الخطيئة الأولى واللعنة الأبدية


عباس علي العلي
2021 / 5 / 10 - 17:15     

الخطيئة في الدين المسيحي تعريفا وتحديدا هي كل الأفعال المادية التي تنتهك القواعد الأخلاقية والقوانين الالهية والقوانين العامة ومنها خرق الوصايا العشر بشكل رئيسي لأنها عماد المفهوم الأخلاقي التعبدي في العهد القديم الملزم لأتباعها، ومفهوم الخطيئة أيضاَ ومن جانب أخر تشير إلى الأفعال الحسية السيئة (السلوك البشري النفسي) والمنفور منها مثل ممارسة الفكر السيء أو الخوض في ما لا يتوافق أصلا مع العقيدة والشريعة التي جاءت في العهد القديم، وليست فقط الأفعال المادية فقط المباشرة والتي قد يرتكبه الشخص بنفسه ولنفسه أو للغير أو يحرض عليها، ويختلف مفهومها من مذهب إلى آخر، ففي الكاثوليكية تعد عقيدة "الخطيئة الأولى" عقيدة أساسية إذ أنها، كما يعرّفها بابا الفاتيكان فى مواعظه الأسبوعية، شديدة الإرتباط بعقيدة الفداء وتفسر معنى النعمة الإلهية فى المفهوم الكنسي، بمعنى " أن الإنسان يتحد بالله – الذى لا يمكنه أن يراه، بفضل النعمة " .. ولا يمكن للشئ أن يهدم هذا الأتحاد، لكن الإنسان بحريته يمكنه رفض هذه النعمة أو إتلافها، والخطيئة هى كل ما يمكنه "أن يهدم أو يمنع هذا الأتحاد بالله الذى بدونه لا يمكن للإنسان أن يحقق نفسه بالكامل للحصول على الخلاص وعلى الحياة الأبدية "، وقد قسمت الخطايا (حسب الديانة المسيحية) إلى قسمين:
• خطايا كبرى ومميتة: مثل القتل والكفر والزنا وشهادة الزور والعنف الشديد وغيرها مما أوردته الوصايا العشر أو خالفت قانون الإيمان اليهودي، وفي كل الأحوال لا بد أن تكون عاقبتهن وخيمة ومميتة ليست على الفرد بل لكون أثرها قد يتحول إلى ممارسة جمعية لو تركت بدون حساب.
• خطايا طفيفة: مثل السكر والغضب وغيرها مما يتسامح بها عادة، وعاقبتهن تكون طفيفة في الغالب ان وجدت، بل في بعض الأحيان اعتبرت تلك الخطايا ضرورة في الحياة لتعلقها بطبيعة المجتمع وتقاليده وممارسته التي يرى أنها غير مؤثرة بالنتيجة حتى لو شاعت وتحولت إلى أمر مباح، وعلى الرغم من هناك بعض الخطايا من هذا النوع قد تكون مدمرة بل وأحيانا حتى تتعارض مع جوهر المنع العقيدي وروح الرسالة الدينية كالخمر والغضب المدمر ضد الأخر.
من يرى أن الخطيئة كفعل لا مفر منه وطبيعيا في ذات الإنسان والتي تم تمريرها من جيل إلى جيل من سلف مشترك وهم بذلك يشيرون إلى أبونا آدم، وقضية الفيروس الذي دخل في تركيبته البيولوجية وتحوله إلى جينوم طبيعي، فهي مرض نفسي قديم ينتقل عبر الجينات وبالتالي فالإنسان المولود جديدا يحمل عنصر قابلية أرتكاب الخطيئة بالقوة، وقيل أن مفعول الخطيئة يأت من خلال تسمم قلب كل إنسان بعد الوقوع فيها لوجود القابلية المسبقة له، وثمة اعتقاد مثير للجدل هو أن كل إنسان ممتلئ تماما بالخطايا دون أن يدرك ذلك إلا من خلال أكتشافه لمفهوم الخطيئة وبعد أرتكابها، وعليه ليس بإمكانه التغلب على ذلك مهما حاول والحل الذي يقترح هنا يكمن فقط بإخفائها في محاولة للتستر منها أمام الأخر.
