حزب الكادحين يحترف الإفتراء و تزوير الحقائق و يشوّه بوب أفاكيان، مهندس الشيوعيّة الجديدة


ناظم الماوي
2021 / 5 / 6 - 13:36     

" أن لا يُقدم المرء على مجادلة مبدئيّة مع شخص مخطئ بالرغم من أنّه يعرف خطأه معرفة واضحة ، بسبب كون هذا الشخص من معارفه أو من أبناء بلد واحد ، أو من زملائه فى الدراسة ، أو من أصفيائه و أحبائه أو من زملائه أو مرؤوسيه القدامي ، بل يتركه وشأنه إبتغاء الوئام و الصداقة ، أو يلمس الموضوع لمسة خفيفة دون أن يُقدم على تسوية الأمر بحزم ، ذلك لكي يحافظ على جوّ من الوئام و الوفاق معه ، و تكون النتيجة من ذلك هي إلحاق الضرر بالجماعات و الأفراد معا . هذا هو الشكل الأوّل من الليبراليّة ."
( ماو تسى تونغ – " ضد الليبرليّة " ، 7 سبتمبر – أيلول 1937 ، المؤلّفات المختارة ، المجلّد الثاني ، والصفحة 260 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " )
---------------------------
عند القيام بجولة إستطلاعيّة في ثنايا ما نشره حزب الكادحين في تونس على موقع الحوار المتمدّن ، لفت نظرنا ، ضمن أشياء أخرى ليس مجال الحديث عنها الآن ، مقال مؤرّخ في 10 أكتوبر 2020 و عنوانه " أمريكا : حول الوضع الحرج الحالي "، و فورا ألقينا عليه نظرة سريعة فما راعنا إلاّ أنّنا إكتشفنا أنّ المقال يمثّل عمليّة تزوير صبيانيّة و تشويه متعمّد لأنصار الخلاصة الجديدة / الشيوعيّة الجديدة و مهندسها ، بوب أفاكيان ، رئيس الحزب الشيوعي الثوري ، الولايات المتّحدة الأمريكيّة .
و قناعة منّا بما قاله ماو تسى تونغ من أنّه " على الشيوعي أن يكون صريحا ، صافي السريرة ، مخلصا ، عظيم الهمّة و النشاط ، يفضّل مصالح الثورة على حياته، و يخضع مصالحه الشخصية لمصالح الثورة . و عليه أن يتمسّك فى كلّ زمان و مكان بالمبادئ الصحيحة و يخوض النضال بلا كلل أو ملل ضد جميع الأفكار و الأفعال الخاطئة " ( " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ، الفصل 28 – الشيوعيّون ؛ الطبعة العربيّة لدار النشر باللغات الأجنبيّة – بيكين ؛ نسخه و نشره على الأنترنت شادي الشماوي و أضاف إليه مقولات ماو تسى تونغ حول دكتاتورية البروليتاريا و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى ) ، لا يسعنا إلاّ أن نسوق و بصورة إستعجاليّة و في غاية الإقتضاب ، على الأقلّ في الوقت الراهن ، جملة من الملاحظات النقديّة بصدد هذا التصرّف الشنيع من حزب يدّعى الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة و قد شرحنا بإستفاضة و عمق و شموليّة في سابق أعمالنا بصدد خطّه الإيديولوجي و السياسي (1- " حزب الكادحين الوطني الديمقراطي يشوّه الماركسية " – 2015 و 2- " المزيد عن الإفلاس الإيديولوجي و السياسي لحزب الكادحين في تونس - تعليق على مقالين لرفيق حاتم رفيق " – 2017 ) أنّه ليس غير حزب تحريفي يشوّه الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة .
و ننطلق رأسا و مباشرة إلى التناول النقدي لتعاطى مزوّرى الحقائق و الساعين عن كثب إلى نحت معلومات خاطئة في أذهان القرّاء الذين لا يتمتّعون بالفطنة و الخبرة الكافيتين و الحسّ النقدي و الإلمام بالموضوع الضروريّين لتبيّن الصواب من الخطأ، ننطلق مع النصّ الذى إعتمدوه كمرجع لم يذكروا حتّى مصدره بالدقّة المطلوبة بحثيّا و نقصد بيان لبوب أفاكيان لم يتهيّبوا العبث به بما يخدم أغراضهم التشويهيّة الدنيئة و هو تصرّف لا يمكن أن يصدر عن شيوعيّين حقيقيّين و عن باحثين حقيقيّين عن الحقيقة عارية دون مساحيق من أيّ صنف كانت .
1- لقد عاثوا فسادا بالنص فأدخلوا تحويرا على العنوان و شوّهوا مضمونه الشيوعي الثوري إذ خرجوا علينا بعنوان مشوّه هو " تصريح لبوب أفاكيان 1 أغسطس/أوت 2020 في الحالة الحرجة الحالية، هناك حاجة ملحة للقضاء على نظام ترامب / بنس الفاشي، والتصويت في هذه الانتخابات، والحاجة الأساسية للثورة الدائمة. " و الحال أنّ العنوان الحقيقي يساوى في ترجمة شادي الشماوي للمقال المعنيّ والتي نشرها قبل مقال الجماعة بما يناهز الشهرين على صفحات الحوار المتمدّن ( أنظروا الملاحق) هو " بيان لبوب أفاكيان حول الوضع الدقيق راهنا و الحاجة الملحّة إلى الإطاحة بنظام ترامب/ بانس الفاشيّ و التصويت في هذه الانتخابات و الحاجة الأساسيّة إلى ثورة " . و البون شاسع كما تشاهدون بأمّ عيونكم . و هذه عمليّة خداع ... تحوّل " الوضع الدقيق راهنا " إلى صيغة مائعة " الحالة الحرجة الحاليّة " و تبدّل " ثورة " ب " ثورة دائمة "، عمليّة لا يلجأ إليها غير الماركسيّين المزيّفين المحرّفين للحقائق والوقائع بلا خجل و لا حياء و بالتالى ليست أبدا من شيم الشيوعيّين الحقيقيّين.
2- لم يقوموا بترجمة النصّ الأصلي الصادر في الأصل باللغة الأنجليزيّة و رابطه أسفل عنوان نص ترجمة شادي الشماوي ( https://revcom.us/a/659/bob-avakian_statement-on-the-immediate-critical-situation-en.html )
و إنّما إستندوا إلى نصّ عمل الشماوي الذى ذكرنا للتوّ علما و أنّهم في مناسبات سابقة كالوا شتّى الشتائم لهذا المترجم و الكاتب و في هذه المناسبة لم يذكروا إسمه البتّة وهو صاحب الترجمة المعتمدة ! فيالها من نزاهة علميّة ! و مرّة أخرى، نلفى الجماعة متلبّسين كما عهدناهم بنكران الجميل و نفاق يلخّص جوهرهما مثل شعبيّ " يأكلون الغلّة و يسبّون الملّة " !
3- و كي يذرّوا الرماد في عيون القرّاء وشّوا نصّ ترجمة شادي الشماوي ببعض العمليّات الجراحيّة الإنتهازيّة مقتلعين إقتلاعا كلمات و معوّضينها بمرادفات لها لا أكثر أو معيدين صياغة هذه الجملة أو تلك صياغة أخرى إلخ . ( و كي لا نثقل على القرّاء لا نتناول المسألة بالتفصيل و لكم مقارنة النصّين الواردين كملاحق أدناه ) . إلاّ أنّ العمليّات الجراحيّة الإنتهازيّة توقّفت بعد بضعة فقرات – على ما يبدو نال التعب المتلاعبين بالنصّ الأصلي للشماوي بعد بذلهم جهدا جهيدا فى عمليّة التزوير! - لتترك المكان لنقل بقيّة نص الترجمة نقلا حرفيّا ! عمليّة مخاتلة و خداع تكشّفت و تتكشّف لمن له عيون ليرى و ليس يلبس نظّارات تحريفيّة .
4- في مطلع المقال المنسوب إلى بوب أفاكيان ، يورد من سهر على إجراء عمليّة التحريف و التشويه المتعمّد كلمات من نسج الخيال المريض لأصحاب هذا التصرّف الشنيع و أرادوا إلصاقها بمهندس الشيوعيّة الجديدة إلصاقا مع أنّ هذا الأخير لم يتفوّه بها أصلا و نقصد " الثورة الدائمة " التي تحيل اليوم و فى الغالب الأعمّ على التروتسكيّة و بالتالى بهذه اللعبة ... بصفة ملتوية تغيّى حزب الكادحين ( حقّا الكادحين في تشويه الماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة ) دمغ بوب أفاكيان بتهمة التروتسكيّة وهو من التروتسكيّة براء !
و نمرّ بسرعة إلى الفقرة التقديميّة لمقال بوب أفاكيان الذى يعمل الحزب المتمركس على تشويهه كلّفه ذلك ما كلّفه ، حيث في هذه الفقرة كنوز لا ينبغي أن يفوتنا التنبيه إليها، بل علينا أن ندركها معا و نتمتّع معا بإماطة اللثام عن ثلاثة من أهمّها :
5- زمن كتابة بوب أفاكيان لبيان غرّة أوت 2020 ، كانت الحركات الإحتجاجيّة ضد العنصريّة و عنف الشرطة و قتلها السود في الولايات المتّحدة ( و بالرغم من المساعى الحثيثة و الخطط التي نفّذها الحزب الشيوعي الثوري لتوسيعها لتشمل المطالبة بالإطاحة بنظام ترامب / بانس الفاشي و لتتواصل إلى تحقق ذلك الهدف ، إكتفت قوى سياسية و إجتماعيّة أخرى لها وزنها بحصرها في الإحتجاج على عنف الشرطة و عوّلت على التصويت في الانتخابات لإزاحة نظام ترامب ) قد تراجعت و في معظم المدن خمدت تقريبا تماما بعد أن شهدت أوجها في شهر جوان و الأيّام الأولى من شهر جويلية و نعتها وقتها أفاكيان نفسه و حزبه ب " التمرّد الجميل " ( و تقف برهانا على ذلك المقالات التي خطّها بوب أفاكيان ذاته و حزبه و ترجم معظمها شادي الشماوي وهي منشورة على موقع الحوار المتمدّن ) ، بينما يزعم حزب الماركسيّين المزيّفين أنّ الوضع " موسوم بانتفاضة شعبية مست ولايات أمريكية عديدة " . و هذا ببساطة إغتصاب للحقائق التاريخيّة العنيدة و طرد بالعنف الموصوف للوقائع التاريخيّة من على وجه الكرة الأرضيّة لقذفها إلى غياهب النسيان وهو فضلا عن ذلك غلط منهجي مثالي جسيم و سبّة في جبين الماديّة الجدليّة أراد من ورائها مزوّرو الحقائق جعل المنظّر و القائد الشيوعي الثوري متجاهلا لواقع الصراع الطبقي الدّائر في الولايات المتّحدة و لحركة الشارع و حركة الجماهير و نبضها بل و فوق ذلك راموا جعله من رجال مطافئ النظام الإمبريالي في بلاده . و من جديد ، لم تنطل الحيلة !
6- و في إرتباط بالنقطة السابقة للتوّ ، سعى من لا رجاء في أن يجرى قراءة علميّة موضوعيّة ماديّة جدليّة للواقع المتحرّك و لا أمل ، سعى إلى إدانة الحزب الشيوعي الثوريّ و رئيسه لمجرّد إجراء تكتيكي مؤقّت فرضه وضع دقيق أفاض في شرحه بوب أفاكيان في البيان المعني ذاته : المشاركة في انتخابات و التصويت لبيدن بغرض الإطاحة بنظام ترامب / بانس الفاشيّ الذى يهدّد الإنسانيّة في وجودها و الكوكب أيضا . و عمد المتهجّمون على بوب أفاكيان و من ورائه الشيوعية الجديدة و أنصارها إلى الخلط عمدا عامدين بين الإجراء التكتيكي الظرفيّ الذى فرضه وضع دقيق معطى من جهة و سياسة و خطّ البرلمانيّة و الإنتقال السلمي للإشتراكية ( الذى يغمز إليه مشوّهو الشيوعيّة الجديدة بقولهم إن بوب أفاكيان " يدافع عن أطروحة المشاركة في هذه الانتخابات والتصويت لجو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي " ، لاحظوا جيّدا " أطروحة " و معانيها !!! ) لخروتشوف و قبله برنشتاين ، من الجهة الأخرى .
