بول ريكور (1913 - 2005)


غازي الصوراني
2021 / 4 / 4 - 21:56     


فيلسوف فرنسي وعالم إنسانيات معاصر، هو واحد من ممثلي التيار التأويلي، اشتغل في حقل الاهتمام التأويلي، ومن ثم بالاهتمام بالبنيوية، وهو امتداد لفريديناند دي سوسير. يعتبر ريكور رائد سؤال السرد. أشهر كتبه "نظرية التأويل" و "التاريخ والحقيقة" و "الزمن والحكي" و "الخطاب وفائض المعنى" من منشورات جامعة تكساس المسيحية عام 1976.
" يمثل في الفلسفة الفرنسية المعاصرة محاولة أصيلة تستلهم الوجودية والفينومينولوجيا، وتريد بالإضافة إلى التيارات البنيوية والعقلانية، أن تحصر نفسها بمسألة التأويل أو "توضيح الحواس"، أي النظر في الوجود من خلال تحليل الفعل الإرادي، وذلك هو منحى كتابه الأول "الإرادي واللا إرادي" (1950) الذي وَصَفَ فيه إيجابية الإنسان وسلبيته إزاء العالم.
يرى ريكور –كما يقول جورج طرابيشي- "أن الشر ياتي إلى العالم من جراء عدم تطابق الإنسان مع ذاته على مختلف مستويات المعرفة والفعل والعاطفة، وهو كمفكر مسيحي وثيق الارتباط بالبروتستانتية، يرمي بمذهبه إلى تعقل "كلية الإنسان" ككائن يعرف ويحس ويفعل، أي إلى التحليل الأخير كشخص غير قابل للاختزال"([1]).
بول ريكور الذي عاش مديدا تجاوز التسعين، بعد أن بلور فلسفة كاملة عن الإنسان والمجتمع والدين والسياسة، كان من الداعين إلى تفسير الدين بشكل عقلاني جديد، لكي نخرج –وفق منظوره- "من جحيم التعصب وظلامية المتعصبين الضيقي الأفق"، وقال "إن للدين مجاله وللفلسفة مجالها ولا ينبغي الخلط بينهما، ولكن الدين يستفيد كثيرا من الفلسفة إذا ما تبنى مناهجها العقلانية في التحليل دون أن يقضي ذلك على خصوصيته أو روحانيته أو تنزيهه وتعاليه"، وبالتالي فقد "أقام بول ريكور مصالحة ذكية بين الدين المسيحي والفلسفة"، ومعلوم–كما يقول هاشم صالح- أن "محمد أركون الذي كان تلميذه وصديقه فعل نفس الشيء بالنسبة للإسلام"([2]).
علاقة فلسفة ريكور والدين أو اللاهوت:
 فيما يتعلق بالعلاقة بين الفلسفة والدين أو بالأحرى اللاهوت، "عمل ريكور – دائماً – على التمييز بين أسلوب ومضمون الخطاب الفلسفي من جهة، وأسلوب ومضمون اللاهوت من جهة أخرى؛ وذلك من أجل تجنب الخلط بين الأنواع والفروع المعرفية المختلفة"([3]).
لكن، وعلى الرغم من ذلك، فقد اشتبه، بل واَتَهَم، بعض النقاد ريكور بأنَّ كتاباته الفلسفية ليست إلا "لاهوتاً متخفّيا"، ويبدو أنَّ "منتقدي ريكور –كما يقول حسام درويش- بخصوص الجانب اللاهوتي من فكره، لا يميزون – لدى ريكور – بين البواعث العميقة لالتزامه الفلسفي ولوجوده الشخصي والطائفي من جهة، وبين البنية أو الأسلوب الفلسفي الذي اتبعه ريكور في الحجاج والتدليل على أفكاره في أعماله الفلسفية من جهة أخرى، فريكور نفسه لم يدَّع أنَّ قناعاته واعتقاداته الدينية لم تؤثِّر على الاهتمام الذي أبداه – في أعماله الفلسفية – تجاه هذه المسألة أو تلك، لكنَّ ذلك لم يمنعه من التأكيد على الاستقلال النسبي لكلّ ميدان معرفي عن الآخر، مع التأكيد أيضاً على ترابطهما الوثيق بشكل يسمح بتأسيس علاقة تصالحية – لا عدائية – بين هذين الميدانين"([4]).
 


([1])  جورج طرابيشي – معجم الفلاسفة – دار الطليعة – بيروت – ط1 – أيار (مايو) 1987.–ص 338
([2]) هاشم صالح – بصمات الفلسفة الفرنسية على القرن العشرين – الانترنت – 8 ديسمبر 2013.
([3]) حسام الدين درويش – فلسفة بول ريكور وعلاقتها بالدين والعلم – الانترنت – 8 ديسمبر 2013.
([4]) أ. روني إيلي ألفا - موسوعة أعلام الفلسفة  - الجزء الأول – دار الكتب العلمية – بيروت – ط1 – 1992 – ص152.