القيادة السورية ومأزق الخيار الصفري ؟


احمد مصارع
2006 / 8 / 4 - 10:33     

سألني صديق طفولتي وهو شاعر مبدع, ونحن نقف أمام الفرات العظيم :
ماذا استنتجت من مؤتمر آل سعود الفيصل ؟
قلت الأمر بسيط للغاية , تخيل أن كل المؤتمر , كان يستهدف تحميس سوريا , ودفعها نحو الحرب مع إسرائيل , لسبب بسيط للغاية , يتمثل , بشن حرب بالوكالة عنهم , لتعطيل الاستحقاقات المفروضة عليهم .
كان صديقي الشاعر قبلها , قد شرح لي , وبإسهاب , حدود الحلم الوردي الذي شرحه وزير الخارجية الكويتي , والحلم الشيطاني الذي شرحه وزير الخارجية السعودي , وكون الأخير قد عرض كل دعم مالي وعسكري للجيش والأمة( السعودية ) حين تعلن سوريا الحرب على إسرائيل , وكأن قرار الحرب لعبة صدامية نزوائية مقيتة , تتم هكذا عشوائيا بدون ضوابط وأسس , لسحق الضعفاء , وان كانوا على حق ؟
جبان حقا من يبني صروح مجد للأريستوقراطية ( العربية ) , على حساب فقر مجتمعاتنا القابلة للتجانس , مع النظام الدولي الجديد , وبوضوح مع الشرق الأوسط الجديد , وبدون عقد , لمجرد الهلهلة الحقيرة , لأنظمة جبانة وحقيرة , أنظمة لازالت لحد اليوم تمانع قيادة المرأة لسيارة , فكم هي تافهة وحقيرة ؟!.
ليس بالحساب وحده تتخذ القرارات ؟. إذا بقي الخيار الوحيد للحوار مع الطرشان فلتكن الحرب
الخيار صفر , هو في انعدام الاختيار , وانسداد كل الطرق , بحيث لا يتبقى سوى إتباع إمكانية واحدة , وهي غير ممكنة إلا بتحويلها الى ممكنة بالقوة , وهو ما يعبر عنه البيت الشعري العبقري , الذي يمجد النهاية الشجاعة بوصفها خير من النهاية الجبانة :
إذا لم يكن للموت بد فمن العار أن تموت جبانا
الخيار صفر هو خيار بين الموت واقفا بشجاعة , وبين الموت من التردد والخذلان , والاضطراب من الحسابات الواقعية شكلا , ولكنها وهمية أمام الإرادة القوية لكسر أطواق المأزق وللخروج سجن الخيار صفر , الذي هو لوحده من يحيل كل الحسابات والشكوك , وأبرع العقول إن وجدت الى نتيجة واحدة هي : الصفر .
صحيح أن القرار بإعلان حرب هو قرار يستلزم الجدية التامة وعلو في روح المسؤولية عن أخطار قد تهدم دولة قائمة , فهو ليس مزحة , أو دعابة طفولية , وهو مكروه في كل الأحوال إنسانيا ووجدانيا , ولا أحد يدعو أحدا بأن يفتح أبواب الجحيم السفلي , والعاقل حقا من يتبع الطريق السلمي كخيار استراتيجي , لن يخيب أبدا , بل وكله محاسن ومكاسب , فالمجتمع الدولي الإنساني عامة ,وحتى أعداء سوريا المفترضين , وبافتراض أنهم أعداء افتراضين لكل الإقليم المحيط بنا , حتى هؤلاء سيحترمون كل من يحاول تجنيب المنطقة من الغرق في بحر من الدماء , وهي مسؤولية تاريخية كبيرة للغاية ,وقد تكون الشجاعة كل الشجاعة , وغالبا هذا صحيح , في عملية عسيرة للغاية اسمها ضبط النفس , وتماسك الأعصاب , وباعتبار أن الحرب كمنطق سياسي فريد وقذر , لا يكون في سبيل حرب من أجل الحرب, أو من أجل مجرد ثوران عاطفي , فزعان من أجل الثأر والانتقام , وهو منطق بدائي مرفوض من كل عاقل ؟
لكن لابد من الوضوح في المقال , وبيان أن الخيار صفر , هو الحرب لاغير , وهذا هو الشيء الوحيد ملك للقيادة السورية الحالية , بوصفها تملك معطيات قد لا يراها المحلل السياسي ,وقد تبدو محرجة من الإعلان عنها للجمهور , على أي مستوى من المستويات الداخلية أو الإقليمية أو الدولية , وأكثرها احتراما الإنسانية الدولية ,ولكن من الواجب أيضا أن تعلم القيادة السورية , بأنها حرة لتكر وتفر كما تشاء بلا حدود , بشرط الحرية , وهو شرط عزيز , ودونه تتسامى الأمة فيه فوق كل الجراحات , وتندمل فيه كل الخطايا , بل ويلتحم فيها الماضي بالحاضر وحتى المستقبل البعيد , وتظل اشراطية أن لاتكون حربا من أجل الحرب , ومن أجل المغامرة , بل من أجل الحقوق , التي لا تموت , حين يبقى هناك من يطالب بها .
