الماركسية اللينينية هي نظرية الثورة في عهد الامبريالية.


التيتي الحبيب
2021 / 4 / 14 - 10:10     


يوم 10 ابريل 1870 كان ميلاد قائد البروليتاريا العالمية لينين وهذه مناسبة لنتمعن في احدى التجارب التي قادها بنجاح باهر؛ والوقوف على دروسها التي الهمت الطبقة العاملة وقادتها في بلاد اخرى.
وان كان من الصعب تلخيص هذه الاسهامات للينين فسنحاول هنا اجمالها في اهم القضايا التالية.
1- لقد اولى لينين اهمية بالغة لقضية السلاح النظري. لضمان النجاح للممارسة الثورية، باعتبارها محك الحكم على البرامج والمخططات،اثار انتباهنا لضرورة التقيد بالعلاقة الجدلية الموجودة بين النظرية والممارسة. فلا ممارسة ثورية بدون نظرية ثورية، كما لا نظرية علمية قادرة على تغيير الواقع، ما لم ترتكز على ممارسة ثورية. لقد اعاد لينين الاعتبار والاهمية للمادية الدياليتيكية، لقد طور المنهج الماركسي واغناه بنتائج وحقائق العلوم، وقام بنجاح بتخليص المادية من تلفيقات المثالية والتجريبية واللادرية.
2- برهن لينين على مركزية الطبقة العاملة في المجتمع الروسي وفي التشكيلة الاجتماعية القائمة. لقد توصل الى خلاصة اساسية بعد دراسة تطور الرأسمالية ونمط الانتاج الراسمالي في بلاده وعلى الصعيد العالمي، ليستنتج ان الرأسمالية دخلت اعلى مراحل تطورها وهي مرحلة الامبريالية؛ وان التناقض الاساسي الذي يحكم نمط الانتاج المهيمن عالميا هو التناقض بين الرأسمال- البرجوازية المالكة لوسائل الانتاج – والعمل المأجور- الطبقة العاملة. هذا التناقض يحل عبر الاطاحة العنيفة بدولة البرجوازية وإقامة دولة سلطة البروليتاريا.
3- ساهم لينين في اخراج الحركة الاشتراكية الديمقراطية من المأزق الذي زجها فيه فرسان الاممية الثانية من امثال كاوتسكي وإتباعهم. وكانت مساهمته حاسمة في انقاذ الماركسية من مستنقع التطور السلمي او تلطيف ازمات الرأسمالية. لقد توصل الى نتيجة ان الثورة الاشتراكية امر راهن وهي على جدول اعمال البروليتاريا العالمية، وحدد مجال نجاحها بالحلقة الضعيفة من السلسلة الامبريالية وفي هذا تطوير وتجاوز لتحاليل سابقة لماركس وانجلس.
4- برهن لينين ايضا على طبيعة الثورة الاشتراكية في البلدان الامبريالية حيث تحولت البرجوازية الى طبقة رجعية، وباتت علاقات الانتاج في تناقض سافر مع التطور الذي وصلته قوى الانتاج، بينما اعتبر ان في عهد الامبريالية وحيث انتهى تقسيم العالم وباتت كل البرجوازيات المحلية خاضعة بهذا القدر او ذاك للهيمنة الامبريالية سواء في شكل استعمار او شبه مستعمرات؛ ولذلك كله اصبحت البرجوازية في هذه البلدان غير قادرة على القيام بثوراتها وحل التناقض بين علاقات الانتاج المتخلفة محليا لتتوافق او تستجيب للتطور المحقق في قوى الانتاج. لقد اصبحت هذه المهمة من مهام البروليتاريا وتنجزها في اطار الثورات الوطنية تقودها البروليتاريا المتحالفة مع الفلاحين.
5- برهن لينين على ضرورة قيادة البروليتاريا لمجمل الطبقات التي لها مصلحة في الثورة من اجل اسقاط وتدمير دولة الطبقات المالكة لوسائل الانتاج أي تلك الاقلية التي استغلت شعوبها، وهذه العملية الثورية تستوجب الاعتماد على جميع وسائل النضال الاقتصادي والسياسي السلمي والعنيف ولذلك انخرط لينين بكل قواه في بناء الحزب المستقل للطبقة العاملة المالك للإستراتيجية والتاكتيك السديدين والمعتمد على شبكة من الاعضاء المنظمين والمهيئين بكل احترافية والمالكين لأحسن وأجود المهارات في الدعاية والتحريض والتنظيم يتحركون في مجتمعهم وفي طبقتهم بعلم ومعرفة دقيقة لموازين القوى. هذا هو الحزب اللينيني النوعي الجديد انه هيأة اركان الطبقة العاملة لخوض الصراع الطبقي.
6- ساهم لينين في وضع لبنات المجتمع الاشتراكي بعد ان انجزت الطبقة العاملة ثورتها الاشتراكية التي نضجت شروطها في بضعة اشهر الفاصلة بين فبراير 1917 واكتوبر 1917 وتحول الشعار من الثورة الوطنية الى الثورة الاشتراكية: السلطة لسوفيتات العمال والجنود الثوريين وإقامة ديكتاتورية البروليتاريا. لقد وجه لينين الخطوات الاولى للدولة البروليتارية الفتية؛ فانتصرت على الحرب الاهلية التي كانت في الحقيقة استمرار للحرب العالمية الاولى في التراب الروسي من اجل القضاء على الثورة البلشفية في محاولة اعادة تجربة تحالف الجيشين الفرنسي والبروسي ضد كمونة باريس. بعد هذا الانتصار طبقت السياسة الاقتصادية الجديدة وهي خطوتان الى الوراء من اجل توفير شروط القفزة النوعية، وذلك ما تم في السنوات الموالية لوفاته؛ لكن من جديد قامت الحرب الكونية الجديدة – الحرب العالمية الثانية - بهدف اجهاض عملية بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي، لكن استطاعت دولة البروليتاريا ان تهزم النازية وتجنب البشرية التهديد بالدمار الشامل.
لولا القيادة والاسهامات الاساسية للمعلم لينين لبقيت الحركة الشيوعية ترزح تحت كلكل التحريفية والمرتدين من طينة كاوتسكي وبرونشتاين وبليخانوف... لقد طبع الحركة الماركسية بطابع ثوري اعاد للاطروحات المؤسسة كل راهنيتها. لقد شجع وحرض على التفكير المستقل وعلى الاجتهاد، كان يمقت الدغمائية والعقائدية وعبادة الكتب. كان يعتبر الماركسية ورشا علميا لم يكتمل، واخبرنا بأنه لن يكتمل ابدا مثله مثل بقية العلوم التي لا حد لتطورها. كان يحتقر الدغمائيين ويصفهم بضيقي الافق والتافهين، كما كان يحذر العمال والعاملات من الانتهازيين واصحاب الجمل الطنانة، وترك كتابا يعتبر مرجعا لجميع المناضلين على الصعيد الاممي في محاربة مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية.
وان كان لنا اجمال القول لاعتبرنا بان تراث لينين اليوم هو انه وضع بدوره لبنات الثورة في اضعف حلقات السلسلة الامبريالية وحجر الاساس للبناء الفعلي للاشتراكية التي لم تعد فقط تصورا نظريا بل تجربة بشرية واجتماعية قابلة للعيش وللانتصار والانتشار في هشيم الامبريالية، وكحل حتمي لتجنب فناء البشرية.