إستمرارية الربيع الامازيغي في شكله الجديد, الحراك الشعبي


كوسلا ابشن
2021 / 4 / 20 - 23:40     

إندلعت في مثل هذا اليوم من سنة 1980 الانتفاضة الامازيغية (الربيع الامازيغي) ضد السياسة العنصرية لسلطة العروبة وإنتهاكاتها للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية واللغوية للأمازيغ. إنتفاضة دمقرطة المجتمع دزايري بالإعتراف بالحقوق الامازيغية والاعتراف بالإختلاف والتعدد والحرية, وكان رد سلطة العسكر توجيه آلتها القمعية لقمع الربيع الامازيغي بوحشية ودموية بإستعمال كل أنواع أدواة القتل وتكسير العظام وتشويه الأجساد وتبعتها حملة عشوائية بالزج بعشرات من احرار القبايليين في زنازين القهر والذل.
في سياق إنعكاس الربيع الامازيغي على حركة النضال الشعبي في تطوره وتأثيره على حركة الجماهير الشعبية, وإحتدام الصراع بين الجماهير الشعبية المضطهدة وبين سلطة الجنرالات المستبدة إتضح مجرى التناقض الجوهري بين المستفيدين من الثروات الطبيعية لبلاد دزاير وبين المسحوقين المضطهدين إجتماعيا وإقتصاديا و سياسيا و المهمشين ثقافيا ولغويا المطالبين بالتغيير والديمقراطية والكرامة الانسانية, هذه الظروف الموضوعية حتمت التحول من الخاص الى العام من حركة نضالية مقتصرة على بعض المناطق دون غيرها, تشعبت لتشمل كل مناطق بلاد دزاير.
دينامية النضال الربيعي أسقط سيكولوجية الخوف و ترك أثاره في الحركات الاحتجاجية النضالية الشعبية, الربيع الامازيغي مهد درب النضال للإحتجاجات الجماهيرية (1988), التي هزت عرش جبهة الخيانة والتبعية للقوى الإمبريالية و أرغم قائدها على الإستقالة. درب الربيع الامازيغي واصل تأثيره على حركة النضال ولم تعيق دربه النضالي الهجمة الوحشية للنظام العسكري و أدواته الإيديولوجية, كما لم تمنع إستمراريته مجزرة شهداء الربيع الأحمر (2001), فقد واصل الكفاح في شكله الجديد, الحراك الشعبي متحديا سلطة العسكر و بيادقه السياسيين والايديولوجيين وحليفهم المفاجئ, قوة الطبيعة (كورونا).
عول النظام العسكري الفاشي على جائحة كورونا لوقف الحراك, وبهذا إلتجأ الى قواعد وقوانين تمنع التجمعات والمظاهرات للحد من إستمرارية الحراك الشعبي, إلا أن الحراك تحدا قواعد النظام وقوة الطبيعة, ولم يتوقف بل إستمر في النضال و المطالبة برحيل العسكر والتغيير الدمقرطي. مبرارت العسكر والجائحة معه لم تنفع مع نشاط الحراك, لينتقل النظام الى سياسة فرق تسد, لزرع الفتنة في صفوف الحراك الشعبي, وذلك بتخوين وتكفير الامازيغ لخلق حالة الصراع والإقتتال في صفوف الحراك الشعبي والإجهاض على الحراك من الداخل دون تدخل العسكر, إلا أن يقضت الحراك بوحدة شعاراته و مطاليبه الوحدوية, مع إحترام الحق في الاختلاف, أفشلت مزاعم النظام العسكري وبيادقه السياسية والايديولوجية, بوحدة مطالب التغيير الدمقراطي وإعادة تشكيل الوعي التحرري المتجلى في المطلب بالإستقلال ( دزيريا مؤمنون بأن البلد تحت وصاية الاستعمار وليس حرا) وهو واقع موضوعي.
الإرادة الشعبية لن تقهرها الآلة القمعية للجنرالات إن راع الحراك شروط نضوج الظروف الموضوعية والذاتية للتغيير الدمقراطي و حافظ عن وحدته وتكتيكه وإستراتيجيته, وتجاوز كل الخلافات والإختلافات مع الانخراط الجمعي في النضال الدمقراطي الميداني وفرض وحدة المطالب المرحلية والأساسية و النضال ضد النقيض المشترك المتمثل في سلطة العسكر وبيادقه السياسية والايديولوجية.
أجهضت إنتفاضة الربيع الامازيغي لظروف ذاتية وموضوعية لم تكن متاحة أنذاك, لكن الربيع الامازيغة لم ينتهي بل إستمر في مساره التاريخي المستقيم, لينبعث من بلدة خراطة القبايلية يوم 16 فبراير 2019, لتمتد شرارته الحارقة الى كل مناطق دزاير, ويتحول الى حراك شعبي, منع بوتفليقة من العهدة الخامسة و أحرق الارض تحت أقدام الجنرالات, ورغم الاعتقالات و التشويش على الحراك بزرع الفتنة, الا أن القتلة لم ينجحوا في خططهم الخبيثة اللاأخلاقية في تدمير الحراك من الداخل, بل حماقاتهم ردت الى أعناقهم بإجبارهم على بعض التنازلات, ورد عليهم الحراك برفع المزيد من الرايات الامازيغية التي منعت بقانون عسكري, ورفرف هذا العلم فوق رؤوس المنتفضين و صرخات وشعارات الجماهير الشعبية في كل أنحاء دزاير وهي تردد شعارات لقبايلية ( السلطة السفاحة) (الحرية للمعتقلين) (الحرية للشعب). pouvoir assassin
الربيع الامازيغ ليس صورة من الماضي ولا حالة متجاوزة تاريخيا, بل هو الحياة المستمرة في النضالات اليومية في الثانويات والجامعات و في وراشات العمل وفي الضيعات الفلاحية, لتتوحد جميعها في الحراك الشعبي يجول شوارع المدن والقرى يزلزل أركان النظام العسكري.
تافسوت إيمازيغن إنتفاضة العزة والصمود والتضحيات, صنعت تاريخ الانتفاضة الدزيرية و حطمت سيكولوجية الخوف لدى كل دزايريين بصمودهم السلمي لأجهزة القتل العسكرية لا يملكون من أسلحة الا شعاراتهم المطالبة بوقف إنتهاكات حقوق الانسان و رحيل سلطة العسكر (مدنية لا عسكرية).
الربيع الامازيغي خطوة نوعية في النضال الجمعي و سيبقى مشعل درب نضال التغيير الدمقراطي الذي تخوضه الجماهير الشعبية في كل أنحاء بلاد دزاير.
المجد والخلود لشهداء الربيع الامازيغي, شهداء الربيع الأحمر, والتضامن اللامشروط لنضال الحراك الشعبي ضد النظام الدكتاتوري العنصري.