كل التضامن مع منظمة -أباهلالي- (شعب الأكواخ) بجنوب إفريقيا


مرتضى العبيدي
2021 / 5 / 18 - 17:40     

مثل يوم الخميس 13 ماي ثلاثة من مناضلي منظمة "أباهلالي" ( وترجمتها "شعب الأكواخ") بجنوب إفريقيا أمام محكمة مدينة "ديربان" عاصمة مقاطعة "كوازولو ناتال" بتهم كيدية. وكان من المنتظر أن تعلن المحكمة عن إطلاق سراحهم المؤقت مقابل كفالة مالية بعد أن استوفى محاموهم كل الإجراءات لذلك. إلا أن الحصار الذي ضُرب منذ الصباح الباكر على مقرّ المحكمة لمنع مناضلي المنظمة وأنصارها القادمين من أقاصي البلاد من الدخول كان ينبئ بأن أمرا ما بصدد التبدير، وهو ما حصل فعلا، إذ بوغت المحامون بتغيير مفاجئ للمدعي العام الذي أعلن عدم أهلية المحكمة للنطق بالسراح المؤقت وبإحالة ملف القضية أمام محكمة أخرى وتأجيل موعدها إلى يوم الاثنين 17 ماي الجاري.
ومنذ انطلاق القضية، عبرت عديد المنظمات السياسية والحقوقية والشعبية عن تضامنها مع المناضلين المحالين كيديا على العدالة. واعتبر حزب العمال في تونس في رسالة وجهها الى المنظمة أن عمل الترهيب هذا لا يستهدف هؤلاء الرفاق فقط بل كل المنظمة التي عملت منذ تأسيسها على تمكين سكان الأكواخ والفقراء بشكل عام في جنوب إفريقيا من التنظيم الذاتي في مواجهة سياسة التهميش التي يخضعون لها من قبل السلطات الرسمية لهذا البلد، مذكرا أن نشطاء AbM ليسوا في محاكمتهم الأولى ولكنهم خرجوا من كل المحاكمات السابقة أقوى وأكثر إصرارًا على مواصلة كفاحهم من أجل تحسين الظروف المعيشية لإخوانهم بقيادة منظماتهم المستقلة.
ومنظمة "أباهلالي" هي حركة لسكان الأكواخ في جنوب إفريقيا تقوم بحملات ضد عمليات الإخلاء القسري والتهجير. نشأت في مدينة "ديربان" في أوائل عام 2005 وتوسعت إلى مدينتي "بيترماريتسبورغ" و"كيب تاون". وهي أكبر منظمة لسكان الأكواخ في جنوب إفريقيا، تناضل من أجل تحسين الظروف المعيشية للفقراء وإضفاء الطابع الديمقراطي على المجتمع من الأسفل. وفي سنة 2010، بلغ عدد منخرطيها 25000 عضو، وما انفك العدد يتزايد منذ ذلك التاريخ.
وقد نظمت "قاعدة أباهلالي مجوندولو" مظاهرات وانخرطت في أعمال مباشرة مثل احتلال الأراضي والربط الذاتي بشبكات الماء والكهرباء، كما التجأت للمحاكم للاعتراض على قوانين الإسكان التعسفية، فهزمت مثلا قانون "كوازولو ناتال" للأحياء الفقيرة لعام 2007. وفي سنة 2010، نظمت احتجاجات على آثار كأس العالم مثل عمليات الإخلاء والهجمات المعادية للأجانب.
وإن رفضت AbM تاريخيًا السياسات الحزبية، وقاطعت الانتخابات في الماضي تحت شعار "لا أرض! لا بيت! لا تصويت!" ولها تاريخ من الصراع مع كل من المؤتمر الوطني الأفريقي والتحالف الديمقراطي الحاكم منذ نهاية نظام الميز العنصري، فإنها أعلنت دعمها التكتيكي للتحالف الديمقراطي في انتخابات 2014. وبحلول موعد الانتخابات العامة لجنوب إفريقيا لعام 2019، أيدت المنظمة صراحة وعمليا قائمات حزب العمال الاشتراكي الثوري.
وتشارك المنظمة في "تحالف الفقراء"، وهي شبكة من الحركات الشعبية الراديكالية في جنوب إفريقيا. كما أقامت روابط تضامنية مع مجموعات أخرى في جميع أنحاء العالم. وهو ما جعلها عُرضة للقمع المستمر والعنيف أحيانا من قبل الأجهزة العسكرية والأمنية الرسمية والموازية الذي يصل حدّ الاغتيالات. ففي سنة 2009 قُتل شخصان في هجوم على طريق كينيدي، بينما قُتل نكولوليكو جوالا، وهو منظم في "كاتو كريست، ديربان"، في عام 2013. وقتل Nqobile Nzuza بالرصاص في احتلال أرض ماريكانا في ديربان عام 2013. وفي عام 2020، وعلى الرغم من القرار الرسمي بوقف عمليات الإخلاء بسبب وباء COVID-19، استمرت هذه عمليات في "ديربان" وتم إطلاق النار على العديد من الأشخاص بالذخيرة الحية.
