الارضاع والحضانات، فلا وجود لأي مكان مخصص للرضاعة بالقطاع الفلاحي، الا ان هناك بعض الضيعات يكون الاتفاق مع المكاتب النقابية القوية، الا ان الحلول تكون ترقيعية لا تصل الى حل جذري، فالباطرونا الزراعية لا تهتم بحياة الطفل ولا لأكله ولا لصحة امه وحياتهما، فالأهم مراكمة الأرباح.

• ظهرت النساء بقوة في العديد من التظاهرات العمالية، وفي المعاركايضا، فهل يمثلن في النقابة النسبة التي يمثلنها ضمن اليد العاملة؟
نسبة اليد العاملة للنساء كبيرة في القطاع الزراعي، الا ان هذا العدد لا ينعكس في العمل النقابي، فهناك ضعف شديد في المشاركة النسائية بالعمل النقابي بالقطاع الزراعي، لهذا من اجل استعادة حقوقهن المشروعة حري بهن التواجد داخل منظمات النضال، فمشاركتهن غير كافية لرفع الحيف والميز الممارس عليهن من طرف الرأسمالية الزراعية.

• هل توجد النساء بنسبة كافية في أجهزة النقابة؟ ما سبب نقص تمثيلهن؟
لا تتواجد النساء بالأجهزة النقابية بشكل كبير رغم انهن النسبة الغالبة بالقطاع الزراعي، مرد ذلك نظرة المجتمع الذكوري المهيمن حول رأي النساء في الإطارات النقابية، فنحن كتجربة شخصية في الأجهزة القيادية المحلية باشتوكة ايت بها، بالنقابة السابقة التي رشحنا اليها، الا انها صادفت مجموعة من المعيقات من بينها نظرة المجتمع المهيمن على حقوق العاملات وتواطئ البيروقراطيات النقابية الجهوية والوطنية مع الباطرونا الزراعية والسلطات المحلية، مخافة ان تقود النساء النضال في صفوف العاملات الزراعيات اللواتي يشكلن نسبة ساحقة بالقطاع الفلاحي، مما يجعلهن يدافعن عن حقوقهن واسترجاعها، مما عجل في تفعيل مسطرة الطرد من العمل ومن النقابة، من اجل ان يكن عبرة لباقي العاملات ليصرن تحت رأي القيادات النقابية و مساعدة الباطرونا في استغلالهن اكثر. فالعمل النقابي الفاسد يحارب العمل النقابي في صفوف العاملات حتى لا يصرن ممثلات بالأجهزة النقابية القيادية، لهذا من واجب النساء العاملات الانخراط الجاد في العمل النقابي من اجل صون حقوقهن

• هل تسعى الأجهزة النقابية المحلية و الوطنية إلى تشجيع مشاركة النساء في العمل النقابي و اجهزته؟

كل الأجهزة النقابية تسعى الى ضم وانخراط النساء في العمل النقابي خاصة العمل الزراعي، من اجل كسب وضمان قاعدة عمالية كبيرة، لكن دون الحيلولة في تحمل المسؤولية بالأجهزة النقابية، من اجل استغلالهن وابعادهن عن اتخاذ القرارات، لكن كتجربة محلية داخل النقابة الديمقراطية للفلاحة، فهي رائدة حيت يجري حفز العاملات على تحمل المسؤولية وقيادة الأجهزة، ترفع شعار ان لا حركة نقابية دون انخراط النساء في الأجهزة، من اجل المواجهة وتنظيم النضال ومواجهة الباطرونا الزراعية ورفع الوعي. فبدون قيادات نسائية لن يتم احترام المطالب وحقوق النساء وقضاياها المهمشة، فهذا يدل عن اقلية النساء القيادات مما يشكل عائقا في رفع مطالب نسائية من طرف القيادات الذكورية.

• هل توجد لجنة خاصة بالنساء في النقابة؟
بالنسبة للفرع المحلي للنقابة باشتوكة ايت بها، هناك لجنة العاملات الزراعيات، تضع من مهامها توعية النساء العاملات الزراعيات بمطالبهن وحقوقهن، واهمية عملهن في سيرورة الإنتاج، ودورها الكبير الذي تمارسه النساء داخل النقابات، وتم تنظيم حملة تشهير حول الأوضاع القاسية والمزرية التي تعيشها العاملات الزراعيات تزامنا مع مارس النسوي شهر النضال والكفاح النسائي، ومن تطلعات اللجنة تعميم الفكرة على جميع النقابات والقطاعات والضيعات بالمنطقة والجهة وتطمح ان تجسدها وطنيا.

• هل تهتم النقابة بمسألة اضطهاد النساء الخاص اهتماما كافيا؟ هل يوجد شعور لدى النساء ان الرجال يسيطرون داخل النقابة؟
تحس العاملات بسيطرة زملاءهن الرجال، ومن العادات الجارية في الحركة النقابية تكيف النساء مع سيطرة الذكور، لكن داخل النقابة اليوم باشتوكة يتم تشجيع النساء لتقلد مراكز القيادة والتنظيم، ويتم داخل لجنة العاملات حفز النساء نحو الانخراط الفعال في النضال والتنظيم النقابي وعدم تقبل فكرة ان الرجال هم من لديه قدرات تنظيمية، لذلك فلا مناص من تقلد النساء المسؤوليات للتعريف بحقوقهن ومشاكلهن داخل أماكن العمل وخارجها.

• ما هي في نظرك العوائق في وجه مشاركة فعالة اكثر للنساء في تسيير النقابة؟ وما السبيل لتجاوزها؟

من المعيقات التي تواجهها النساء العاملات هيمنة الاضطهاد الذكوري الذي لا يسمح باتخاذ قرارات، وعدم الاهتمام ورد الاعتبار الى خصوصيات النساء من اجل مشاركتهن بشكل فعال، مثلا مواقيت الاجتماعات واماكنها التي تتعذر على النساء خاصة انها تقوم بمهام أخرى غير العمل، لذلك يجب تفعيل دور النساء داخل المنظمات النقابية في ظروف تسمح لها مع مراعاة لظروفها، لذلك يجب العمل تكوين العمال والعاملات من أجل الزيادة في الوعي النضالي وكذا تنمية الفكر لدى الجنسين حول وضعية النساء وخصوصيتها لتكون مدرجة في جدول أعمالهم النضالية وكذا لحفز الانخراط الفعلي للنساء العاملات في المنظمات النقابية من أجل فرض وجهة نظرها حول أوضاع النساء العاملات.