لا شيوعية و لا ماركسية بدون الديمقراطية الحقيقة 2-5


حسين علوان حسين
2021 / 5 / 2 - 10:26     

في نص ماركس المركز للغاية أدناه من مؤلَّفه : "نقد فلسفة الحق لهيجل" ، ترد مفردة "الديمقراطية" على الأقل (36) مرة ، و هو يثبت أن ماركس – و ليس البرجوازيون المعادون لماركس ممن لا يستطيعون فهم الديمقراطية إلا حسبما تروجه لهم مكائن الدعاية لأسيادهم الرأسماليين – قد اعتبر الديمقراطية هي بالضبط و بالتحديد : "حقيقة شكل و محتوى دستور كل منظومة سياسية في مدى خدمته لخير كل أفرادها و مشاركتهم المباشرة في صياغته و في اتخاذ قرارات تقرير المصير" . و هذا يعني حسب ماركس أن كل منظومة سياسية "لديها الديمقراطية لحقيقتها ، ولهذا السبب فهي خاطئة بالدرجة التي هي ليست فيها ديمقراطية" مثلما يوضح لنا ماركس على نحو ساطع . و عليه فإن مقولة البرجوازي المعادي للماركسية الدكتور توما حميد المحترم :
"ليس للديمقراطية مكان في منظومتنا الشيوعية."
التي تنفي نفياً تاماً أي وجود للديمقراطية في حشعا و حشعع ، إنما تثبت على نحو قاطع كون هذا الحزب الثنائي البرجوازي المعادي للماركسية : " خاطئ كلياً لنفية الكلي للديمقراطية " مثلما يقول لنا ماركس . إنه يثبت "حرية معاداة الديمقراطية" فيه بكل معنى الكلمة مثلما يتبجح الدكتور توما حميد المحترم بالفم المليان . و من المعلوم أن حرية معاداة الديمقراطية هي الوجه الآخر لما يسميه ماركس في هذا النص بـ " ديمقراطية اللاحرية " المميزة للدول في العصور الوسطى . إذن حشعا و حشعع – باعتراف الدكتور توما حميد المحترم الطوعي - إنما هما الوجه الآخر المستحدث للمنظومة السياسية للقرون الوسطى في القرن الواحد و العشرين . سأعود لهذه النقطة .
نص ماركس [[العبارات بين قوسين كبيرين مزدوجين لي - المترجم]] :
[[نص لهيجل مقتبس من طرف ماركس]]
"إذا كانت عبارة "سيادة الشعب" تُفهم على أنها الشكل الجمهوري للحكومة ، أو على نحو أخص... الشكل الديمقراطي ، فعندئذ ... مثل هذا الرأي لا يمكن مناقشته أكثر في وجه الفكرة العليا للدولة في تطورها الكامل ."
[[انتهى نص هيجل]]
"هذا صحيح بالتأكيد إذا كان لدى المرء مثل هذه الفكرة فقط و ليست لديه فكرة متطورة عن الديمقراطية .
الديمقراطية هي حقيقة الدولة المَلَكية ، و لكن الدولة المَلَكية ليست هي حقيقة الديمقراطية . الدولة المَلَكية هي بالضرورة ديمقراطية تتناقض مع نفسها ، في حين أن اللحظة المَلَكية لا تتعارض مع الديمقراطية . و في الوقت الذي يمكن فيه فهم الديمقراطية استناداً لشروطها الذاتية ، فإنه لا يمكن ذلك بالنسبة للمَلَكية . في الديمقراطية ، لا تحظى أي لحظة من اللحظات بأهمية إلا بما يليق بها . كل واحدة من هذه اللحظات هي في الحقيقة مجرد لحظة للشعْب كله . في النظام الملكي ، يحدد طرف واحد طبيعة الكل : يجب تعديل الدستور بأكمله وفقًا للرأس الثابت . الديمقراطية هي الدستور العام ؛ أما النظام المَلَكي فهو نوع واحد ، وهو في الواقع نوع بائس . الديمقراطية هي محتوى و شكل . لذا يجب على المَلَكية أن تكون شكلاً فقط للديمقراطية ، لكنها تغش في المحتوى .
