ليس كل ما يلمع ذهب!


محمد مسافير
2021 / 4 / 23 - 04:22     

في إحدى الحملات الطبية المنظمة من طرف إحدى الجمعيات إلى منطقة نائية جدا تفتقد لأبسط الضروريات، حطت الجمعية خيامها، وبدأت في استقبال القادمين بفحوصات سريعة، وأدوية مجانية...
تقاطب الناس إليهم من القرى المجاورة، أغلبهم جاؤوا على متن الحمير أو على الأقدام، كانت الأمور كلها تسير على أحسن وجه، إلى أن خرجت إحدى المسنات من عند الطبيب، ذهبت إلى جارتها التي كانت تنتظرها تحت ظل شجرة غير بعيدة، كانت تربط حمارها هناك، جلست إليها لبعض الوقت، تبادلتا أطراف الحديث، ثم عادت غاضبة ثائرة إلى الخيمة التي خرجت منها، وهي تنادي على الطبيب وتصرخ، ولجنة التنظيم تحاول منعها من الدخول:
- يا كلب، يا عنصري، دعوني أتف على وجهه، دعوني أدخل إليه!
كانت شرسة تدفع بكل ما في وسعها كي تنسل إلى الطبيب، وبعد دقيقة أو اثنتين، خرج الطبيب لينظر في الأمر ويعرف سبب كل ذاك الضجيج.
- واللالة الرجوع لله شنو واقع؟
- أنت عنصري، لقحت جارتي وأعطيتها الدواء، وأنا أعطيتني الدواء من دون تلقيح.
- يا سيدتي، مرضك ليس مثل مرضها، أنت أعطيتك دواء مسكنا لألم الظهر، لكن جارتك تعاني من سعال حاد، لذلك لقحتها!
- ماشي شغلي، جينا بجوج، خاصنا نتداواو فحال فحال..
وبدأ المصطفون في إيماءة رأوسهم علامة على الموافقة على ما قالته العجوز، ثم صرخ أحدهم في آخر الطابور الممتد:
- قهرتونا بالوجهيات، العنصرية أينما ذهبت!
ثم بدأت الهمهمة تغزو المكان، ثم عم الضجيج وبدأ الجميع في الاحتجاج بطريقته إلى أن وحدهم أحدهم بشعار:
- هذا عيب هذا عيب، المواطن في خطر
ثم صححه الواقف بجانبه: هذا عيب هذا عار
وتحول المجمع إلى مظاهرة، لم يدر الطبيب ماذا يفعل أو ماذا يقول، وتراجعت اللجنة التنظيمية إلى الخلف، وانظمت جموع أخرى إلى الحشود المتظاهرة، ثم اقتحموا الخيام، وتقاسموا الدواء فيما بينهم، ولقحوا بعضهم البعض!