هذه النظرية أول من صاغها وأمن بها بشكل ممنهج هو العهد القديم تحديدا حين وصف شراحه الخطيئة بأنها (هي كسر القوانين الالهية وتكون بالفكر أو الكلمة أو كلاهما، وتعتبر فعل وليست حالة ضرورية في الوجود، بعض الخطايا يعاقب عليها بالإعدام من قبل المحكمة، والبعض الآخر بالموت من قبل السماء، والبعض الآخر بالجلد، وغيرها من دون مثل هذه العقوبة، ولكن ليس من دون عواقب)، وفي النصوص التوراتية وخاصة في سفر التكوين نجد هذه الفكرة حاضرة بين السطور معلن عنها كنتيجة حتمية (وأخذ الرب الإله آدم، ووضعه في جنة عدن ليعملها ويحفظها، وأوصى الرب الإله آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلاً. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل أكلاً. وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكل منها، لأنك يوم تأكل منها موتاً تموت... فقالت الحية للمرأة لن تموتا، بل الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر.... وأكلت، وأعطت رجلها أيضاً معها، فأكل فانفتحت أعينهما، وعلما أنهما عريانان..... وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار، فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة، فنادى الرب الإله آدم، وقال له: أين أنت؟..... فقال: سمعت صوتك في الجنة، فخشيت لأني عريان.... هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها؟ فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت...... قال للمرأة: تكثيراً أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولاداً، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك....... وقال لآدم: لأنك سمعت لقول امرأتك، وأكلت من الشجرة التي أوصيتك قائلاً: لا تأكل منها. ملعونة الأرض بسببك... وقال الرب الإله: هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر، والآن لعله يمد يده، ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً، ويأكل ويحيا إلى الأبد، فأخرجه الرب الإله من جنة عدن ليعمل الأرض التي أخذ منها، فطرد الإنسان)، هذا مختصر ما جاء نصا في سفر التكوين ليشرح لن مبدأ الخطيئة التي تحولت إلى لعنة على بني الإنسان وتحول معها إلى كائن ملعون أبدا، ومن ملاحظة دقائق القصة نؤشر النقاط التالية:.
1. الخطيئة التي أرتكبها آدم خطيئة مميته بمعنى أنها أماتت آدم الأول معنويا ليتحول إلى آدم الملعون، وبالتالي فهي تلحقه حيث تحول أو أنتقل أو تكاثر، هذه اللعنة لأنها مميته لا يمكن غفرانها أبدا.
2. الشجرة لم تكن ملعونة بذاتها أي أنها ليست محرمة كونها شجرة لا تصلح للأكل، ولكنها ومن أسمها شجرة المعرفة فالله لا يريد لآدم أن يعرف الخير والشر، وهنا تناقض كبير بين ما ورد في سفر التكوين وبين قصة الخليقة عندما علم الله آدم الأسماء كلها وعرضها على الملائكة، فالخير والشر أسمين والتعليم ليس ممنوعا ولا محرما عند الله بدليل أن الله أول ما قام به بعد النفخ أن علم آدم ما لا يعلم، هذه الإشكالية لم ينجح الكتاب المقدس في حلها ولا في فك التعارض بين فكرتين وردتا فيه، خاصة لو علمنا أن ما ورد في الإصحاح الثاني من سفر التكوين وفي نفس القصة أن آدم كان يملك المعرفة الكاملة حتى عن الأشياء الي لم تتكون بعد وأحتمال أنه لو بقى في الجنة لم تحدث مطلقا عندما أجاب الله بعد أن خلق له حواء كما في سفر التكوين بقوله (لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً) (21-24)، هذا الأمر حدث وما زالت حواء مجرد كائن جديد على آدم، السؤال المهم هنا من أين عرف كل ذلك وهو لم يقرب بعد شجرة المعرفة كما يزعم سفر التكوين، فأما أن الكاتب غير منتبه لهذا التناقض أو أن آدم كان يعرف كل شيء وما كان لا يعرف أي شيء هو الله.
