عندما تقطع صواريخ حماس والجهاد الإسلامي الأفق نحو انتفاضة فلسطينية شاملة


بشير الحامدي
2021 / 5 / 12 - 20:04     

ــــــــــــــــــــــ
في الوقت الذي كانت فيه الأوضاع تتقدّم نحو انتفاضة شعبية فلسطينية جديدة ردا على محاولة الدولة الصهيونية اقتلاع عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية الذي يطالب به مستوطنون صهاينة على خلفية قانونية باطلة مرددين شعار "عودوا إلى الأردن" وفي الوقت الذي بدأ فيه الغضب الشعبي يتزايد ويؤشر لتوسع المقاومة في القدس وفي بقية المدن الفلسطينية داخل الدولة الصهيونية وعلى الحدود مع قطاع غزة ولتأخذ هذه المقاومة طابع الانتفاضة الشاملة التي على شاكلة انتفاضة الحجارة تدخل "حماس" و"الجهاد" على الخط بإطلاق الصواريخ على قاعدة تفعيل استراتيجيا "توازن الرعب" مع الدولة الصهيونية لتتحول المعركة إلى معركة غير متكافئة مع دولة متفوقة عسكريا على الشعب الفلسطيني وعلى كل محيطه من الدول العربية وتتيح بذلك الفرصة مجددا لحكام إسرائيل لشن حرب جديدة على الشعب الفلسطيني في غزة وفي كامل إسرائيل والظهور أمام العالم بمظهر الدولة التي تخوض حربا دفاعية وتواجه دولة أخرى مسلحة تشن عليها حربا وليس الدولة الاستعمارية الاستيطانية المدججة بالسلاح التي تواجه شعبا أعزل غير مسلح مستباح ومهجر.
سلطة حماس في غزة تعلم قبل غيرها أن استراتيجيا توازن الرعب التي تعتمدها في صراعها مع الدولة الصهيونية استراتيجيا لا يمكن أن تحقق أي تفوق للشعب الفلسطيني وعلى الأقل مرحليا في الأوضاع القائمة الآن ولا يمكن لها كذلك الوصول بالسلطة في غزة إلى تحقيق أي تتوزان استراتيجي بينها وبين الدولة الصهيونية وأن أقصى ما يمكن أن تحققه هو خلق أوضاع جديدة في كل مرة تتيح لها كسلطة الظهور بمظهر السلطة المقاومة في نظر الشعب الفلسطيني و أنها على عكس السلطات في رام الله المتعايشة مع الاحتلال الصهيوني وهو أمر كانت دائما كلفته باهضة على الشعب الفلسطيني في كل المواجهات السابقة حيث دفع ثمنه دائما مزيدا من الدمار والتقتيل وتوسع الاستيطان وعربدة الآلة لعسكرية للجيش الصهيوني.
تحويل المعركة الآن إلى معركة نظامية بين "حماس" و"الجهاد" وبين الجيش الاسرائيلي ستعيد الصراع ضد الدولة الصهيونية إلى مربعات قديمة استفادت منها الدولة الصهيونية التي ازدادت توسعا وتضيقا على الثورة الفلسطينية كل مرة.
إن تحويل المعركة إلى معركة نظامية يقطع مرة أخرى إمكانيات تراكم الانفجار الكبير للشعب الفلسطيني ذلك الانفجار الذي يمكن أن يعود بالثورة الفلسطينية إلى مربعات انتفاضات الحجارة فالدولة الصهيونية والجيش النظامي الصهيوني المتفوقان عسكريا على حماس وعلى كل الفصائل الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني وعلى كل المحيط العربي لا يمكن مقاومتهما بنفس أسلحتهما بل يجب جرهما إلى حرب من نوع آخر واستراتيجيا حربية من نوع آخر هي "حرب الشعب" واستراتيجية "ثورة الحجارة" وهو ما يخشاه الجيش الصهيوني وما تعمد الدولة الصهيونية إلى تخريبه بمختلف الأساليب كلما بدا ممكنا.
المعارك مع العدو الصهيوني كانت دائما معارك غير متكافئة لأنها كانت دائما تجري في ظل استراتيجيات نظامية وستظل كذلك إن استمرت على نفس الشاكلة (هذا إن استمرت) ولكنها قد تنطلق غير متكافئة لتنتهي أخيرا إلى انتصار المقاومة إذا واجهت الآلة العسكرية الصهيونية شعبا منتفضا يقاوم بأساليب الكفاح الشعبي الثوري شعبا يخوض حربا غير نظامية سلاحه فيها الانتفاضة المعممة والحركة الدائمة والمناورة والضرب بما يتاح من الحجارة حتى الكلاشنكوف.
إنها الإمكانية الوحيدة التي بمستطاعها تحويل المعركة ضد العدو الصهيوني إلى المساحة التي يخشاها المساحة التي يمكن له أن يندحر فيها وهي كذلك الإمكانية الوحيدة لعودة الحق الفلسطيني والقطع مع حلول الدويلة والتقسيم التي تتبناها اليوم السلطات في الضفة الغربية وقطاع غزة.

12 ماي 2021