الصاروخ الصيني


حسن مدن
2021 / 5 / 10 - 12:59     

سقط الصاروح الصيني أخيراً. لكنه لم يسقط لا في إفريقيا، ولا في شمال السودان، ولا في طاجيكستان أو تركمانستان، ولا قرب الجزيرة الشمالية في نيوزيلندا، ولا في البحر الأبيض المتوسط والدول المحيطة به، وهي الجهات التي شاع أنه سيسقط في إحداها. الصاروح تفكك فوق بحر العرب وسقط في المحيط الهندي، ليعود "لونغ مارش 5 بي" إلى الأرض حطاماً، وهذا اسم الصاروخ الذي أطلق من جزيرة هاينان الصينية في 29 إبريل/ نيسان الماضي، حاملا على متنه مركبة "تيانهي" غير المأهولة، والتي كانت تحمل ما كان سيصبح أماكن للمعيشة في محطة فضائية صينية دائمة.
يمكن القول إن العالم تنفس الصعداء، بعد حال من الترقب والقلق والخوف لم يسلم منه الناس في أي منطقة في العالم، بالنظر إلى تعدد كثرة السيناريوهات التي أذيعت حول الأماكن المتوقعة لسقوط الصاروخ، وسط صمت صيني طال، على جري عادة الصينيين، ينامون، كأبي الطيب، "ملء جفونهم عن شواردها"، غير مكترثين بمن يريد استدراجهم لمعارك الكلام، وحين قرروا الرد قالوا على لسان وزارة خارجيتهم إن معظم حطام الصاروخ سيحترق عند دخول الغلاف الجوي ومن المستبعد بشدة أن يسبب أي ضرر، فيما قالت وسائل إعلام صينية إن الحطام سيهوي في المياه الدولية.
قالوا أكثر من ذلك: "ليس صاروخنا هو الأول في العالم الذي يسقط بالطريقة نفسها"، وعلى صلة بهذا قرأت في صحيفة بحرينية تقريراً يذكر بسقوط حطام صاروخ روسي مماثل في أكتوبر/ تشرين أول 2017 في مياه الخليج العربي على خلاف توقعات أمريكية بأن يكون سقوطه في مكان آخر أبعد ما يكون عن الخليج، ومأهول بالسكان.
تحوّل الصاروخ الصيني، بالنظر إلى توقيته، إلى شأن سياسي ودعائي، فيه الكثير من التشفي في الصين، وحفلت المنصات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي بخطابات ساخرة وساخطة منها، من نوع: ألا يكفيكم أنكم بليتم العالم ب"كوفيد – 19"، وهاكم تعرضون أرواحنا للخطر بصاروخكم المشؤوم؟
في الصواريخ لا مزاح. صاروخ تائه كالصاروخ الصيني كان يمكن أن يدمر بلداً أو مدينة، ويمكن لضغطة على زر صاروخ نووي في لحظة حماقة أو سهو أن تبيد البشر، لكن علينا ألا ننسى أن السياسة والمنافسة الاقتصادية والتجارية تجيران كل تفصيل في مكائدهما. ليس الجميع مدعواً للإعجاب بتجربة الصين في التنمية، فلكلٍ ما يرى، ولكن بعيداً عن الصاروخ وحطامه، وعن لعنة "كوفيد – 19"، فإن العالم بوجود الصين القوية أفضل من أن يكون حكراً على الغرب القوي وحده، وحسبنا نحن العرب أن نلاحظ أن الصين لم تحتل دولة من دولنا، ولم تستخدم حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن لمصلحة إسرائيل وضد الحق الفلسطيني والعربي، وشحنات لقاحها ضد كورونا تنقذ الموقف في عدة بلدان عربية وغير عربية أمام شح اللقاحات الغربية وتمنع مصنعيها عن تزويد الدول المحتاجة لها. وما هذا إلا غيض من فيض، ولكن "على من تقرع مزاميرك"؟