إن الانسان لا يكون موجوداً بسبب القانون ، بل أن القانون موجود لخير الإنسان . الديمقراطية هي كينونة بشرية [[بتوكيد ماركس على عبارة "كينونة بشريٍة"]] ، أما في الاشكال السياسية الأخرى فليس للإنسان سوى كينونة قانونية [[بتوكيد ماركس على عبارة "كينونة قانونية"]] . ذلك هو الاختلاف الأساسي للديمقراطية .
في النظام المَلَكي ، يصنف الكُل ، الشَعْب ، ضمن أحد أنماط وجوده بالدستور السياسي ؛ أما في الديموقراطية ، فإن الدستور لا يظهر نفسه إلا كتقرير واحد ، ويظهر في الحقيقة كتقرير للشعب لمصيره . في النظام الملكي لدينا شعب الدستور ، وفي الديمقراطية دستور الشعب. الديمقراطية هي لغز جميع الدساتير . هنا يعود الدستور ، ليس فقط في حد ذاته ، وفقًا للجوهر ، ولكن وفقًا للوجود والواقع إلى أرضيته الحقيقية ، إلى الإنسان الفعلي ، الشعب الفعلي ، ويؤسَّس كعمل خاص بالشعب . يظهر الدستور كما هو ، المنتَج الحر للإنسان. يمكن للمرء أن يقول أن هذا ينطبق أيضًا على بعض جوانب الملكية الدستورية ؛ فقط الاختلاف المحدد للديمقراطية هو أن الدستور هنا بشكل عام هو لحظة واحدة فقط من وجود الشعب ، أي أن الدستور السياسي لا يشكل الدولة لنفسه .
ينطلق هيجل من الدولة ، ويجعل الإنسان هو الدولة المشخصة ؛ غير أن الديمقراطية تبدأ بالإنسان وتجعل من الدولة هي الشخص الموضوعي . فكما أن الدين ليس هو الذي يخلق الإنسان بل إن الإنسان هو الذي يخلق الدين ، فكذلك ليس الدستور هو الذي يخلق الشعب بل إن الشعب هو الذي ينشئ الدستور . من ناحية معينة ، فإن الديمقراطية بالنسبة لجميع أشكال الدولة الأخرى هي كالمسيحية بالنسبة لجميع الأديان الأخرى . و مثلما أن المسيحية هي الدين المستخلص - جوهر الترياق الذي يؤله الإنسان على شكل دين معين ، بنفس الطريقة فإن الديمقراطية هي الجوهر لكل دستور سياسي ، هي الإنسان الاجتماعي في شكل دستور معين للدولة . و هذا الدستور يرتبط مع الدساتير الأخرى كجنس لنوعها ، حيث يُظهِر الجنس نفسه كأنه موجود فقط لمعارضة كل تلك الأنواع الأخرى الموجودة و التي لا تتوافق مع هذا الجوهر . إن الديمقراطية تتعلق بجميع أشكال الدولة الأخرى مثل تعلق العهد القديم بالأديان [[الإبراهيمية]] الأخرى . لا يوجد الإنسان بسبب القانون بل أن القانون موجود لخير الإنسان . الديمقراطية هي الوجود البشري ، بينما في الأشكال السياسية الأخرى ليس للإنسان سوى وجود قانوني فقط . هذا هو الاختلاف الأساسي للديمقراطية .
جميع أشكال الدولة المتبقية هي أشكال معينة ومحددة وخاصة للدولة . في الديمقراطية ، المبدأ الرسمي هو في نفس الوقت المبدأ المادي . لهذا السبب فهي أول وحدة حقيقية بين العام والخاص . في النظام الملكي على سبيل المثال ، أو في الجمهورية باعتبارها مجرد شكل محدد آخر من أشكال الدولة ، يتمتع الشخص السياسي بوجوده الخاص والمنفصل إلى جانب الشخص الخاص غير السياسي . تظهر هنا المِلْكية ، والعقد ، والزواج ، والمجتمع المدني (تمامًا كما طورها هيجل تمامًا لأشكال مجردة من الدولة ، باستثناء أنه يقصد تطوير فكرة الدولة) باعتبارها أنماطًا خاصة للوجود جنبًا إلى جنب مع الدولة السياسية ؛ أي أنها تظهر على أنها المحتوى الذي ترتبط به الدولة السياسية على أنها شكل منظم ، أو في الحقيقة فقط على أنها الذكاء المحدد والمحدود الذي يقول تارة "نعم" وتارة "لا" بدون أي محتوى خاص به . في الديمقراطية ، فإن الدولة السياسية ، كلما وُضعت جنبًا إلى جنب مع هذا المحتوى المختلفة عنه ، هي نفسها مجرد محتوى معين ، مثل شكل معين من أشكال وجود الشعب. في المَلَكية ، على سبيل المثال ، هذا الكيان المعين ، الدستور السياسي ، له معنى الكوني الذي يحكم ويحدد جميع التفاصيل. في الديمقراطية ، تكون الدولة خاصة فقط ، وبصفتها عالمية ، فهي عالمية حقيقية ، أي أنها ليست شيئًا محددًا بالتمييز عن المحتوى الآخر. لقد تصورها الفرنسيون الحديثون على هذا النحو: في الديمقراطية الحقيقية تختفي الدولة السياسية [der politische Staat untergehe]. هذا صحيح من حيث كونها دولة سياسية ، فهي من حيث المبدأ لم تعد معادلاً لكل الشعب .
