محمد فرج على يكتب: لسنا فى زمن المعجزات


محمد فرج على
2021 / 4 / 14 - 09:03     

عندما تضيق بنا الدنيا وتضل خطواتنا الطريق ولا نعرف إلى أين نحن ذاهبون، نهرب إلى الماضى ونبحث فيه عن ذكرى جميلة تهون علينا الواقع المرير، لا أجد أحلى من ذكرى حبى الأول لأرجع إليها وما أحلى الرجوع إليها.
ذكرى أول مرة يخفق قلبى بين ضلوعى ويحلق مثل عصفور صغير تعلم الطيران لأول مرة.
عندما تلاقت أعيننا لأول مرة لا أعرف ماذا حدث لى؟ دارت بى الدنيا وأخذتنى إلى عوالم من السعادة الممزوجة بالدهشة اللامتناهية.
إنه مزيج من المشاعر الرائعة التى لم أمر بها أبداً فى حياتى حتى لحظة كتابة هذه السطور.
ماذا أقول عنها إن القلم ليقف عاجزاً عن وصف تلك الرائعة، إنها تحتاج إلى مفردات جديدة فى اللغة لتعبر عن مدى جمالها ورقتها، إنها جمعت مزيجا من كل الجمال فى الكون.
بشرتها صافية ذات لون خمرى رائع يشع سحرا وجاذبية لا تقاوم، بل وتنزع من أعتى الرجال كافة أسلحة مقاومته، فما أدراكم بى وكنت فى بدايات عامى السادس عشر، الحاجبان رقيقان وكأنهما مرسومان بدقة، سبحان المنان فيما خلق وأبدع،
العينان خضراوان تشعان حبا وبراءة، وكأنهما بحران بلا شطآن أحاول الإبحار فيهما، فأغرق، ومن فرط جمال الغرق فيهما أتمنى أن أظل غريقاً فيهما إلى الأبد.
الأنف صغير متناسب مع استدارة وجهها الملائكى، مرتفع قليلاً فى شموخ رقيق كالخنساء، الفم صغير كالجرح ولا أنس الشفتان الورديتان يدعوانك للاقتراب، ولكن عندما تقترب تسمع صفارات الإنذار تعالت، وارتسمت بالعينين علامة ممنوع الاقتراب إلا بعقد شرعى ولا أنس تاج جمالها، شعرها البنى الطويل الناعم المنسدل على ظهرها من دون حدود.
عندما كنا نتلاقى أنسى كل هموم الدنيا وأنسى الكون بل وأنسى نفسى تعاهدنا على الحب، وأن نظل معا حتى آخر أيام العمر، ولكن هكذا الدنيا عندما تعطى بيمينها سرعان ما تمد يسارها لتأخذ عطيتها بل وأكثر منها.
لم يدم حبنا البرىء كثيراً وافترقنا لأسباب أتفه من ذكرها، وباءت كل محاولات الرجوع بالفشل، ولا أعلم لماذا كل لحظات الفرح قصيرة وسريعة الانتهاء.
أحياناً كانت أقدامى تقودنى لبيتها، ولكن هيهات بعد كل هذا العمر.
لكن تبقى الذكرى وستظل معى حتى ألفظ آخر أنفاسى فى تلك الدنيا الكئيبة بدونها.
أتمنى أن أراها ولو لثوان أو حتى أسمع صوتها الرقيق.
فهل تتحقق أمنيتى؟ ولكن كيف ونحن لسنا فى زمن المعجزات.