3. وهناك نقطة لو أن الله لم يريد لآدم ولا لبنيه من بعده أن يعرفا الخير والشر لماذا إذا وضع الأديان؟ ولماذا أرسل الرسل والأنبياء؟ وهو يعلم أنهما عرفا الخير والشر بذاتهما نتيجة الأكل من شجرة المعرفة، فلو قلنا أن الله أراد فقط أن يركز على الخير ليضعف الشر في نفس بني آدم فهذا يناقض مبدأ اللعن الأبدي، وإن قلنا أن التعليم اللاحق هو جزء من محاولة رد الأعتبار لبني آدم فهذا يؤكد أن الله كان ظالما أبتداء، وفي كلا الحالتين فالله هنا أخطأ في التقدير الأول بمنع آدم وحواء من معرفة الخير والشر، وفي المرة الثانية عدم قدرته على محو اللعنة والعفو عن آدم وبنيه.
4. أن الله ككائن مادي مجسد يتمشى وسط الجنة وهو لا يفترق عن مخلوقاته وبالدليل أن كان لا يعرف لا مكان ولا حال آدم، وبذلك نسقط عن الله صفة الكمال المطلق وعلمه بكل شيء وبعدم إمكانية أحتواءه لا في زمان ولا مكان مما خلق، فهم أي المؤمنون بسفر التكوين مجسدين ومشبين لله ومخرجين ماهيته من عدم المشاكلة والمشابهة مع أي شيء في الوجود.
5. غضب الله على حواء وآدم لأنهما عرفا الخير والشر، هذا الغضب كما قلنا متأتي من خوف الله أن يعرفا الحدود ويعرفا معنى الخير والشر، وبذلك يكون الله ظالما أبتدأ لأن الخطيئة ذاتها شر، ومن لا يعرف الشر أصلا لا يمكن محاسبته على فعله، تماما كالطفل الصفير الغير مدرك والمجنون وفاقد العقل الذي لا يعرف التفريق بين الأشياء، فلو كان الله عادلا ما حاسبهما على فعل لم يدركا معناه بالتحديد.
6. كان من نتيجة الغضب أيضا وكما قلنا أن آدم الأصل وحواء الأصل ماتا موتا معنويا وحل محلهما الملعونيين تكوينا حين جعل على حواء لعنة الألم (تكثيراً أكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولاداً، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك)، وعلى آدم جعل لعنة الخطيئة (ملعونة الأرض بسببك)، من هذا فكل خطايا البشر ولدت مع خروج آدم الملعون كما تصوره قصة سفر التكوين دون إمكانية التخلص منها لأنها لعنة أبدية.
7. ما لا يفهم من نص السفر أن الله تكلم ولكن مع من ومن كان يقصد بمنا (هو ذا الإنسان قد صار كواحد منا عارفاً الخير والشر)، إن كان يخاطب الملائكة فالملائكة لا تعرف إلا ما علمها الله والدليل أنه عندما عرض الأسماء على آدم وطلب منهم أن كانوا يعرفوها أجابوه بالنفي وقالوا لا علم لنا إلا ما علمتنا، أما كان يحدث نفسه بصيغة الجمع.
8. من صيغة الكلام الذي ألقاه سواء أكان موجها لأحد أو موجها لنفسه نتبين أن الله كان يخشى من آدم أو يحسده على أنه عرف الخير والشر، ولذلك طرده من الجنة حتى يبقى من غير علم ومعرفة (والآن لعله يمد يده، ويأخذ من شجرة الحياة أيضاً، ويأكل ويحيا إلى الأبد)، هذا الموقف يشابه تماما موقف إبليس من آدم وحسده له وعداوته معه، فالصورة التي يرسمها سفر التكوين لله ليس هي صورة الله الذي بيده كل شيء والعالم بكل شيء والقادر الغني عن كل شيء، هنا الله في موقف المدافع الخائف على سلطانه من آدم وخائف أن تتطور حالته المعرفية ليكون الأمر بعد ذلك أشد خطورة عليه.
