ماذا لو انتصر الرجل العظيم في ستالينغراد ، لكنا أحرارًا اليوم


مازن كم الماز
2021 / 5 / 18 - 18:21     

أنظر إلى ساعتي السويسرية ذات الإطار الذهبي إنها الثالثة صباحًا … مصابًا بالأرق ، يجافيني النوم ، و تغزو الأسئلة رأسي و تتكاثر دون جواب … أستعد غدًا لمغادرة عمان إلى غزة لملاقاة جيش سلطان مصر المرتد … أنا هنا منذ ثلاث سنين بعيدًا عن أهلي في القدس منذ أن هزمنا جيش الزعيم العراقي الكيلاني و حررنا عمان و شرقي الاردن من جنوده … أحاول تذكر سنواتي الثلاث هنا ، نسائي الأربع و ما ملكت أيماننا ، لكن القلق يحول بيني و بين تذكر أي شيء ، كل لحظة متعة عشتها أو عرفتها هنا طوال تلك السنوات … كل ما أذكره الان هو ذلك الهدوء الذي عشته و الذي اختفى بجرة قلم … و أتساءل بعجز ، لماذا يكتفي الرجل العظيم بمراقبتنا ، لماذا لا يحاول مساعدتنا كما فعل دومًا ، لماذا … و أتذكر كيف تحررنا من الانكليز و قضينا على من كانوا يسمون باليهود عندما دخل الرجل العظيم باريس و موسكو ظافرًا منتصرًا و اضطرت انكلترا و امريكا لقبول الصلح مع بلاد الرجل العظيم قبل أن تعمهما الاضطرابات مع اشتداد عضد القوى الفاشية في كليهما و انضمام الزنوج و الهنود إليها و عندما أحرقنا كل يهودي في أبعد مكان في هذا العالم في أفران الغاز … لا أستطيع أن أمنع نفسي عن الابتسام و أنا أتذكر أفران الغاز في حيفا و يافا و بيسان و يهود يافا و بغداد و الإسكندرية يساقون إليها و كيف كانوا يرتجفون أمام أسوارها بينما كانوا يجبرون على نزع آخر قطعة ملابس عن أجسادهم ، تصوروا كان هؤلاء يريدون بناء دولة قومية لهم هنا … أتذكر كل كلمة من النقاش الذي دار طوال الأمس بيننا نحن ضباط حامية عمان و الزرقاء و اشعر بغصة كبرى في حلقي عندما أتذكر كلمات زيد باشا الحسيني ، ان تسمع مثل هذا التردد من ضابط فلسطيني و من آل الحسيني بالتحديد ، كان شيئًا صادمًا و مؤلمًا لي ، حتى عندما طوقت قوات الزعيم الكيلاني القدس لم أسمع مثل هذا الكلام الانهزامي من ضابط فلسطيني خاصة أن يكون من آل الحسيني … كان زيد باشا يلوم قيادتنا الحكيمة و خاصة مولانا الحاج أمين على ما نحن فيه اليوم و ما قد يحدث لنا في الغد … بعد أن تمكنت قواتنا بمعية الزعيم عبد القادر الحسيني من صد القوات العراقية عند أبواب القدس و ملاحقتها حتى عمان و الزرقاء و من تحرير درعا و صور و صيدا حتى حدود دمشق و بيروت نشأ هناك توازن هش في المنطقة : أعلنت الإمارة في دمشق و اختير لها الأمير شكري القوتلي الذي نجحت قواته في دخول بيروت و جبل لبنان و الاقتصاص من أعوان المستعمر الفرنسي و عملائه و خوفًا منا و من العراقيين أعلن أمير دمشق ولاءه لسلطان مصر فاروق الأول … بينما انشغل العراقيون بالصراعات بين زعيميهم رشيد الكيلاني و صلاح الدين الصباغ و مؤخرا بهجوم قوات عصمت اينونو و استعادتها الموصل و حلب و اللاذقية من إمارة دمشق و مملكة العراق ، اعتقد مولانا المفتي الحسيني خليفة رسول الله على الأرض ، أنه من الممكن مهاجمة دمشق و بيروت دون أن تهب قوات سلطان مصر لنجدتها … يبدو أن الزعيم عبد القادر قائدنا المظفر قد راهن مع مولانا على سرعة سقوط دمشق و بيروت ، و بالفعل فقد هزم جيش القاوقجي و قتل القاوقجي نفسه في معركة الكسوة لكن دمشق نفسها صمدت و زاد الطين بلة تشكيل قوات خيالة من الكفار و المرتدين من الأرمن و العلويين و عباد الصليب بتشجيع من حكام مصر و دمشق المرتدين و تمكنت جموع الكفار و المرتدين هذه من تهديد خطوطنا الخلفية عدا عن هزيمة قواتنا المريرة في حمص على يد قوات عصمت اينونو مرتد إستانبول … هذا أعطى سلطان مصر الوقت الكافي لكي ينظم حملة لإنقاذ دمشق يقال أن قائدها الإخواني المدعو جمال عبد الناصر مشهور بشدة عدائه لكل ما هو فلسطيني خاصة و ان أستاذه البنا كان قد بايع سلطان مصر ظلمًا و عدوانًا بخلافة كل مسلمي الأرض و قد حدا ذلك بمولانا و عسسه أن يلاحقوا كل إخواني في طول و عرض مملكتنا الحسينية … سنذهب غدًا إلى غزة في محاولة لإيقاف قوات سلطان مصر رغم أن الأخبار القادمة من قدسنا تبعث على القلق … يقال أن الكثيرون قد حزموا أمتعتهم و أخذوا ما قل وزنه و غلا ثمنه و يقال أن التنافس على مكان في البواخر الهاربة إلى بلاد الرجل العظيم قد بلغ أشده حتى أنه يزعم ان مولانا نفسه قد اختفى … و يقال أن سلطان مصر قد أقنع الرجل العظيم بعدم التدخل في النزاع بينه و بين مولانا و أنه حشد لنا ما لا طاقة لنا به و يقال أن جحافل جيش الكيلاني تقترب و ربما كان في نيتها استعادة عمان و الزرقاء بينما كانت إذاعة القاهرة تتوعد بإلقاء كل حسيني و كل موظف و جندي في مملكتنا الأبية في البحر … و يقال أن بعض أفراد الحزب النازي العظيم قد بدؤوا يضجرون من مشاكلنا نحن الساراسين و أنهم قد اقترحوا على الرجل العظيم إلقاء قنبلة نووية أخرى فوق بلادنا كما فعلوا مع بلاد الأفارقة و بلاد الرجل الأصفر و بلاد الروس الهمج ليتخلصوا من عبء كل هؤلاء على البشرية المتحضرة و المنتجة و الصحيحة الجسم و العقل … بالكاد استطاعت عيناي أخذ قسط من الراحة حتى أيقظني معاوني أنور قائلًا أن الوقت قد حان للرحيل و أضاف بنبرة و عينين دامعتين أن زيد باشا الحسيني قد فر إلى مكان غير معلوم و أن كثيرًا من جنودنا قد اختفوا أيضًا … امتلأ قلبي بالحزن و لكني قلت لنفسي بإصرار ، سأقاتل من أجل مجد و بقاء مملكة آل الحسيني حتى النهاية … بعد ساعة كنا على متن القطار المتجه إلى غزة قبل أن نسمع صرير طائرات سلطان مصر المرتد تأز فوق رؤوسنا