في جميع الدول المتميزة عن الديمقراطية ، تسود الدولة والقانون والدستور دون أن يحكم فعلاً ، أي أنه يتغلغل ماديًا في محتوى المجالات غير السياسية المتبقية . في الديمقراطية ، فإن الدستور والقانون والدولة ، بقدر ما هي دستور سياسي ، هي في حد ذاتها مجرد تقرير لمصير الشعب و المضمون المحدد للشعب.
علاوة على ذلك ، من الواضح أن جميع أشكال الدولة لديها الديمقراطية لحقيقتها ، ولهذا السبب فهي خاطئة بالدرجة التي هي ليست فيها ديمقراطية.
في الدولة القديمة شكلت الدولة السياسية محتوى الدولة ، مع استبعاد المجالات الأخرى ؛ أما الدولة الحديثة هي التوافق بين الدولة السياسية وغير السياسية.
في الديمقراطية ، فإن الدولة المجردة لا تعود هي لحظة الحكم . حتى الصراع بين الملكية والجمهورية يبقى في حد ذاته صراعًا داخل الشكل المجرد للدولة . الجمهورية السياسية [- أي الجمهورية كدستور سياسي فقط -] هي ديمقراطية في الشكل المجرد للدولة . ومن هنا فإن شكل الدولة المجرد للديمقراطية هو الجمهورية . لكن هنا [في الديمقراطية الحقيقية] لا تعود الديمقراطية مجرد دستور سياسي .
إن المِلْكية ، وما إلى ذلك ، باختصار ، المحتوى الكامل للقانون والدولة ، مع التعديل الطفيف ، هو نفسه في أمريكا الشمالية كما هو في بروسيا. هناك ، تبعاً لذلك ، الجمهورية هي مجرد شكل من أشكال الدولة كما هو الحال هنا في النظام الملكي . أما محتوى الدولة فيقع خارج هذه الدساتير . ومن هنا يكون هيجل على حق عندما يقول أن الدولة السياسية هي الدستور ، أي أن الدولة المادية ليست سياسية . ما يتحقق هنا هو مجرد الهوية الخارجية فقط ، والتحديد المتبادل . لقد كان من أصعب الأمور تشكيل الدولة السياسية ، الدستور ، من بين مختلف لحظات حياة الشعب. و تم تطويره كسبب عالمي في مقابل المجالات الخاصة الأخرى ، أي كشيء معارض لها . ثم تمثلت المهمة التاريخية في تكرار هذ الصراع >بين المجالات الحاصة و الدستور . لكن المجالات الخاصة ، بفعلها ذلك ، لا تدرك حقيقة أن جوهرها الخاص يتراجع فيما يتعلق بالجوهر المعاكس للدستور ، أو الدولة السياسية ، وأن وجودها المقابل ليس سوى التأكيد على اغترابها نفسه . لقد بات الدستور السياسي حتى الآن هو المجال الديني ، هو دين الحياة الشعبية ، هو جنة عالميتها في مواجهة الوجود الأرضي لواقعها. و أمسى المجال السياسي هو المجال الوحيد للدولة داخل الدولة ، وهو المجال الوحيد الذي يكون فيه المحتوى ، مثل الشكل ، هو محتوى الأنواع ، هو الكوني الحقيقي . ولكنه في نفس الوقت و بطريقة تعارضه مع المجالات الخاصة الأخرى ، فقد أصبح محتواه هو الآخر رسميًا وخاصًا أيضًا . إن الحياة السياسية بالمعنى الحديث هي مدرسة الحياة الشعبية . و المَلَكية هي التعبير الأمثل عن هذا الاغتراب. أما الجمهورية فهي النفي لهذا الاغتراب داخل مجالها الخاص . من الواضح أن الدستور السياسي بحد ذاته قد اكتمل للمرة الأولى عندما حققت المجالات الخاصة وجودها المستقل . فحيثما كانت التجارة و ملكية الأرض ليست حرة ، وليست مستقلة بعد ، لم يكون يوجد أيضًا الدستور السياسي . كانت العصور الوسطى هي عصور ديمقراطية اللاحرية .

