هجوم اسرائيل على جماهير لبنان كارثة سياسية وانسانية يجب ان يتوقف القتل الجماعي الآن


حميد تقوائي
2006 / 8 / 5 - 11:14     

ان حرب اسرائيل الراهنة ضد حزب الله هي، ولكل الاسباب العملية، حرب ضد جماهير لبنان. انها على هذا الاساس ومن وجهة نظر انسانية، غيرانسانية بشكل كلي، ومن وجهة نظر سياسية، فانها رجعية بشكل كلي.

من المنظور الانساني، انها قتل جماعي للسكان المدنيين الابرياء في لبنان، وعلى هذا فهي حرب اجرامية بذاتها ولذاتها. لقد تركت الحرب لحد الان اكثر من 300 قتيل واكثر من الف جريح وقرابة نصف مليون مهجر او مشرد. ان الحكومة الاسرائيلية هي المرتكب الاساسي لتلك الجرائم، وان الدول الغربية بعمومها والولايات المتحدة وبريطانيا على الخصوص، والمساندين السافرين لها بشكل او اخر، هم المتواطئون في ارتكاب تلك الجرائم. على هذا الاساس يجب ان تتوقف الكارثة الانسانية فوراً، ويجب تقديم الحكومة الاسرائيلية الى المحاكمة مع اعوانها بتهمة ارتكاب جرائم حرب!.

ان الحرب الحالية هي كارثة من المنظور السياسي ايضاً. فنتائجها النهائية لن تؤدي الا الى تقوية للمواقف السياسية الرجعية، والسوداء بحق، لكلا الطرفين المنخرطين فيها بشكل مباشر. انها ، من جانب، استمرار لسياسات اسرائيل العسكريتارية والعدائية والتمييزية ضد جماهير فلسطين وحقهم الاساسي في العيش، بدلا من مخيمات اللاجئين الشبيهة بالغيتوات، في دولة فلسطينية طبيعية تؤسس على قدم المساواة مع بقية الدول. ومن جانب اخر، وبظل الظروف الحالية والمشخصة والسائدة في العالم بشكل عام، وخاصة في الشرق الاوسط، فان الطبيعة الرجعية لهذه الحرب ستعلن عن نفسها من خلال تقوية مواقغ الاسلام السياسي. ستؤدي هذه الحرب الى توسيع دائرة نفوذ حزب الله السياسية والاجتماعية في المنطقة. وسيكون ذلك مباركة لكلا من الاسلام السياسي ودولة اسرائيل.

من جانب، وبغض النظرعن نتائج الحرب العسكرية، فان الرابحين السياسيين لها سيكونوا حزب الله وحماس ومقتدى الصدر وميليشياته الشيعية جنوب العراق، والنظام الاسلامي الايراني، ودولة سوريا. ستمكن الحرب حزب الله بالظهور كضحية، وكممثل مظلوم للقضية الفلسطينية ضد السياسات التمييزية لاسرائيل وامريكا. (ان رفع صور اية الله الخامنئي، المرشد الاعلى الايراني، والشيخ حسن نصرالله، قائد حزب الله من قبل الجماهير الفلسطينية في التظاهرات، هي نتائج مباشرة لهذه الحرب لحد هذه اللحظة). ان هذه الحرب ستحرر حماس من القضايا الداخلية الشائكة التي دفعتها الى مواقع دفاعية ازاء محمود عباس ومنظمته فتح. واخيرا فانها ستمنح سوريا وخصوصا النظام الايراني، اليد الطولى في المعادلات السياسية للمنطقة وايضا في السجالات والمساومات مع الغرب. صحيح ان الاسلام السياسي قد لعب فعلا دوراً في تهيئة الارضية للحرب. الا انه ، وبوضع شكل ومبررات اندلاعها جانباً، فالهجوم على لبنان من قبل اسرائيل كان هبة من السماء للاسلام السياسي في ايران ولبنان وفلسطين.

ومن جانب اخر فان هذه الحرب هي هبة لدولة اسرائيل ايضا حيث صار بامكان سوداوية قضية الاسلام السياسي، بل وحتى فعلياً، حرف القضية النبيلة لجماهير فلسطين. كلما تم تعريف حزب الله من خلال معاناة جماهير فلسطين، كلما تمكنت دولة اسرائيل من دمغ حركة تلك الجماهيربالــ "ارهابية"، وتبرر اعتداءاتها وجرائمها كــ " حرب ضد الارهاب". لقد تمكنت دولة اسرائيل من الظهور على المسرح السياسي العالمي بمثابة الحامل الاساسي للديمقراطية الغربية ضد الارهاب الاسلامي. لقد تمكنت من الادعاء بنجاح، والدفع بتلك الادعاءات في افواه وسائل الاعلام العالمية، ومن ثم الرأي العام، موقفها المزيف كممثل للعالم الغربي المناهض للاصولية والارهاب الاسلامي. وقد تم ذلك كما في كل مرة بحجة " الدفاع عن وجود دولة اسرائيل نفسها". هذه المرة، برزت تلك الحجة بشكل اوضح وابرزمن خلال التناقض مع مواقف حماس وحزب الله ومؤخرا النظام الايراني والتي هدف فيها الى" محو اسرائيل من خارطة العالم".

الان بامكاننا ان نرى كيف، وكما في كل مرة، يؤدي الارهاب المتاصل في عسكريتارية الدولة كما في الاسلام السياسي الى نمو وتقوية كلا الطرفين ومن ثم الى تهشيم الجماهير البريئة في العالم في دائرة عنفه المفرغة الوحشية.

وعليه ، فان الحرب المستمرة في الشرق الاوسط، حتى ولو لم تسقط جرائها ضحية واحدة، يجب تعريفها على انها رجعية بالكامل، وان توقف فوراً، فقط على اساس اهدافها واثارها السياسية.
ان القوة الوحيدة القادرة على ايقاف هذه الحرب الرجعية غير الانسانية هي قوة المعسكر الثالث، اي معسكر الانسانية المتمدنة العالمية. على الجماهير المحبة للحرية في لبنان وفلسطين واسرائيل وبقية انحاء العالم الا تقف كضحايا مكتوفة الايدي او مراقبين صامتين للقتل الجماعي للابرياء على جانبي القتال الحالي. نعتقد بان على الشخصيات والمنظمات الانسانية التدخل واسناد المطالب المشخصة التالية: الوقف الفوري للاعمال العدائية، ادانة دولة اسرائيل بمثابة مجرم حرب، انشاء دولة فلسطين المستقلة، واخيرا وليس اخراً، ادانة حزب الله بمثابة قوة رجعية وعقبة تقف في مسار القضية العادلة ونضال الشعب الفلسطيني.

نناشد قوى المعسكر الثالث، معسكر البشرية المتمدنة مشاركتنا في هذا النضال.