التمركس البعثي و العنف داخل الجامعة


كوسلا ابشن
2021 / 5 / 17 - 21:14     

لا تخلو سنة دراسية بدون هجمات تيار التمركس البعثي بالأسلحة البيضاء وداخل الحرم الجامعي, على عدوه الرئسي في حركة النضال الامازيغي (طلبة الحركة الثقافية الامازيغية), حتى في هذه الفترة الحرجة والعالم يقاوم كوفيد19, لا يفكر البرابرة المرتزقة (أبناء أم وأكثر من أب) إلا في تعنيف الآخرين. قبل أيام شن التمركس البعثي هجوما بالأسلحة البيضاء على طلبة الحركة الثقافية الامازيغية داخل حرم جامعة قاضي قدور موقع أيت ناظور(مدينة أمازيغوفونية), أصيب في الهجوم "الثوري" بعض طلبة الحركة بجروح.
" ثوار" حلقيات النقاش, يتوهمون أن تخريفاتهم لا تصبح واقعية إلا بممارسة العنف "الثوري" في ساحات المعارك الثورية داخل أسوار الجامعات, ضد كل من يعارض حماقاتهم حول الجنة العرقية في وطنهم العربي, ولهذا أصبح العنف عندهم من مبادئ "الثورة الشيوعية" الإفتراضية.
العنف هو شكل من أشكال الإكراه يستخدم ضد الآخرين بهدف الهيمنة الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية, أو بهدف إكتساب الحقوق, أو الحفاظ على إمتيازات معينة.
الماركسية اللينينية ترفض النظريات التي تنسب إلى العنف دورأ حاسما في التاريخ, لكن في الوقت نفسه, لا تنكر على الإطلاق دور العنف الثوري في هذه الآلية أو تلك لإدراك الضرورة التاريخية, لا سيما في الثورات التحررية الاجتماعية أو الوطنية- القومية.
إن المفهوم الماركسي للعنف الثوري يعد أحدى المواضع التي تتعرض للهجمات الممنهجة والتزوير من التحريفيين. دعاة التزوير يحاولون تشويه والخلط بين حقيقة أن المجتمع الطبقي هو نظام يمارس بشكل منهجي للعنف في علاقته بالعمال والجماهير الكادحة, وفي علاقته بالأمم المضطهدة, التي تشن نضالا عادلا من أجل التحرر من الإستعمار. و بين حقيقة أن إستخدام البروليتاريا للعنف هو حالة إجبارية وذو طبيعة مؤقتة ومحدودة. كما هو حقيقة العنف العادل الذي تستخدمه الشعوب المناضلة ضد الأنظمة الكولونيالية ومن أجل تحررها وإستقلال بلدانها, و العنف الثوري في هذه الحالة تأكيدا على نهج سياسة تحترم مبادئ السلام والتعايش السلمي بين الشعوب. تحريف المفهوم الماركسي للعنف, تحوله العصابات التحريفية البعثية (الماركسية العربية) الى عنف الشوارع والجامعات, لا تختلف في ممارستها العنفية عن العصابات الإجرامية ( وجهان لعملة واحدة), فكلتا العصابتان تمارسان العنف, لكنه عنف الاجرام وعنف الشوارع, و يتناقض مع مفهوم العنف الثوري الشرعي والضروري للتغيير.
العنف الثوري هو اداة التغيير و التحول الثوري , مورس عبر التاريخ باعتباره الوسيلة الضرورية في التغيير الاجماعي , وقيام نظام سسيوإقتصادي وسياسي جديد, و العنف الثوري بإعتباره أداة التحرير, عنف تمارسه القوى الشعبية (الأغلبية العضمى) ضد القوى الاستعمارية الاستغلالية الإستبدادية, في تناقض مع العنف الرجعي الذي تمارسه الأنظمة الرجعية والاستعمارية والجماعات العقائدية المتزمتة للأفكار القاهرة.
هيمنة الايديولوجية البعثية ( التمركس العروبي ) في الساحة الجامعية بكل تمظهراتها الانعزالية والشوفينية أدى الى توجيه الوعي الأمازيغي الى معادات الذات و تحييد اوسع الجماهير الطلابية الأمازيغية من التفكير في الخصوصية الامازيغية و النضال التحرري الامازيغي, وهو الهدف الرئيسي الذي سعى إليه النظام الكولونيالي منذ دولة الحماية الفرنسية. مع بروز حركة النضال الامازيغي في الساحة الطلابية, و ما لعبته هذه الحركة في نمو الوعي الذاتي التحرري و إنتشاره بين الأوساط الطلابية الامازيغية, و لحجب دورها الفعال في الوسط الطلابي التجأ النظام الكولونيالي الى استعمال ورقة العنف القاعدي الشوفيني البعثي (التعاقد العرقي), لخلق جو من الفوضى والعبث في الساحة الطلابية وعرقلة نضال المناضلين الحقيقيين ( الاحرار ايمازيغن ) داخل الساحة الجامعية في نشر الوعي التحرري في صفوف الطلاب.
بجانب العنف المخزني, تنشط كتائب الفاشستية البعثية داخل الجامعات,بممارستها العنفية في فرض أجندتها العقائدية الرجعية الشوفينية و الاستبدادية, وترهيب الجماهير الشعبية وقمع الأفكار والآراء المخالفة لها و خصوصا الأفكار التحررية للحركة الثقافية الامازيغية, وإعاقة نشاطها الفعال في مواصلة دربها النضالي الهادف للتحرر من الإضطهاد القومي والإجتماعي.
ممارسة العنف الرجعي للعصابات البعثية التحريفية يخدم لا محالة أجندة النظام الكولونيالي كضرورة وجودية سلطوية, وإستمرارية ممارساتها العنفية في الوسط الطلابي في غياب أساليب الردع و ميكانزمات وقف العنف, سيجعل من الجامعة ساحة يسيرها قانون الغاب, وإختفاء قيم التشارك والوحدة النضالية لتحقيق المطالب الطلابية المشروعة والعادلة.
بسبب الصراعات الطائفية بين الكتائب العقائدية البعثية والإسلامية وبسبب سياسة الترهيب للطرف النقيض والمخالف, بادر مناضلي الحركة الثقافية الامازيغية لطرح ميثاق شرف لنبذ العنف والإقصاء داخل الجامعة يجمع كافة الفصائل الطلابية, إلا أن مثل هذا الإقتراح لا يجد آذان صاغية لأنه لا يمكن أن يتحقق في ظل هيمنة الفكر العقائدي الرجعي, الحامل في طياته أجندة إستعمارية معادية للتحرر والدمقراطية.
الادراك الواعي لحل العبث البعثي الشوفيني يكمن في أهمية النضال الإيديولوجي في الوسط الطلابي, و توسيع القاعدة النضالية داخل الجامعة, مع التحالف (خصوصا في المواقع الأمازيغوفونية) مع الجمعيات الامازيغية لتنظيم مهرجانات خطابية و تنظيم مظاهرات إحتجاجية أمام الجامعات للتنديد بالعنف البعثي وخطورته على حياة الطلاب, وبهذا الشكل أوبأساليب آخرى أكثر واقعية, قد تكون مفيدة في عزل الشوفينية البعثية عن الجسم الطلابي و وقف العنف الرجعي.