نحو المؤتمر الحادي عشر لحزبنا الشيوعي العراقي (( مؤتمر التجديد والديمقراطية الثاني ))


مزهر بن مدلول
2021 / 5 / 17 - 19:53     

نحو المؤتمر الحادي عشر لحزبنا الشيوعي العراقي
(( مؤتمر التجديد والديمقراطية الثاني ))
من اجل مناقشة جادة لمسودة النظام الداخلي



تأسس حزبنا الشيوعي العراقي في ثلاثينيات القرن الماضي (1934)، وعمل لعقود طويلة وسط ظروف صعبة وقاسية وشديدة التعقيد، استطاع خلالها ان يقارع ببسالة نادرة الحكومات الرجعية والاستبدادية المتعاقبة من جهة، وان يقف على قدميه متصديا لكل محاولات النيل من وحدته والقضاء عليه من جهة اخرى. لكنّ نظرة سريعة وعميقة الى ذلك التاريخ، تجعلنا ان نتبين الفرق، وان لا تشابه، لا من قريب ولا من بعيد بينه وبين ما نراه ونعيشه اليوم، وهذا ما يدفعنا بشكل جدي ومسؤول الى قراءة تجربتنا التاريخية بصورة نقدية وموضوعية وبعيدة عن جلد الذات لكي نتمكن من اداء مهامنا الجديدة التي يتطلبها عالمنا الجديد، الخالي من القيود، والمستند على قاعدة التعددية والحوار المفتوح والتفاعل الشامل الذي فرضته الثورة الرقمية.
وإذ أطلق الشيوعيون العراقيون على مؤتمر حزبهم الخامس، الذي انعقد في عام 1993 اسم (مؤتمر التجديد والديمقراطية)، ادراكا منهم للظروف والعوامل الذاتية التي مرّ بها الحزب بعد مسيرة حافلة من الكفاح الشجاع والتضحيات الجسام ومن الكبوات والانكسارات ايضا، وادراكا منهم كذلك للاسباب الموضوعية، وعاصفة المتغيرات التي اطاحت بالنموذج الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي ودول اوربا الشرقية، وما تركه ذلك من تداعيات على حركة التحرر الوطني بشكل عام والاحزاب الشيوعية بصورة خاصة، اضافة الى عوامل اخرى كثيرة، داخلية وخارجية، لا مجال النقاش فيها في هذه المقالة المخصصة لموضوع اخر.
اقول وقد اطلقوا على مؤتمرهم الخامس اسم (مؤتمر التجديد والديمقراطية) للاسباب المذكورة، فلهم كامل الحق، اذا ما استشعروا اليوم الطفرات السريعة التي حدثت في حياة الافراد والمجتمعات، ان يطلقوا على مؤتمرهم الحادي عشر اسم (مؤتمر التجديد والديمقراطية الثاني). فمنذ المؤتمر الخامس والى الان، جرت تحولات هائلة وتبدلات كبيرة في جميع قطاعات الحياة وميادينها، وظهرت بيئة جديدة من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، ونتيجة الى التقدم السريع في مجال العلوم وتكنلوجيا الاتصالات، اصبح العالم يعيش في فضاء رقمي لا يمكن الاستهانة به او تجاهله، هذا الفضاء الرقمي الذي فرض نفسه بقوة، غيّر طريقة حياة البشر، وخلق انسانا مختلفا في وعيه وتفكيره ومزاجه واحتياجاته (السوسيو نفسية). بمعنى اخر ان هذا الانسان المختلف في تفكيره وآماله والذي يطمح الى ان يكون فاعلا ومتفاعلا، لم يجد في التنظيم الحزبي ما يمنحه الفرصة الكافية لكي يكون كذلك، بينما يستجيب المجتمع الافتراضي لجميع تطلعاته واحلامه بما فيها العدالة التي ينشدها!.
ولهذا، ومن هذا الادراك البسيط والواضح اعلاه، تقع على الحزب مسؤولية المراهنة في خوض السباق مع هذه التحولات الكبيرة والمتسارعة، من اجل ان يواكب روح العصر ويتفاعل معه ايجابيا. ولكي يستطيع حزبنا ان يقدم اجابات شافية على ما تطرحه الحياة من اسئلة ومستجدات، وان يقدم للجيل الجديد مساحة اضافية الى ما تمنحه اياه شبكات التواصل الاجتماعي في التاثير والممارسة السياسية، عليه ان يعيد صياغة اساليب ومبادئ حياته الداخليه، وطريقة رسم سياساته التكتيكية والاستراتيجية، وآليات علاقاته في المجتمع وفئاته المختلفة بطريقة لا تتعارض مع المتغيرات الحاصلة في الوعي والمزاج العام الذي خلقته وسائل التواصل الاجتماعي وتكنلوجيا المعلومات.
إن لا سبيل امام الحزب الاّ ان يكون جديرا بمرحلة الحداثة، وان يجعل المسافة اليها قصيرة، وذلك من خلال تبنيه للمعاني الحقيقية لمفاهيم التطور التي يطرحها عصرنا الراهن، وان يقطع الطريق على الذين يظنون ان التجديد ما هو الا خدش للصورة التي رسمها الشيوعيون لحزبهم، وان يثقف رفاقه واصدقاءه بأهمية محاربة الافكار الانعزالية والجمود العقائدي، وان يشيع الحيوية النضالية والحضور المميز لمنظماته، وان يوصي بالابتعاد عن جميع الممارسات والشعارات الديماغوجية التي لا تعبر عن السردية اليومية لابناء شعبنا.
ويُعد النظام الداخلي للحزب المطروحة مسودته للمناقشة والتعديل، احد اهم واقوى ركن يقوم عليه بناء الحزب التنظيمي والسياسي، وهو الذي ينضم حياته الداخلية وانشطته السياسية المختلفة، ويحدد اليات عمل هيئاته ومنظماته بما فيها قيادته، ويصون وحدة صفوفه ومنطلقاته الفكرية، ومن تلك الاهمية وعلى ضوء المتغيرات الهائلة في التكنلوجيا وتطبيقاتها المتنوعة والتي راحت تمارس تاثيرها في توجيه وادارة حياة الناس، لابد وان يحظى النظام الداخلي لحزبنا بالمراجعة الحقيقية والعملية لكي يتلائم ويتناغم مع تطلعات الجيل الجديد. فلنجعل المؤتمر الحادي عشر مؤتمرا لكل العراقيين انطلاقا من تاريخ حزبنا النضالي ودم شهداءه الطاهر وثقافة الكرامة والحرية التي زرعها في تربة العراق وعلى ضفتي نهريه دجلة والفرات.