المنافسة الرأسمالية وأساليب الهيمنة الدولية


لطفي حاتم
2021 / 4 / 23 - 16:00     

- يشترط قانون التطور المتفاوت المتلازم وتطور أسلوب الإنتاج الرأسمالي نهوض مراكز رأسمالية كبرى وتراجع دول رأسمالية أخرى فضلاً عن تعرض دول وطنية للتخريب والالحاق وما ينتجه ذلك من توترات سياسية وعقوبات اقتصادية دولية الامر الذي يعرض السلام العالمي الى مخاطر كثيرة.
اعتماداً على فعالية قانون التطور المتفاوت وتأثيره على العلاقات الدولية نعمد الى دراسة أساليب الهيمنة التي تنتهجها المراكز الرأسمالية الكبرى.
أولا – أساليب الهيمنة الدولية.
- تتميز العلاقات الدولية الجديدة بتنامي قوة الاقتصاد الصيني وعودة الدولة الروسية الى مسرح العلاقات الدولية الامر الذي حفز الولايات المتحدة الى استخدام جملة من الإجراءات الاستباقية بهدف كبح نهوض دول رأسمالية جديدة وتأبيد وحدانية هيمنتها الدولية.
- واستنداً الى ذلك تنتهج الولايات المتحدة سياسة العقوبات الاقتصادية –والتدخلات العسكرية ضد الدول الرافضة لنهوجها التسلطية فضلا عن كثرة من الأساليب الكابحة لتطور العلاقات الدولية نسعى الى تسليط الضوء على أهمها --
1- استخدام العقوبات الدولية.
تعمد الولايات المتحدة الى فرض العقوبات الاقتصادية ضد الدول المنافسة لها والرافضة لسيطرتها الدولية وبهذا السياق أفضت العقوبات الاقتصادية الى حزمة من الاضرار الاقتصادية - الاجتماعية أهمها -
-تراجع النمو الاقتصادي وتعثر تطور بناء التشكيلات الاجتماعية وما ينتجه ذلك من نزاعات داخلية.
- جنوح الدولة الوطنية نحو سياسية استبدادية ناهيك عن تنامي النزعات الارهاب عند بعض الفصائل السياسية.
- تكاثر النزاعات الوطنية المناهضة لسياسة الدولة الارهابية وأساليب اجهزتها القمعية.
-- تراجع مواقع الطبقات الاجتماعية وتعثر تطور أبنيتها الاقتصادية وما ترافق معها من اعتماد أساليب قمعية ضد الحركات الشعبية المناهضة لسياسة الدولة الاستبدادية.
2- تخريب الاقتصادات الوطنية.
تسعى العقوبات الاقتصادية الى محاصرة وتخريب الاقتصادات الوطنية عبر كثرة من الأساليب الدولية منها تحريم التعاون بين الشركات الدولية والشركات الوطنية، ومنها تعطيل مساهمة الشركات الاحتكارية في الاقتصادات الوطنية ومنها تخريب المشاريع الإنتاجية المشتركة مع الدول والشركات الدولية.
3- هيمنة دولية استبدادية.
- تقود العقوبات الاقتصادية الى الهيمنة الدولية لدول المراكز الرأسمالية وتشجيع القوى السياسية المناهضة للأنظمة الوطنية فضلاً عن احتضانها الطبقات الفرعية ومساندة برامجها السياسية وما يمثله ذلك من اثار سلبية على الانظمة الوطنية.
4- تشجيع الانقلابات العسكرية.
تسعى المراكز الرأسمالية الكبرى الى تشجيع الانقلابات العسكرية ضد النظم الوطنية فضلا عن مباركتها لإرهاب المنظمات السلفية المناهضة لسياسة الدول الوطنية.
5- اثارة النزاعات الإقليمية.
تهدف الحصارات الاقتصادية الى منع الدول الوطنية من التعاون فيما بينها لغرض انجاز المشاريع الوطنية المشتركة وما يجره ذلك من تخريب للاقتصادات الوطنية وتعطيل تعافي العلاقات الإقليمية والدولية.
ثانيا –وحدة العالم والتحالفات الدولية.
تثير العولمة الرأسمالية كثرة من المصاعب السياسية -الاقتصادية وما تنتجه من تنامي حزمة من التحالفات الدولية المناهضة لسياسية المراكز الرأسمالية وما أفرزه ذلك من انقسام عالمنا المعاصر الى ثلاث كتل سياسية كبرى نجدها في -
1- المراكز الرأسمالية المعولمة.
المتمثلة في الولايات المتحدة الامريكية وروحها الأممية العابرة للمصالح الوطنية والقومية والمتحالفة مع بريطانيا وكندا.