بصورة عامة ، لعلم القرّاء ، ماركسيّا ، المشاركة في الانتخابات البرجوازية في ظروف معيّنة و بأهداف ثوريّة معيّنة لا يساوى التخلّى عن المبادئ الشيوعيّة أو تبنّى " أطروحات " الخروتشوفية و التحريفيّة المعاصرة و لأنّ المجال لا يسمح بالتبسّط في الموضوع الذى يستدعى تناوله بالبحث صفحات و صفحات إن لم يستدع عشرات الصفحات ، نشير فحسب إلى أوّلا ، ضرورة تفحّص محاججة أفاكيان في البيان الذى ترجمه شادي الشماوي و ثانيا ، مراجعة موقف مهندس الشيوعيّة الجديدة من هراء الانتخابات البرجوازية ( BEB - كما ينعته الحزب الشيوعي الثوري ) قبل الانتخابات إيّاها و بعدها أيضا ( مثلا أنظروا بموقع الحوار المتمدّن – ترجمة شادي الشماوي بيانين الأوّل لبوب أفاكيان و الثاني للحزب الذى يقوده : " سنة جديدة ، الحاجة الملحّة إلى عالم جديد راديكاليّا – من أجل تحرير الإنسانيّة جمعاء " و " بيان و نداء للتنظّم الآن من أجل ثورة فعليّة " و ثالثا ، دراسة تنظير لينين و ممارسته في هذا الباب .
7- يفوز كلام حزب الكادحين ( الكادحين من أجل تشويه الماركسية – اللينينيّة – الماويّة ) بجدارة بوصف الكذب و الإفتراء و جملته التالية المزوّرة للواقع أبلغ مثال على ذلك : " هذا الموقف جلب عليه تنديدا واسعا من قبل الشيوعيين الماويين عبر العالم " فعلى حدّ متابعتنا لموقع مدوّنة " الطريق الماوي " ( maoistroad ) ، ما من منظّمة أو حزب " ماوي " تجرّأ حتّى على إصدار موقف " تنديد " ببيان أفاكيان ( و مردّ ذلك في إعتقادنا فهمهم المتباين للغاية مع الفهم المتخلّف لمن صاغ المقال المعادي لبوب أفاكيان الذى نحن بصدده هنا ) ، على أنّ ، و الحقيقة تقال ، هناك شخص واحد حاول النيل من ذلك البيان و نشر نقدا مهتزّا و بلا أدنى شكّ لا يقدر على الصمود أمام النقد الماركسي نشرته تلك المدوّنة مصحوبا بإشارة أنّ ذلك للنقاش لا غير .
و لم يكتف مزوّرو الحقائق بالجملة التي نقدنا توّا بل أردفوها بكلمات أخرى لا تعكس واقعا ماديّا موضوعيّا بل تقلب الأمر رأسا على عقب و هي تجانب الحقيقة المعروفة عالميّا إذ صرّحوا بالآتى ذكره : " وهذا الموقف جلب عليه تنديدا واسعا من قبل الشيوعيين الماويين عبر العالم ينضاف الى ذلك التنديد بمواقف سابقة عبر عنها عند إعلانه عن خلاصته الجديدة التي يراجع فيها بعض الاطروحات الشيوعية الماوية. " ( التسطير من وضعنا ) . و كي نعيد الأمور إلى نصابها ، نذكّر بأنّ " التنديد " بالخلاصة الجديدة ، جدّ من قبل آجيث بصفة خاصة في " ضد الأفاكيانيّة " ( بضعة مقالات أخرى – و ليس لا كلّ و لا جلّ " الشيوعيّن الماويين " - أهمّها ذلك الصادر عن الحزب الشيوعي ( الماوي ) بأفغانستان و الذى نال ردّا قيّما من الحزب الشيوعي الإيراني ( الماركسي – اللينيني – الماوي ) ، لم ترتق إلى المستوى المطلوب و لم تخض أصلا في مجمل مضامين الخلاصة الجدية / الشيوعية الجديدة ؛ و بقيّة نقّاد الخلاصة الجديدة / الشيوعيّة الجديدة لم يفعلوا غير تبنّى ما خطّه آجيث و يشهد على ذلك ما جاء من وثائق نشرها موقع " الطريق الثوري" و منها موقف الحزب الشيوعي الإيطالي ( الماوي ) ). و قد أسرعنا إلى نقاش و دحض مواقف آجيث الدغمائيّة فى كتابنا " آجيث نموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم الشيوعيّة " أمّا عالميّا فقد لقيت آراء آجيث و " ضد الأفاكيانيّة " ردودا مفحمة من طرف أنصار الشيوعيّة الجديدة أجلت كيف طوّر بوب أفاكيان فعلا علم الشيوعيّة ومن أهمّها " آجيث صورة لبقايا الماضي " – متوفّر هو الآخر باللغة العربيّة بمكتبة الحوار المتمدّن بفضل شادي الشماوي . و حالئذ نسأل مباشرة الحزب الممضى للمقال المتهجّم على بوب أفاكيان، تعدّون أنفسكم من " الشيوعيّين الماويين " فأين هي مساهمتكم ، كتبا أو مقالات مفردة للغرض و تبيّن كيف " يراجع" أفاكيان " الشيوعيّة الماويّة " ؟
هذه واحدة . و تاليا ، لنكن واضحين تمام الوضوح ، القضيّة في عمقها ليست عدد المعارضين للشيوعيّة الجديدة و هل يمثّلون غالبيّة أم أقلّية أو ما شابه و ليست قضيّة " خلاصته الجديدة " ، ليست مسألة شخصيّة كما يريد أن يفهمنا حزب " الكادحين " ؛ بل هي قضيّة مضمون الخلاصة الجديدة للشيوعية / الشيوعيّة الجديدة و مدى صحّته بمعنى هل طوّر بوب أفاكيان علم الشيوعية أم " راجعه " بمعنى حرّفه وهي قضيّة ذات بعد عالمي و قضيّة إيجاد إطار نظري جديد للمرحلة / الموجة الجديدة من الثورة البروليتارية – الشيوعية العالمية . و من هما يبدو أنّ هذا الحزب المدّعى الماويّة لم يفقه أي شيء من مقولة ماو تسى تونغ التي أصابت كبد الحقيقية : " صحّة الخطّ الإيديولوجي و السياسي أو عدم صحّته هي المحدّدة في كلّ شيء ..." .
و كتعريف مقتضب للخلاصة الجديدة للشيوعية / الشيوعية الجديدة ، كتب بوب أفاكيان :
" تعنى الخلاصة الجديدة إعادة تشكيل و إعادة تركيب الجوانب الإيجابية لتجربة الحركة الشيوعية و المجتمع الإشتراكي إلى الآن ، بينما يتمّ التعلّم من الجوانب السلبية لهذه التجربة بابعادها الفلسفية والإيديولوجية و كذلك السياسية ، لأجل التوصّل إلى توجه و منهج و مقاربة علميين متجذّرين بصورة أعمق و أصلب فى علاقة ليس فقط بالقيام بالثورة و إفتكاك السلطة لكن ثمّ ، نعم ، تلبية الحاجيات المادية للمجتمع و حاجيات جماهير الشعب ، بطريقة متزايدة الإتساع ، فى المجتمع الإشتراكي – متجاوزة ندب الماضى ومواصلة بعمق التغيير الثوري للمجتمع ، بينما فى نفس الوقت ندعم بنشاط النضال الثوري عبر العالم و نعمل على أساس الإقرار بأن المجال العالمي و النضال العالمي هما الأكثر جوهرية و أهمّية ، بالمعنى العام – معا مع فتح نوعي لمزيد المجال للتعبير عن الحاجيات الفكرية و الثقافية للناس ، مفهوما بصورة واسعة ، و مخوّلين سيرورة أكثر تنوّعا و غنى للإكتشاف و التجريب فى مجالات العلم و الفنّ و الثقافة و الحياة الفكرية بصفة عامة ، مع مدى متزايد لنزاع مختلف الأفكار و المدارس الفكرية و المبادرة و الخلق الفرديين و حماية الحقوق الفردية، بما فى ذلك مجال للأفراد ليتفاعلوا فى " مجتمع مدني " مستقلّ عن الدولة – كلّ هذا ضمن إطار شامل من التعاون و الجماعية و فى نفس الوقت الذى تكون فيه سلطة الدولة ممسوكة و متطوّرة أكثر كسلطة دولة ثورية تخدم مصالح الثورة البروليتارية ، فى بلد معيّن وعالميا و الدولة عنصر محوري ، فى الإقتصاد و فى التوجّه العام للمجتمع ، بينما الدولة ذاتها يتمّ بإستمرار تغييرها إلى شيء مغاير راديكاليا عن الدول السابقة ، كجزء حيوي من التقدّم نحو القضاء النهائي على الدولة ببلوغ الشيوعية على النطاق العالمي . "
( بوب أفاكيان ،" القيام بالثورة و تحرير الإنسانية "، الجزء الأوّل ، جريدة " الثورة " عدد 112 ، 16 ديسمبر 2007 .)

و عليه ، أيّها القرّاء ، من علينا أن نوجّه له أقرع النعوت ، أفاكيان أم حزب الماركسيّين المزيّفين ؟
ثمّ ، لنرفق بهؤلاء المخادعين و نشفق عليهم و نهوّن مرارة مواجهة الحقيقة الماديّة الموضوعيّة التي لم يقنطوا و لم ييأسوا من محاولة مواراتها التراب ، و نقترح عليهم مخرجا لهذا المطبّ الذى أوقعوا أنفسهم فيه ( في الواقع نتحدّاهم ) أن ينشروا على الملأ في موقع الحوار المتمدّن قائمة بالمنظّمات و الأحزاب " الماويّة " التي " ندّدت " ببيان أفاكيان و ينشروا إلى جانب ذلك الوثائق النقديّة لهذه الأحزاب و المنظّمات و تواريخها و روابطها على الأنترنت !
و نظرا لأنّ فهما صحيحا لمضمون نصّ هذا الحزب و مراميه يؤكّد أنّه يتوجّه بشكل خاص و أساسا للمنتمين لحزب " الكادحين " و المتعاطفين معه جوهريّا ليحول بينهم و بين دراستهم دراسة نقديّة لمضامين الشيوعيّة الجديدة و نقد ناظم الماوي للخطّ الإيديولوجي و السياسي لهذا الحزب ، نخصّهم بهذين المقترحين :
- أدرسوا فرديّا أو جماعيّا بأنفسكم بيان أفاكيان كما ورد في ترجمة شادي الشماوي أو كما هو متوفّر بالأنجليزية و رابطه أوردناه أعلاه و قارنوه بالمقال الممضى من طرف حزب " الكادحين " و لكم الخروج بأنفسكم بالإستنتاجات الموضوعيّة .
- طالبوا قيادات الحزب التي يبدو أنّها لا تعدّكم من العقلاء بل من ... أن تخوض جدّيا و فعليّا في مضامين الخلاصة الجديدة / الشيوعية الجديدة و أن تبيّن للجميع كيف أنّها " تراجع بعض الأطروحات الشيوعية الماويّة " و ذلك إنطلاقا من المراجع الماركسية – اللينينيّة – الماويّة و مصادر الشيوعيّة الجديدة المتوفّرة باللغة العربيّة بمكتبة الحوار المتمدّن بفضل شادي الشماوي أو باللغة الأنجليزيّة و روابطها موجودة بالكتب المعرّبة و منها للذكر لا الحصر كتابين لا مناص منهما :
أ- " إختراقات – الإختراق التاريخي لماركس و مزيد الإختراق بفضل الشيوعيّة الجديد – خلاصة أساسيّة " .
ب- " الشيوعيّة الجديدة - علم وإستراتيجيا و قيادة ثورة فعليّة، و مجتمع جديد راديكاليّا على طريق التحرير الحقيقيّ ".
و بعدها ليكن النقد و النقاش و الجدال الجدّيين مفتوحين على مصراعهما و من جهتنا كأنصار للشيوعيّة الجديدة لن نتوانى عن القيام بالواجب الشيوعي للتفاعل المطلوب و رفع مستوى النقاش المبدئيّ إلى أرقى مستوياته الممكنة .
