لماذا ولِمَنْ يُكَدَّسُ السلاح؟


الطاهر المعز
2021 / 4 / 13 - 21:22     

هوامش من تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)

لماذا ولِمن يُكدَّسُ السّلاح؟
أصدَر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) تقريرًا عن صناعة الأسلحة ومبيعاتها خلال خمس سنوات (2016 – 2020)، بنهاية شهر آذار/مارس 2021، وظلت الولايات المتحدة، التي تبيع السّلاح لنحو 96 دولة، أكبر مصدر للأسلحة في العالم، وكان حجم وقيمة صادرات الأسلحة الأمريكية السنوية، سنة 2020 أعلى مما كانت عليه بين عامي 2011 و 2019، مع زيادة حصة أمريكا من الصادرات العالمية من 32% إلى 37% في السنوات الخمس الماضية. في المقابل، انخفضت صادرات الأسلحة الروسية بنسبة 22% خلال السنوات الخمس الماضية، إذْ كان إجمالي صادرات الأسلحة الأمريكية أعلى بنسبة 85% من صادرات روسيا - ثاني أكبر مصدر - مقارنة بـ 24% في الفترة 2011-2015. "
استقرت مبيعات الأسلحة خلال الفترة 2016-2020 ، لكن سجّلت واردات الدول العربية ارتفاعات قياسية، وزادت بنسبة 25% وتحتل الإمارات المرتبة التاسعة عالميا في استيراد الأسلحة، وتمثل "السّوق السعودية" 24% من إجمالي مبيعات الأسلحة الأمريكية ، بين عامي 2016 و 2020.
كانت نسبة حوالي 47% من صادرات الأسلحة الأمريكية بين عامي 2016 و 2020 متجهة إلى الدول العربية، بزيادة قدرها 28% عن السنوات الخمس السابقة (2011 – 2019)، وزادت صادرات الأسلحة الأمريكية إلى الكيان الصهيوني (+ 335%) وقطر (+ 208%) والسعودية (+ 175%)، فيما ارتفعت واردات الأسلحة (مهما كان مصدرها، وليس الأمريكية لوحدها)، مقارنة بالسنوات الخمس الماضية، لقطر (+ 361%) ومصر (+ 136%) والسعودية (+ 61%) والجزائر + 64% ... تمثل السعودية 11% من سوق استيراد السلاح، بين عامي 2016 و 2020، وهي أكبر مستورد للأسلحة الأمريكية والبريطانية والكندية.
تمثل الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وألمانيا والصين 76% من صادرات الأسلحة، وتمثل دول أمريكا الشمالية وأوروبا 86%من صادرات الأسلحة. وزادت الصادرات الفرنسية بنسبة 44% بفضل عقود شراء الزوارق الحربية وطائرات "رافال" التي وقعتها الهند ومصر وقطر. أما ألمانيا فإنها تدعم بالمال العام ( رُسُوم وأداءات دافعي الضرائب) ، ثمن الغواصات السّبعة التي تبيعها للكيان الصهيوني، بنسبة لا تقل عن 33%، وهي غواصات قادرة على حمل صواريخ مُجهّزة برؤوس نووية.
في أول خطاب له عن السياسة الخارجية، قال الرئيس "جو بايدن" في أوائل شباط/فبراير 2021 إن الولايات المتحدة لن تدعم الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، وبعد شهرين من هذا الإعلان، لم يتغير شيء، فهو ثالث رئيس للولايات المتحدة يقدم هذا النوع من الوعود التي لم يتم الوفاء بها، إذ تستمر الحرب، بدعم أمريكي، وتتهاطل القنابل على رؤوس وبيوت ومباني الشعب اليمني، بحسب حركة السلام (Win Without War ) أو ما يمكن ترجمته "فوز بلا حرب".
تمثل صادرات الأسلحة الصّهيونية 3% من تدفقات الأسلحة العالمية، وسجلت زيادة بنسبة 59% خلال الخمسية 2016- 2020ن مقارنة بالسنوات الخمس السابقة، وأصبحت الهند، ثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم، وأكبر مستورد للأسلحة الإسرائيلية، خصوصًا منذ وصول حزب "نانيدرا مودي" إلى السلطة، وهو حزب يميني متطرف وعنصري، عزّزَ التحالف والعلاقات مع الكيان الصهيوني، نظرًا لتَعَدُّدِ القواسم المشتركة...
تُثير هذه الأرقام عددًا من الملاحظات، ومنها: ما فعلت السعودية وقَطَر والإمارات بالأسلحة التي تشتريها من الولايات المتحدة، ومن دول أخرى؟
لقد استخدمت دُوَيْلات الخليج عائدات المحروقات (وهي ثروات طبيعية تُصدّرُ في شكل مواد أوّليّة، غير مُصنّعة)، رغم انخفاض الأسعار منذ منتصف سنة 2014، في شراء السّلاح وإثراء مُجَمّع الصناعات العسكرية الأمريكية (وغير الأمريكية) وتأجير المُرتزقة، من الضّبّاط والطّيّارين الذين حاربوا شعوب العالم، وكذلك من فُقراء العرب والعَجَم، لمحاربة شعوب سوريا وليبيا والعراق واليمن، وغيرها، وللتحرّش بإيران وحزب الله اللبناني، فهو سلاح مُوَجّه إلى صُدُورِ فقراء العرب، وليس لتحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى، من سبتة ومليلة والجزر الجعفرية والخالدات، إلى الجولان، ولواء إسكندرونة وعربستان، أو للدّفاع عن أراضي لبنان وسوريا والعراق التي يستهدفها الكيان الصهيوني بالقصف، دون رادع. لذا فهو سلاحٌ مُعادِي، لأن بوصلتَهُ تُشير إلى واشنطن ومُستوْطَنَة تل أبيب...
أما الدّول العربية الأخرى فإنها تُكدّس السلاح الخفيف والعَربات المُصفّحة والذّخيرة لِقَمْع الإحتجاجات، فميزانية وزارات الدّاخلية بالدّول العربية تفوق ميزانيات وزارت هامّة كالصحة والفلاحة والشؤون الإجتماعية وغيرها، وتقتطع الحكومات العربية (وغير العربية) مبالغ هامة تنفقها على شراء التجهيزات القمعية وعلى رواتب عشرات الآلاف من عناصر الشرطة، بمختلف أنواعها، بينما تتعلّل بالأزمة لإلغاء دعم المواد الغذائية والطاقة والأدوية، وتُوظّف كل الأنظمة العربية الآلاف من عناصر الشرطة والدَّرك سنويا، ولكنها ترفض توظيف من يُعَوّض المُمَرّضين والمُدَرّسين والموظّفين الذين تقاعدوا...