2 – الدول الرأسمالية الاحتكارية.
المتلحفة بأغطية قومية بهدف الدفاع عن مصالحها الوطنية وبهذا المسار يحتل الاتحاد الأوربي مكانا هاماً في السياسية الدولية رغم ان جائحة كرونا بينت ان القوى الاتحاد الرئيسية– ألمانيا - فرنسا – اسبانيا - فضلت مصالحها الوطنية على مصالح أعضاء التحالف الاوربي.
3 – الدول الوطنية
تحتل الدول الوطنية المستوى الثالث في العلاقات الدولية وتشكل تنميتها الوطنية وتطورها الاقتصادي محوراً أساسياً في صراع السياسة الدولية.
- بهذا السياق يمكننا تحديد ظاهرتين دوليتين لافتتين في العلاقات الدولية أولهما المنافسة الرأسمالية بين التحالفات الدولية لغرض السيطرة على أسواق الدول الوطنية. وثانيهما انتقال مركز الحركة المناهضة للرأسمالية المعولمة وسياسة الاحتكارات الدولية الى الدول الوطنية.
- ان التعارضات بين مستويات تطور الدول الرأسمالية واشكال تحالفاتها الدولية أدى الى اصطفافات في العلاقات الدولية يمكن ايرادها بالدالات التالية -
- الاصطفاف الأوروبي.
- التحالف الأوربي اعتمد على جمع دول القارة الاوربية والعمل على تنميتها الاقتصادية رغم التعارضات السياسية التي تظهر احيانا في سياسة دول الاتحاد الخارجية.
-- التعاون الروسي – الصيني.
- يتطور التعاون الروسي -الصيني رغم سياسة العزل والعقوبات الاقتصادية والتدخل في الشؤن الوطنية الذي تنهجها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوربي.
--استناداً الى ذلك تؤكد اتجاهات تطور السياسة الدولية على تعايش وتناقض تكتلات اقتصادية كبرى تتمثل بتحالف امريكي بريطاني كندي وتحالف ثاني يتجسد بدول الاتحاد الأوربي في حين يتشكل التحالف الثالث من الصين وروسيا وما يفرضه من توافقات سياسية دولية لإعادة بناء العلاقات الدولية على قوانين التوازن والمصالح الدولية المشتركة.
– اصطفاف الدول الوطنية المناهضة للهيمنة والتخريب.
تشير السياسة الدولية الى ان مركز الحركة المناهضة لسياسة الهيمنة الدولية المبنية على الحصارات والعقوبات الاقتصادية والعزل الدولي انتقل الى دول المستوى الثالث من التشكيلة الرأسمالية العالمية.
-- الصراعات الدولية الراهنة تتركز بخطين أساسيين يتمثل الاول منهما بمناهضة نهوج العولمة العابر للقوميات والمصالح الوطنية أما الخط الثاني فيتمثل بالكفاح الهادف الى دمقرطة العلاقات الدولية وموازنة مصالح دول التشكيلة الرأسمالية العالمية.
ثالثاً - بناء علاقات دولية ديمقراطية.
ان تأثير العوامل الدولية على العلاقات الوطنية اصبحت ظاهرة جديرة بالاهتمام وبهذا فان العلاقات الوطنية تترابط والعلاقات الخارجية استناداً على الموضوعات التالية --
1—تتلخص دمقرطة العلاقات الدولية بموازنة المصالح الوطنية لدول تشكيلة العالم الرأسمالية.
2- موازنة المصالح الدولية تتطلب موازنة المصالح الطبقية في التشكيلات الوطنية بمعنى لا يمكن بناء علاقات دولية ديمقراطية دولية ما لم تنعكس على العلاقات الطبقية - الوطنية.
3- بناء علاقات دولية ديمقراطية مناهضة للهيمنة الكسموبولوتية وساعية الى حماية المصالح القومية والوطنية لدول التشكيلة العالمية الرأسمالية.
4-- تحريم التدخلات السياسية – العسكرية بالشؤن الداخلية للدول الوطنية.
5- تطوير التعاون الدولي المشترك ضد الأخطار المتمثلة بانتشار الأوبئة ومكافحة التغيرات الجغرافية فضلا عن مكافحة اشكال الجرائم الدولية.
ان تشديد التعاون بين المستويات الثلاث لدول التشكيلة الرأسمالية المعولمة ودول الاتحاد الأوربي والدول الوطنية كفيل بصيانة العالم من كثرة من السياسات السلبية والمتمثلة بسياسة الهيمنة والتدخلات العسكرية وسيادة الأنظمة الاستبدادية.