مقاطعة إسرائيل : السودان أولاً


محمود محمد ياسين
2021 / 4 / 7 - 19:41     

بلغت حالة انهاء العداء بين السودان وإسرائيل مداها بإجازة مجلس الوزراء في السادس من أبريل الجاري الغاء قانون مقاطعة إسرائيل لسنة ١٩٥٨م الذي سيعرض على الجلسة المشتركة لمجلس السيادة والوزراء للإجازة النهائية توطئة لدخوله حيز التنفيذ. ان الغاء القانون يمهد الطريق لإعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين بتوقيع اتفاق السلام والتعاون بينهما.

وقد بدأ تطبيع السودان مع إسرائيل في فبراير 2020 بلقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العاصمة الأوغندية عنتيبي؛ وأعقب ذلك اللقاء توقيع السودان والولايات المتحدة الأمريكية في يناير 2021 ما يسمى الاتفاق الإبراهيمي للسلام مع إسرائيل.

ان مقاطعة إسرائيل ليست اختيارا، بل موقفا مبدئيا اصيلا يقع ضمن الاهداف ذات الأولوية الوطنية التي طالما ناضل الشعب السوداني من اجلها. فمقاطعة إسرائيل ضرورة لحماية امن السودان وسلامة سيادته أولا وقبل أن تكون تضامنا مستحقا مع حقوق الفلسطينيين ورفضا للتنكيل بهم وتماهيا مع النزعة العالمية العادلة التي ترفض تكوين الدول على أساس عنصري كما تفعل دولة العصابات الصهيونية. وفى هذا الخصوص يجب ان لا ننسى ان إسرائيل دولة معادية للسودان حيث بلغ عداؤها للسودان مبلغه بشنها ضربات جوية همجية على السودان في 2011 و2012 و2015.

التطبيع مع إسرائيل لا يمنحها الشرعية التي أنكرها على الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين وبالتالي توطيد سلطتها في المنطقة فحسب، بل يجعل الكيان الصهيوني أكثر تهيؤا وقدرة على لعب دوره كأداة من أدوات خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة.

ان إسرائيل تمثل الذراع الذي يقدم الخدمات الاستخباراتية لأمريكا في اتجاه تسهيل الهدف الاستراتيجي للأخيرة المتعلق بالتمدد والهيمنة على بلدان الشرق الأوسط وافريقيا؛ وتطبيع السودان مع إسرائيل يقع ضمن هذه الاستراتيجية.

ان تطبيع السودان مع إسرائيل يأتي تماشيا مع خضوع الحكم الانتقالي الحالي في السودان للوصاية الدولية الموروث من نظام عمر البشير المخلوع في ابريل 2019. ولهذا فان عملية التطبيع في هذه الحالة تنسجم مع التوجه السياسي للحكم في السودان المتمثل في التفريط في المصالح الوطنية وفتح الأبواب على مصاريعها لتكريس التبعية والارتهان للقوى الأجنبية.