شَطَطٌ في كِتَابَة القَانُون، وفي اِسْتِعْمَال السُّلْطَة


عبد الرحمان النوضة
2021 / 5 / 15 - 19:38     

1) في يوم 22 مارس 2021، حكمت غرفة الجُنَح التَلَبُّسْيَة لدى المحكمة الابتدائية بمدينة تِيزْنِيتْ، قُرب مدينة أكادير بالمغرب، على الشاب رشيد إدبوشني (25 سنة)، بالسّجن النّافذ خمس سنوات، وتجريده من كافّة حقوقه المدنية والوطنية خلال عشر سنوات، وغرامة قدرها خمسون ألف درهم. وكانت التُهَم الموجّهة إليه هي: «الإساءة إلى الدين الإسلامي، والإساءة إلى الملك، وإلى النظام الملكي، وإهانة علم المملكة، والدَّعْوَة إلى انفصال الصحراء الغربية عن المغرب، والتحريض ضدّ الوحدة الترابية للمغرب، طبقا لمقتضيات الفصول 267/1، و267/2، و 267/3، من القانون الجنائي». وأضافت الهيئة القضائية إلى تلك التُهم، الفصول 26، و40، و 252، من القانون الجنائي، في تعليلها للقرار القضائي. وذلك بِسبب إقدام هذا الشاب على كتابة ونشر 13 تَدْوِينَة على صفحته الشخصية على الفَايْسْبُوكْ (facebook)، بواسطة هاتفه المحمول، ونشرها على الأنترنيت. ونسب محضر الدّرك إلى هذا الشاب أنه اعترف أن «فكرة الإلحاد، والخروج عن الدين الإسلامي، تكوّنت لديه، حيث لا يؤمن به، ولا بتعاليمه، لكونه مجرد قصص لا أساس لها من الصحة، ولا علاقة لها بالواقع». ومرّت محاكمة هذا الشاب بلا دفاع، ولا مساعدة قضائية. (نُشر هذا الخبر على الموقع الإلكتروني لكم2 ، في يوم الثلاثاء 11 ماي 2021).
الاستنتاجات مِن هذا الحدث:
2) أن يكون الشاب رشيد إدبوشني لا يُحبّ دِين الإسلام، ولَا يُحبّ النظام السياسي الملكي، وإذا كان يُخالف الدولة المغربية في التعامل مع قضية الصحراء الغربية، فهذه مَشَاعِر شخصية، وآراء فكرية، أو اختبّارات سياسية، ومن حقّ أيّ إنسان أن يتبنّى المشاعر والآراء التي تُلَائِمُه. وَلَا يحقّ لأيّ قانون أن يُجَرِّم المشاعر، أو الآراء، أو الأماني. ولَا يحقّ لأيّ قانون أن يُجَرِّمَ فعلًا مُعَيَّنًا كَجَريمة، إلَّا إذا كان هذا الفعل يُحْدِثُ ظُلمًا وَضَرَرًا مَادِّيًا لِمُواطنين آخرين. وكلُ قانون يُجَرِّمُ العَـقَائِد، أو المشاعر، أو الأماني، أو الآراء، هو قانون استبدادي، وجائر، ومرفوض.
3) بينما يستغلّ بعض الموظفين الكبار مسؤوليّاتهم في أجهزة الدولة لِمُمارسة التحايُل، والغِشّ، والإفْرَاط في استعمال السُّلطة، وبينما مقاولون كبار يتحايلون على القانون، ويُمارسون الغِشّ، والنّهب، والسطو، بهدف الإغتناء غير المشروع، وَلَا يَتعرّض هؤلاء الفاسدين لأيّة مُراقبة، أو محاسبة، أو عقاب، نلاحظ أن بعض أجهزة القمع تُرَكِّزُ على سَحْق الضُعَفَاء، والمخالفين في الآراء، والنَاقِدِين، والمُعارضين، والصحافيّين المُستقلّين، والمواطنين الثوريّين. وهذا انحيّاز يتناقض مع جوهر القانون العادل.
4) يُعَدُّ مِن باب الحُمق، والاستبداد، والتخلّف، أن يُحاول أي قانون أن يُجْبِرَ المواطنين على الإيمان بِدِين مُعَيَّن، أو على حُبِّ نظام سياسي مُحدّد، أو على تَبَنِّي سياسة خاصة. وفي الأصل، وُضِعَ القانون لِمُعاقبة الأفعال الظَّالِمَة، التي تَتَمَيَّزُ بِإِحْدَاث ظُلْم وَضَرَر مَادِّي لِلْغَير، ولم يُوضع القانون في الأصل لِقَمْعِ الأفكار المُخالفة. والأصل هو أن المواطنين هم أحرار في حمل المشاعر، والآراء، والأماني، والمواقف، التي تُلَائِمُهم. وكل مَن لَا يُرضِيه حَمْلُ بعض المواطنين لِمَشَاعِر أو أفكار مُعَيَّنَة، يجب عليه أن يُـجَابِـهَـهَا بِأفكار مخالفة، وَبِحُجَجٍ عِلْمِيَة مُـقْـنِـعَـة، وَلَا يَحِقُّ له أن يُوَظِّفَ القانون، أو أن يَسْتَغِلَّ أجهزة الدولة، أو أن يَطْغَى في اِسْتِعْمَال السُّلْطَة، بهدف الاِنْـتِـقَام مِـمَّـنْ يُخالفه في المشاعر، أو الأفكار، أو الآراء، أو في الطُمُوحَات.
رحمان النوضة، 15 ماي 2021.