لمّا إطّلعنا على " ضد الأفاكيانيّة " لآجيث ( ترجمه لاحقا شادي الشماوي ) ، لم نلجأ إلى الإفتراء و التزوير و التشويه حيال مواقف ذلك المنظّر و القائد التي إعتبرناها مجانبة للصواب بل قمنا باللازم شيوعيّا و ناقشنا قدر طاقتنا خطّه الإيديولوجي و السياسي و أفضل حججه كما علّمنا بوب أفاكيان نقاشا علميّا موضوعيّا ، فكانت ثمرة ذلك كتاب " آجيث النموذج الدغمائي المناهض لتطوير علم الشيوعية ...". فهل يفعلها حزب الكادحين / حزب المشوّهين للماركسيّة – اللينينيّة – الماويّة و القيادات الشيوعيّة الثوريّة أو حتّى أحد من أعضائه أو قياداته و يخطّ كتابا جدّيا جداليّا بصدد الشيوعيّة الجديدة ؟ و هل يقدرون على ذلك ؟
لم يُحلّ لا ماركس و لا إنجلز الأوهام و التشويهات محلّ الوقائع و الحقائق في الصراعات الفكريّة العديدة التي خاضاها لعقود . و لينين أعلن بالصوت العالى ما مفاده أنّ الحقيقة و الحقيقة وحدها هي الثوريّة و بعده أكّد ماو تسى تونغ أنّ
" على الشيوعيين أن يكونوا مستعدّين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة ، أيّة حقيقة ، تتّفق مع مصلحة الشعب و على الشيوعيّين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم ، فالأخطاء كلّها ضد مصلحة الشعب " .
( ماو تسى تونغ ، " الحكومة الإئتلافية " 24 ابريل – نيسان -1945 ؛ المؤلفات المختارة ، المجلّد الثالث ؛ الصفحة 286 من " مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ " ) .
فأين حزب الكادحين من هؤلاء ؟ يتجلّى أنّه ليس ماركسيّا و لا لينينيّا و لا ماويّا .
و نختم بما أورده الحزب الشيوعي الصيني و على رأسه ماو تسى تونغ سنة 1963 في " حول مسألة ستالين " فهو ينسحب على ما أتاه حزب الكادحين مع بوب أفاكيان : " إن الإنتهازيين فى تاريخ الحركة الشيوعية العالمية لم يستطيعوا أن ينكروا ماركس و انجلز و لينين عن طريق الإفتراء ، و لن يستطيع خروشوف أن ينكر ستالين بالإفتراء .
و كما قال لينين فإن المركز الممتاز لا يضمن نجاح الإفتراء ... ".
و بصفة مباشرة ، و ببساطة نقول لحزب " الكادحين " (حزب الكادحين من أجل تشويه الشيوعيّة عموما و شيوعيّة اليوم، الشيوعيّة الجديدة خصوصا ):
" لن تستطيعوا أن تنكروا بوب أفاكيان بالإفتراء ."
---------------------------
" فى ما يتّصل بالعلم و المنهج العلمي و خاصة النظرة و المنهج العلميّين للشيوعيّة ، من الحيويّ أن نجتهد للحفاظ على روح منهج التفكير النقديّ و الإنفتاح تجاه الجديد و تجاه التحدّيات المقبولة أو الحكمة الموروثة . و يشمل هذا بصورة متكرّرة إعادة تفحّص ما يعتقد فيه المرء نفسه و / أو الآراء السائدة فى المجتمع إلخ على أنّها حقيقة : بشكل متكرّر معرّضين هذا لمزيد الإختبار و المساءلة من قبل تحدّيات الذين يعارضونه و من قبل الواقع ذاته ، بما فى ذلك طرق التطوّر الجاري التى يمكن أن يضعها الواقع المادي تحت أضواء جديدة – يعنى المكتشفة حديثا أو مظاهر الواقع المفهومة حديثا التى تضع تحدّيات أمام الحكمة المقبولة ."
بوب أفاكيان – " تأمّلات و جدالات : حول أهمّية المادية الماركسية و الشيوعية كعلم و العمل الثوري ذو الدلالة وحياة لها مغزى " ؛ جريدة " الثورة " عدد 174 ، 30 أوت 2009.
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
الملاحق (2)

الملحق الأوّل


أمريكا : حول الوضع الحرج الحالي .

حزب الكادحين

الحوار المتمدن-العدد: 6699 - 2020 / 10 / 10 - 12:37
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


هذا النص لبوب أفاكيان زعيم الحزب الشيوعي الثوري الأمريكي يشرح فيه الوضع الحالي في أمريكا التي تستعد خلال أيام لانتخابات رئاسية استثنائية في ظل وضع موسوم بانتفاضة شعبية مست ولايات أمريكية عديدة من جهة وغطرسة نظام ترامب الذي يهدد بعدم اعترافه بنتائج الانتخابات القادمة في حال عدم فوزه من جهة ثانية. بوب أفاكيان يدافع عن أطروحة المشاركة في هذه الانتخابات والتصويت لجو بايدن مرشح الحزب الديمقراطي، وهذا الموقف جلب عليه تنديدا واسعا من قبل الشيوعيين الماويين عبر العالم ينضاف الى ذلك التنديد بمواقف سابقة عبر عنها عند إعلانه عن خلاصته الجديدة التي يراجع فيها بعض الاطروحات الشيوعية الماوية.
تصريح لبوب أفاكيان.
1 أغسطس/أوت 2020
في الحالة الحرجة الحالية، هناك حاجة ملحة للقضاء على نظام ترامب / بنس الفاشي، والتصويت في هذه الانتخابات، والحاجة الأساسية للثورة الدائمة.
يطرح الوضع اليوم تحديات جسيمة وغير مسبوقة حقًا، مع تداعيات عميقة ليس فقط على الناس في هذا البلد ولكن على البشرية جمعاء. قبل ثلاث سنوات، تحدثت عن هذا الواقع - الذي أصبح أكثر وضوحًا، بل وأكثر خطورة، منذ ذلك الحين:
إننا نواجه نظاما فاشيا : يهاجم بلا هوادة الحقوق والحريات المدنية ويعزز علانية التعصب الأعمى وعدم المساواة؛ التصرف بتجاهل صارم أو حقد بدم بارد تجاه أولئك الذين يعتبرونهم أقل شأنا أو وصمة عار للبلاد؛ في مهمة لحرمان الملايين ممن سيعانون والكثير ممن سيموتون بدون رعاية صحية؛ إهانة النساء بشكل فادح، بصفتهن موضوعا للنهب، ومربيات أطفال دون حق الإجهاض أو تحديد النسل، ويخضعن للأزواج والرجال بشكل عام؛ تحدي علم تغير المناخ، ومهاجمة علم التطور، والتنصل من المنهج العلمي بشكل عام؛ نظام يلوّح بترسانة دمار شامل ويهدد بحرب نووية. تكثيف إرهاب الدولة ضد المسلمين والمهاجرين وسكان المدن الداخلية؛ هذا نظام يرأسه "مستفز مجنون"، إصبعه على الزر النووي. إنه نظام لا يهدد، دون مبالغة، البشرية ولكن وجودها ذاته، من خلال تحركاته المكثفة لزيادة نهب البيئة وتفاخره بأسلحة الدمار الشامل التي لا مثيل لها وإعلان صارخ عن استعداده لاستخدام تلك الأسلحة، بما في ذلك الترسانة النووية الضخمة.
لقد أكدت أيضًا أن هذا النظام الرأسمالي الإمبريالي هو الذي أنجب هذه الفاشية من خلال آلية اشتغاله نفسها، وأنه لا يمكن إحداث تغيير جوهري نحو الأفضل في ظل هذا النظام، وبدلاً من ذلك يجب الاطاحة به واستبداله بنظام مختلف جذريًا وأفضل بكثير، من أجل إلغاء واجتثاث جميع علاقات الاستغلال والاضطهاد، والصراعات العنيفة التي سببها- وكلها متولدة عن أسسه.
في الوقت الحالي، بالنسبة لكل من يهتم بإنهاء الظلم والقمع، ومسألة ما إذا كان للبشرية مستقبل يستحق العيش - أو سيكون لها مستقبل على الإطلاق - فإن إزالة نظام ترامب / بنس الفاشي من السلطة هو أمر ملح وعاجل. انه مهمة ضرورية وتاريخية حقا.
وبالنسبة لأولئك الذين يفهمون الحاجة إلى الثورة، والإطاحة بهذا النظام، باعتباره الحل الأساسي للفظائع المستمرة التي يسببها لجماهير البشرية (سواء كان هذا النظام محكومًا من خلال دكتاتورية فاشية صريحة أو مقنعة "الديكتاتورية الديمقراطية للطبقة الرأسمالية الحاكمة") ، يجب التعامل مع النضال الفوري للإطاحة بنظام ترامب / بنس من السلطة ليس على أنه" انحراف "(أو" بديل "عن) بناء حركة الثورة المطلوبة، ولكن على وجه التحديد كجزء - جزء مهم ومطلب عاجل - من العمل الشامل للإعداد لهذه الثورة.
يبقى هدفنا الأساسي وبوصلتنا: الثورة - لا شيء أقل !
في كل ما نقوم به، بما في ذلك جميع النضالات التي نشارك فيها والتي هي نفسها غير ثورة، فإن نهجنا المتسق هو، ويجب أن يكون، لجعل كل هذا يخدم ذلك الهدف الأساسي للثورة وتحرير البشرية جمعاء.
عادة، نحن الشيوعيون الثوريون نجادل بأن الناس لا ينبغي أن يصوتوا في الانتخابات البرجوازية، التي تعمل على تعزيز النظام الحالي للرأسمالية الإمبريالية وتغذي الأوهام الشعبية بأن الاستغلال والقمع والظلم يمكن بطريقة ما "إصلاحه" دون التخلص من النظام الذي أدى إلى هذه الفظائع في المقام الأول. ولكن هل هذا هو الموقف الصحيح الذي يجب اتخاذه فيما يتعلق بهذه الانتخابات بالذات ؟
للإجابة على هذا، نحتاج إلى إلقاء نظرة على الصورة كاملة.
2 بالفعل ، خلال السنوات الأربع التي قضاها في السلطة، أجبرنا على أن نشهد ونتحمل الفظائع المرتكبة، والخطر الجسيم الذي يمثله نظام ترامب / بنس. أدار ترامب حملته في عام 2016 على ما يرقى إلى برنامج فاشي صريح، بما في ذلك التفوّق الصارخ للبيض وتفوّق الذكور، والعنصرية المعادية للأجانب وتجاه المهاجرين، ولا سيما من المكسيك ودول أخرى يعتبرها ترامب "ثقوبًا قذرة" أيضًا كدعوة علنية للتعذيب والبلطجة من قبل الشرطة وأنصار ترامب "المدنيين". وبمجرد وصوله إلى السلطة، انطلق ترامب في تنفيذ هذا البرنامج، متجاوزًا أي "معايير مؤسسية" تقف في طريق ذلك.
في الأساس ، كل ما تم وصفه عن هذا النظام في بداية هذا البيان هو ما نفذه ترامب ومن حوله بالانتقام. وقد أصبح هذا الأمر أكثر وضوحًا وعدوانية مع اقتراب موعد الانتخابات المقرر إجراؤها في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وتخيلوا ما سيفعله ترامب إذا حصل على "تفويض" لفترة ثانية من خلال إعادة انتخابه في نوفمبر القادم.
عندما جاءت جائحة COVID-19 وفر تعامل ترامب وبنس معها أيضًا برهانا آخر للطبيعة المناهضة للعلم لهذا النظام وتجاهله التام لمعاناة الجماهير، خاصة أولئك الأكثر احتقارًا من قبل هذا النظام وأغلبهم معرضين للإصابة بهذا الوباء والأكثر تضررا منه.
ولكن، بقدر ما كان كل هذا مروعًا، فإن الأمر لا يتعلق بسياسات مروعة فحسب، بل يتعلق بشكل مختلف نوعيًا من الحكم، يقوم على القمع الوحشي وانتهاك ما يفترض أنه الحقوق الأساسية.
لقد رأينا بالفعل ترامب، في انتهاك صارخ للمبادئ الدستورية، يرسل قوات احتلال، من مختلف الوكالات الحكومية الفيدرالية، لتجريم المعارضة وقمع المحتجين في بورتلاند ومدن أخرى، ولإضفاء المزيد من الرعب على الجماهير في المدن الداخلية في شيكاغو وأماكن أخرى.