إن تجريد الدولة بهذا الشكل ينتمي فقط إلى العصر الحديث لأن تجريد الحياة الخاصة لا ينتمي إلا إلى العصر الحديث. إن تجريد الدولة السياسية هو نتاج حديث .
في العصور الوسطى ، كان هناك الأقنان ، و المِلْكية إقطاعية ، و النقابات التجارية ، و جماعات العلماء ، وما إلى ذلك ؛ أي أن الملكية والتجارة والمجتمع والإنسان في العصور الوسطى كانت سياسية ؛ و تم تحديد المحتوى المادي للدولة بسبب شكلها ؛ و كان لكل مجال خاص طابعه السياسي أو كان مجالًا سياسيًا ، أو مرة أخرى ، كانت السياسة أيضًا سمة المجالات الخاصة . كان الدستور السياسي في العصور الوسطى هو دستور المِلْكية الخاصة ، ولكن فقط لأن دستور الملكية الخاصة كان دستورًا سياسيًا. في العصور الوسطى كانت الحياة الشعبية والدولة -أي السياسية – متطابقين . كان الإنسان هو المبدأ الفعلي للدولة ، لكنه كان رجلاً غير حر . لذا ، فقد كانت تلك هي ديمقراطية عدم الحرية ، الاغتراب المحقق . إن المعارضة المجردة المنعكسة بين الحياة الشعبية والدولة ، أو الحياة السياسية تنتمي فقط إلى العصر الحديث. كانت العصور الوسطى هي عصور الثنائية الفعلية ، أما العصر الحديث فهو عصر الثنائية المجردة .
[[نص لهيجل]]
"في المرحلة التي يتم فيها تقسيم الدساتير ، كما ذكرنا سابقًا ، إلى ديمقراطية ، وأرستقراطية ، وملكية ، فإن وجهة النظر التي يتم اتخاذها هي تلك الوحدة التي لا تزال جوهرية ، والالتزام بذاتها ، دون الشروع بعد في تمايزها اللامتناهي و الغوص في أعماقها . في هذه المرحلة ، فإن لحظة القرار الإرادي الأبوي لتقرير المصير لا تظهر على المشهد علانية في تحققها الحكيم المناسب كلحظة عضوية ملازمة في الدولة . [ملاحظة على § 279]
[[انتهى نص هيجل]]
في المَلَكية المباشرة والديمقراطية والأرستقراطية ، لا يوجد حتى الآن دستور سياسي يميز عن الحالة المادية الفعلية أو عن المحتوى المتبقي للحياة الشعبية . لم تظهر الدولة السياسية بعد كشكل من أشكال الدولة المادية . إما ، كما هو الحال في اليونان ، كانت الجمهورية العامة هي الاهتمام الخاص الفعلي ، هي المحتوى الحقيقي للمواطنين ، أما الرجل الخاص فقد كان عبداً ، أي أن الدولة السياسية كسياسة كانت هي المحتوى الحقيقي والوحيد لحياة المواطن ولإرادته ؛ أو ، كما هو الحال في الاستبداد الآسيوي ، لم تكن الدولة السياسية سوى الإرادة الخاصة لشخص واحد ، وكانت الدولة السياسية ، مثل الدولة المادية ، عبودية . إن ما يميز الدولة الحديثة عن تلك الدول التي يتم فيها الحصول على وحدة جوهرية بين الشعب والدولة ليس أن اللحظات المختلفة للدستور تتشكل إلى واقع معين ، كما أراد هيجل ، بل بالأحرى أن الدستور نفسه قد تم تشكيله في الواقع الخاص جنبًا إلى جنب مع الحياة الحقيقية للشعب ، فأصبحت الدولة السياسية دستورًا لبقية الدولة. "
انتهى المقتبس من نص ماركس .
يتبع ، لطفاً .