خميس والبقرى مناضلين حتى الشهادة !


حسن مدبولى
2021 / 4 / 29 - 08:48     

يوم السابع من سبتمبر عام 1952 تم تنفيذ حكم الإعدام فى عاملين بسيطين من عمال شركة مصر للغزل والنسيج بمدينة كفر الدوار ، وهما محمد مصطفى خميس( 19 عاما) وزميله محمد عبد الرحمن البقري(17 عاما) وذلك بسبب إضرابهما عن العمل ومشاركتهما في وقفة احتجاجية للمطالبة بتحسين أحوال العمال ؟
و يعود أصل الحكاية إلى أن إدارة شركة الغزل بكفر الدوار قامت فى 12 أغسطس عام 1952 بنقل مجموعة من العمال من مدينة كفر الدوار إلى مدينة كوم حمادة بدون أسباب حقيقية أو جرم إرتكبه هؤلاء العمال سوى مطالبتهم بتحسين ظروف العمل، وتصور بعض زملائهم بأن ذلك النقل التعسفى هو نوع من تصفية الحسابات، فثاروا وقرروا الإضراب لحين تحقيق بعض المطالب العادلة، منها رفض نقل زملائهم تعسفيا ،وتحسين الأجور والحوافز والإهتمام بتنمية وتطوير الأحوال الإجتماعية والمعيشيةللعمال ،وقد تصور العمال وقتها أن مصر ما بعد 23 يوليو ستهب عن بكرة أبيها لمساندتهم وإزالة الظلم الواقع عليهم وعلى زملائهم المنقولين ، لكن العمال الغلابة فوجئوا برد فعل عنيف لم يحدث حتى فى أسوأ عصور الملكية ، حيث قامت قوات الأمن بمحاصرة المصنع ، وإقتحامه، و قتلت أحد العمال بداخله، وحاصرت عددا منهم ، فخرج بعض العمال غير المحاصرين ، ومعهم بعض الاهالى ، بمسيرة غاضبة أمام أبواب المصنع كرد فعل طبيعى على عمليات القتل والتنكيل، وبدأوا فى إعتصام تضامنى مع زملائهم ، لكن قوات الأمن التى تحاصر المكان تصدت لهم بشدة وسارعت بإستخدام القوة الغاشمة ضدهم ، وحدثت إشتباكات عنيفة بين الطرفين انتهى على أثرها الإعتصام بعد اعتقال أكثر من خمسمائة من المتظاهرين،ومقتل أربعة عمال، وجنديين من القوات الحكومية، وإصابة الكثيرين ، كما إنتشرت الدبابات والعربات المصفحة بكافة أنحاء المدينة،وتم إحكام الحصار عليها ، وعقدت محاكمة عاجلة للمقبوض عليهم، ومن بينهم خميس والبقرى ،وسط أجواء معادية، تفتقر إلى أبسط قواعد العدالة ،و تقول بعض المصادر أن المتهمين طالبوا أثناء المحاكمة بتوفير الحقوق الخاصة بهم كمتهمين،ومنها على الأقل وجود من يدافع عنهم، وتسائلوا عن كيفية عقد محاكمة بدون محامى؟ فقام القاضى المكلف بالمحاكمة بالإستفسار من جمهور الحاضرين عن وجود محامى بينهم ، و يقال إنه تصادف حينها وجود الصحفى موسى صبرى الذى ترأس تحرير الأخبار فيما بعد وأصبح إعلاميا شهيرا ، وكان حاصلا على ليسانس الحقوق ، فتم تكليفه بالدفاع عن العمال البؤساء ، والمضحك وكما نقله أكثر من مصدر أن السيد موسى صبرى( المحامى -الصحفى ) دافع عن العمال بخطبة عصماء تسببت فى إدانتهم أكثر مما أفادتهم ؟
وقد إستمرت المحاكمة لمدة أربعة أيام ، دون أدلة أو دفاع حقيقى،ليتم فى نهايتها الحكم بإعدام كل من خميس والبقرى شنقا وسجن عدد آخر ، فى حين وافق مجلس قيادة الثورة فورا علي تلك الأحكام المشينة مبررين ذلك بضرورة ردع أى تمرد، وحتى لا يجرؤ أحد علي تكرار ما حدث ؟؟
ولم يراعوا وهم يصدقون على تلك الأحكام أن العامل الفقير صغير السن محمد البقري، كان يعول خمسة أفراد مقعدين من عائلته وأم معدمة كانت تبيع الفجل لتساعده؟
فتم تنفيذ الإعدام على الشهيدين في بسجن الحضرة بالإسكندرية، وسط حزن وحسرة الأسر والعائلات المكلومة، وصدمة زملائهم من الذين تفائلوا بانتصار الثورة ، فيما كانت التناقضات المصرية العتيدة حاضرة وبقوة فى أعين وكلمات وتعبيرات الصامتين والمغيبين و الشامتين والمؤيدين والمحرضين ؟