9. النقطة الأخيرة والتي كانت من ضمن الخطيئة الأولى كما يصفها سفر التكوين هي غضب الله على البهائم الحية والتي لم يعرف أنها أحيل والأكثر شرا من بين الحيوانات والبهائم وكأن أكتشف ذلك لاحقا، إذا كان غضبه من دون سبب مما يشكل إخلالا بمبدأ العدل المطلق الإلهي، وحتى مع آدم قد يكون غضبه له مبرر وهو جزاء أنتهاك معلوم بالعصيان، لكن ما ذنب من لم يولد ولم يعرف ما دار ولم يشارك با الأحداث (الحية أحيل جميع حيوانات البرية"، وقال عنها: " ملعونة أنت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية، على بطنك تسعين).
من التراث اليهودي التوراتي أنتقل مفهوم الخطيئة الأولى والأبدية إلى العهد الجديد وارت جزأ من العقيدة المسيحية بوجهها الأكثر تطرفا، ويعتبر سانت أوغسطينوس (430م) في مقدمة المسيحيين الذين قدموا تفسيراً متكاملاً لهذه المسألة (أن الله خلق الإنسان وترك فيه قوة الإرادة في حرية كاملة، وأنعم عليه، وحرم عليه تناول القمح، لكن آدم وضع قوته الإرادية في غير موضعها عندما تناول ما حرم عليه، ولم يكن صعباً عليه تحاشي المعصية، إذ لم يكن يعرف يومذاك عواطف الهوس والشهوة، وذنب آدم ذنب عظيم لأنه يتضمن ذنوباً عديدة أولها: الكفر، إذ اختار آدم أن يعيش محكوماً بسلطته، بدل أن يعيش في ظل الحكم الإلهي، وثانيها: إساءة أدب مع الله، لأن الإنسان لم يتيقن في الله، وثالثها قتل نفسه إذ جعل حكمها الموت، ورابعا الزنا المعنوي لأن إخلاص الروح الإنسانية قد ضاع من أجل التصديق بقول الحية المعسول، وخامسها: السرقة إذ نال ما لا يحل له وقد أدركه الطمع)، ويخلص بالأخر إلى نتيجة نهائية تتمثل في (كانت هذه الخطيئة أمَّاً لكل الأخطاء البشرية " والحق أنك مهما أمعنت في حقيقة أي إثم، فستجد له انعكاساً في هذه الخطيئة الواحدة ").
كل كتاب العهد الجديد والغالبية الساحقة من المؤمنين به يصرون على مبدأ وراثة الخطيئة طبيعيا، بمعنى أن الإنسان شرير بالأصل (أن هذا الذنب لابد له من عقوبة قاسية، كما يرتبون على هذا الذنب مسألة خطيرة، وهي وراثة البشرية جمعاء لذنب أبويهم واستحقاقهم لتلك العقوبة القاسية)، فالشعور الطبيعي بالخطيئة واحدة من أهم ملامح العقيدة المسيحية كما قدمها العهدين وكما يؤمن بها أتباعهما، عندما نتبنى هذا الطرح يرد علينا إشكال عقلي ومنطقي يتعلق بقضية العدل الإلهي عندما جعل آدم وذريته كائنات ملعونه ورتب وجودهما على هذا الأساس فما قيمة التكليف بالخير؟ هل الله جاهل لا يعرف أن الملعون لا يأت بالخير أبدا لأن مصيره محسوم سلفا، أم هو من باب التحدي بين الله وبين البشر في أن يتخلص الأخير من اللعنة حين يقتل نفسه لأن قانون العهد القديم بقول (أن أجر الخطيئة الموت)، يقول عوض سمعان في كتابه " فلسفة الغفران في المسيحية ": وبما أن آدم الذي ولد منه البشر جميعاً كان قد فقد بعصيانه حياة الاستقامة التي خلقه الله عليها، وأصبح خاطئاً قبل أن ينجب نسلاً، إذن كان أمراً بديهيا أن يولد أبناؤه جميعاً خطاة بطبيعتهم نظيره، لأننا مهما جُلنا بأبصارنا في الكون لا نجد لسنة الله تبديلاً أو تحويلاً، ولذلك قال الوحي: " بإنسان واحد دخلت الخطيئة إلى العالم " ( رومية 5/12 - 21 ).