لقد رأينا عروض ترامب الفظة لشعار "أمريكا أولاً"، بما في ذلك دعواته المتكررة إلى معاقبة بشدة أولئك الذين، في رأيه، فشلوا في إظهار الحماسة الوطنية المناسبة، أو الذين تجرأوا على إثارة النقد والاحتجاج على القمع الذي نفذه هذا النظام، ولا سيما الوحشية المستمرة وقتل السود والأمريكيين الأصليين على يد الشرطة. لقد شهدنا تشجيعه المستمر للبلطجة المتعصبة للبيض، من قبل الشرطة والمتعاونين معها.
لقد أعاد هذا إلى الأذهان صعود حكم هتلر والنازيين في ألمانيا خلال الثلاثينيات وأوائل الأربعينيات. أثناء قيام هتلر ببناء حركته الفاشية، تمت تعبئة البلطجية لقمع وإرهاب الأشخاص الذين لم يظهروا دعمًا لهتلر والنازيين - مهاجمتهم في الشارع وفي الأماكن العامة الأخرى. بمجرد أن عززت دولة النازية الفاشية قوتها، عاقبت أي معارضة بشدة وتم سحقها. تم استهداف كل أولئك الذين لم يؤيدوا السلطة الفاشية علنًا. تم طرد أعداد كبيرة من الأشخاص من المؤسسات العامة - كل هؤلاء، ولا سيما اليهود ولكن الآخرين أيضًا، الذين تم اعتبارهم "غرباء" عن "العرق الجرماني الخالص" وعقبة أمام الأهداف الوحشية للنازيين، بدءاً من الشيوعيين، ولكن سرعان ما شمل السكان اليهود وشعب الغجر والمثليين جنسياً وغيرهم، كانت معسكرات الاعتقال مليئة بأولئك الذين اعتبروا تهديدًا للنازيين أو "وصمة عار" على الأمة الألمانية. وقد أدى ذلك، بعد فترة طويلة، إلى إبادة جماعية لملايين اليهود في ألمانيا والبلدان التي غزاها النازيون واحتلوها.
لم يحدث كل هذا مرة واحدة - ولكنه حدث خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا (عقد أو نحو ذلك)، وبوتيرة متسارعة بشكل متزايد. علوية القانون بدت محترمة ظاهريا، ولكن "القانون" و "سيادة القانون" أصبحا يعنيان نفس ما كان عليه الحال مع هتلر والنازيين. كان الكثير مما فعله هتلر والنازيون، خلال فترة حكمهم من الإرهاب والإبادة الجماعية ، "وفقًا للقانون" - وهو القانون الذي لم يتحول إلى أكثر من أهدافهم ووسائلهم البربرية، التي تم فرضها بشكل قاتل من قبل المؤسسات التي جُردت من أي قيمة الا ما يتوافق ومصلحة النازيين.
في مجمل ما يفعله ترامب حاليًا - بما في ذلك دعواته المفتوحة لإلغاء قرارات وسوابق المحكمة العليا (على سبيل المثال، لحظر الإجهاض ومعاقبة حرق العلم)، إلى جانب انتهاكاته المتكررة للقانون والإجراءات القانونية الواجبة الإصرار على أنه هو القانون - يمكننا أن نرى الظل الذي يلوح في الأفق لمزيد من الديكتاتورية الفاشية العلنية. هذا ما تعنيه الفاشية: دكتاتورية منفتحة وعدوانية، وتدوس على حكم القانون وتشوّهه، وتعتمد على العنف والإرهاب، نيابة عن النظام الرأسمالي المفترس وكمحاولة متطرفة للتعامل مع الانقسام الاجتماعي العميق والأزمات الحادة (كلاهما داخل الدولة وعلى الساحة العالمية). ومع تحركات "وزيرة التعليم" في عهد ترامب، بيتسي ديفوس - وهي نفسها فاشية مسيحية هدفها النهائي هو استبدال التعليم العام العلماني بالمدارس القائمة على التلقين الأصولي المسيحي - يمكننا أن نرى الخطوط العريضة لنظام ترامب / بنس نسخة من "الأيديولوجيا الرسمية (المسيحية الفاشية)." يمكننا أن ندرك الظل الذي يلوح في الأفق ولن ينعكس ذلك على الأطفال وحدهم وانما على المجتمع بأكمله.
يجادل بيان صادر عن منظمة رفض الفاشية (RefuseFascism.org) ببلاغة وقوة:
يتم رسم خطوط فعلية، مع عواقب وخيمة على البشرية جمعاء. إذا فقدنا الحق في الاحتجاج - من خلال وسائل قانونية أو غير قانونية - فكل الرهانات ستنتهي. الفاشية ليست فقط أسوأ ما في تأرجح البندول. إنه تغيير نوعي في كيفية حكم المجتمع. يتم تجريم المعارضة قطعة قطعة. الحقيقة هي هراوة. يتم شيطنة مجموعة بعد مجموعة واستهدافها على طول مسار يؤدي إلى أهوال حقيقية. كل هذا كان يحدث منذ أكثر من ثلاث سنوات ، ولكن مع معسكرات الاعتقال على الحدود، تمت تبرئة ترامب في محاكمة مثيرة للسخرية، وأمر تنفيذي لحماية التماثيل بينما تم تقنين تحويل العقوبة الأولى مؤجلة التنفيذ الى سجن فعلي، وما زال الكثيرون يعتقدون من خلال الأوهام المريحة بأن هذا لا يحدث بالفعل. ولكن هذه فاشية. إنه يحدث، والوقت ينفد لإيقافه.
لفترة طويلة جدًا، ساد التنبيه داخلنا، ولدى الأصوات المتنوعة التي تمثلها مناهضة الفاشية، الى الخطر المباشر الحقيقي للغاية - وربما الخطر الأكبر - الذي يمثله نظام ترامب / بنس ولكن ذلك كثيرًا ما قوبل بالرفض المتغطرس من طرف أولئك الذين لا يرون أو لا يريدون رؤية حقيقة ومسار هذا النظام؛ باعتباره لا يمثل خطرا، انه طريق تجاهل أو التقليل من العديد من الأشياء الفظيعة التي كان يزمع القيام بها. فقد أشاروا إلى ما لم يفعله هذا النظام على أنه "دليل" مفترض أنه لن يفعل هذه الأشياء في المستقبل.
الآن، وفي هذه الساعة المتأخرة والحاسمة، علينا أن نتعامل مع الطبيعة الفاشية لهذا النظام وأوجه تشابهها الحقيقية مع الفظائع التي ارتكبتها الأنظمة الفاشية السابقة على أنها "مبالغة تنذر بالخطر"- وهذا لا يعني فقط تجاهل الدروس الحيوية من التاريخ، ولكن أيضًا الطابع الخطير للغاية للوضع الحالي، بما في ذلك الأهمية التي تمثلها حقيقة أن ترامب – في سبيل الوفاء بوعده للفاشيين المسيحيين - قد كدس المحاكم، وصولاً إلى المحكمة العليا، مع جحافل من الفاشيين المسيحيين وقضاة آخرين من اليمين المتطرف، الذي سينتقل إلى "إضفاء الشرعية القانونية" على البرنامج المروع لنظام ترامب / بنس الفاشي.
إذا كان هذا النظام قادرًا على تعزيز سلطته بشكل أكبر وتحقيق المزيد من القفزات في تنفيذ أهدافه الرهيبة، فسيؤدي ذلك إلى انتكاسة مدمرة لأي محاولة لمقاومة الظلم والقمع، وسيؤدي على الأرجح إلى القمع الوحشي، وحتى ابادة المدافعين عن الحقوق الديمقراطية وأنصار أي إصلاحات تقدمية ذات مغزى، وكذلك أي قوى منظمة تناضل من أجل التغيير الثوري الأساسي.
بالمعنى الأكثر أهمية، هناك حاجة ملحة إلى حشد الجماهير حول مطلب فرض إزالة هذا النظام الفاشي وان ذلك لا يتعارض مع الكفاح الجماهيري ضد التفوق الأبيض المؤسسي وإرهاب الشرطة، أو الحركات الجماهيرية الأخرى التي تناضل ضد هذا النظام، ولكن كل ذلك يجب ان يترابط فيما بينه ضمن وحدة أساسية وهو أمر حاسم، وكل هذا يمكن ويجب فهمه وبناؤه بطريقة قوية تعزز فيها تلك النضالات بعضها بعضا.
3- إنّ مجرّد التعويل على التصويت لطرد هذا النظام سيؤدّى بالتأكيد إلى نتائج سيّئة جدّا، و حتّى كارثيّة. وهذا صحيح بوجه خاص فالنظام يطبق ما يقوله ترامب، في علاقة بالإنتخابات.
من خلال هجمات بلا أساس تماما على التصويت عبر الرسائل الألكترونيّة والإعداد لبثّ الخوف وصدّ السود واللاتينيين عن ممارسة حقّهم في التصويت، تجرى تحرّكات نظام ترامب / بانس و مسانديه لإلغاء أصوات الذين يرجّح أنّهم سيصوّتون ضد ترامب. ومثلما فعل ذلك في 2016 والآن جعل ترامب فكرة "تأجيل" الانتخابات "تطفو على السطح".
ونظرا لما قام به ترامب وما صرّح به بصفاقة، مهما كان مرعبا، فإنّه كذلك من الواقعي جدّا رؤية أنّ هذا النظام ينشر فيالق جنود الصاعقة الموالية للنظام، في مدن عبر البلاد – متحرّكا بخبث لقمع أيّ تعبير للمقاومة أو الإعتراض – مع إقتراب الانتخابات والاستمرار في ذلك بعدها.
إنّ الوباء الحالي أو الأوامر التنفيذيّة لقمع "فوضى مدنيّة" (أي الإحتجاجات) في عديد الأماكن في البلاد، يمكن أن تُستغلّ كذرائع لـ "تأجيل" الانتخابات، ربّما إلى ما لا نهاية له.
وبالتأكيد ليس شيئا لا يمكن التفكير فيه أن ترامب سيتحرّك لخلق "حالة طوارئ عامة" – مثلا، بتنفيذ أعمال حربيّة ضد إيران أو ربّما ضد الصين – لأجل مزيد مأسسة القمع الأقصى، وباستعمال أعداد أكبر من كتائب جنود الصاعقة شبه العسكريّة المحتلّة للمدن، لأجل سواء منع أو " تأجيل " الانتخابات إلى ما لا نهاية له أو التحكّم في التصويت و نتائج الانتخابات إن جرت.
و من الأهمّية مواصلة بناء المقاومة، الآن بالذات وبطريقة متصاعدة القوّة، ضد كل الاجراءات القمعيّة لترامب بما فيها حركة جماهيريّة معارضة لمحاولات النظام لمحو التصويت، وعبر التعبئة الشعبية ندعم وندافع عن من يستهدفهم مثل هذا القمع.
علينا ان نكون لا على وعي تام بما يمثّله هذا النظام الفاشيّ، وما يمكن أن يقوم به ترامب من محو أصوات الذين سيقترعون ضدّه فحسب بل أيضا الإعداد لاستخدام القوّة والقمع العنيف للبقاء في الموقع الذى يحتلّة إذا لم يقع إعلانه الفائز في الانتخابات، علينا بناء تعبئة شعبية حقّا ومستمرّة موحّدة حول مطلب الاطاحة بهذا النظام الآن ! وبتوجّه الاستعداد لمواصلة هذا حتّى بعد الانتخابات، إذا تطلّب الوضع ذلك.
منذ الأيّام الأولى لنظام ترامب / بانس، ما إنفكّت منظّمة "رفض الفاشيّة " تفضح فاشيّة هذا النظام وتنادي بتعبئة شعبية لكنس هذا النظام وهو شيء بات الآن تماما أكثر إلحاحيّة وضرورة. كان سيكون جيّدا جدّا – وكان سيحدث فارقا حقيقيّا – إن كان كلّ الذين يكرهون هذا النظام لكنّهم أخفقوا أو رفضوا الإقرار بالطبيعة الفاشيّة الفعليّة والخطر الكبير الذى يمثله بالنسبة للإنسانيّة جمعاء ، إن كانوا إستجابوا وتبنوا عمليّا شعار "لنرفض الفاشيّة". والآن، في نهاية المطاف، هناك إعتراف متنامي ونقاش متنامي حول الطبيعة "الاستبدادية" لهذا النظام وحتّى استخدام مصطلح "الفاشيّة" لوصفه. (ومثلما أشرت إلى ذلك، من جانب الكثيرين، هذه حال "آه، الآن يقولون" هذه فاشيّة كما لو أنّ الحال أصبح كذلك ببساطة الآن. لكن، بفهم تلك التحدّيات العميقة، من المهمّ الإعتراف بذلك الآن، أفضل من عدم الإعتراف به أبدا). الوقت يغدو متأخّرا – لكن غير متأخّر جدّا لتحقيق هذه التعبئة الشعبية في الواقع. ولكن لا يجب التعويل فقط على حصر التحرّكات في "الضوابط" و "القنوات الرسميّة" لهذا النظام بما في ذلك الانتخابات القادمة، لا يمكن أن يحلّ هذا المشكل العميق والإستعجالي، لا سيما عند التعاطى مع نظام فاشيّ وأتباعه المتزمّتين المصمّمين على دوس "الضوابط" و تمزيقها إربا.
