ستالين المخدوع!!


عبد المطلب العلمي
2021 / 4 / 23 - 15:34     

نشر كريم الزكي امس مقالا زعم فيه ان هتلر خدع ستالين و ان الحرب كانت مفاجئه للجيش و للقياده السوفياتيه. و بما ان امكانيه التعليق على المقال غير متاحه ، سوف احاول تفنيد جل ما جاء في ذلك المقال.المقال المذكور و بما يحتويه من توصيف مسئ لستالين ليس فقط اسائه لفظيه للقائد بل للحزب و الشعب السوفياتي الذي خنع كما يُزعم للقيصر ستالين .
يبدوا ان المقال اعتمد على احدى حلقات برنامج أر تي باللغه العربيه او على كتاب اسرار الحرب لبندرينكو،و اعتقد ان الاحتمال الاول هو الاصح حيث ان الكتاب لم يترجم الى لغات اخرى .هنا و بدل الاعتماد على فانتازيات سواء أر تي او بوندارينكو ،سأعود الى بروتوكول اجتماع المكتب السياسي في ايار 1941 حيث يقول ستالين (يتفاقم الوضع كل يوم ، ومن المحتمل جدًا أن نتعرض لهجوم مفاجئ من ألمانيا النازية..... لهذا ، فإن إبرام اتفاق عدم الاعتداء مع ألمانيا كان هو الخطوة السياسية الصحيحة من جانبنا.هذا أعطانا فترة الراحة اللازمة لإعداد البلاد للدفاع بشكل أفضل ، وسمح لنا بتقسيم جبهة ميونيخ الامبرياليه المتمثله ب ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ، والتي كانت موجهة ضدنا.) . فهل من لم يتوقع الحرب يتحدث عن هجوم مفاجئ و عن ميزات معاهده عدم الاعتداء.
إن ما جاء في المقال حول الجاسوس الذي كان يعمل في قياده الاركان الالمانيه ليس صحيحا. الجاسوس كان يعمل في وزاره الخارجيه الالمانيه و تقريره يشير الى ان الحرب سوف تكون في اذار على شرط ان يتمكن الالمان من احتلال انجلترا قبل ذلك. اما جاسوس اخر فقد اكد في تقريره أن الحرب ستبدأ في 14 ايار بضربة عبر فنلندا ودول البلطيق ورومانيا.وأشار من أحال هذا التقرير إلى ستالين ، إلى أن هذه المعلومات على الأرجح خاطئة و هدفها التحقق من رده فعل الاتحاد السوفييتي. و كما نعلم بدأت الحرب بعد ذلك التاريخ بكثير واتجاه الضربة الرئيسية كان مختلفا ، عبر بيلوروسيا و ليس من جهه البلطيق و رومانيا و فلندا.
هنا و قبل التطرق الى باقي التقارير التي يزعم كاتب المقال او من نقل عنهم ان ستالين لم يهتم بها ، يجب الاشاره الى انه كانت هناك معاهده دفاع مشترك بين اليابان و المانيا ،تلزم الطرفين بالدخول الى الحرب اذا ما تم الاعتداء على اي منهما .هذا يعني انه في حال قام الاتحاد السوفياتي بضربه استباقيه على المانيا سوف تدخل اليابان الحرب الى جانب المانيا ،اي ان الاتحاد السوفياتي سيكون مجبرا على خوض الحرب على جبهتين. حتى ان اعلان التعبئه العامه يمكن تفسيره كخطوه على طريق بدء الحرب . و بالعوده لمذكرات مولوتوف الذي استلم مذكره بدء الحرب من السفير الالماني نجد ان سبب اعلان الحرب حسب المذكره(التي اعلن السفير انه شخصيا غير موافق على فحواها)[ بالنظر إلى النسبة التي لا تطاق من التهديد الذي تشكل على الحدود الشرقية لألمانيا، بسبب التركيز الضخم والتحضيرات من قبل قوات الجيش الأحمر ، تعتبر الحكومة الألمانية نفسها مضطرة إلى اتخاذ إجراءات مضادة عسكرية على الفور.].
لذلك فإن جوكوف في اجتماع المكتب السياسي المشار اليه اعلاه يشير (منذ نهاية شهر اذار من هذا العام ، تم استدعاء 800 ألف شخص من الاحتياط لدعم القوات. و في نيسان 1941 ، تم اقرار نظام التأهب الأقصى لزمن الحرب ، لكن دون اعلان التعبئه العامه لن نتمكن من زياده تعداد الجيوش.) . ثم يشير الى الوضع في المصانع الحربيه كل نوع من المنتوجات على حدى و اماكن الضعف و ضروره اصلاحها استعدادا للحرب المرتقبه ثم يشير الى وضع الجسور و الطرق و السكك الحديديه و امكانياتها الاستعابيه و ضروره تقويه بعض الجسور لتمكين المعدات الثقيله من اجتيازها و يعرج على انظمه الاتصالات الخ.فهل هذا العسكري لم يكن يستعد للمعركه؟. و في نهايه الاجتماع يضع ستالين توجيهات محدده لكل مسؤول للاستعداد للحرب مطالبهم بان يرفعوا اليه مباشره التقارير عن سير العمل لانجاز مهماتهم .