وعلى الرغم من أستقرار فكرة توارث الذنب جينيا في العهد القديم عبر سفر التكوين، وفي العهد الجديد عبر تأثره وتبعيته للعهد القديم، إلا أن أجزاء كثيرة من العهد القديم تنفي الفكرة بل وتناقضها روحا وجوهرا، (النفس التي تخطيء هي تموت، الابن لا يحمل من إثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن، بر البار عليه يكون، وشر الشرير عليه يكون) (حزقيال 18/20 - 21 )، (لا يقتل الآباء عن الأولاد، ولا يقتل الأولاد عن الآباء، كل إنسان بخطيئته يقتل) ( التثنية 24/16)، (بل كل واحد يموت بذنبه، كل إنسان يأكل الحصرم تضرس أسنانه) (إرمياء 31/30 )، وحتى في سفر التكوين نجد هذا التناقض واضحا بين القصة وبين المبدأ الذي يطرح هنا (أفتهلك البار مع الأثيم، عسى أن يكون خمسون باراً في المدينة، أفتهلك المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين باراً الذين فيه، حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر: أن تميت البار مع الأثيم، فيكون البار كالأثيم، حاشا لك، أديان كل الأرض لا يصنع عدلاً) ( التكوين 18/23 - 25)، هذا التناقض جزء من أثر التدخل البشري في النص الديني في محاولته في القراءة أو في النقل، هذا ما يبرر التفاوت الكبير بين المنظومة الدينية المشتركة على الأقل في جزئها الإبراهيمي في موضوع الخطيئة الأولى.
حتى في العهد الجديد كما نقرأ لا نجد من أقوال نسبت للمسيح في قضية الخطيئة واللعنة الأبدية، بل نجد وهذا تأكيد على عدم وحدة العهد الجديد وأختلافه بأختلاف المدون والكاتب، أن نصوصا كثيرة تنفي عن الإنسان موضوع الخطيئة المؤبدة أو الخطيئة الوراثية منها:.
• (أنكر المسيح الخطيئة الأصلية بقوله: " لو لم آت وأكلمهم، لم تكن لهم خطيئة، وأما الآن فليس لهم حجة في خطيئتهم... لو لم أعمل بينهم أعمالاً لم يعملها آخر، لما كانت لهم خطيئة، أما الآن فقد رأوا وأبغضوني ") ( يوحنا 15/22 - 24 ).
• (قال المسيح في إحدى وصاياه: "الحق أقول لكم، إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات، فمن وضع نفسه مثل هذا الولد، فهو الأعظم في ملكوت السماوات") متى 18/3 - 4، وانظر مرقس 10/13/16 ).
• (قال "دعوا الأولاد يأتون إليّ ولا تمنعوهم، لأن لمثل هؤلاء ملكوت السماوات ") متى 19/13 – 14.
• (يقول المسيح " لم آت لأدعو أبراراً، بل خطاة إلى التوبة ") لوقا 5/32 .
من المعتقد وحسب تأريخ المسيحية نجد أن فكرة الخطيئة الأبدية واللعنة المتوارثة قد كرست لأول مرة بشكل رسمي بالرجوع إلى المراجع والموسوعات تبيّن أن القديس أغسطين هو الذى أبتدع هذا التحريف فى القرن الرابع، وأقره مجمع قرطاجنة عام 418 بخطاب من البابا زوزيموس (Zosime). وتقنين هذه العقيدة يرجع إلى قراءة غير سليمة لرسالة بولس إلى أهل رومية (5 : 12) التي فسرها أغسطين، فى معركته ضد القس بيلاجيوس، ولم يتوقف الجدال حول هذه العقيدة المختلقة بين رجال اللاهوت، حتى فرضها مجمع ترانت سنة 1546، الذى فرض توريث هذه الخطيئة لكافة البشر، وأنه لا يمكن لأحد إلا للمسيح ان يرفعها بقصة الفداء والصلب، وتواصل هذا المنهج لليوم وأخر ما يمكن أن نشير له هو موقف الكنيسة اليوم من القضية، وخطاب البابا بنديكت 16 فى مواصلته لترسيخ هذه النظرية الشركية قائلا "لولا عقيدة الخطيئة الأولى تفقد المسيحية قاعدتها الأساسية ").