شتات الصهيونية الاحتلال


موسى راكان موسى
2021 / 5 / 11 - 19:43     

معظم الأفكار المتبناة عبارة عن مسلمات .. بعض هذه الأفكار قد يأتي عن طريق "التلقين المباشر" و هي طريق تحفز المقاومة الذاتية في وعي الفرد إلى درجة ما تجاه تقبل هذا النوع من الأفكار .. لكن الآخر الكثير يأتي عن طريق "التلقين الغير مباشر" و هي طريق تراوغ دفاعات الوعي متسللة إلى ما بعد حدود لا وعي الفرد [كما فكرة تفوق الذكر على الأنثى .. و هي فكرة يرضعها المرء منذ الصغر بشكل غير مباشر على الأغلب] .

لكن المرء قد يتخذ مواقف و يعلن عن آراء تتوافق مع التلقين المباشر .. دون أن يكون هو ذاته مقتنعا بها .. مرد ذلك طبعا المصلحة المبتغاة المنظور إليها من هذا التوافق .

التلقين الغير مباشر لا يخوض معارك فكرية نبيلة .. لا يقارع الحجة بالحجة .. و المنطق مشرد منبوذ لا يستحق النظر لديه ، فينتهي كما الخنزير الذي يتمرغ في الوحل و القذارة .. هو الممتنع عن التفكير .. لكن المنغمس في التجريب [الشعور/الأحاسيس] .. يكون سعيدا أو يتوهم أن يكون سعيدا [فعليا لا فرق بينهما ؛ وهم الشعور هو شعور] .. و التحرر من هذا الوضع ليس بالأمر السهل .. مهما تحررنا يظل فينا شيء من "الخنزير" .. يكفي أن تكون نظرتنا تجاه الخنزير سلبية أكثر من الخاروف و الأرنب .. لندرك أن فينا بقية "خنزرة" تحكم نظرنا .

التلقين سواء المباشر أو غير المباشر شكل من أشكال الاحتلال .. هو احتلال حتى على مستوى صفحة بيضاء لا تحوي شيئا أو فكرا ، لكن الاحتلال لا يعني انعدام التفكير .. لكن أيضا لا يعني سلامة التفكير .. هنا الوقوع بين براثن مسخ التفكير و ما ينتجته من مغالطات .

ما هي المسألة الصهيونية ؟ ما هي القضية الفلسطينية ؟ ما هي العلاقة بينهما ؟ .. و تدور دائرة الصدأ الفكري .. ليست مراجعة تتم كل سنة أو عقد من الزمن .. لكن "تجريع و ترجيع" فكري ، هي وحدة تناقض .. لا ، لكن إرادة تريدها وحدة تناقض ، و كي تتم و تستمر .. تتمرغ في وحل "المشاعر/الأحاسيس" .. هذا خنزيرنا الجمعي .. خنخنة تعلو حينا من الدهر و تهبط حينا من الدهر .. مرد ذلك يعود إلى "حساسية" مصطنعة سياسيا يتأثر بها خنزيرنا الجمعي ! .

الخنزير الجمعي يعرف المذاهب و الأديان و الألوان و الأعراق و الأجناس [الجندر] .. و دائما في شكل ثنائي الاستقطاب ، و أقصى ما يعرفه عن الطبقات تصنيفة "غني و فقير" .. فحتى في الصراع الطبقي لا يتجاوز التصنيف الثنائي .. و إن تغيرت عناوين التصنيف الرئيسية تبقى ثنائية ؛ الاستقطاب بقدر ما هو مفيد في (الاستعمال/الممارسة) بقدر ما هو ضار على (التفكير/النظرية) ، و مهما أدعينا وجود وحدة بين "النظرية و الممارسة" .. تبقى النظرية نظرية و الممارسة ممارسة .. و الوحدة بينهما من نوع العلاقة اللحظية العابرة لا الزواج الكاثولوكي الدائم .. و هذه العلاقة محكومة بمنطق الواقع ، و منطق الواقع يختلف عن منطق التفكير .. منطق الواقع ليس بمنطق مادي ديالكتيكي .. منطق الواقع هو منطق متغيّر [مادي و مثالي و ديناميكي و ديالكتيكي و غير ذلك ــ هو إلى اللا منطق أقرب من المنطق] .. منطق لحظات .. و سعيد الحظ من يدرك اللحظة و قد يكون نفسه سيء الحظ ! .

لكي تكون المقاومة إذا .. لا بد من مقاومة المحتل في الفكر .. مقاومة التلقين بكل أشكاله المباشرة و الغير مباشرة ، مقاومة "الخنزرة" فينا .. مقاومة الخنزير الجمعي ، مقاومة التصنيف "الثنائي الاستقطاب" .. مقاومة "إرادة وحدة التناقض" ، المقاومة هي في محاولة القبض على اللحظة .. و ليس في ترك اللحظة تقبض عليك .