ولا تقتصر المنظمة على النضال من أجل تحسين ظروف السكن وتوفيره لمستحقيه، بل تتجاوزه لعدّة مجالات أخرى سنعود إليها في مناسبات قادمة.
ورغم الظروف العصيبة التي تمرّ بها، فإن ذلك لم يُثنها عن المشاركة الى جانب عديد الفعاليات الشعبية والتقدمية في جنوب إفريقيا يومي 11 و12 ماي في تخركات احتجاجية أمام مركز التجارة الإسرائيلي بجوانسبورغ تنديدا بعمليات الابادة والتقتيل والتهجير الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني. وأصدرت منظمة "أباهلالي" (سكان الأكواخ) بيانا بعنوان "دماء الفلسطينيين دماؤنا" نورد منه المقتطفات التالية:
"إن نضالنا متجذر في المبدأ القائل بأن الاعتراف بإنسانيتنا الكاملة والمتساوية غير قابل للتفاوض. كما نصرّ على تطبيق هذا المبدأ على جميع الناس في كل مكان. لا يمكن أن تكون هناك مجموعة من الناس تُنكَر إنسانيتها.
كما يعلم الجميع، فإن التجربة المشتركة لنزع الملكية والقمع الاستعماري - والفصل العنصري - تعني أن معظم سكان جنوب إفريقيا يتفهمون بعمق ويهتمون بمعاناة ونضال الشعب الفلسطيني.
بصفتنا فقراء من السود في جنوب إفريقيا اليوم، تستمر منازلنا في التدمير بالعنف، وما زلنا محكومين بالقوة المسلحة، وغالبًا ما تكون عسكرية، وما زلنا نتعرض للهجوم من قبل الدولة العنيفة، والاعتقال بتهم باطلة والقتل. إن إنسانيتنا معرّضة باستمرار للنكران كما تتعرّض كرامتنا للتخريب باستمرار.
فبسبب ماضينا وحاضرنا، نشعر بإحساس عميق بالتضامن مع الشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني تحت الاحتلال الاستعماري الوحشي للغاية. آلامهم هي آلامنا. نحن نعلم ما يعنيه العيش دون معرفة ما إذا كان منزلك ومنازل أطفالك سيتم تدميره. نحن نعلم ما يعنيه العيش بدون حماية القانون، وفي ظل دولة تعتبرك خارج القانون. نحن نعلم ما يعنيه أن يكون هناك أشخاص أبرياء في السجن، أشخاص كانت جريمتهم الوحيدة هي النضال من أجل العدالة.
إن دولة إسرائيل دولة إجرامية، مذنبة بارتكاب جريمة طويلة ضد الإنسانية. يجب إدانة نظام الفصل العنصري فيها، والعنف والوحشية اليومية التي يُطبق بها، من قبل كل العالم. إن العنصرية هي التي تدفع العديد من الدول القوية حول العالم إلى الصمت بينما تستمر إسرائيل في قمع وقتل الفلسطينيين. إنها نفس العنصرية التي تدفع بعض وسائل الإعلام العالمية إلى رفض قبول أن ما يحدث في فلسطين هو مسألة قمع استعماري وحشي وليس "اشتباكات" أو مسألة أحياء وأراضي "متنازع عليها".
لقد فقد الكثير من الناس حياتهم في الهجمات الحالية. هذه الهجمات تتمّ بدافع الكراهية وهي محاولة متعمدة لتقويض كرامة الإنسان.
إن أولئك الذين يدعمون الهجمات على الشعب الفلسطيني، أو الذين يلتزمون الصمت أثناء مشاهدتهم للقمع، مذنبون بهذه الفظائع مثل حكومة إسرائيل. لقد أصبحت الصهيونية مهيمنة سياسيًا من خلال الحرب ولا تزال مهيمنة بسبب النظام العالمي للإمبريالية. في عام 2019، قدمت الحكومة الأمريكية 3.8 مليار دولار للجيش الإسرائيلي. دولة استعمارية واحدة تدعم دولة أخرى. يتم قتل الأمريكيين من أصل أفريقي في الشوارع من قبل الشرطة ويتم التعامل مع المهاجرين مثل المجرمين في الولايات المتحدة، بينما في فلسطين يعاني الناس من الاضطهاد اليومي الشديد ويرون منازلهم تُسرق وتُدمَّر، وأماكنهم المقدسة تُخرب، وشعبهم يُقتل.
علينا النضال من أجل أنسنة هذا العالم.
نحن إلى جانب شعب فلسطين. سنعمل مع جميع المنظمات التقدمية الأخرى لدعم العمل على بناء التضامن مع فلسطين في جنوب إفريقيا وفي أماكن أخرى. سيتم التعامل مع أي ناشط فلسطيني في جنوب إفريقيا يرغب في مقابلتنا كضيف شرف في عملنا".