إنني أشعر بأن القيادة السورية , تقف أمام حيص بيص الخيار الصفري , ولا أملك معطياتها الخاصة والسرية ,وهو من حقها لوحدها , ولكنني أنصح بالخروج بالقوة من كل مأزق يتمثل بالخيار صفر , فهو قاتل ومميت من غير حرب , خلاصته :
الموت بشجاعة وعلى حق , ومن أجل الحرية , خير من الموت تخاذلا أو ترددا , ولن نعدم من يقتل غيره بتهمة الخيانة , مهما كان صاحب القرار عاقلا ,ونذكر هنا بقول الإمام علي بن أبي طالب : دائما أحتاج للحلم و إنني في بعض الأحيان , الى الجهل أحوج ؟!..
الخيار صفر عبودية , والحر لا يضع نفسه عبدا في سوق النخاسة , حيث لا أحد يحترم أحد ؟
يجب كسر كل خيار صفري , من أجل احترام متبادل بين الجميع , احترام العدو قبل الأخ والصديق , هذا إذا انعدمت طرق السلامة ؟ وتساوى الحوار مع الخوار , وتهدمت كل سبل السلم مع الجوار ؟!.
ينبغي كشف كل الطيف من الألوان العجيبة , التي تفصل بين المقصود من الأحلام الوردية , والأحلام الشيطانية , بدون أجهزة الكشف عن درجات الصدق والكذب ؟!.
هكذا على العراء بل وعلى الهواء مباشرة ؟!.
لا حرب بالوكالة عن أي أحد سوى مصلحة الوطن , لا حرب من أجل إمبريالية النفط القذر ة , لا حرب من أجل تأخير استحقاقات الحرب على الإرهاب , في سبيل تجفيف منابعه الحقيرة , وهي خليجية قبل أن تكون عراقية أو سورية وحتى لبنانية , والوكالة ستولغ دماءنا من أجل تأخير حاجتنا لشرق أوسط جديد , ونحن أقرب ما يكون لمتطلباته الحرة والديمقراطية , أقرب ما يكون لحداثته وعلمانيته , مجتمعاتنا العراقية والسورية واللبنانية منفتحة على الحياة , وهي أقرب ما يكون للمتوسط الأوروبي ,بينما الخليج العربي ظلامي للغاية , جبان فوق الحد , بل وغير قادر على دفع مستحقات الشرق الأوسط الجديد , فقط ليبقي على زجاج السيارات الفارهة ( فيمي ) , وخلفها يتداعرون في الظلام , خلف الأحجبة السوداء الظلامية , لممارسة كل أشكال الاغتصاب , بعيدا عن أبسط متطلبات الحياة والحضارة , وهم يسترخصون كل الدماء , من أجل بقاء الرفاهية العالية , والظلامية ,وباسم الشريعة والحياة , في بلادهم العبودية , القاهرة لكل حلم إسلامي أو عربي , وردي بإحالته الى حلم شيطاني , عبر استفزاز يعقبه استفزاز , بمقاصد شيطانية ؟!.
الجزء الأول