.
4- في هذه اللحظة الحيويّة، كلّ تحرّك غير عنيف مناسب يجب أن يُستخدم للإطاحة لكنس هذا النظام. وإذا بالرغم من الإحتجاج الجماهيري المطالب بترحيل نظام ترامب / بانس، يظلّ هذا النظام في السلطة حين يحين وقت التصويت، عندئذ – دون التعويل جوهريّا على هذا – مستعملين كافة الوسائل المناسبة للعمل على الاطاحة بهذا النظام يجب أن تشمل التصويت ضد ترامب (مفترضين تنظيما فعليا للانتخابات). ولنكن واضحين، هذا لا يعنى "تصويتا إحتجاجيا" لمرشّح لا يملك فرصة الفوز لكن عمليّا التصويت لصالح مرشّح الحزب الديمقراطي، انه جو بايدن، لأجل التصويت فعليّا ضد ترامب.
وهذا ليس لأنّ بيدن (والحزب الديمقراطي بصورة عامة) قد تحوّلا فجأة إلى شيء آخر مختلفا عمّا كانا عليه : ممثّلين وأدوات لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي الإستغلالي والقمعي والإجرامي. تظلّ السيرورة الإنتخابيّة كما نعتناها نحن الشيوعيّون الثوريّون هراءً إنتخابيا برجوازيا. وتظلّ الحال أنّه لا تغيير جوهري للأفضل يمكن أن يأتي من خلال هذه السيرورة الانتخابيّة وهذا التصويت، عامة وفوق كلّ شيء، في ظلّ هذا النظام، يخدم تعزيز هذا النظام لا سيما إذا كان التصويت يُعتبر وسيلة – و يكون الأمر كذلك أكثر إن كان يُعتبر الوسيلة (الوحيدة ) –لإحداث تغيير له دلالته .
لكنّ هذه الانتخابات مختلفة.
من الصحيح أنّه مع كلّ انتخابات، يقدّم الديمقراطيّون اللعبة الخدعة الأساسيّة ذاتها – يبتزّون الناس الذين يكرهون الظلم والإضطهاد ليصوّتوا لهم على أنّهم "الأقلّ سوءا" – مؤكّدين في الواقع "قد لا توافقون على كلّ شيء نقوله وقد تكون لديكم معنا اختلافات جدّية ونقد جدّي بشأن كلّ ما نحن بصدده – لكن هل تريدون هؤلاء أن يكونوا في السلطة ؟!" (تفوّق البيض السافر والتفوّق الذكوري وناهبي البيئة المنكرين لتغيّر المناخ والحزب الجمهوريّ الرجعيّ). وقد قام الحزب الديمقراطي بهذا المرّة تلو المرّة بينما يمثّل هو نفسه ويبحث عن رئاسة هذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي الذى لديه تفوّق البيض والتفوّق الذكوري والنهب البيئي والحروب من أجل الإمبراطوريّة راسخين داخله، وفي الوقت نفسه، مثلما يحدث الديمقراطيّون ضجيجا حوله ويتّخذون بعض الخطوات لتطبيقها، إصلاحات صغرى (وفى نهاية المطاف لا معنى لها) لمعالجة مفترضة لهذه الفظائع. وقد ساهم كلّ هذاعمليّا في تطوّر الأشياء بإتّجاه وضع فظيع نواجهه اليوم. لقد تسبّب في شلل سياسي لعديد الذين يبحثون عن وضع نهاية لمثل هذه الفظائع، مختصرا إيّاهم في معوّلين سلبيّين على الحزب الديمقراطي ودوره في السيرورة الإنتخابيّة، بينما يصبّ الماء في طاحونة القوى الاجتماعية الفاشيّة التي تؤكّد على عدم التخفيف مطلقا من هذه الفظائع – لا تنازل للنضال ضد هذا – وبالفعل تطالب بالتعزيز العنيف لهذا الإضطهاد وهذه الفظائع، في شكلها الأقصى.
لكنّي أقول مجدّدا، هذه الانتخابات مختلفة – بطريقة مختلفة حيويّا. المسألة ليست إن كان بايدن والديمقراطيّون يمثّلون شيئا "جيّدا" أو إذا كان الديمقراطيّون بالمعنى الجوهري، "أفضل" من الجمهوريّين. كلاّ، هذان الحزبان حزبان سياسيّان تابعان للطبقة الحاكمة ولا أحد من مرشّحيهم يمثّل أي شيء "جيّد" بالمعنى الأكثر أساسيّة وجوهريّة. ليس بايدن "أفضل" من ترامب بأيّة طريقة لها معنى – بإستثناء أنّه ليس ترامب و ليس جزءا من التحرّك لتعزيز و توطيد حكم فاشيّ بكلّ ما يعنيه ذلك.
إنّ مقاربة هذه الانتخابات من وجهة نظر أي مرشّح هو "الأفضل" تعني الإخفاق في فهم التحدّيات العميقة والتبعات الممكنة الحقيقيّة لما يشمله ذلك. والواقع هو أنّه لا يمكن أن يأتي شيء "جيّد" من هذه الانتخابات إلاّ – شيئا واحدا - : إلحاق هزيمة حيويّة بترامب و بكامل النظام الفاشيّ. والقيام بهذا سيخلق ظروفا أفضل بكثير لمواصلة خوض النضال ضد كلّ شيء يمثّله نظام ترامب/ بانس وكلّ اضطهاد وظلم، وسيكون هديّة كبرى لشعوب العالم.
و مرّة أخرى، في هذه الظروف الخاصة جدّا والاستثنائية، لو ظلّ نظام ترامب / بانس في السلطة زمن الانتخابات، رغم التعبئة الشعبية المطالبة برحيله، عندئذ النضال ضد هذا النظام الفاشيّ سيحتاج إلى التصويت ضد ترامب بالتصويت لبايدن، بينما نواصل بناء تعبئة مستمرّة ضدّ هذا النظام وكلّ ما يمثّله والاستعداد للمضيّ قدما في هذه التعبئة إن خسر ترامب الانتخابات لكنّه رفض مغادرة الرئاسة .
.
5- وبالاعتراف بهذا فإنه من المهم تأكيد أيضا أنّ الامر الذي يتوجب التشديد مجدّدا عليه بأقوى المعاني هو أنّه للأسباب التي تحدّثنا عنها هنا فإن التعويل على التصويت – دون هذا الحشد الجماهيري – سيؤدّى على الأرجح إلى كارثة.
هناك إمكانيّة أن يكسب ترامب فعلا الانتخابات – رغم أنّه إن كسب أو خسر، ستشمل هذه الانتخابات وسائل تحرّكات غير مسبوقة لمحو أصوات الذين يعارضونه ولاستخدام وسائل غير قانونيّة أخرى لتمكينه من البقاء في السلطة. وحتّى أكثر أساسيّة، للطبيعة الفاشيّة لهذا النظام، وكامل تداعيات ذلك، هذا النظام فاقد للشرعية، بغضّ النظر عن الوسائل التي أتى بها إلى السلطة وتحرّكاته للبقاء في السلطة وتعزيزها. أتى هتلر و النازيون إلى السلطة في ألمانيا في ثلاثينات القرن العشرين عبر " القنوات الرسميّة " لـ "النظام الديمقراطي" هناك – بما في ذلك الانتخابات – لكن لم يكن هناك مطلقا أيّ شيء "شرعيّ" في ما يتعلّق بحكمهم و كافة الفظائع التي لا توصف التي أدّى إليها. والمبدأ الأساسي عينه ينسحب على نظام ترامب / بانس . بطبيعته و مضمونه ذاتهما، لا وجود لشيء فاشيّ "شرعيّ".
مهما حدث بشأن هذه الانتخابات – و حتّى إن فاز بايدن و نجح في المسك العملي بالرئاسة – لن توجد "عودة إلى الحياة العاديّة". قبل كلّ شيء، لن يسمح الفاشيّون – أولئك الذين يظلّون في مواقع قويّة جدّا، و"القاعدة" الفاشيّة في المجتمع . وعلى كلّ حال، لا أحد يجب أن يرغب في ذلك. فـ"الحياة العادية" لهذا النظام كانت على الدوام تقوم على إضطهاد وحشيّ للسود وآخرين من ذوى البشرة الملوّنة وإرهاب منهجي وعنف وقتل لفرض هذا الاضطهاد. لقد كانت على الدوام تشتمل على ميز عنصري خبيث وتعصّب ديني وعنف ضد المهاجرين والنساء والمثليين وكلّ الآخرين الذين يُنظر إليهم على أنّهم من صنف أدنى و"غرباء". وقد كانت على الدوام تشتمل على الحروب غير العادلة من أجل الإمبراطوريّة والجرائم المستمرّة ضد الإنسانيّة. والآن يهدّد هذا النظام الإنسانيّة في وجودها ذاته من خلال التدمير المتصاعد للبيئة و التهديد الحاضر دوما بحرب نوويّة.
و الصراع المتعدّد الأوجه للاطاحة بنظام ترامب / بانس الفاشيّ يجب أن يُدرك ليس كتعويض بل كجزء وجزء حيويّ – من التحرّك لتجاوز كلّ ما تمثّله و تجسّده "الحياة العادية" لهذا النظام .
6- في الختام ، بقطع النظر عن ما يجدّ بشأن هذه الانتخابات، يظلّ صحيحا وصحيحا بعمق – ومن الأهمّية الحيويّة الاعتراف والتحرّك على أساس فهم – أنّه لا يمكن أن يحصل تغيير جوهري للأفضل فى ظلّ هذا النظام .حتّى وهناك حاجة إستعجاليّة لبناء التعبئة الشعبية المستمرّة حول المطلب الوحيد ليرحل ترامب / بانس الآن !، كلّ الذين توصّلوا إلى رؤية أنّ تفوّق البيض والتفوّق الذكوري وعديد الفظائع والجرائم الأخرى ضد الإنسانيّة المرتكبة في ظلّ هذا النظام هي في الواقع مبنيّة في أسس هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي، ينبغي أن يعملوا معا بشكل دائم، لبناء حركة مستمرّة التنامي ولتعزيز القوى المنتظمة من أجل ثورة فعليّة للإطاحة بهذا النظام .
خلاصة القول : إعتبارا للتحدّيات الهائلة حقّا، ليس بمعنى أي موضوع خاص، مهما كان هاما، وليس بمعنى هذه البلاد لا غير بل كذلك بالنسبة إلى الجماهير الثوريّة عبر العالم وبالنسبة إلى مستقبل الإنسانيّة، هناك حاجة ماسة لمقاربة الأمور والعمل بالتمرّس الضروريّ لمعالجة التناقضات المعقّدة والصعبة التي يشملها كلّ هذا – إمتلاك رؤية شاملة ونبذ الفئويّة التافهة والدغمائيّة الهشّة، وعدم السقوط في "إمّا أو إمّا" الباعثة على الشلل : إمّا أن نقاتل ضد تفوّق البيض وإرهاب الشرطة أو نقاتل من أجل الإطاحة بنظام ترامب / بانس الفاشيّ؛ إمّا أن نصوّت في هذه الانتخابات أو نشيّد نضالا جماهيريّا ضد الإضطهاد الشنيع وضد هذا النظام الفاشيّ ؛ إمّا أن نعارض هذا النظام بكلّ الوسائل المناسبة وإمّا نعمل من أجل الثورة. فى هذا الوضع الخارق للعادة والمعقّد للغاية – ومن وجهة نظر التقدّم بالنضال بإتّجاه هدف الإلغاء النهائي لكافة ظواهر الإستغلال والإضطهاد، في كلّ مكان – وثمّة حاجة إستعجاليّة للقيام بكلّ هذا، والقيام بهذا بفهم للعلاقة الصحيحة والضروريّة بين شتّى أجزاء هذه المقاربة الشاملة: وضع التأكيد الأساسي والتعويل الأساسي على التعبئة الشعبية، مع إدراك أنّ التصويت في هذا الوضع الخارق للعادة ضروري وهام إلاّ أنّه ليس الشيء الأساسي الذى ينبغي التعويل عليه ؛ وبالمعنى الجوهري، جعل كلّ هذا يساهم في إيجاد ظروف مواتية أكثر وبناء القوى المنظّمة ليس لمقاومة جرائم هذا النظام فحسب بل فى نهاية المطاف لإنجاز الثورة المطلوبة بُغية وضع نهاية لهذا النظام الإجرامي بوحشيّة ولهيمنته على العالم، بأيّ شكل.