ما اثار اشمئزازي حقا الفقره التاليه ( قائد عصابة تسمى عصابة باكو / عمل ستالين في منطقة باكو النفطية والتي كانت المصدر الأساسي للنفط في روسيا والعالم قبل الثورة / كان يسطوا على البنوك / ). في الفتره المشار اليها كان ستالين المفوض العام للحزب في منطقه القفقاس و عضو اللجنه المركزيه للحزب . هذا يعني ان الكاتب يعتبر الحزب عصابه و قائدها ستالين . مع العلم انه حينها قام بتنظيم اول اضراب لعمال النفط اسفر عن توقيع اتفاقيه جماعيه بين العمال و الاداره يحدد ظروف العمل و الاجور.طبعا هذا هو مجال عمل العصابات . اما السطو على البنوك ،فلم يحصل اطلاقا ، يشير البعض و بما فيهم كروبسكايا انه و بتوجيه من المركز و بسبب شحه الدعم المالي من الامميه الثانيه تم مهاجمه احدى عربات نقل الاموال تحت قياده تير بيتروسيان و بتخطيط من ستالين و حدث ذلك في تفليس و ليس في باكو ، و تم تهريب المال الى فرع الخارج و هناك تفاصيل كثيره حول الموضوع لا ارى داع لايرادها هنا.
اما بخصوص رساله هتلر الى ستالين ،فلم اجهد نفسي بالبحث عن اصلها و على فرض انها صحيحه فهذا لا يعني ان ستالين خُدع بها فلا يوجد اي اشاره لذلك بل على العكس هناك كثير من الاشارات الى ان التحضير للحرب كان على قدم و ساق.
الاوركسترا الحمراء ( شبكة مناهضة للفاشية كانت تعمل في جميع أنحاء أوروبا ) أرسلت عده تقارير تشير فيها الى تواريخ مختلفه لبدء الحرب. في أوائل اذار، أرسلت اخباريه مفادها أن الألمان سيهاجمون في الربيع. ثم اكدوا ان الحرب ستبدأ في 15 نيسان و من ثم في 20 ايار.بعد موجة من التقارير المضلله ، اتت عدة إرساليات صادقة. إرساليه 11 حزيران افادت أن خطه الهجوم على الاتحاد السوفياتي قد تم إقرارها نهائيا ،لكن دون مزيد من التفاصيل. جاءت هذه الارساليه بالضبط في اليوم التالي بعد الأمر العسكري إلى القوات الألمانية المتضمن تاريخ الهجوم في 22 حزيران.و في 17 حزيران ، أبلغت الاوركسترا أن الاستعدادات العسكرية للألمان قد اكتملت ، ويمكن توقع الهجوم في أي وقت .و في 18 حزيران اي في اليوم التالي بعد ان وصل الى ستالين تقرير الاوركسترا الحمراء ، بدأت الوحدات الحدودية فقط في الليل الخروج من الثكنات إلى مناطق الإرتكاز. حيث بدأوا في حفر الخنادق و اعمال التمويه.ولكن فهم أن الحرب كانت على وشك أن تبدأ ، جاء في وقت متأخر مساء 21 حزيران ، عندما بدأ حرس الحدود ارسال تقارير عن قيام القوات الألمانية بالتحضير لهجوم ، وهذا ما اكدته ايضا الأستخبارات العسكريه من خطوط الجبهه.أبلغ جوكوف ستالين بهذا ، وفي 22 حزيران في الساعة 0:30 صباحًا ، تم ارسال التوجيه العسكري بشأن الاستعداد القتالي الكامل إلى قوات جميع المناطق الحدودية،و ورد في التوجيه ان المانيا سوف تهاجم الاتحاد السوفييتي إما 22 او 23 حزيران ،و ضروره عدم الرد على الاستفزازات و البدء في اطلاق النار لحظه تجاوز الحدود.
كان تاريخ بدء الحرب ، قبل يوم أو بعد يومين، أقل أهمية في ذلك الوقت من معرفة المكان الذي ستتوجه منه الضربه. للأسف ، أصبح اتجاه الضربه معروفًا بعد فوات الأوان ، قبل بضع ساعات فقط من الهجوم. كان هناك الكثير من التقارير حول تاريخ الهجوم ، احتوت التقارير في الغالب على تواريخ متناقضه ،و من بينها بالمناسبة ، لم يتم تحديد يوم 22 حزيران،إلا في اليوم الأخير اي 21 حزيران ، عندما لم يكن من الممكن تغيير إلا القليل. فهل هذا يعني ان ستالين وثق برساله هتلر؟.
اما ما جاء في نهايه المقال عن حديث ستالين مع ابنته سفتلانا ، فلا اثق به كليا ،فكيف يمكن الوثوق بما يسرده شخص دخل السفاره الامريكيه طلبا لجوئا سياسيا و كتب من امريكا مذكراته.