بَقَرنا .. والبَقَر الهولندي


امين يونس
2021 / 5 / 20 - 13:38     

[ … هولندا تمتلك 11 مليون بقرة فقط ، وتبيع الحليب ومنتجاته لنصف العالم . العراق ومن ضمنه أقليم كردستان ، يمتلك ملايين كثيرة من الأبقار والأغنام والماعز ، لكنه يستورد الحليب ومنتجاته بكميات ضخمة من دول الجوار وغيرها ] .
العِبرة .. ليستْ في عدد الأبقار والماعز ، بل في " الراعي " الذي يرعاها . فكما يبدو ان الراعي الهولندي ، يُدّلِل بهائمه ويهتم بها إيما إهتمام .. فيوفِر لها أحسن وأنظف المراعي والماء النظيف وأماكن سَكَن تحمي من البرد والحَر والرطوبة ، ويُقّدِم الرعاية الصحية والفحوصات الدورية والأدوية الجيدة ، بل حتى يعزف لها الموسيقى المناسبة التي تُساعِد على زيادة دَر الحليب وتُحّسِن من نفسية البهيمة ! .
بينما راعينا نحنُ " الله يِچّرِم " .. فأنهُ يستنكف من مهنة الرَعي أصلاً ، ويعتبر نفسهُ أعلى كثيراً من هذه المرتبة .. ولا يتوانى عن ، ليس فقط إهمال رعيتهِ ، بل حتى تجويعها وضربها بقسوة أحياناً .
* مُفارَقة حزينة : في السبعينيات من القرن الماضي ، كُنّا نسكن في بغداد .. وأتذكرُ جيداً النوعيات الممتازة من الحليب وحليب الأطفال المُطّعَم ومُختلف أنواع الأجبان والألبان والقيمر .. إلخ ، من إنتاج مصانع أبو غريب الحكومية ، حيث كان يتم إستلام الحليب في مركز تجميع وتبريد الحليب في الفضيلية ، ثم نقله الى أبو غريب ، لتصنيعه إلى أرقى المنتجات . كان الإنتاج يُغّطي العراق من أقصاه إلى أقصاه ، بل يتم تصدير بعض المنتجات أيضاً .
كان هذا قبل خمسين سنة … فتَصّوَر كَمْ تراجَعْنا وكَمْ تخّلَفْنا . وكَمْ نحزن حين نرى أسواقنا مليئة بمنتجات الحليب والألبان والأجبان ، التركية والإيرانية والخليجية وغيرها وخالية من المنتجات المحلية العراقية * .
ليس المُهم ، ما عندك من ثروات تحت الأرض وعلى الأرض وفوقها ، ولا الموارد وكميتها ولا حتى الثروة البشرية … فَمَهما بَلَغَتْ هذه الثروات والموارد ، فمن السهل أن تفقدها إذا إدرتها بصورةٍ سيئة . أما لو كانتْ لديك إدارة نزيهة وعادلة وعلمية ، فأن " رعيتك " ستعيش برفاهية وتتمتع بتعليم جّيِد ورعاية صحية مقبولة ، حتى لو كانتْ الموارد محدودة .
البَقَر الهولندي مُجّرَد بَقَر … وبقرنا أيضاً بَقَر … لكن راعيهم مُتعّلِم وخبير ونزيه ، بينما راعينا اُمّي ! .