________________________________________

الملحق الثاني
بيان لبوب أفاكيان حول الوضع الدقيق راهنا و الحاجة الملحّة إلى الإطاحة بنظام ترامب/ بانس الفاشيّ و التصويت في هذه الانتخابات و الحاجة الأساسيّة إلى ثورة
بوب أفاكيان ، 1 أوت 2020 ؛ جريدة " الثورة " عدد 659 ، 3 أوت 2020
https://revcom.us/a/659/bob-avakian_statement-on-the-immediate-critical-situation-en.html

1- ينطوى الوضع اليوم حقّا على تحدّيات غير مسبوقة و بالغة الأهمّية ، بتبعات عميقة ليس على الشعب في هذه البلاد و حسب و إنّما على الإنسانيّة قاطبة . قبل ثلاث سنوات ، تحدّثت عن هذا الواقع - و قد بات حتّى أبرز و أخطر في وقتنا مذّاك :
إنّنا نواجه – و نحن محكومون من طرف – نظام فاشيّ : يهاجم بلا هوادة الحقوق و الحرّيات المدنيّة و يشجّع صراحة التزمّت الديني و اللامساواة ؛ و يتصرّف بإزدراء قاسي أو بخبث مغلّف بدم بارد تجاه الذين يعتبرهم أدنى مرتبة و إستنزاف أو تلويث للبلد ؛ وهو يسعى بقوّة إلى حرمان الملايين من الرعاية الصحّية المطلوبة ؛ و يحطّ بعنف من مكانة النساء و يعتبرهنّ أشياء للنهب و مربّيات أطفال دون حقّ في الإجهاض أو في التحكّم في ولادات ، و تابعات للأزواج و للرجال بصرة عامة ؛ و يتحدّى علم تغيّر المناخ و يهاجم علم التطوّر و ينبذ المنهج العلمي في كلّيته ؛ و يلوّح هذا النظام مهدّدا بذخيرة من أسلحة الدمار الشامل و مهدّدا بحرب نوويّة ؛ و يشدّد إرهاب الدولة ضد المسلمين و المهاجرين و سكّان أحياء داخل المدن ؛ و يطلق العنان و يشجّع و يدعم قطّاع الطرق العنيفين الذين يبثّون بسمّ " أمريكا أوّلا " ، و تفوّق البيض و التفوّق الذكوري و سمّ معاداة المتحوّلين جنسيّا – نظام يشجّع كلّ هذا و يصرّح بنواياه للقيام بما هو أسوأ حتّى.
و يوجد على رأس هذا النظام " مجنون متنمّر " و إصبعه على زرّ نوويّ . إنّه نظام ، دون مبالغة ، يهدّد ليس فحسب جماهير الإنسانيّة التي تعرف بعدُ عذابا أليما جدّا و إنّما يهدّد الإنسانيّة ذاتها في وجودها ، من خلال تحرّكاته القويّة لتعميق نهب البيئة و تباهيه بأسلحة الدمار الشامل التي لا مثيل لها و تصريحه الساطع بنيّته إستخدام هذه الأسلحة بما فيها ذخيرته النوويّة الضخمة .
و قد أكّدت كذلك على أنّ هذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي الذى أنشأ عبر " سيره العادي " هذه الفاشيّة ، و أنّ لا تغيير جوهري للأفضل يمكن أن يحصل في ظلّ هذا النظام ، و بدلا من ذلك تجب الإطاحة بهذا النظام و تعويضه بنظام مختلف جذريّا العنيفة التي تولّدها – و جميعها مبنيّة في أسس هذا النظام و سيره الجاري و متطلّباته .
الآن بالذات ، بالنسبة لكلّ شخص معنيّ بوضع نهاية للظلم و الإضطهاد و بمسألة إن كان سيكون هناك مستقبل للإنسانيّة يستحقّ العيش – أم إن كان سيكون لها مستقبل أصلا – ترحيل نظام ترامب / بانس الفاشيّ من السلطة مسألة راهنة و إستعجاليّة و ضرورة تاريخيّة حقّا .
و بالنسبة إلى الذين يفهمون الحاجة إلى ثورة ، إلى الإطاحة بهذا النظام كحلّ جوهريّ لتواصل فظائع هذا النظام التي يتسبّب فيها لجماهير الإنسانيّة ( سواء كان هذا النظام تحت حكم دكتاتوريّة فاشيّة سافرة أم دكتاتوريّة مقنّعة " ديمقراطيّة " للطبق الرأسماليّة الحاكمة )، النضال الحالي لترحيل نظام ترامب / بانس من السلطة يجب أن نقاربه ليس ك " تلهية " عن ( أو " تعويض ل " ) بناء حركة من أجل الثورة المطلوبة بل على وجه الضبط كجزء – كجزء حيويّ و مستلزم إستعجالي – للعمل العام للبناء من أجل هذه الثورة .
و يظلّ هدفنا الأساسي و نجمتنا القائدة : الثورة لا شيء أقلّ من ذلك !
في كلّ ما نقوم به و من ذلك كلّ النضالات التي نساهم فيها و التي هي في حدّ ذاتها أقلّ من الثورة ، مقاربتنا الصريحة هي و يجب أن تكون جعل كلّ هذا يخدم ذلك الهدف الأساسي للثورة و تحرير الإنسانيّة قاطبة .
++++++
عاديّا ، نحاجج ، نحن الشيوعيّون الثوريّون ، بأنّه لا ينبغي للناس أن يصوّتوا في الانتخابات البرجوازيّة التي تخدم تعزيز النظام القائم الرأسمالي – الإمبريالي و تغذّى الأوهام الشعبيّة بأنّ الإستغلال و الإضطهاد و الظلم يمكن بصفة ما " التخلّص منها بإصلاحات " دون التخلّص من النظام الذى يفرز هذه الفظائع في المصاف الأوّل . لكن هل أنّ هذا هو الموقف الصحيح الذى ينبغي إتّخاذه بخصوص هذه الانتخابات الخاصة ؟
للإجابة على هذا ، نحتاج إلى النظر إلى الصورة بأكملها .
2- بعدُ ، لما يناهز الأربع سنوات التي كان فيها هذا النظام في السلطة ، أُجبرنا على معاينة و تحمّل الفظاعات المقترفة بعدُ و الخطر الكبير الذى يمثّله نظام ترامب / بانس . فقد أقام ترامب حملته الإنتخابيّة لسنة 2016 على ما يعادل البرنامج الفاشيّ الصريح و ضمنه تفوّق البيض و التفوّق الذكوري الساطعين و العنصريّة المناهضة للأجانب الموجّهة ضد المهاجرين و خاصة أولئك القادمين من المكسيك و بلدان أخرى يعتبرها ترامب " ثقب قذارة " ، و كذلك الدعوات السافرة للتعذيب و الأعمال الوحشيّة على يد الشرطة و مساندى ترامب " المديّين ". و لمّا بلغ السلطة، مضى ترامب قدما في تطبيق برنامجه، دائسا أيّة " ضوابط مؤسّساتيّة " تقف حاجزا في طريقه ، حتّى إزاء إقالة الرئيس – قام بذلك بتبجّح و قوّة عاليين حينما صوّت أتباعه الفاشيّين في الحزب الجمهوري لتبرئته إباّن جلسة مجلس الشيوخ.
بصفة أساسيّة ، كلّ ما قدّمناه في وصف هذا النظام في بداية هذا البيان يساوى ما أنجزه ترامب وحوله و بإنتقام . و قد صار هذا أسطع حتّى و أكثر عدوانيّة مع إقتراب الانتخابات المبرمجة لنوفمبر القادم . و تصوّروا ما سيفعله ترامب إذا ما توفّرت له " فترة نيابيّة " ثانية عبر إعادة إنتخابه في نوفمبر القادم .
إنّ جائحة كوفيد-19 و ردّ ترامب و بانس عليها وفّر أيضا مثالا واضحا على الطبيعة المعادية للعلم لهذا النظام و إستخفافه الكلّي بعذابات الجماهير الشعبيّة ، لا سيما تلك الأكثر إحتقارا من قبل النظام و الأكثر عرضة للجائحة و أكثر المصابين بالوباء من ضمنها .
لكن ، على فظاعة كلّ ما جرى ، ليس الأمر مجرّد سياسات فظيعة و إنّما هو شكل حكم مختلف نوعيّا ، قائم على القمع و التجاوزات الوحشيّة لما يعتبر أكثر الحقوق أساسيّة .
و قد رأينا ترامب يدوس بجلاء المبادئ الدستوريّة فيبعث فيالق جنود العاصفة من وكالات حكوميّة فيدراليّة متنوّعة لتحتلّ مدنا و تُجرّم المعارضة و تقمع المحتجّين فى برتلاند و غيرها من المدن ، و لتوطيد سيطرة الإهاب ضد الجماهير الشعبيّة ى أحياء داخل المدن في شيكاغو و ى أماكن أخرى .
لقد رأينا إستعراضات ترامب الفجّة لشوفينيّة " أمريكا أوّلا " و منها نداءاته المتكرّرة بعقاب شديد للذين، حسب وجهة نظره، قد أخفقوا في إبراز الحماس الوطني المناسب ، أو الذين تجرّأوا على رفع نقد أو الإحتجاج ضد بعض الإضطهاد الأسطع الذى إقترفه فارضو هذا النظام ، و بوجه خاص تعنيف و قتل السود الجاريين و كذلك تعنيف و قتل ذوى البشرة السمراء و السكّان الأصليّين لأمريكا على يد الشرطة . لقد شاهدنا تشجيعه المستمرّ لتفوّق البيض الوحشي الذى تقترفه الشرطة و يقترفه " أناس الفصل الثاني " و آخرون " طيّبون جدّا ".
و كلّ هذا يذكّرنا بصعود هتلر و النازيين في ألمانيا إلى سدّة السلطة و حكمهم خلال ثلاثينات و أربعينات القرن العشرين . و مثلما أقام هتلر حركته الفاشيّة ، تقع تعبأة قطّاع الطرق لتعنيف و ترهيب الناس الذين لم يُظهروا الدعم لهتلر و للنازيّين – يهاجمونهم في الشوارع و في غيرها من الأماكن العامة . و حالما تكون الدولة الفاشيّة النازيّة قد عزّزت سلطتها ، يتمّ عقاب أيّة معارضة عقابا شديدا و تسحق سحقا . و كلّ من لم يتبنّوا و لم يعلنوا الإيديولوجيا النازيّة الرسميّة يجرى إستهدافهم. و قد جرى طرد أعدا كبيرة من الناس من المؤسّسات العامة – كلّ الذين ، و خاصة منهم اليهود و غيرهم أيضا ، الذين إعتبروا " غرباء" عن " العنصر الآري النقيّ " و عائقا أمام الهداف الهائلة للنازيّين . و قد كان الشيوعيّون أوّل الضحايا لكن سرعان ما شمل الأمر السكّان اليهود و الرومانيين و المثليين الجنسيّين و آخرين غصّت بهم معسكرات الإعتقال ، ممّن كان النازيّون يعدّونهم تلويثا للأمّة الألمانيّة . و سرعان ما أدّى هذا إلى الإبادة الجماعيّة لملايين اليهود في ألمانيا و إلى غزو النازيين و إحتلالهم لبلدان أخرى .
و كلّ هذا لم يحدث جميعه مرّة واحدة أو بين ليلة و ضحاها و إنّما حدث خلال فترة زمنيّة قصيرة ( عقد أو زهاء العقد ) و بنسق متصاعد السرعة . و حكم القانون لم يقع التخلّى عنه في كلّته بشكل صريخ و رسميّا بل صار " القانون " و " حكم القانون " هو ذات ما كان هتلر و النازيّون يقولون إنّه القانون و حكم القانون . و معظم ما فعله هتلر و النازيّون أثناء سيطرة إرهابهم و إبادتهم الجماعيّة كان " منسجما مع القانون " – القانون الذى قلّصوه إلى لا شيء أكثر من أهدافهم و وسائلهم البربريّة ، يُفرض بالجريمة عبر مؤسّسات قد أُفرغت من أيّ معنى أو هدف آخر عدا ما يتماشى و يخدم الأجندا النازيّة ، و قلّصوه إلى لا شيء أكر من وسائل في خدمة الفظائع النازيّة .
في مجمل ما يقوم به ترامب راهنا ، بما في ذلك دعواته الصريحة إلى الإطاحة بقرارات المحكمة العليا و قرارات قضائيّة سابقة ( مثلا ، سعيه لجعل الإجهاض لاقانونيّا و إنزال العقاب بمن يحرق العلم )، إلى جانب تجاوزاته المتكرّرة للقانون و السيرورات الضروريّة للقانون و تأكيده على أنّه هو القانون – يمكننا رؤية الظلّ المخيّم لدكتاتوريّة فاشيّة سافرة حتّى أكثر ، معتمدة على العنف و الإرهاب ، باسم النظام الرأسمالي المفترس و كمحاولة قصوى للتعاطى مع الإنقسام الاجتماعي العميق و الأزمات الحادة (فى كلّ من البلاد و في المجال العالمي ). و مع تحرّكات " سكرتيرة التعليم " لدى ترامب ، بتسى دفوس – وهي نفسها مسيحيّة فاشيّة هدفها النهائيّ هو تعويض التعليم العام العلماني بمعاهد تقوم على العقيدة الأصوليّة المسيحيّة – يمكننا رؤية الخطوط العريضة لنسخة نظام ترامب/ بانس من " الإيديولوجية الرسميّة "(المسيحيّة الفاشيّة ). يمكن أن نقرّ بالظلّ المخيّم لوضع حيث ليس أطفال المدارس فقط بل كلّ شخص في المجتمع ، سيُطلب منه إعلان الولاء لأمريكا الفاشيّة المسيحيّة البيضاء .
و يحاجج بيان لمنظّمة " لنرفض الفاشيّة " (RefuseFascism.org ) ببلاغة و بقوّة :
" ترسم حاليّا خطوط جليّة بتبعات كارثيّة على الإنسانيّة قاطبة . إذا خسرنا حقّ الإحتجاج – عبر الوسائل القانونيّة او اللاقانونيّة - سيطلق العنان لكافة الوحوش . ليست الفاشيّة مجرّد أسوأ تأرجح للبندول .إنّها تغيير نوعيّ في كيفيّة حكم المجتمع – يتمّ تجريم المعارضة شيئا فشيئا . و يتمّ سبك الحقيقة بصفة متكرّرة . و مجموعة عقب مجموعة يقع شيطنتها و إستهدافها طوال الطريق المؤدّية على الأهوال الحقيقيّة . و يحدث كلّ هذا لأكثر من ثلاث سنوات الآن ، بعدُ بمعسكرات إعتقال على الحدود ، و بتبرأة ترامب في محاكمة إقالة الرئيس ، و إصدار أوامر من السلطة التنفيذيّة لحماية معالم تاريخيّة في حين يقع تجريم حقوق الفصل الوّل من الدستور بسجن فعليّ لفترة زمنيّة ، و بعد العديد يرغبون في السباحة في أوهام الرفاه ن أوهام أن هذا لا يحدث حقّا. هذه فاشيّة . إنّها أمر واقع و وقت إيقافنا ينفذ ".
لفترة طويلة جدّا ، أولئك الذين منّا بمن فيهم الأصوات المتباينة التي تمثّلها " لنرفض الفاشيّة " ، الذين كانوا يُشيرون إلى الخطر الحقيقي جدّا الداهم راهنا – و إمكانيّة خطر أكبر حتّى – و المتمثّل في نظام ترامب / بانس في معظم الأحيان كانوا يواجهون بإستبعاد متعجرف من قبل الذين لم يستطيعوا أو لن يستطيعوا رؤية الواقع و مسار هذا النظام ؛ و الذين إستبعدوا الخطر بتجاهل أو بالإستهانة بعديد الأشياء الرهيبة التي قد إقترفها بعدُ هذا النظام ؛ و الذين كانوا يشيرون بعد ذلك إلى كلّ ما لم يقترفه بعدُ هذا النظام على أنّه مفترض " دليل " على أنّه لن يفعل تلك الأشياء . و الآن ، في هذه الساعة المتأخّرة و الحيويّة ، أن تُعامل الطبيعة الفاشيّة لهذا النظام و أوجه " " مبالغات مثيرة للمخاوف " – فهذا تجاهل ليس للدروس الحيويّة من التاريخ ، بل كذلك للواقع الخطير منتهى الخطورة للوضع الراهن ، بما في ذلك دلالة واقع أنّ ترامب – موفيا بوعده للمسيحيّين الفاشيين – قد ملأ المحاكم وصولا تماما إلى المحكمة العليا ، بفيالق من المسيحيين الفاشيّين و قضاة آخرين من اليمين المتطرّف ، الذين سيتحرّكون ل " الشرعنة القانونيّة " لكلّ البرنامج الفظيع لنظام ترامب / بانس الفاشيّ .
لئن تمكّن هذا النظام من مزيد تعزيز سلطته و أحدث مزيد القفزات في تكريس أهدافه الشنيعة ، فإنّ نتيجة هذا ستكون تراجعا مدمّرا لأيّة محاولة لمقاومة الظلم و اضطهاد ،و ستؤدّى على الأرجح إلى درجة كبيرة إلى قمع وحشيّ و حتّى إلى تدمير المدافعين عن الحقوق الديمقراطيّة و مقترحى أيّة إصلاحات تقدّميّة ذات مغزى ، و كذلك أيّة قوى منظّمة تقاتل من أجل تغيير ثوريّ جوهريّ .
و بالمعنى الأكثر أساسيّة ، الحاجة الملحّة لتعبئة الجماهير الشعبيّة حول مطلب فرض ترحيل هذا النظام الفاشيّ ليست في نزاع مع التحرّكات الجماهيريّة ضد تفوقّ البيض الممأسس و ضد إرهاب الشرطة ، أو تحرّكات جماهيريّة أخرى ضد فظائع هذا النظام ، لكنّها في وحدة أساسيّة مع وهي حيويّة لكافة هذه النضالات ، و كلّ هذا يمكن و يجب أن يُفهم و يُبنى بطريقة التعزيز المتبادل بقوّة .
3- إنّ مجرّد التعويل على التصويت لطرد هذا النظام سيؤدّى تقريبا بالتأكيد إلى نتائج سيّئة جدّا ، و حتّى كارثيّة . و هذا صحيح بوجه خاص نظرا لكون هذا النظام يقوم بعدُ بما يقوله ترامب ، في علاقة بالإنتخابات .
عبر هجمات بلا أساس تماما على التصويت عبر الرسائل الألكترونيّة و الإعداد لبثّ الخوف و صدّ السود و اللاتينو عن ممارسة حقّهم في التصويت ، تجرى بعدُ تحرّكات نظام ترامب / بانس و مسانديه لإلغاء أصوات الذين يرجّح أنّهم سيصوّتون ضد ترامب . و مثلما فعل ذلك في 2016 و الآن جعل ترامب فكرة " تأجيل " الانتخابات " تطفح على السطح ".
و نظرا لما قام به ترامب و ما صرّح به بصفاقة ، مهما كان مرعبا ، فإنّه كذلك من الواقعي جدّا رؤية أنّ هذا النظام ينشر فيالق جنود العاصفة ذات الولاء لهذا النظام ، في مدن عبر كامل هذه البلاد – متحرّكا بخبث لقمع أيّة تعبير للمقاومة أو الإعتراض – مع إقتراب الانتخابات و المواصلة إلى ما بعد ذلك.
إنّ الوباء الحالي أو الأوامر التنفيذيّة لقمع " فوضى مدنيّة " ( أي الإحتجاجات ) في عديد الأماكن في هذه البلاد ، يمكن كذلك أن تُستغلّ كذرائع ل " تأخير " الانتخابات ، ربّما إلى ما لا نهية له .
و بالتأكيد ليس شيئا لا يمكن التفكير فيه أن ترامب سيتحرّك لخلق " حالة طوارئ عامة " – مثلا ، بتنفيذ أعمال حربيّة ضد إيران أو ربّما ضد الصين – لجل مزيد مأسسة حتّى ظروف قمعيّة أقصى ، و بحتّى أعداد أكبر من فيالق جنود العاصفة شبه العسكريّة المحتلّة للمدن ، لأجل سواء منع ( أو " تأجيل " إلى ما لا نهاية له ) للإنتخابات أو التحكّم في التصويت و نتائج الانتخابات إن جرى عقدها .
و من الأهمّية الحيويّة بمكان مواصلة بناء المقاومة ، الآن بالذات و بطريقة متصاعدة القوّة ، ضد أيّة و كلّ التحرّكات القمعيّة لترامب بما فيها حركة جماهيريّة معارضة لمحاولات النظام لمحو التصويت ، و عبر التعبأة الجماهيريّة ندعم و ندافع من يستهدفهم مثل هذا القمع .
بوعي تام بما يمثّله هذا النظام الفاشيّ ، و ما يعنيه أن لا يبحث ترامب عن محو أصوات الذين سيصوّتون ضدّه فحسب بل كذلك عن الإعداد لإستخدام القوّة و القمع العنيف للبقاء في الموقع الذى يحتلّة إذا لم يقع إعلانه الفائز في الانتخابات، من الأهمّية الحيويّة و الإستعجاليّة أن نشيّد الآن حقّا تعبأة جماهيريّة حقّا و مستمرّة موحّدة حول مطلب ضرورة تحيل هذا النظام الآن ! و بتوجّه الإستعداد لمواصلة هذا حتّى بعد الانتخابات ، إذا تطلّب الوضع ذلك .
منذ الأيّام الأولى لنظام ترامب / بانس ، ما إنفكّت منظّمة " لنرفض الفاشيّة " تفضح فاشيّة هذا النظام و تنادى بتعبأة جماهيريّة لترحيل هذا النظام وهو شيء بات الآن تماما أكثر إلحاحيّة و ضرورة . كان سيكون جيّدا جدّا – و كان سيحدث فارقا حقيقيّا – إن كان كلّ الذين يكرهون هذا النظام لكنّهم أخفقوا أو رفضوا الإقرار بالطبيعة الفاشيّة الفعليّة و الخطر الكبير الذى يمثّله بالنسبة للإنسانيّة ككلّ ، إن كانوا إستجابوا قبلا و تبنّوا عمليّا نداء " لنرفض الفاشيّة " . و الآن ، في نهاية المطاف، هناك إعتراف متنامي و نقاش متنامي حول الطبيعة " الطغيانيّة " لهذا النظام وحتّى إستخدام مصطلح " الفاشيّة " لوصفه . ( و مثلما أشرت إلى ذلك ، من جانب الكثيرين ، هذه حال " آه ، الآن يقولون " هذه فاشيّة كما لو أنّ الحال أصبح كذلك ببساطة الآن . لكن ، بفهم للتحدّيات العميقة المعنيّة ، من المهمّ الإعتراف بذلك الآن ، أفضل من عدم الإعتراف به أبدا ). الوقت يغدو متأخّرا – لكن لا يزال بعدُ غير متأخّر جدّا لتحقيق هذه التعبأة الجماهيريّة في الواقع . و التعويل على و حصر التحرّكات في " الضوابط " و " القنوات الرسميّة " لهذا النظام بما في ذلك الانتخابات القادمة ، لا يمكن أن يحلّ هذا المشكل العميق و الإستعجالي ، لا سيما عند التعاطى مع نظام فاشيّ و أتباعه المتزمّتين المصمّمين على دوس " الضوابط " و تمزيقها تمزيقا .
4- في هذه اللحظة الحيويّة ، كلّ وسيلة تحرّك غير عنيف مناسب يجب أن يُستخدم للإطاحة بهذا النظام من السلطة . و إذا بالرغم من الإحتجاج الجماهيري المطالب بترحيل نظام ترامب / بانس ، يظلّ هذا النظام في السلطة حين يحين وقت التصويت ، عندئذ – دون التعويل جوهريّا على هذا – مستعملين كافة الوسائل المناسبة للعمل على ترحيل هذا النظام يجب أن تشمل التصويت ضد ترامب ( مفترضين تنظيم فعلي للإنتخابات ). و لنكن واضحين، هذا لا يعنى " تصويتا إحتجاجيا " لمرشّح لا يملك فرصة الفوز لكن عمليّا التصويت لصالح مرشّح الحزب الديمقراطي ، بيدن ، لأجل التصويت فعليّا ضد ترامب .
و هذا ليس لأنّ بيدن ( و الحزب الديمقراطي بصورة عامة ) قد تحوّلا فجأة إلى شيء آخر مختلفا عمّا كانا عليه : ممثّلون و أدوات لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي الإستغلالي و الإضطهادي و الإجرامي تماما . تظلّ السيرورة الإنتخابيّة كما نعتناها نحن الشيوعيّون الثوريّون ( BEB ) هراء إنتخابي برجوازي. و تظلّ الحال أنّه لا تغيير جوهري للأفضل يمكن أن يأتي من خلال هذه السيرورة الإنتخابيّة و هذا التصويت ، عامة و فوق كلّ شيء ، في ظلّ هذا النظام ، يخدم تعزيز هذا النظام لا سيما إذا كان التصويت يُعتبر وسيلة – و يكون الأمر كذلك أكثر إن كان يُعتبر الوسيلة (الوحيدة ) – لإحداث تغيير له دلالته .
لكنّ هذه الانتخابات مختلفة .
من الصحيح أنّه مع كلّ انتخابات ، يقدّم الديمقراطيّون اللعبة الخدعة الأساسيّة ذاتها – يبتزّون الناس الذين يكرهون الظلم و الإضطهاد ليصوّتوا لهم على أنّهم " الأقلّ سوءا " – مؤكّدين في الواقع " قد لا توافقون على كلّ شيء نقوله و قد تكون لديكم معنا إختلافات جدّية و نقد جدّي بشأن كلّ ما نحن بصدده – لكن هل تريدونهم هم أن يكونوا في السلطة ؟! " ( تفوّق البيض السافر و التفوّق الذكوري و ناهبو البيئة المنكرين لتغيّر المناخ و الحزب الجمهوريّ الرجعيّ تماما ). و قد قام الحزب الديمقراطي بهذا المرّة تلو المرّة بينما يمثّل هو نفسه و يبحث عن رئاسة هذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي الذى لديه تفوّق البيض و التفوّق الذكوري و النهب البيئي و الحروب من أجل الإمبراطوريّة مبنيّين داخله ، و في الوقت نفسه ، مثلما يحدث الديمقراطيّون ضجيجا حوله و يتّخذون بعض الخطوات لتطبيقها ، إصلاحات صغرى ( وفى نهاية المطاف لا معنى لها ) لمعالجة مفترضة لهذه الفظائع . و قد ساهم كلّ هذا عمليّا في تطوّر الأشياء بإتّجاه وضع فظيع نواجهه اليوم . لقد تسبّب في شلل سياسي لعديد الذين يبحثون عن وضع نهاية لمثل هذه الفظائع ، مقلّصا إيّاهم إلى معوّلين سلبيّين على الحزب الديمقراطي و دوره في السيرورة الإنتخابيّة ، بينما يصبّ الزيت على نار الفئات الإجتماعيّة الفاشيّة المتشدّدين التي تؤكّد على عدم التخفيف مطلقا من هذه الفظائع – لا تنازل للنضال ضد هذا – و بالفعل تطالب بالتعزيز العنيف لهذا الإضطهاد و هذه الفظائع ، بالمعانى الأقصى.
لكن مجدّدا ، هذه الإنتخابات مختلفة – بطريقة مختلفة حيويّا . المسألة ليست إن كان بيدن و الديمقراطيّون يمثّلون شيئا " جيّدا " أو إذا كان الديمقراطيّون بالمعنى الجوهري ، " أفضل " من الجمهوريّين . كلا هذان الحزبان حزبان سياسيّان تابعان للطبقة الحاكمة و لا أحد من مرشّحيهم يمثّل أي شيء " جيّد " بالمعنى الأكثر أساسيّة و جوهريّة . ليس بيدن " أفضل" من ترامب بأيّة طريقة لها معنى – بإستثناء أنّه ليس ترامب و ليس جزءا من التحرّك لتعزيز و توطيد حكم فاشيّ بكلّ ما يعنيه ذلك.
إنّ مقاربة هذه الانتخابات من وجهة نظر أي مرشّح هو " الأفضل " تعنى الإخفاق في فهم التحدّيات العميقة و التبعات الممكنة الحقيقيّة لما يشمله ذلك. و الواقع هو أنّه لا يمكن أن يأتي شيء " جيّد " من هذه الانتخابات إلاّ – شيئا واحدا - : إلحاق هزيمة حيويّة بترامب و بكامل النظام الفاشيّ . و القيام بهذا سيخلق ظروفا أفضل بكثير لمواصلة خوض النضال ضد كلّ شيء يمثّله نظام ترامب/ بانس و كلّ إضطهاد و ظلم هذا النظام ، و سيكون هديّة كبرى لشعوب العالم .
و مرّة أخرى ، في هذه الظروف الخاصة جدّا و الخارقة للعادة ، لو ظلّ نظام ترامب / بانس في السلطة زمن الانتخابات ، رغم التعبأة الجماهيريّة المطالبة بترحيله ، عندئذ النضال ضد هذا النظام الفاشيّ سيحتاج إلى تضمّن التصويت ضد ترامب بالتصويت لبيدن ، بينما نواصل بناء تعبئة جماهيريّة مستمرّة ضدّ هذا النظام و كلّ ما يمثّله و يركّزه و الإستعداد للمضيّ قدما في هذه التعبأة الجماهيريّة إن خسر ترامب الانتخابات لكنّه رفض مغادرة الرئاسة .
5- عدم الإقرار بهذا ، مع ذلك ، غاية في الأهمّية هو التشديد مجدّدا بأقوى المعانى على أنّه للأسباب التي تحدّثنا عنها هنا، التعويل على التصويت – دون هذا الحشد الجماهيري – سيؤدّى على الأرجح إلى كارثة .
هناك إمكانيّة أن يكسب ترامب فعلا الانتخابات – رغم أنّه إن كسب أو خسر ، ستشمل هذه الانتخابات وسائل تحرّكات غير مسبوقة لمحو أصوات الذين يعارضونه و لإستخدام وسائل غير قانونيّة أخرى لتمكينه من البقاء في السلطة . و حتّى أكثر أساسيّة ، بهم واضح للطبيعة الفاشيّة لهذا النظام ، و كامل تداعيات ذلك ، هذا النظام لا شرعي ، بغضّ النظر عن الوسائل التي أتى بها إلى السلطة و تحرّكاته للبقاء في السلطة و تعزيزها . أتى هتلر و النازيّون إلى السلطة في ألمانيا في ثلاثينات القرن العشرين عبر " القنوات الرسميّة " ل " النظام الديمقراطي " هناك – بما في ذلك الانتخابات – لكن لم يكن هناك مطلقا أيّ شيء " شرعيّ" في ما يتعلّق بحكمهم و كافة الفظائع التي لا توصف التي أدّى إليها . و المبدأ الأساسي عينه ينسحب على نظام ترامب / بانس . بطبيعته و مضمونه ذاتهما ، لا وجود لشيء فاشيّ" شرعي ".
مهما حدث بشأن هذه الانتخابات – و حتّى إن فاز بيدن و نجح في المسك العملي بالرئاسة – لن توجد " عودة إلى الحياة العاديّة " . قبل كلّ شيء ، لن يسمح الفاشيّون – أولئك الذين يظلّون في مواقع قويّة جدّا ، و " القاعدة " الفاشيّة في المجتمع الواسع – بذلك. و على كلّ حال ، لا أحد يجب أن يرغب في ذلك. ف" الحياة العادية " لهذا النظام كانت على الدوام تشتمل على إضطهاد وحشيّ للسود و آخرين من ذوى البشرة الملوّنة و إرهاب منهجي و عنف و قتل لفرض هذا الإضطهاد. لقد كانت على الدوام تشتمل على ميز عنصري خبيث وتعصّب ديني و عنف ضد المهاجرين و النساء و المتحوّلين جنسيّا و كلّ الآخرين الذين يُنظر إليهم على أنّهم من صنف أدنى و " غرباء " . و قد كانت على الدوام تشتمل على الحروب غير العادلة من أجل الإمبراطوريّة و الجرائم المستمرّة ضد الإنسانيّة . و الآن يهدّد هذا النظام الإنسانيّة في وجودها ذاته .من خلال التدمير المتصاعد للبيئة و التهديد الحاضر أبدا بحرب نوويّة .
و الصراع المتعدّد الأوجه لترحيل نظام ترامب / بانس الفاشيّ يجب أن يُدرك ليس كتعويض و بل كجزء و جزء حيويّ – من التحرّك لتجاوز كلّ ما تمثّله و تجسّده " الحياة العادية " لهذا النظام .
6- في الختام ، بقطع النظر عن ما يجدّ بشأن هذه الانتخابات ، يظلّ صحيحا و صحيحا بعمق – و من الأهمّية الحيويّة الإعتراف و التحرّك على أساس فهم – أنّه لا يمكن أن يجدّ تغيير جوهري للأفضل فى ظلّ هذا النظام .حتّى و هناك حاجة إستعجاليّة لبناء التعبئة الجماهيريّة المستمرّة حول المطلب الوحيد ليرحل ترامب / بانس الآن ! ، كلّ الذين توصّلوا إلى رؤية أنّ تفوّق البيض و التفوّق الذكوري و عديد الفظائع و الجرائم الأخرى ضد الإنسانيّة المرتكبة في ظلّ هذا النظام هي في الواقع مبنيّة في أسس هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، ينبغي أن يعملوا معا بشكل دائم ، لبناء حركة مستمرّة التنامي و لتعزيز القوى المنتظمة من أجل ثورة فعليّة للإطاحة بهذا النظام .
خلاصة القول : إعتبارا للتحدّيات الهائلة حقّا المعنيّة ، ليس بمعنى أي موضوع خاص ، مهما كان هاما ، و ليس بمعنى هذه البلاد لا غير بل كذلك بالنسبة إلى الجماهير الثوريّة عبر العالم و بالنسبة إلى مستقبل الإنسانيّة ، هناك حاجة ماسة لمقاربة الأمور و العمل بالتمرّس الضروريّ لمعالجة التناقضات المعقّدة و الصعبة التي يشملها كلّ هذا – إمتلاك رؤية شاملة و نبذ الفئويّة التافهة و الدغمائيّة الهشّة ، و عدم السقوط في " إمّا أو إمّا " الباعثة على الشلل : إمّا أن نقاتل ضد تفوّق البيض و إرهاب الشرطة أو نقاتل من أجل الإطاحة بنظام ترامب / بانس الفاشيّ ؛ إمّا أن نصوّت في هذه الانتخابات أو نشيّد نضالا جماهيريّا ضد الإضطهاد الشنيع و ضد هذا النظام الفاشيّ ؛ إمّا أن نعارض هذا النظام بكلّ الوسائل المناسبة و إمّا نعمل من أجل الثورة . فى هذا الوضع الخارق للعادة و المعقّد للغاية – و من وجهة نظر التقدّم بالنضال بإتّجاه هدف الإلغاء النهائي لكافة الإستغلال و الإضطهاد ، في كلّ مكان – و ثمّة حاجة إستعجاليّة للقيام بكلّ هذا، و القيام بهذا بفهم للعلاقة الصحيحة و الضروريّة بين شتّى أجزاء هذه المقاربة الشاملة : وضع التأكيد الأساسي و التعويل الأساسي على التعبأة الجماهيريّة ، مع إدراك أنّ التصويت في هذا الوضع الخارق للعادة ضروري و هام إلاّ أنّه ليس الشيء الأساسي الذى ينبغي التعويل عليه ؛ و بالمعنى الجوهري ، جعل كلّ هذا يساهم في إيجاد ظروف مواتية أكثر و بناء القوى المنظّمة ليس لمقاومة جرائم هذا النظام فحسب بل فى نهاية المطاف لإنجاز الثورة المطلوبة بُغية وضع نهاية لهذا النظام الإجرامي بوحشيّة و لهيمنته على العالم ، بأيّ شكل .
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------